الصفحات

الخميس، 11 أبريل 2013

الحجة الكونية على وجود الخالق ..
الكون المُعد بعناية Fine-tuning of universe
الثابت الكوني Cosmological constant 

بقلم الدكتور السرداب - منتدى التوحيد ...


تخيل أن كرة صغيرة جدا توجد أعلى طرف مسمار .. وهي أصغر منه في الحجم بكثير .. فلا شك أنها ستتوازن وتستقر إلى حد كبير عليه .. والآن .. تخيل أن هذه الكرة الصغيرة : هي كرة بينج بونج !!.. أي أنها أكبر من عرض المسمار !!!.. في هذه الحالة : يصبح التوازن مستحيلا !!.. وستسقط الكرة حتما .

يقول العلماء أن الثوابت الكونية والتي جعلت من عالمنا عالما صالحا للحياة : هي بمثابة وقوف الكون كله على طرف هذا المسمار ..!!! إن توافق الثوابت الكونية بنسب مدهشة دفع العلماء الفيزيائيين الماديين إلى تسمية هذا التوافق بإسم الكون المُعد بعناية fine-tuned universe 

يقول ستيفن واينبرج في حواره مع ريتشارد داوكنز على موقعه الرسمي 
إذا اكتشفت هذا الكون المدهش المعد فعليا بعناية .. أعتقد ليس أمامك إلا تفسيرين إثنين .. إما خالق عظيم أو أكوان متعددة 
If you discovered a really impressive fine-tuning ... I think you'd really be left with only two explanations: a benevolent designer or a multiverse.
VOICES OF SCIENCE ..Richard-Dawkins-Steven-Weinberg-Lawrence-Krauss-PZ-Myers-David-Buss

الثوابت الكونية أُعدت بعناية إلى درجة يستحيل معها القول إلا بالإعداد المسبق والعناية الخاصة فمثلا :
النسبة بين الإلكترون والبروتون هي 1: 10 أس37
النسبة بين القوة الكهرومغناطيسية والجاذبية هي 1: 10 أس 40
نسبة تمدد الكون هي 1: 10 أس55
كتلة كثافة الكون هي 1: 10 أس59
الثابت الكوني 1: 10 أس 122
هذه الأرقام تحدد القيم الفيزيائية للثوابت الكونية التي لو حدث أي تغير بسيط للغاية فيها لما نشأ الكون 

يقول ليونارد سوسكايند الفيزيائي الأشهر أستاذ الفيزياء النظرية بجامعة ستافورد والمؤسس لنظرية الأوتار الفائقة يقول : 
إن المشكلة الحقيقية في إعداد الكون بعناية أن هذه المعطيات التي تقف على حافة السكين كلها مستقلة عن بعضها البعض وفي الوقت نفسه تتلاقى لتسمح فقط بإحداث الحياة وتغير أى مُعطى من هذه المعطيات التي نشأت مستقلة لم يكن يسمح لها بالتلاقي فضلا عن إمكانية إيجاد حياة أو حتى منظومة كونية . 
1- أدنى حد ممكن من الأنتروبيا في لحظة البيج بانج 
2- تضخم الكون تم إعداده بعناية شديدة لحل مشكلة الكتلة الحرجة 
3- النسبة بين القوى الكهربية غلى قوة الجاذبية 
4- قوة القوى النووية القوية 
5- الكتلة النسبية لكل من الالكترون والبروتون والنيوترون 
6- النسبة بين المادة المعتمة وعموم الكون 
7- ثابت التموج Q
8- الثابت الكوني 
9- أبعاد الفضاء 
10- وجود ميكانيكا الكم 
11- وجود مبدأ الإستبعاد لباولي – والذي يمنع الذرة من الإنكماش على نفسها فور تكونها – .
12- الكيمياء المنضبطة

