الصفحات

الأحد، 9 فبراير 2014

هل الكفر بالله يستحق العذاب الأبدي في النار ؟!!..
إجابة منقولة من منتدى التوحيد ...

يقول الدكتور أبو مريم اختصار في مثل هؤلاء - ونقصد هنا الذين عرفوا دين الحق ثم رفضوه أو تكبروا عليه هوىً وعنادا : وليس مَن لم تصلهم رسالات الله لأن امتحانهم يكون في الآخرة - يقول :
" إنهم استحقوا العقاب الأبدى ليس لفعلهم المتناهى .. بل لما استقر فى قلوبهم وتمحض فيها من الكفر والعناد مما تجلى وظهر فى هذا الفعل .. وبحيث لو استمروا إلى ما لا نهاية فى هذه الحياة : لما فعلوا غير أفعال الكفر والعصيان .. يعنى هم لا يُعذبون على الفعل فقط بل : على الكفر المستقر فى القلب والذى هو دائم ولا يزول .. أما فعل الكفر نفسه في الدنيا : فهو مجرد دليل واستلزام لهذا الكفر الدئم المستقر وليس هو كل ما يُعذبون عليه " ..

وإليكم هذه النقاط المنقولة أيضا :

1...
حيث إذا أردنا الرد على هذه الشبهة ردًا تأصيليًا نقول : أن مثل هذه الشبهات المتعلقة بالعدل : يكون الحكم عليها هو بمعرفة أن مَن لا يملك ((العلم)) المطلق و((الحكمة)) المطلقة : لا يمكنه أن يحدد معايير العدل بصحة مطلقة !!.. وهذه حقيقة نعرفها حتى في حياتنا .. فوخز إبرة اللقاح أو التطعيم في نظر الطفل الجاهل "ظلم" له .. في حين أنها قمة الرحمة من جهة الوالدين الذين طلبوها من الطبيب !!.. وتأديب الأب الحازم لابنه : هو ظلم له في كثير من الأحيان في نظر ذلك الابن .. ولكنه لا يعلم أنه فيه مصلحته وهكذا .. هذا الفارق في العلم والحكمة : قد أحدث تغييرًا في معيار العدل عند البشر .. فما بالك بخالق البشر صاحب العلم المطلق والحكمة المطلقة ؟!!.. إذن : كل مَن يطعن في عدل أي مسألة متعلقة بالله وشرائعه : يُرد عليه بهذه النقطة ..

2...
علاقة العقاب بالعمل ليست علاقة تساوي زمني بالضرورة .. بل هي علاقة سبب بالنتيجة .. مثلًا في الدنيا رجل يدخن : فتجد رئته وقد تلفت باقي عمره !!.. فهل نقول أنه قد دخن خمس سنوات فقط : فكان من العدل أن تتلف رئته لخمس سنوات فقط ؟!!.. لاحظ بأننا لا نرى مثل هذه الاعتراضات في حياتنا !!.. مثال آخر : رجل سرق خلال ساعتين : هل ترانا نقول أنه من باب العدل يجب أن يُسجن ساعتين فقط ؟!!!.. الإجابة بكل وضوح : لا .. لأن العلاقة ليست زمنية بين الخطأ والنتيجة المترتبة وإنما هي علاقة سبب بنتيجة .. مثال ثالث : رجل شرب سمًا فمات .. فلا ترانا نقول هو شرب السم في مدة 10 ثواني فقط : فلماذا ذهب ولم يعد أبدًا !. وقد جاء في تفسير ابن كثير في قوله : " ليبلوكم أيكم أحسن عملًا " أي : خيرٌ عملًا كما قال محمد بن عجلان : ولم يقل أكثر عملًا .. يعني حتى على مستوى الحسنات والسيئات : ليست العبرة مقتصرة على الكثرة والقلة !!.. وأغلبنا يعرف أحاديث مَن دخل الجنة في كلب سقاه وأنقذه من الموت عطشًا : ومَن دخلت النار في هرة حبستها حتى ماتت !!.. والله يقول : " فاليوم لا تظلم نفس شيئًا ولا تجزون إلا ما كنتم تعملون " .. مع الأخذ بعين الاعتبار بأن هذه تشبيهات مع الفارق .. لأن عقاب الآخرة ليس كعقاب الدنيا .. ولكنها للتقريب فقط .. وكما يُـقال : لا تنظر إلى صغر المعصية .. ولكن انظر إلى عظم من عصيت !

3...
الإنسان الكافر يكفر بإله أزلي أبدي أنعم عليه نعمًا لا تعد ولا تحصى .. فكيف يُـقابل مَن أنكر وجحد بالأزلي الأبدي صاحب النعم اللامحدودة : بعقاب محدود من باب العدل !.. اللهم إلا أن يرحمه الله ؟

4...
عند الحديث عن الزمن والخلود في الآخرة...ما هو تعريف الزمن في ذلك الوقت ؟ يعني إذا كنت تعرف أن لحظة واحدة أو جزء من الثانية في عذاب جهنم : تستطيع أن تنسي أفضل أهل الدنيا ما رآه من النعيم كله في حياته !!.. هل هذا وذلك متناسب زمنيا ؟ كذلك لحظة واحدة في الجنة سوف تنسي أشقى أهل الأرض كل شقاوة وجدها في حياته ؟ فهل هذه وتلك متناسبة في الزمن ؟ إذا كنت لا تدرك معنى الزمن أصلا في الآخرة (فضلا عن الفهم المحدود لمعناه في الدنيا) فكيف تستدل به على ما تدعي ؟.. وقد روى الإمام مسلم في صحيحه : عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة : فيصبغ في النار صبغة ثم يقال : يا ابن آدم .. هل رأيت خيرًا قط ؟.. هل مر بك نعيم قط ؟ فيقول لا والله يا رب !!.. ويؤتى بأشد الناس بؤسًا في الدنيا من أهل الجنة .. فيصبغ صبغة في الجنة فيقال له : يا ابن آدم .. هل رأيت بؤسًا قط ؟ هل مر بك شدة قط ؟ فيقول لا والله يا رب : ما مر بي بؤس قط ! ولا رأيت شدة قط " !!.. 

5...
" ولو ردوا لعادو " .. إن جريمة الكفر بالله تعالى بعدما قامت حجته على العبد ووصلته رسالته ليست بالهينة ..وقد ذكرنا بأن لا ننظر في صغر المعصية بل في عظم مَن عصينا .. فما بالك بالكفر بالله ؟!.. فهو لعمر الله أكبر المعاصي والجرائم !..حتى وإن هان في نظر البعض .. ورغم ذلك قد يقال : لكنها لا تستحق العقاب الأبدي : والجواب : بل تستحقه .. لأن ملازمتهم للكفر ليست محدودًا في الدنيا كما قد يظن. يقول تعالى فاضحًا سرائر هؤلاء ونفوسهم الخبيثة : " وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ فَقَالُواْ يَا لَيْتَنَا نُرَدُّ وَلاَ نُكَذِّبَ بِآيَاتِ رَبِّنَا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ بَلْ بَدَا لَهُم مَّا كَانُواْ يُخْفُونَ مِن قَبْلُ وَلَوْ رُدُّواْ لَعَادُواْ لِمَا نُهُواْ عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ " .. وقد يعترض البعض على هذا الرد بأن يقولوا : يستحيل لمَن رأى العذاب ثم رجع : أن يعود إلى المعصية !.. حيث يكون قد أيقن بوجود العذاب إذ عاينه بنفسه !!.. والرد على هذا نقول : بل معظم الناس إذا اتعظ بالموت مثلًا وزار المقابر وأيقن بأن له نهاية حتمًا : وعلم أنه يجب أن يجهز لما بعد حياته ويقلع عن الذنوب : إنما سرعان ما ينسى ويعود !!!؟؟.. وأمثال هذه الحالات كثيرة جدًا في حياتنا .. ترى رجلًا وقد أصيب بنوبة قلبية بسبب التدخين فأيقن من الموت بسبب السجائر  .. ثم تم إسعافه فعزم عزمًا أكيدًا أنه لن يعود أبدًا إلى التدخين : ثم بعد فترة تراه يرجع إليه !!!.. والخلاصة في هذه النقطة وهي متعلقة بأعمال القلب : أن الكافر لا يعاقب فقط على الخطأ .. وإنما على العزم والإصرار عليه .. والقلب قد يصر على معصية حتى لو عاش صاحبها ملايين السنين فتجده وقد لزمها ولم يغيرها !!.. والله أعلم بذلك .. والله سبحانه يقول في سورة الإسراء : " قل كلٌ يعمل على شاكلته " .. جاء في التفاسير أن معنى شاكلته : نيته وحقيقة نفسه الطيبة أو الخبيثة .. إذن المسألة أكبر من أن نحكم نحن في الظواهر !!..

6...
وهذا رد للملحد المادي خصوصًا إذ نقول له : ما هو التعريف الذي يستند عليه الملحد في تعريفه للعدل أصلًا ؟ حيث ما رده لو قلنا له إن وضع مجموعة ذرات في نار : هو المكان المناسب لها !!!؟؟ ولا يوجد تعريف مطلق للعدل والظلم في عالم مادي بحت !!..وقطع السكين لرأس المقتول هو من العدل المتوافق مع جميع قواعد الفيزياء .. فهلا وضع الملحد المادي تعريفًا للعدل قبل الاعتراض ؟!

7...
ويُـقال للملحد كذلك : لماذا يزعجك الأمر ؟!!.. فحياتك محدودة .. فاذهب واستمتع بها إذا كنت تؤمن بأن الموت بالفعل هو النهاية !.. وأما إن كان لديك شك في إلحادك وخوف : فالأولى هو الانضمام إلى ركب الناجين بدل التأسف على الهالكين !!!.. وإما - لو الأمر لا يعنيك - فاذهب بشبهاتك عنا لأن حياتك ووقتك أهم بكثير من أن تضيعهما في "كشف الحقيقة" للمؤمنين !!..

8...
نحن نعلم الظواهر من الناس .. ولا يعلم البواطن إلا الله .. فلا حُجة فيمَن يسأل : رجل على خير وتقى ودين وفي آخر لحظة يكفر (إذ : ما أدراك أنه على خير وتقى ودين؟) لا ندري !!.. والعكس بالعكس .. نحن صحيح نحكم بالظاهر ونتعامل معه لأنه لا مصدر آخر لدينا .. يعني لو أنت تتعامل ظاهرًا كإنسان صادق وجيد : فسوف أتعامل معك .. ولو عرفت بين الناس بالكذب : فلن أتعامل معك !!.. هذا على مستوى الدنيا .. أتعامل معك بحسب ما يظهر لي .. لكن إذا عجزنا عن معرفة الباطن : فلا مجال عقلًا للسؤال عن العدل !!.. فنحن أقل علمًا من أن نحكم بالظلم أو العدل المطلق على أحد !!.. مثال توضيحي: منافق قد أخفى نفاقه كل حياته .. ولكنه في سكرات الموت ومع الألم أعلن كفره بالله .. هل نقول : لماذا يدخل النار وهذا ليس بعدل ؟!!.. مثال آخر: مؤمن أخفى إيمانه خوفًا .. أو كانت تغلبه شهواته فيما يظهر للناس رغم إيمانه القلبي الكبير ومجاهدته لنفسه طيلة عمره .. هل مثل هؤلاء عندما يعلنون إسلامهم وإيمانهم في آخر حياتهم نقول : لماذا يدخلون الجنة رغم أن حياتهم كانت كذا وكذا ؟!!.. نرجو أن تكون قد اتضحت الصورة ...