الصفحات

الأربعاء، 25 يوليو 2012

الرد على صاحب مقالة :
التخلف الأدبي في القرآن وأشياء اخرى !!..

بسم الله الرحمن الرحيم .. ولا عدوان إلا على الظالمين ..

أما بعد ..
فقد طلب مني أحد الأخوة الأفاضل أن أضع بين يدي القاريء ردا ًشافيا ًعلى أحد جُهال النت : والذين يتجولون ببضاعتهم العفنة في التويتر والفيسبوك يصطادون عوام المسلمين وجهالهم بشبهاتهم التافهة : مستغلين ضعف العلم الديني واللغوي لديهم للأسف ..

وأحب أن أشير إلى أني لست لغويا ًمتخصصا ً: فضلا ًعن أن أكون نحويا ًعالما ً!!!.. وإنما أنا مسلم ٌعادي يحب دينه : ولديه اطلاع كافي بإذن الله تعالى على المداخل التي يصنع منها المتخلفون والحاقدون شبهاتهم في وجه القرآن ...
كما أحب بداية ًأن أكشف لكل قاريء عن حقيقة صاحب المقال وتدليسه المتعمد .. لأنه لو ثبت ذلك لكل عاقل محايد : لتأكد من أن كاتب المقال ليس من طلاب الحق بما كتب وإنما : 
هو كذاب مدلس لا هدف له إلا تشويه جمال القرآن وبيانه المعجز ..!
لأن الكاتب لو كان يريد إظهار الحق فعلا ً: لكان اتصف على الأقل بالحيادية التي يطلب من المسلمين الاتصاف بها وهم يقرأون القرآن !

وإليكم مثالا ًواحدا ًفقط على ذلك يبين لكم تدليسه وإخفائه المتعمد من القرآن : ولما يعرف أنه ينسف شبهته نسفا ًمن جذورها ..!

حيث يقول عن غرق ابن نوح عليه السلام :

اقتباس :
-------
هل غرق ابن نوح ؟
هي تجري بهم في موج كالجبال ونادى نوح ابنه وكان في معزل يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين 42 - هود
قال سآوي إلى جبل يعصمني من الماء قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين 43 -هود

نفهم من ماسبق من الآيات أن ابن نوح حاول الإعتصام بجبل فغرق.

ونجيناه وأهله من الكرب العظيم 76 - الصافات
وجعلنا ذريته هم الباقين 77 - الصافات

تذكر الآيات السابقة ان ذرية وأهل نوح أنجاهم الله وهم الباقين، المفروض أن يقول"نجيناه وأهله إلا ابنه ____" أو " وجعلنا ذريته هم الباقين إلا ابنه الذي غرق ويذكر اسمه. لتفادي الإختلاف والتصادم مع الايات التي تقول أن ابنه غرق.

--------- 

أقول : 
نرى في هذه الشبهة قمة الاستخفاف بعقول غير المسلمين أولا ً!!.. ثم بعقول المسلمين ثانيا ًبشرط : أن يكونوا ممَن لا يقرأون القرآن !!.. لأنها هكذا هي الفئة التي يستهدفها أمثال هذا التافه بشبهاته التي إجابتها في القرآن نفسه لمَن لديه أدنى قراءة له !!!..
وللرد على هذا المدلس :
فلن أزد عما ذكره الله تعالى بنفسه في قرآنه بكل وضوح ٍوجلاء !!!.. ولا عزاء للخبثاء !!!.. 
حيث يقول المولى عز وجل عن هذا الموقف تحديدا ً:
ونادى نوح ٌربه فقال : رب ِ.. إن ابني من أهلي .. وإن وعدك الحق : وأنت أحكم الحاكمين ؟.. ** قال : يا نوح .. إنه ليس من أهلك .. إنه عمل ٌغير صالح .. فلا تسألن ما ليس لك به علم : إني أعظك أن تكون من الجاهلين .. ** قال : رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم .. وإلا تغفر لي وترحمني : أكن من الخاسرين " ..! هود 45 : 47 ...

بل وأوضح منها استثناء الله عز وجل التالي :
" حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا : احمل فيها من كل ٍزوجين اثنين .. وأهلك : إلا مَن سبق عليه القول !!!.. ومَن آمن .. وما آمن معه إلا قليل " ..! هود 40 ... 

