الصفحات

الأربعاء، 24 أبريل 2013

لماذا محاولة ادعاء العصمة للقضاة في مصر ؟؟.. - قصة حقيقية - 

بقلم المهندس / أسامة حافظ

فى أوائل التسعينيات أطلق مجهولون النار من بنادق آلية على نقطة مرور سلمون بمحافظة سوهاج، وفرت السيارة التى تحملهم ولم تستطع الشرطة الإمساك بهم فسارع ضباط أمن الدولة بالبلدة بالقبض على مدرس ثانوى– الأستاذ بخيت – وأربعة من تلاميذه كانت علامات التدين قد ظهرت عليهم واتهموهم وساقوهم للنيابة ثم للمحكمة، وحققت المحكمة القضية فلم تجد فيها ما يصلح دليلا لإثبات التهمة.. وأخذ القاضى المحترم يقلب أوراق القضية ثم حكم ببراءة الجميع من التهمة.. ولكن الحكم لم يعجب الرئيس المخلوع فرفض التصديق عليه وأعاد القضية للنظر أمام قاض آخر اشتهر أنه سفاح من لاعقى أحذية النظام – ولا مؤاخذة.


وقبل أن يبدأ فى نظر القضية قبض على مرتكبى الحادث وحققت معهم النيابة وأحالتهم للمحاكمة وجاء المحامون بقرار الإحالة للقاضى المحترم، وقد ظنوا أن الموضوع انتهى، ولكنه أصر على المضى فى نظر القضية فصارت هناك محاكمتان فى نفس الواقعة – وبالمناسبة تم الحكم فى القضيتين ونفذوا جميعا ما صدر من أحكام كان القاضى قد اعتاد أن يتصرف بعض التصرفات لإحباط المحامين كأن يرفض إعطاء مهلة للاطلاع، أو أن يرفض تسجيل طلباتهم، بل إن كل محاكماته كان يجريها فى غرفة المشورة بعيدا عن أعين الجمهور أو الإعلام ليكون بدون رقيب.


وبدأ المحامى المرافعة وأخذ القاضى يتناوم إظهارا لعدم الاكتراث ثم وفجأة قام عن كرسيه وقال للمحامى "استمر يا أستاذ أنا ذاهب لأطرطر مية وأعود إليك وأنا سامعك من دورة المياه " هذه هى ألفاظ القاضى المبجل وليست ألفاظى - أسكتت المفاجأة المهينة المحامى الكبير سنا ومقاما وعاد القاضى المحترم وهو يغلق فتحة بنطلونه – يبدو أنه لم يستنج - وطفق يقول "إيه يا أستاذ إنت سكت ليه أنا سامعك من جوة" أجاب الأستاذ المحامى بانفعال "وهل تظن أننى أقول كلامى هذا لك.. أنا أعرف أنه لن يجدى معك ولكنى أقوله للكرام الكاتبين الذين يسجلون ما أقول لكى أحاجج الله يوم القيامة أننى قمت بواجبى".


انتهت المرافعة وحجزت القضية للنطق بالحكم فى اليوم التالى وأخذ الشباب المظلوم يواسى المحامى الذى أحس بالمصير المنتظر وتأثر كثيرا به.
وحكم على ثلاثة منهم بالإعدام وعلى اثنين بالأشغال الشاقة المؤبدة ونفذ الحكم فى الجميع ماعدا الأستاذ بخيت فقد سبق الموت إليه فى السجن قبل إعدامه ربما كان بسبب القهر للقصة نهاية أخرى فقد ذهب القاضى المبجل إلى شاليه يملكه فى أحد المصايف النائية وهناك أطلق عليه الرصاص من مجهولين وانطلقت الصحف والقنوات تتحدث عن الإرهابيين المجرمين الذين أطلقوا النار على القاضى واجترأوا على مقام القضاء المبجل المعصوم الموقر وامتلأت الصحف بالمقالات والتحقيقات عن شجاعة القاضى فى مواجهة الإرهاب و و و..... لقد كانت يده ملوثة بدماء العشرات من الأبرياء – أقصد الإرهابيين –


وبعد أيام اتضح أن القاضى المبجل كان قد ذهب إلى الشاليه مع أحد الشباب لا أدرى من أين اصطاده ليمارسا الشذوذ سويا بعيدا عن الأعين، وأن أهل هذا الشاب عرفوا الأمر فأطلقوا عليه النار ونشر ذلك فى ركن صغير فى إحدى الصحف.
الأشخاص الذين عاشوا المأساة أحياء والصحف التى نشرت الأخبار موجودة وأتمنى – رغم موت القاضى – أن يحقق فى هذه القضية بشفافية بعيدا عن إدعاءات العصمة والتأليه الكاذبة التى أطلقها الزند والزنود أمثاله وليعلم الناس أن مجتمع القضاة فيه القضاة العظام الذين رفضوا أن يحكموا بما يخالف ضمائرهم وفيهم من أُطلق عليه النار فى الشاليه.