الصفحات

الاثنين، 16 سبتمبر 2013

اختراقُ الأسِنّـة : لمُنكريِّ السُّـنة !

بسم الله الرحمن الرحيم ...
هذه مجموعة من المقالات التي تخترق فيها أسنة رماح الحق بإذن الله تعالى : جسد وصدر مُنكري السُـنة البالي ..!
على أن يتم التركيز على أحدث شبهاتهم التي لما انقلبوا خاسرين في إنكار السُـنة بالكلية وبان للناس تهافت حججهم :
صاروا يلجأون للتمسح فيها - أي سُـنة النبي - لخداع عوام جدد ..!
ولكن لما أخذ ذلك أكثر من صورة لم تستوف الردود عليها الانتشار الكاف لفضحها كسابقتها :
فهذه مشاركة مني في هذا الأجر بإذن الله تعالى ...
والله المستعان ..
----------

1))
دعوى أنه ليس هناك سنن للأنبياء والرسل مذكورة في القرآن ليتبعها أقوامهم : ولا للنبي محمد !!


والرد على هذه الشبهة المتهافتة : هو يسير على مَن يسره الله تعالى له ...
حيث نبدأ أولا فنقول - وبكل بساطة - : ما هو معنى السُّـنة ؟!.. والجواب :
السُّـنة : هي الطريقة أو العادة أو الهدي المُتبع .. وسواء تم إضافتها لله تعالى أو للنبي أو لأي أحد ...

فأما عن إضافتها لله تعالى مثلا في القرآن قوله عز وجل :
سُـنة الله في الذين خلوا من قبل : وكان أمر الله قدرا مقدورا " الأحزاب 38 ..
سُـنة الله في الذين خلوا من قبل : ولن تجد لسُـنة الله تبديلا " الأحزاب 67 ..
سُنة الله التي قد خلت من قبل : ولن تجد لسُـنة الله تبديلا " الفتح 23 ..

وأما عن إضافتها للنبي صلى الله عليه وسلم بل ولخلفائه الراشدين من بعده كذلك قوله في الحديث الصحيح الشهير عن العرباض بن سارية رضي الله عنه :
عليكم بسُـنتي .. وسُنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي : عضوا عليها بالنواجذ " ..

وأما عن جواز إضافتها لأي أحد : فمنها قول الله عز وجل :
قل للذين كفروا إن ينتهوا : يُغفر لهم ما قد سلف .. وإن يعودوا : فقد مضت سُـنة الأولين " الأنفال 38 ..
كذلك نسلكه في قلوب المجرمين .. لا يؤمنون به : وقد خلت سُـنة الأولين " الحِجر 12 - 13 ..
وغيرها ....

ومن هنا فهمنا أنها بالفعل تعني : الطريقة أو العادة أو الهدي المُتبع ....
فإذا نسبناها إلى أنبياء الله عز وجل : نجدها وقد تحققت في القرآن الكريم بلفظين مترابطين في أداء المعنى وهما :
الحكمة ) : وهي ما يفتح به الله تعالى على الأنبياء والرسل وعباده الصالحين قولا وفعلا وعملا ..
الهداية ) : وهي اتباع أقوامهم لهم في الوحي - أو الرسالة - والحكمة - أو السُّـنة - التي حباهم الله تعالى بها ..

فإذا جئنا لنبينا الخاتم محمد صلى الله عليه وسلم : نجد الأمر الإلهي باتخاذه أسوة حسنة !!.. وهكذا بالعموم :
لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة : لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا " الأحزاب 21 ..
بل ونرى الله تعالى وقد أمرنا في غير ما آية باتباعه صراحة وبكل وضوح :
قل : أطيعوا الله .. وأطيعوا الرسول .. فإن تولوا : فإنما عليه ما حُمل وعليكم ما حُملتم .. وإن تطيعوه : تهتدوا" النور 54 ..
بل : وجعل اتباعه هو شرط التدليل على محبة الله عز وجل لمَن يدعيها !!!.. يقول :
قل : إن كنتم تحبون الله : فاتبعوني : يُحببكم الله .. ويغفر لكم ذنوبكم .. والله غفور رحيم " آل عمران 31 ..

وبالطبع من الجنون أن نتخيل كل هذه الأوامر بالاتباع والاقتداء بالنبي : مع مَن يقول بأنه ليس له سُنة محفوظة قد يسر الله تعالى لنا حفظها قولا وفعلا وتقريرا (والتقرير هو موافقة النبي وعدم اعتراضه على قول أو فعل يقع أمامه) !!!.. أو الجنون لمَن يقول بأن هذه الأوامر بالاتباع والاقتداءكانت مقصورة على المسلمين في أثناء حياته فقط أما من بعد مماته : فلا !!!!!!!!!!.. فهذا هو الجنون بعينه والله وكما قلت - ولذلك نجد كل مُنكري السنة وفيهم من هذا الجنون المتفاوت بقدر جرأتهم عليه - !