حيث يكفي هنا بيان تدليس هذا المدلس الخبيث صاحب المقال : عندما اختار آيات معينة من القرآن : وغض الطرف عن إيراد غيرها مما ينسف شبهته أصلا ًنسفا ً!!!.. وتلك الطريقة القذرة هي مما توارثه أمثاله عن حاقدي النصارى والملاحدة ألا وهي طريقة : " فويل ٌللمصلين " الشهيرة !!!.. حيث لا يستكملون باقي الآيات التي توضح قول الله عز وجل :
فويل ٌللمصلين : الذين هم عن صلاتهم ساهون : الذين هم يراؤون : ويمنعنون الماعون " !!!..

فهذه فقط كانت لفتة ٌصغيرة : لتوضيح حقيقة خبث هذا التافه المتخلف : كاتب هذه السفاهات ...!
------------

وأما بمناسبة فضح عواره اللغوي - ذلك الذي يدعي ( اكتشافه للتخلف الأدبي في القرآن - !!!..
والذي رأى بجلالة علمه ما لم يره العرب ولا المسلمون طوال 14 قرن من الزمان :
فأحب أن أنقل إليكم بعض الأخطاء اللغوية البسيطة التي قرأتها فقط في مقدمته العصماء - وهو الخبير الذي جاء ليُصحح للمسلمين أخطاء القرآن البيانية بزعمه !! - حيث يقول مثلا ً:
اقتباس :
-------
التخلف الأدبي في القرآن وأشياء اخرى (والصواب : أخرى بهمزة على الألف)
-------
أو ثرثرة بدوي جاهل في اسوئها (والصواب : أسوئها بهمزة على الألف)
-------
لم يلقى منهم إلا الاستهزاء والتهكم (والصواب : لم يلق َمنهم بحذف الياء)
-------
سمعوها من قبل ان يأتي بها محمد (والصواب : أن : بهمزة) 
-------
وهذا رد متوقع من قوم يعج بالكهان والشعراء (والصواب : يعجون للجمع) 
-------
أعجبك هبل؟ إذهب ومجده.. (والصواب : اذهب بغير همزة) 
-------
منذ نعومة اظفارنا (والصواب : أظفارنا بهمزة) ..
-------
اظن انه حان الوقت (والصواب : أظن بهمزة .. وأن أيضا ًبهمزة) ..
----------

فهذه الأخطاء البسيطة فقط - وكما قلت - : هي في المقدمة ..!! وهي من أولويات الكتابة وأبجدياتها لكل متخصص !!.. وللعلم : منها أخطاء لا صلة لها بالخطأ الكتابي على لوحة المفاتيح !!.. لأننا لو قلنا تجاوزا ًأن زر Shift فيه مشكلة فلا يكتب مع الألف همزة في بعض الكلمات : فإن هناك كلمات يضع فيها كاتب المقال همزة بجهله اللغوي كما رأينا : والصواب بدون همزة !!!.. ومثل هذه الأخطاء بين ألف الوصل وهمزة القطع تتكرر بكثرة في كل مقالته الشوهاء : وسأكتفي هنا بذكر مثال ٍواحد آخر فقط على ذلك : وللتدليل به على كلامي : وحتى لا يصفني أحد ٌما بالمبالغة أو الكذب : ومثلما يبالغ ويكذب أعداء الدين منعدمي الضمير والمصداقية أصلا ً..! والمثال : هو من نفس فقرة ابن نوح عليه السلام السابقة : حيث نرى فيها رغم قلة ما كتبه هذا الجاااهل الأخطاء التالية :

اقتباس :
حاول الإعتصام بجبل فغرق. (الصواب : الاعتصام بغير همزة)
-------
تذكر الآيات السابقة ان ذرية وأهل نوح (الصواب : أن بهمزة على الألف)
-------
لتفادي الإختلاف والتصادم (والصواب : الاختلاف بغير همزة)

ولكن فيما أوردته الكفاية بإذن الله .. وذلك :
لأفسح المجال للرد الناسف لنقاط شبهاته التافهة مثله (أو المتخلفة مثله على حد تعبيره) ! 