هذا إلى جانب أوزان البروتونات والالكترونات التي لو تغيرت قليلا جداً لاختلفت البنية الذرية وانعدمت الكيمياء وانعدم الوجود .
هذا إلى جانب القوى الأربعة الرئيسية - الجاذبية والكهرومغناطيسية والقوى النووية الضعيفة والقوى النووية القوية - التي لو اختلت قليلا جدا لما تشكلت النجوم وهذه القوى تختلف اختلافا جذريا فيما بينها فمثلا الفرق بين القوى النووية القوية وقوى الجاذبية هو كالفرق بين وزن الشمس ووزن حبة رمل في الصحراء .
ولذا يقول العلماء لو قامت الارض بجذب إنسان واحد بنفس مقدار القوى النووية القوية - أي لو تحولت قوة الجاذبية إلى قوة نووية قوية - لصار وزن هذا الإنسان يعادل 1000 مليار نجم فقوة الجاذبية ضعيفة للغاية ولا يوجد مبرر فيزيائي لضعفها كما يقول ليونارد سوسكايند لكن لابد أن تكون بهذا الضعف الشديد فهي بالفعل مُعدة بعناية Fine-tunned فلماذا هي بهذا الضعف الشديد ولماذا القوة النووية القوية بهذه القوة الرهيبة التي لو كانت أضعف قليلا بأقل من مليار مليار جزء من قوتها لانهارت الذرة وتشتت إلى أشلاء وانهار الكون . 

لكن هذه الدرجة من الإعداد للكون بعناية من المدهش استيعابها .. وللذين لا يعرفون لغة الرياضيات فإن 10 أس37 هي قيمة تماثل وضع دولار أمريكي وسط حزمة من الدولارات تمتد ملايين الأمتار واختيار أي دولار آخر من بين هذه التريليونات تريليونات تريليونات الدولارات يعني خطأ العملية تماما أي اختيار لدولار يخالف هذا الدولار يعني خطأ العملية تماما - أي اختيار آخر للثوابت الكونية غير هذا الثابت الكوني المحدد بعناية مدهشة وفائقة للغاية يعني انهيار الكون قبل أن يبدأ - .

أيضا التموجات في الكون في لحظة الانفجار الكوني هي تحدد بنسبة 1:100000 لو نقص التموج بأقل مقدار لظل الكون على صورته الغازية ولم تتشكل الكواكب ولو زادت النسبة بأقل مقدار لأصبح الكون مجرد ثقب اسود كبير . 

أيضا عندما تلتحم ذرتان من الهيدروجين لتكون ذرة الهيليوم –فيما يعرف بالاندماج النووي- فإن 0.007% من كتلة الهيدروجين تتحول إلى طاقة، فلو كانت هذه الكتلة هي 0.006% بدلا من 0.007%، لما التَحَمَ البروتون بالنيوترون ولما أصبح الديوتيريوم مستقرًا، وبالتالي فلن يتكون الهيليوم؛ فيظل الكون مجرد هيدروجين فحسب، ولما وجدت باقي العناصر. أمّا لو كانت الكُتلة المتحوّلة إلى طاقة هي 0.008% بدلاً من 0.007%، لأصبح الالتحام سريعًا للغاية، الأمر الذي سيؤدي إلى اختفاء الهيدروجين فورًا من الكون، واستحالة الحياة. ويستحيل أن ينشأ نظام شمسي فالرقم يلزم أن يكون بين 0.006% و 0.008% .
المصدر: Martin Rees, Just Six Numbers 

لي سيمولين Lee Smolin وهو من كبار علماء الفيزياء النظرية في العالم يقول في كتابه حياة الكون The Life of the Cosmos 
في الحقيقة وجود منظومتنا النجمية هذه تقبع تحت عدة توازنات دقيقة للغاية بين عدة قوى مختلفة في الطبيعة 
In fact the existence of stars rests on several delicate balances between the different forces in nature. These require that the parameters that govern how strongly these forces act be tuned just so. In many cases a small turn of the dial in one direction or another results in a world, not only without stars, but with much less structure than our universe."
مثلا قوة الجاذبية لو كان أقوى قليلا مما هو عليه الآن لما استغرقت حياة الشمس أكثر من عشرة آلاف سنة
مثلا كتلة كل من الإلكترون والبروتون والنيوترون طبقا للنموذج القياسي في الفيزياء Standard model of physics كتلة كل من هذه الجسيمات الثلاثة تشكلت في استقلالية تامة ومع ذلك تختلف الكتل بينهم اختلافا جذريا بما يسمح بتشكل أنوية الذرات وبدون ذلك لانهار الكون على نفسه فور تكونه . . فمثلا كتلة الإلكترون تمثل 0.2% من كتلة النيوترون وهذه هي الكتلة القياسية لتكون الذرة .