وأما السبب في إعطاء حق الهداية للنبي : فهي لأن الله تعالى قد آتاه ( الحكمة ) في سنته وكما أوحى بها إليه !!.. يقول عز وجل حاكيا عن دعاء إبراهيم عليه السلام لنبينا الكريم وقبل مولده بقرون طويلة :
ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك : ويُعلمهم الكتاب والحكمة ويُزكيهم : إنك أنت العزيز الحكيم " البقرة 129 ..
بل ويمتن الله تعالى بتلك الحكمة التي تعلمناها من رسول الله بجانب الكتاب - أي القرآن ووحيه - فيقول :
كما أرسلنا فيكم رسولا منكم يتلو عليكم آياتنا : ويُزكيكم ويُعلمكم الكتاب والحكمة : ويُعلمكم ما لم تكونوا تعلمون " البقرة 151 ..
ويقول كذلك وبعدما ذكر للمؤمنين حدوده عز وجل في الطلاق : والتحذير من الاعتداء على شرع الله فيها :
ولا تتخذوا آيات الله هزوا .. واذكروا نعمت الله عليكم وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة : يعظكم به " البقرة 231 ..

ولذلك نرى رسولنا الكريم يقول في الحديث الصحيح - وبكل وضوح - :
ألا إني أوتيت القرآن : ومثله معه (أي السُـنة) !!.. ألا يوشك رجلٌ شبعان ٌعلى أريكته (دليلٌ على كسله في طلب العلم والسعي إلى التعلم) يقول : عليكم بهذا القرآن (أي واتركوا كل ما سواه مِن أحاديث النبي) فما وجدتم فيه مِن حلال : فأحلوه !!... وما وجدتم فيه مِن حرام : فحرموه !!.. (وهنا يرد على أمثاله رسول الله قائلا : ) وإن ما حرم رسول الله (أي في السُـنة) : كما حرم الله (أي في القرآن لأن السُـنة التشريعية وحي من الله كذلك) " ..
رواه أحمد بسندٍ صحيح وأبو داود والترمذي والحاكم وصححه .. وصححه الألباني ..

فوجب على أمثالنا : اتباع صفوة خلق الله تعالى في الحكمة التي آتاها إياهم لنفوز بالفلاح في الدنيا والآخرة :
يؤتي الحكمة مَن يشاء .. ومَن يُـؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا .. وما يذكر إلا أولوا الألباب " البقرة 269 ..
فالجكمة إما أن تكون وحي - وهنا تكون خاصة بالأنبياء والرسل فقط - وإما أن تكون إيتاء - وهنا تشمل بمعناها العام الأنبياء والرسل وغيرهم - .. وكما ذكر ربنا عز وجل في سورة الإسراء من بعد انتهاء حديثه عن بني إسرائيل حيث قال بعد مجموعة كبيرة من الآداب والأخلاق إلخ :
ذلك مما أوحى إليك ربك من الحكمة .. ولا تجعل مع الله إلها آخر : فتلقى في جهنم ملوما مدحورا " الإسراء 39 ..

فهذا عن حالنا في أمر الله تعالى لنا في القرآن صراحة : باتباع النبي والاقتداء به ..
والآن ...
ماذا عن النبي نفسه صلى الله عليه وسلم ؟؟.. هل يمكن أن يقتدي ويهتدي بسُـنن وهدى مَن قبله أيضا إن لم تتعارض مع شرع الله الخاتم ؟؟..
والجواب : نعم !!.. وبنص القرآن كذلك ..
حيث يقول عز من قائل وبعدما ذكر أسماء العديد من الرسل والأنبياء في سورة الأنعام :
ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم : واجتبيناهم وهديناهم إلى صراط مستقيم .. ذلك هدى الله يهدي به مَن يشاء من عباده .. ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون .. أولئك الذين آتيناهم الكتاب والـحُـكم والنبوة .. فإن يكفر بها هؤلاء : فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين .. أولئك الذين هدى الله : فبهداهم اقتده .. قل : لا أسألكم عليه أجرا : إن هو إلا ذكرى للعالمين " الأنعام 87 : 90 ..

حسنا ...
وماذا عن أولئك الرسل والأنبياء السابقين أنفسهم أيضا ؟؟.. هل كانت لهم (حكمة) في صورة سُـنن يتبعها أقوامهم ويهدونهم بها ؟..
والجواب : نعم .. وبنص الآيات السابقة ..! حيث ذكر الله تعالى أنه آتاهم الحكمة أيضا بجانب الرسالات (للرسل) أو اتباع الرسالات والعمل بها (للأنبياء) .. ومعلوم أن رسالات الله لم تكن تحوي في الماضي أيضا تفاصيل العبادات والتشريعات التي يتركها الله لبيان وتطبيق رسله وأنبيائه بين الناس ليتعلموا منهم .. تماما ومثلما لم يتعرض القرآن الكريم لتفاصيل العديد من العبادات والمعاملات والتشريعات وإن كان أحاط بذكرها ولم يترك منها شيء ...!

والآن ...
اقرأوا معي بعض الأمثلة عن إتيان الحكمة لهؤلاء الرسل والأنبياء أيضا مثل نبينا محمد - وبجانب الآيات السابقة - :
يقول عز وجل عن عبده داود عليه السلام :
وقتل داوود جالوت .. وآتاه الله الملك والحكمة : وعلمه مما يشاء " البقرة 251 ..
وهي ما يتبعه عليه قومه ويهتدون بها من ورائه ... وقال عنه كذلك :
وشددنا مُلكه : وآتيناه الحكمة : وفصل الخطاب " ص 20 ..
ويقول عن عبده عيسى في بشارة أمه مريم به عليهما السلام :
ويُعلمه الكتاب والحكمة : والتوراة والإنجيل " آل عمران 48 .. ويقول عنه كذلك :
ولما جاء عيسى بالبينات قال : قد جئتكم بالحكمة ولأبين لكم بعض الذي تختلفون فيه : فاتقوا الله وأطيعون " الزخرف 63 ..
ويقول عن عبده يحيى عليه السلام :
يا يحيى : خذ الكتاب بقوة .. وآتيناه الـحُـكم صبيا " مريم 12 .. والمقصود بالـحُـكم هنا : الحكمة وحُسن الفهم والعلم ..
ويقول عن آل إبراهيم عليه السلام :
أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ؟!!.. فقد آتينآ آل إبراهيم الكتاب والحكمة : وآتيناهم مُلكا عظيما " النساء 54 ..
ويقول ممتنا على بني إسرائيل وكثرة وتتابع رسالاته ووحيه وسنن أنبيائه فيهم واصطفائه لهم في زمانهم :
ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والـحُـكم والنبوة : ورزقناهم من الطيبات : وفضلناهم على العالمين " الجاثية 16 ..
وهكذا نرى تلازم وجود ( السُـنة ) أو ( الحكمة ) مع الأنبياء والرسل !!.. ولتتأملوا معي ذلك في آية الميثاق بالإيمان بالنبي الخاتم محمد :
وإذ أخذ الله ميثاق النبيين : لما آتيتكم من كتاب وحكمة : ثم جاءكم رسول مُصدق لما معكم : لتؤمنن به ولتنصرنه " آل عمران 81 ..

ولهذا - وبعد إثبات السُنة والحكمة لأنبياء الله ورسله كما هي للنبي - : فقد ثبتت لهم هداية أممهم بها كذلك ولزوما !!.. وتماما كما هدانا النبي صلى الله عليه وسلم بسُنته وبحكمته التي آتاه الله إياها وأوحاها إليه .. يقول عز وجل عن إبراهيم عليه السلام ومَن بعده :
ونجيناه ولوطا إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين .. ووهبنا له إسحق ويعقوب نافلة : وكلا جعلنا صالحين .. وجعلناهم أئمة : يهدون بأمرنا .. وأوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة : وكانوا لنا عابدين " الأنبياء 71 : 73 ..

وهذا غيض من فيض إثبات سُـنن الأنبياء والرسل في القرآن وهدايتهم للناس بها ...
حيث بمجرد اصطفاء الله تعالى للنبي أو الرسول : فقد صارت حياته كلها منظورة لمَن حوله من المؤمنين والكفار على السواء : لأنه في نظرهم جميعا قد صار المُبلغ عن الله تعالى .. وقد صار أمامهم كذلك هو المثال المُحتذى الذي من المفترض أن يقتدوا به إذا أرادوا الامتثال لأوامر الله تعالى ودينه وشرعه ..
إلى هنا وانتهى الرد ....
ويُتبع حين يتيسر بإذن الله تعالى بالتعرض لشبهة الأخذ من السُـنة بما يتوافق مع القرآن فقط !!...
والله المستعان ...