والآن ...
ماذا يقول هذا الجاهل في ( التخلف الأدبي ) للقرآن من وجهة نظره ؟!!..
ولنبدأ معا ًوقد قمت بترقيم كل نقطة لشبهة من شبهاته لتنظيم الرد وسهولة التعقب ..
مع الاعتذار عن إيراد كلماته الخبيثة في مقدسات الإسلام بغير احترام : وطعنه المفضوح المستهتر بالنبي محمد لتصوير وكأن القرآن من عنده .. وسبب ذلك فقط : ليعرف القاريء أني ما قابلت هذا المتخلف بالشدة والاستهزاء إلا بمثل ما كتب !!.. وليعلم القاريء أيضا ًأن غرض الكاتب من مقالته : لم يكن أصلا ًإلا الاستهزاء بالإسلام عن طريق إلقاء الشبهات التافهة على جهلة المسلمين وعوامهم !!!..
وبعون الله نبدأ ...
---------------

1... اقتباس :

الله يتكلم أم عيسى أم محمد أم جبيريل أم فيل افريقيا أم من ؟!
إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ - آل عمران 53

هنا يبدأ القول ب "إذ قال الله" أي ان المتكلم ينقل الخبر عن الله قد يكون جبريل المتكلم. ثم الآيات التي تليها تقول:

فَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَأُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُم مِّن نَّاصِرِينَ 54 وَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ ۗ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ 55 - آل عمران

نعود هنا في الآية الأخيرة 55 إلى المنظور الثالث لجبريل مرة آخرى أو محمد بقوله "فيوفيهم أجورهم". إذاً في الآية53 يبدأ النقل عن الله الذي قال في آخر الآية "إلي مرجعكم" ثم في الآية 54 أنه سيعذب الكفار عذاب شديد في الدنيا والآخرة، لكن فجأة في الآية 55 أصبح المتكلم جبريل ! حيث يقول "وأما الذين آمنو وعملوا الصالحات فيوفيهم أجورهم" ! أي اسلوب لغوي هذا ؟ هل تتخيل أن تقرأ رواية او كتاب علمي بهذا الشكل ؟ لا طبعاً، لكن المسلمين يقرؤون القرآن بدون تعقل أو تفكير، إذا طرأ عليهم شئ خطأ قامو بتأويله واختراع تفسير لا يرضي إلا من باع عقله للإسلام.
 
---------------

2... اقتباس :

قَالَ عِلْمُهَا عِندَ رَبِّي فِي كِتَابٍ ۖ لَّا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنسَى - آل عمران 57

المتحدث هنا هو موسى. يقول " علمها عند ربي...إلخ" نكمل الأيات :

الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّن نَّبَاتٍ شَتَّىٰ58- آل عمران

هنا نسي محمد أن المتكلم هو موسى ! فأكمل الآية "وأنزل من السماء ماء فأخرجنا أخرجنا ؟ كيف اخرجنا وموسى هو المتكلم في بداية الآية والاية التي سبقتها ؟. الصحيح أن يقول وأنزل من السماء ماءً فأخرج به. لو افترضنا ان المتحدث هو الله دائما سيكون مثل قولي : هل تعرفون صديقي مدحت؟ لا؟ صديقي مدحت يمر بحاله صعبة فتوفت أُمنا فطلقنا زوجته. هذا الأسلوب الغير منطقي في الكتابة يتكرر كثيراً في القرآن.
 
----------------

الرد على 1 - 2 ....

حيث وقبل أن أذكر التفسير البلاغي لهذا الأسلوب البياني البديع (وهو أسلوب الالتفات أو نقل الكلام) ..
سأذكر لكم مثالا ًبسيطا ًالآن على أسلوب الالتفات : ردا ًعلى مثال هذا المتخلف عن (مدحت) ..!
حيث يقول بكل استهتار لا يُصدقه إلا متخلف مثله :
اقتباس :
هل تعرفون صديقي مدحت؟ لا؟ صديقي مدحت يمر بحاله صعبة فتوفت أُمنا فطلقنا زوجته " !!!..