يقول ماكس تيجمارك Max Tegmark عالم الكونيات الأمريكي : 
إذا كانت القوة الكهرومغناطيسية أضعف مما هي عليه ب4% فقط لانفجرت الشمس فور تكونها وستصبح نفس النتيجة إذا زادت القوة الكهرومغناطيسية عما هي عليه إن ثوابت الطبيعة تبدو مُعدة بعناية عند مستوى ما .
إذا كانت القوة النووية الضعيفة أقل مما هي عليه الآن لن يتكون الهيدروجين وبالتالي سيظل الكون مجرد غبار كوني وإذا كانت أقوى قليلا فإن جسيمات النيوترينو neutrinos ستعجز عن أن تغادر المستعرات العملاقة - السوبرنوفا - وبالتالي لن تنتقل العناصر اللازمة للحياة خارج المستعرات العملاقة . 
وإذا كان البروتون 0.2% أثقل مما هو عليه الآن فإنه سيتحلل فورا إلى نيوترون وسيعجز أن يُمسك بإلكترونات وستنهار الذرة قبل أن تتكون وينهار الكون بأجمعه فور تكونه 
وإذا كانت نسبة الكتلة بين البروتون والإلكترون أقل قليلا مما هي عليه لما استقرت الشمس وإذا كانت أكبر قليلا مما هي عليه لما تشكل جزيء مثل DNA 

ولذا يقول عالم الفيزياء الفلكية مارتن رييز Martin Rees في كتابه فقط ستة أرقام Just Six Number وهو كتاب يتحدث عن فقط ستة ثوابت كونية يقول مستهزءا بموقف الذين مازالوا في شك : أنا صراحة معجب بالإستعارة التي قدمها الفيلسوف الكندي جون ليزلي John Leslie الذي افترض أنك تواجه رميا بالرصاص والرماه خمسون والجميع يستهدفونك ومع ذلك الجميع يخطئونك ولو لم يخطئوك ولو كانت الحياة صدفة فحسب لما ظللت الآن واقفا تتعجب ولكن المدهش أنك الآن حي وتطلب المزيد من الأدلة على حسن حظك . 

وعندما قام الفيزيائي Victor Stenger بإدخال تعديلات طفيفة للغاية على بعض الثوابت الكونية ثم عمل محاكاة على برنامج كمبيوتر فإنه فشل تماما واعترف أنها ثوابت على أقصى حد من الإعداد بعناية بل والمدهش أن هذه الثوابت توجد مجتمعة فلو نقص أحدها بالأحرى لما كان هناك كون هذا فضلا عن أرقامها المنضبطة تماما إنه أمر معقد للغاية . 

الثابت الكوني
الثابت الكوني يشكل عامل مضاد للجاذبية لو اختلفت قيمته بأقل من جزء من صفر يليه 123 صفر ثم 1 من الواحد لانهار الكون بأكمله بعد تشكله بلحظات أو لتوسع بسرعة هائلة تمنع تشكل الجزيئات الأساسية.

طبقا للمعلومات التي أتاحها السوبر نوفا A1 والتي حصل بمقتضاها العلماء الباحثين على جائزة نوبل للفيزياء عام 2011 تبين وجود سرعة في توسع الكون لا تتيحها المعادلات الفيزيائية ولا كتلة المادة المتاحة في الكون ولذا فقد اتضح أن قيمة الثابت الكوني تحدد بالضبط التوسع المطلوب

يقول ليونارد سوسكايند الفيزيائي الشهير في كتابه The Cosmic Landscape : الثابت الكوني 10أس 122 يستحيل أن ينشأ بداهة عن صدفة .
يقول ستيفن هاوكنج في كتابه موجز تاريخ الزمن ص125 : الحقيقة الواضحة بخصوص الثوابت الكونية تؤكد على أنها صُممت بعناية تتيح الحياة وبمنتهى الضبط المدهش 