حيث تعمد - وكما نرى - أن يأتي بعبارات غير مترابطة : 
ليوحي للقاريء أنه هكذا هو القرآن !!!.. وكذب والله وكما سنرى بعد لحظات ...!
وإليكم المثال البسيط على استخدامي للالتفات في السطور الأولى من بداية ردي هذا لو لاحظتم : وأتحدى أن يكون قد استقبحه أحد أو استنكره أو لم يفهمه كما يدعي هذا الجهبز !!.. حيث قلت فيه وبكل بساطة :

اقتباس :
وإنما أنا مسلم ٌعادي يحب دينه : ولديه اطلاع كافي بإذن الله تعالى على المداخل ...إلخ "

حيث الأصل أن يُقال : " ولديّ اطلاع " بأسلوب المتكلم لأني ما زلت أتكلم عن نفسي .. وليس " ولديه اطلاع " وكأني أتحدث عن شخص آخر !!.. فهنا أسلوب التفات بسيط جدا ًقد قمت به : ولم يستغربه أحد أو يستقبحه أو ينقده مثل هذا الجهوووول !!.. وذلك لأن الالتفات أصلا ً: من أحد أجمل أساليب البلاغة وجمال اللغة وسحر البيان !!!.. والقرآن يمتليء به في مئات المواضع !!!..
ولكن وكما قال المتنبي :

وكم مِن عائب ٍقولاً صحيحاً :::: وآفته : من الفهم السقيم !!!..

والآن ...
ما هو أسلوب (نقل الكلام) أو (الالتفات) في القرآن ؟.. وما هي أمثلته وما هي فائدته ؟..
--------

الالتفات في اللغة أو انتقال الكلام : 
هو انصراف المتكلم من أسلوب الإخبار : إلى المخاطبة .. ومن أسلوب المخاطبة : إلى الإخبار " ..
ويُعرف أيضاً بأنه :
الانتقال بالكلام من أحد أساليب التعبير الثلاثة : التكلم أو الخطاب أو الغيبة : إلى طريق آخر أيضا ًمن هذه الطرق الثلاثة " .. 

وفائدته :
كسر الرتابة في الأسلوب وتكرار كلمات مثل قال وقلت وقيل إلخ .. وهو أسلوب أدبي بليغ : بل ويتميز في القرآن خصوصا ًبأنه يحمل في كل التفاتة ٍمنه لقاريء القرآن : معنا ًجديدا ًبأقل عبارة ممكنة !!!..
وهذا بخلاف أسلوب السرد المُطرد بلا أية بلاغة ولا كمال بيان وإيجاز !!..
ومَن قرأ كتب اليهود والنصارى المحرفة : يدرك هذا الفرق الشاسع من أول وهلة !!!..
حيث نجد أن ما يأتي ذكره في العهدين القديم والجديد في صفحات عديدة - وخصوصا في سرد القصص والوقائع - : يوجزه القرآن فقط في أربعة أسطر !!!.. وذلك من إعجاز القرآن البلاغي والبياني - وعلى رأسه أسلوب الالتفات - وهو أحد أسباب أخرى عديدة تجعل قاريء القرآن لا يمل أبدا ًمن تكرار تلاوته في كل مرة طيلة حياته بأكملها - بعكس كتب اليهود والنصارى المحرفة - !!.. 
فأسلوب الالتفات لعمر الله :
هو سر ٌمن أسرار جمال القرآن الذي عجز أحد عن الإتيان بمثله إلى اليوم : وكما تحدى الله تعالى بذلك الجن والإنس !
وكما يُقال : 
بالمثال : يتضح المقال ...

>>> 1
ففي الآيات القليلات التاليات التي سأنقلها لكم الآن : سنجد الملائكة تبشر مريم بميلاد عيسى عليهما السلام .. ثم نجد الالتفات من بشارة الملائكة لها كجمع : إلى كلام الله تعالى لها أو جبريل عليه السلام معها كمفرد !!!.. ثم نجد الالتفات الرائع بعد ذلك من بشارتها بعيسى الذي سيكون في المستقبل نبي : إلى نقل الكلام على لسان عيسى نفسه : دليلا ًواقعيا ًعلى تحقق البشارة بنبوته !!.. حيث تنقل لنا الآيات صورته الآن وهو يدعو قومه بالفعل !!!.. فكأن تلك السطور القليلات هي صور ٌومشاهد يُسلم بعضها بعضا ًفي سلاسة عجيبة وإيجاز : متخطية ًحاجز الزمن : وطاوية ًلعشرات السنين في لحظات : بدءا ًبالبشارة : وانتهاءً بتحققها !!!!..
واقرأوا معي الآيات : ولاحظوا الأسهم التي سأضعها لكم عند بداية كل التفات :
" >>> إذ قالت الملائكة : يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين .. ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين .. قالت : رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر ؟؟.. >>> قال : كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون >>> ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل .. ورسولا إلى بني إسرائيل >>> أني قد جئتكم بآية من ربكم .. أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فأنفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله .. وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله .. وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم >>> إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين " (آل عمران 45- 49)