إن الثابت الكوني يُكتب هكذا 
0.0000000000
0000000000 0000000000 0000000000 0000000000 0000000000
0000000000 0000000000 0000000000 0000000000 0000000000
0000000000 
000
1
- ولمن لا يعرف معنى كلمة 123 صفر .. هذه الكلمة تعني أننا بحاجة إلى هارد ديسك بحجم 15 مليار سنة ضوئية أي أكبر من حجم الكون كله لنخرج منه بهذا الإحتمال وطبعا هذا هو قمة الجنون الرياضي لأن المستحيل الرياضي لا يتجاوز 50 صفر فضلا عن 123 صفر - 

122 صفر ثم واحد افتراض هذا الثابت الكوني بهذا الرقم المدهش الذي ظل العلماء يفترضون أنه صفر زمنا طويلا إلى أن بينت الدراسات في 1998 أنه ليس صفرا ويستحيل أن يكون صفر وإنما هو قريب جدا جدا جدا جدا من الصفر لكن لابد أن يكون أكبر من الصفر بمقدار ضئيل للغاية بحيث يصبح رقم عشري وأمامه 122 صفر ثم واحد .

لماذا هذا الرقم بهذه الدهشة وهو الذي يتيح اتساع الكون لا انكماشه على نفسه بعد فترة من تكونه ؟ لقد فشل الفيزيائيين في معرفة لماذا هذا الرقم بهذا القرب من المدهش من الصفر ومع ذلك لم يصبح صفرا ولذا يعتبر الكثير من الفيزيائيين هذه المشكلة أنها أعمق مشكلة غير محلولة في الفيزياء ويطلقون عليها معضلة الثابت الكوني Cosmological constant problem

وإذا افترضنا أن هذا الثابت الكوني كان أقل من ذلك بقليل لانهار الكون وانكمش على نفسه بعد أقل من مليارات الأجزاء من الثانية أي لم يتكون .
وإذا افترضنا أن الثابت الكوني أكبر قليلا من هذا الرقم لانتفخ كل شيء في الكون فور تكونه ولتناثرت المادة ولما تماسك شيء ولانهار الكون .إنه هذا الثابت الكوني بالفعل واحد من أروع الأدلة على الإعداد بعناية في الفيزياء 
This is one of the most precise fine-tunings in all of physics

يقول ليونارد سوسكايند في كتابه The Cosmic Landscape, p. 88: إن الثابت الكوني من الرهبة بمكان بحيث أنه يصير بهذا المقدار الذي لا يسمح بتدمير النجوم والكواكب والذرات لكن ما هذه القوة الغامضة والعجيبة التي استطاعت ان تحسب هذا الموقف المعقد للغاية 
إن قوانين الفيزياء متوازنة على حافة سكين حاد للغاية وإذا كان الأمر كذلك فإنه يطرح أسئلة كبيرة 

الثابت الكوني يستحيل أن ينشأ بالصدفة ..الفيزيائي ليونارد سوكسايند


النقد :-
أمام حُجة الثابت الكوني لا يوجد أمام الملحد إلا احتمالين اثنين
1- الإيمان بالله الخالق 
2- الإيمان بالصدفة 
الصدفة مستحيلة رياضيا وعلميا وفيزيائيا كما فصلنا . 
لكن هناك بديلين اثنين لا ثالث لهما أمام الملحد وكل منهما يدور في إطار الانتقاء الأنثروبي 
1- الكون الدوري Cyclic model : أي الكون الأزلي حيث يحدث انفجار عظيم Big Bang ثم انكماش عظيم Big Crunch وهكذا وفي لحظة ما وفي انفجار من هذه الانفجارات اللانهائية يحدث هذا التوافق للثوابت الفيزيائية وعندها تتكون الكواكب والأفلاك وتظهر الحياة .
2- الأكوان المتعددة multiverse : أي أكوان لا نهائية وكل كون يختلف عن الآخر اختلاف فيزيائي طفيف إلى أن نصل إلى كوننا المميز والمدهش للغاية وهو ما سمح لكوننا أن يؤسس لظهور حياة . 