>>> 2
وفي المثال التالي أيضا ً: سنجد الالتفات ينتقل بنا من وصية لقمان الحكيم لابنه : إلى استكمال الوصايا من كلام الله تعالى نفسه : لتقرير أن ما يوصي به لقمان ابنه : هو من جنس ما يوصي به الله تعالى الإنسان !!!.. (ولذلك : فلا فارق أحيانا ًفي بعض الآيات الخبرية أن يكون قائلها الله تعالى أو جبريل أو نبي مثل المثال السابق في الرد على تساؤل مريم عليها السلام طالما المُخبَر عنه هو مما يقرره الله نفسه - وسيأتي مثله على لسان موسى عليه السلام بعد قليل) حيث يتبين لقاريء القرآن بذلك أن وصية لقمان لم تكن في الحقيقة إلا مما تعلمه من وصايا الله تعالى للبشر !!!!.. وإليكم الآيات : وسوف أضع لكم قبل كل التفات سهما ًلتنظروا السلاسة التي انتقلت بها المعاني لقاريء القرآن :
" >>> وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه : يابني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم >>> ووصينا الإنسان بوالديه : حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير .. وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم : فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا .. واتبع سبيل من أناب إليّ : ثم إليّ مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون >>>يابني : إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض : يأت بها الله .. إن الله لطيف خبير" (لقمان 13- 16)

>>> 3
ومثل الانتقال السابق تماما ً: راقبوا معي في الآيات التي سأذكرها لكم الآن كلمة " فأخرجنا " : حيث حمل أسلوب الالتفات هنا أيضا ًمعنى تطابق ما يقوله موسى وهارون عليهما السلام لفرعون عن الله : مع ما يقوله الله تعالى بنفسه عن نفسه !!.. بمعنى : أنهما لم يأتيان بكلام ٍعن الله من عندهما : بل مما أعلمهما به سبحانه .. وانظروا للآيات : ولاحظوا أن الله تعالى يذكر كلمة (قال) في هذا الحوار : في حين لا يذكر لنا مَن هو القائل لأنها مفهومة من السياق ..
" >>> قال : فمَن ربكما ياموسى ؟.. >>> قال : ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى >>> قال : فما بال القرون الأولى ؟.. قال : علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى .. الذي جعل لكم الأرض مهدا وسلك لكم فيها سبلا .. وأنزل من السماء ماء >>> فأخرجنا به أزواجا ًمن نبات ٍشتى" (طه 49- 53)

>>> 4
وإليكم مثالا ًآخرا ًبسيطا ًجدا ًمما يمتليء به القرآن من كمال البلاغة : فيأتي هذا الجهووول المتخلف ليجعل منه شبهة بعماه !!!.. انظروا لكلام مؤمن قرية سورة يس :
" >>> وما ليَ لا أعبد الذي فطرني وإليه >>> ترجعون " (يس:22) !!..
فمن المفترض بهذا المؤمن في نصحه لهم أن يقول : " وما لكم لا تعبدون الذي فطركم " ؟.. ولكنه لم يقل ذلك !!.. بل جاء بما هو أكثر إقناعا ًلهم : فتحدث عن نفسه وكأنه يخبرهم بأنه ما يختار لهم من الخير والإيمان : إلا ما يختاره لنفسه هو فقال : " وما ليَ لا أعبد الذي فطرني " ؟!!.. ولكنه عاد بضمير المخاطب لهم في آخر نصيحته بقوله : " وإليه ترجعون " !!!..
فأمثال هذه العشرات من الالتفاتات في القرآن الكريم : تتخلل نفس القاريء فيحيى معناها ويتشربه تلقائيا ً: حتى ولو لم يعرف سببه اللغوي أو تفسيره البلاغي والبياني وكما شرحته أنا الآن!!!..
فسبحان الله العظيم على ما يفعله الحقد والجهل بأهله : حيث يرون الجمال قبحا في نظرهم الحاقد !

وأختم معكم هذا الرد على شبهته الساقطة تلك : بهذه الأمثلة السريعة حتى ننسف له شبهته نسفا ًونفضحه ونعري جهله للقاريء كما فضحنا وعرينا تدليسه وسوء مقصده بإخفاء آيات كلام الله عز وجل عن ابن نوح ٍعليه السلام ...

>>> 5
" >>> فيها يُفرق كل أمر حكيم : أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين >>> رحمة ًمن ربك إنه هو السميع العليم " (الدخان:4-6) فكان أصل الكلام أن يُقال : " إنا كنا مرسلين : رحمة منا " .. ولكنه استبدل بالضمير الظاهر من ربك " : الضمير المضمر " منا " : للإعلام بأن ربوبية الله عز وجل تقتضي إرسال الرحمة للمربوبين !!!!.. لأن رب الشيء (كرب المنزل وربة المنزل مثلا ً) : هو المتولي رعايته والقيام على أمره إلخ .. 

>>> 6
" >>> حتى إذا كنتم في الفلك >>> وجرين بهم بريح ٍطيبة " (يونس:22) .. فكان أصل الكلام أن يُقال : " وجرين بكم " .. فاستبدلها بـ " بهم " : وكأنه يذكر حالهم لغيرهم - وهو هنا قاريء القرآن - ليتعجب من حالهم بالاستقباح والاستنكار عندما يُنجيهم الله تعالى : فيبغون الفساد في الأرض كما توضحه الآيات بعدها !!..

>>> 7
" >>> والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا >>> فسقناه إلى بلد ميت : فأحيينا به الأرض بعد موتها " (فاطر:9) فكان أصل الكلام أن يُقال : " فسقى به " و " فأحيى به " .. وسبب الالتفات هنا من ضمير الغائب في قوله سبحانه عن نفسه : " الله " : إلى ضمير المتكلم : " فسقناه " و " فأحيينا " : هو أنه لما كان سَوْق السحاب إلى البلد الميت وإحياء الأرض بعد موتها بالمطر : لا يفعله إلا الله : فانتقل من لفظ الغيبة إلى التكلم !!..

>>> 8
وكما كان الالتفات في المثال السابق هو لبيان اختصاص الله تعالى وحده بما ذكر : فهناك التفات أيضا ًيقتضيه السياق لمزيد التأكيد على أن الكلام التالي هو من الله خالق كل شيء .. حيث لما ذكر الله تعالى خلقه للسماوات والأرض إلخ : ذكرها بضمير الغائب .. ثم لما أراد ذكر النجوم التي جعلها في السماء زينة ًوحفظا ً: عدل إلى ضمير المتكلم لبيان تقريره على أن النجوم بالفعل هي كذلك : لأنه هناك من البشر قديما ً: ووقت الرسالة : وإلى اليوم : مَن اعتقدوا باعتقادات كفرية في النجوم فعبدوها من دون الله !!.. فجاء الالتفات هنا لجذب الاهتمام للتقرير التالي له .. يقول عز وجل :
" >>> ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض : ائتيا طوعا أو كرها .. قالتا : أتينا طائعين .. فقضاهن سبع سماوات في يومين وأوحى في كل سماء أمرها >>> وزينا السماء الدنيا بمصابيح وحفظا " (فصلت:11-12)

>>> 9
ومن الالتفات أيضا ًما يكون لغرض التركيز على التوبيخ وبيان شدة قبح الذنب .. وذلك مثل قوله تعالى :
" >>> وقالوا اتخذ الرحمن ولدا >>> لقد جئتم شيئا إدا " (مريم:88-89) .. فكان الأصل أن يُقال : " لقد جاءوا شيئا ًإدا ً" .. ولكنه انتقل سبحانه من ضمير الغائب إلى المخاطب: لبيان عظيم قبح كل مَن يقول مثل قولهم - والكلام لقاريء القرآن - كما أن فيه إهانة ٌلهم باستحضار صيغة التوبيخ للحاضر في قوله " جئتم " : وكأنهم ماثلون وواقفون أمامه ساعتها !!..

وأكتفي بهذا القدر لنسف شبهته الأولى هذه في النقطتين 1 - 2 ...
ولنفسح المجال لمزيد الفضح لتراهاته وتدليساته ...

يُـتبع بإذن الله ...