الرد على النقد :-
1- الكون الدوري Cyclic model 
حديثا لا يتحدث العلماء عن الكون الدوري Cyclic model فقد خرج تقريبا خارج دائرة العلم لأن الذين كانوا يتحدثون عن الكون الدوري كانوا يتجاهلون القانون الثاني للديناميكا الحرارية والذي يتطلب إعادة ضبط الأنتروبيا في كل كون متكون جديد وإلا فإن درجة الأنتروبيا تزداد مع كل كون وبالتالي تصير درجة الحرارة لا نهائية طالما كان الإنكماش والإنفجار لا نهائي لكن معطياتنا العلمية تقول أن درجة حرارة الكون هي الآن 3.5درجة مطلقة إذن تبقى نظرية الأنفجار العظيم دالة على حدوث وابتداء الكون ولا توجد انكماشات سابقة 
وقد أثبت العلم حديثا أنه كان يوجد الحد الأدنى من الأنتروبيا لحظة نشأة الكون وهو ما يؤكد أن الكون لم يسبقه انكماشات ولا يوجد ما يُعرف بالكون الدوري
ثم إن كل انفجار سيتطلب نفس الثابت الكوني المدهش ونفس الإعداد بعناية في كل نموذج كوني متكون وإلا لن يتكون شيء وهذا دليل جديد على الخطأ العلمي لهذه النظرية .
the model “entails the same degree of tuning required in any cosmological model


2- الأكوان المتعددة multiverse 
فكرة الأكوان المتعددة هي فكرة نتجت لحل معضلة الإعداد المسبق لكوننا بعناية فهي كحل تفترض أن هناك تريليونات تريليونات تريليونات الأكوان الأخرى 10 أس500 كون طبقا لستيفن هاوكنج في كتابه الأخير - التصميم العظيم - لكن في الواقع نحن لم نشهد أي كون آخر غير كوننا فضلا عن تريليونات تريليونات تريليونات الأكوان الأخرى .
ثم إن هذا لا يحل مشكلة التصميم المسبق بعناية لكوننا بل ربما مع الوقت يطرح تساؤلات فلسفية أعمق مع تقدم علوم الفيزياء . 

وللمرء أن يتسائل لماذا الإقدام على فرضية غاية في الغرابة والدهشة والبعد عن التجريب والإختبار واليأس التام في الرصد كتلك الفرضية فقط لمجرد الهروب من معطيات كوننا التي تطرح تساؤلات فلسفية عميقة .

يرى علماء الكونيات الداعمين لتلك الفكرة من أمثال ليونارد سوسكايند أن رصد كون آخر هو مستحيل علميا ومنطقيا والسبب في ذلك يرجع لما يُعرف بأُفق الجسيم the particle horizon وهو أقصى مسافة من تلك الجسيمات التي تحمل المعلومات والتي ما أن تصل للراصد يكون عمر الكون قد انتهى منذ مليارات السنوات الضوئية وأي كون آخر حتما هو خارج أُفق الجسيم the particle horizon 
وبما أن فرضية الأكوان المتعددة طبقا لأفق الجسيم يستحيل رصدها أو حتى إختبار وجودها فإن تخرج خارج دائرة العلم المادي النظري – لأن حجر الزاوية في العلم هو الرصد والإختبار والتجربة - وتتحول إلى فرضية فلسفية لا تخرج خارج هذا الإطار . 
ولذا يقول عالم الكونيات جورج إليس cosmologist George Ellis أن فرضية الأكوان المتعددة ليست من العلوم ولا توجد داخل دائرة العلم وإنما في إطار الفلسفة .
ويبدو أنه كما قال أرسطو قديما أن الذي ينكر الميتافيزيقيا هو أيضا يتفلسف ميتافيزيقيا .

ثم إننا بحاجة إلى رصد كون يختلف عنا في قوانين فيزيائه وقاصر في معطياته حتى نفخر بكوننا وأنه الكون المميز وهذا يطرح إشكالات أعمق بكثير إذ لابد من التصميم الدقيق قبل خروج هذه الأكوان بكل هذه المعطيات ففي كتابه التصميم العظيم يقرر ستيفن هاوكنج أن فكرة الأكوان المتعددة هي فكرة مزعجة للغاية .
ثم إن عملية إبداع أكوان متعددة إنها لعملية مدهشة للغاية وتحتاج إلى قوانينها الخاصة هي الأخرى وثوابتها الفيزيائية الخاصة التي ربما تفوق في دهشتها وعظمتها ثوابتنا تريليونات تريليونات تريليونات المرات وهل لهذه الأكوان المتعددة كون أُم ثم مِن أين أتى هذا الكون الأُم وبالتالي ربما نكتشف أن الذين افترضوا أكوان متعددة سيجابهون يوما ما بإلزامات ماورائية أعظم بكثير مما لو كانوا تخلوا عن تلك الفكرة .. إننا ننتقل خطوة ما ورائية أعلى بالقول بأكوان متعددة .

إذن الأكوان المتعددة لم تحل مشكلة الإعداد بعناية بل طرحت مشكلة الإعداد بعناية لكن على أبعاد أخرى ربما لا يجرؤ العقل البشري على استيعابها في الأمد المنظور .

ثم إن معادلات النظرية M والتي اعتمدها ستيفن هاوكنج في كتابه الأخير تفترض خمس نهايات مختلفة تماما والخمس معادلات بنفس الدرجة من القوة وكل معادلة تنتهي بملايين الطرق المختلفة 

In addition to the question of dimensions, string theory suffered from another awkward issue: There appeared to be at least five different theories and millions of ways the extra dimensions could be curled up
String theorists are now convinced that the five different string theories and supergravity are just different approximations to a more fundamental theory, each valid in different situations.That more fundamental theory is called M-theory p.174

ولذا يعترف هاوكنج أننا حتى الآن نحاول أن نفك ألغاز النظرية إم ولكن يبدو أن هذا مستحيل 
People are still trying to decipher the nature of M-theory, but that may not be possible.p.175

إن هذه الطريقة الفلسفية للهروب من المُشكلة تناقض شفرة أوكام Occam's razor فطبقا لشفرة أوكام فإن أبسط التحليلات لمشكلة معقدة هي الصحيحة وينبغي اختيار أبسط نظرية تناسب حقائق المعضلة لكن هؤلاء الفيزيائيون يختارون أعقد نظرية إنهم يختارون 10 أس500 كون وخمس معادلات صحيحة وملايين الطرق لكل معادلة كل هذا حتى يتسنى لهم أمام هذه التريليونات تريليونات تريليونات الأكوان أن يفترضوا صدفة نشأة كون مميز للغاية ككوننا .

الخلاصة :- 
لقد سقطت المقولات الإلحادية القديمة التي كانت تقول أن الكون كاف نفسه بنفسه واحتاج الملاحدة أنفسهم للخروج خارج الكون للبحث عن أكوان متعددة للخروج من مأزق الثوابت الكونية التي هم أنفسهم أطلقوا عليها الثوابت المُعدة بعناية fine-tuning 

والآن وبعد أن تبين أنه لا يوجد حل عملي أو فيزيائي مقنع للثوابت الكونية التي نحيا في ظلالها وعلى روافدها لم يعد أمام هؤلاء مناص مادي أو فيزيائي أو عقلي من التسليم بالخالق العظيم الذي أتقن كل شيء وجاء به على أروع صورة تدهش كل عالم فيزيائي يبحث في الكون ويُسلم بعظمة الخلق وروعة الإبداع وذهول الثوابت الفيزيائية .. صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ [النمل : 88]سبحانه .. رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى [طه : 50]سبحانه الذي أحسن كل شيء خلقه وجاء به على أروع صورة .. الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ [السجدة : 7]
وهو سبحانه الذي أمرنا أمرا مباشرا أن نتفكر في آلائه وعظمة خلقه وكيف بدأ الخلق .. قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [العنكبوت : 20]
لقد سرنا ونظرنا كيف بدأ الخلق ونشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .!