الصفحات

الأحد، 2 فبراير 2014

هل الهندوسية والبوذية والطاوية فلسفات بها اعجاز علمي أم سفه علمي

الدكتور محمود عبد الله نجا ..

زعم بعض المسلمين الرافضين لقضية الاعجاز العلمي زورا و بهتانا أن وجود نصوص ذات دلالة علمية في كتب السابقين قد يجعل قضية الاعجاز العلمي في القرآن و السنة قضية هامشية لا قيمة لها واستدلوا لذلك بكتاب (الطاوية والفيزياء الحديثة - استكشاف المتماثلات بين الفيزياء الحديثة و الصوفية الشرقية) لكاتبه - فريتجوف كابرا, ترجمة حنا عبور http://alexandra.ahlamontada.com/t2248-topic

فقالوا تعليقا علي هذا الكتاب علي سبيل الاستهزاء بقضية الاعجاز العلمي في القرآن و السنة, قالوا (الاعجاز العلمي في الهندوسية و البوذية و الطاوية )

وأحسب أن أغلب هؤلاء ما فقهوا معني الاعجاز العلمي و لا ما هي شروطه و لا أحسب أنهم قرأوا هذا الكتاب قراءة وافية تبين لهم هل بالفعل يوجد بهذا الكتاب اعجاز علمي أم لا

فحتي نقول أن بالكتاب اعجاز علمي فلابد من نص عن الخالق له دلالة علمية واضحة نقارنه بعلم دنيوي وصل الي درجة اليقين فلا يمكن نقضه بما هو أحدث من المكتشفات العلمية, فهل تحققت فعلا هذا الشروط في كتاب الطاوية والفيزياء الحديثة, و هل فعلا وجد الكاتب متماثلات بين الفيزياء الحديثة و الصوفية الشرقية.

عندما بدأت أقرأ الكتاب وضعت في تفكيري سؤال أردت الاجابة عليه من خلال أطروحات الكاتب و كيف قابل الفيزياء بالعلوم الصوفية الهندوسية و البوذية و الطاوية, هل فعلا وجد الكاتب كم كافي من النصوص الصوفية ليقابلها بالعلم؟, وجائتني الاجابة سريعا ص 18, حيث يقول الكاتب (القاريء قد يشعر بنقص ما في التوازن بين الفكر العلمي و الصوفي, وأن القاريء سيتقدم في فهم الفيزياء ولكن لن يحدث المثل في الصوفية, و علل ذلك بصعوبة فهم الصوفية فليس كل ما فيها في الكتب, و في موضع آخر يقول أو يسهل فهم مدلول النص الصوفي), و لا أري هذا الكلام الا اعتراف صريح بالعجز عن ايجاد توافق بين المنظور (فيزياء) والمسطور (كتابات صوفية), و الاعتراف بالعجز في المقدمة يغني عن باقي الكتاب, و لكن كان لابد من اتمام القراءة طلبا للنقض العلمي السليم. 

واستمرارا في تبرير العجز العلمي في هذا الكتاب يقول مؤلفه (الصوفي اذا أراد ابلاغ تجربته للآخرين تقف أمامه حدود اللغة التي تعجز عن وصف ما يريد وصفه. ولذا يستخدمون الأساطير المليئة بالمواقف السحرية و الرموز, مع استخدام الكوانات (مفارقات أو ألغاز غير حسية تستخدم لنقل المعرفة). 
وطبعا هذا العجز لا نجده في الاسلام فالنبي صلي الله عليه و سلم أوتي جوامع الكلم و القرآن نزل بلسان عربي مبين, ولعل الاستخدام البارع للغة في توصيف الكون و الأحداث هو أهم ما تميزت به لغة القرآن العربية, التي تستوعب الكثير من المعاني التي تتكامل معا لايصال الفكرة في يسر و سهولة, وهذا البحث يوضح هذا الأمر http://aqlame.com/article16282.html.

ثم اذا أتينا الي عقيدة هذه الأديان الوضعية التي زعم الكاتب أن بها متماثلات مع الفيزياء الحديثة نجد أن عقيدة أو فلسفة الهندوسية و البوذية و الطاوية قائمة علي واحدة من أفسد العقائد و هي عقيدة الحلول و الاتحاد, و التي يصير فيها الخالق و المخلوق كيان واحد, والأرواح قادرة علي تجاوز حدود الزمان و المكان, وكاتب هذا الكتاب لا ينفي ذلك بل يقره و بوضوح شديد في أكثر من فقرة بكتابه.

فالهندوسية مثلا و التي لا تخلو من الاقرار بالربوبية, نجد عقيدة الحلول و الاتحاد واضحة في كتبهم المسماة بالفيدات والتي كتب أغلبها قبل المسيح بحوالي 500 الي 1500 سنة, و بها كل تعاليم الهندوسية, و أهمها بالنسبة للفلاسفة الأجزاء الأخيرة المعروفة بالأوبنشادات (كالأناشيد) التي تحث علي جمع الكل في واحد مهما تعددت المفردات و مهما تعددت الأرباب و المربوبات, فعندهم البراهمان (وراء ما يكون و ما لا يكون), أساس كل الآلهة و الذي يأمر الناس بالعبادة, ثم يجعل براهمان (الواقع الكلي) يتحد مع أتمان (الواقع الفردي) فيجعلهما واحد في الجوهر, ولذا نجد في الاوبنشادات (ذاك الذي هو الجوهر الأرفع – هذا العالم الكلي يحتوي ذلك كروحه. ذاك هو الواقع ذاك هو أتمان – ذاك هو أنت).

فعند الهندوسية الاله خلق العالم أي ضحي بنفسه من أجل ايجاد العالم فصار هو العالم (أي اتحد بالعالم بمادته, أصل كل المواد), و يفترض أن يكون الانسان منسجم مع هذا الاتحاد و لكنه ضل باعتقاده أنه الممثل علي خشبة مسرح الكون بدل من أن يكون جزء من مسرحية الممثل الأصلي و هو الخالق, ولكي يعود من الضلال لابد أن يدرك العلاقة بين أجزاء الطبيعة و بين نفسه ليتخلص من عبوديته لأجزاء الطبيعة و يكتشف أن الكل واحد هو براهمان (حلول و اتحاد)
ومن اعظم الأمثلة التي ضربت لهذا الاتحاد وللأسف كان الاتحاد الجنسي بين الذكر و الأنثي, والذي تجسد في وجود ارباب و ربات, ربات غير عذاري كدليل علي الاتحاد التام بين المادة و الروح, وكل الأرباب و الربات يمثلون الاله براهما الذي لا يدرك.
بمعني أنهم وسيط بين المخلوق و الخالق كما فعل مشركو العرب باتخاذهم الأوثان لتقربهم الي الله زلفي 


و من الهندوسية التي تهتم بالميتافيزيقا الي البوذية التي لا تهتم بها اطلاقا فلا تريد فهم كيفية خلق العالم بل تريد فهم الانسان و متطلباته النفسية, فهو مذهب سيكولوجي يعالج النفس. ويعتقد بوذا أنه يخلص الناس من شقاء الفردية والألم الناتج عن انفصال النفس و الروح عن الوحدة الكلية للكون, فاذا أمكن للانسان أن يتخلص من هذه الرؤية الفردية فانه سيستريح من كل المعاناة و الآلام, فلماذا يقاوم الفرد سريان باقي مفردات الكون خلاله, فالاحساس بالاتحاد يلاشي احساس المقاومة لسريان مفردات الكون من خلاله, فبدل من براهمان ظهرت الحكمة المستنيرة التي تنتشر في كل المادة و توحد و تألف بينها في اطار من المحبة. 

وفي الصين يظهر الحكيم الذي يمثل الرجل المتنور الذي حقق اتحادا صوفيا بالكون, بالاضافة الي الجانب الدنيوي العملي, ثم انقسم الاثنين الي اتجاهين:
الكونفوشية كاتجاه مادي مجتمعي ذو طقوس عبادية, يهتم بالتنظيم الاجتماعي
و ضده الطاوية كاتجاه مراقبة للطبيعة و اكتشاف طريقها من أجل الوصول الي المعرفة الطبيعية و العمل عفويا وفق المعرفة الحدسية.
وبالرغم من تضاد الفكرتين الا أنهما يمثلان قطبا الانسان المادي و الروحي ليحدث التكامل, كما كان عند الحكيم

و من سمات الطاو الأساسية التجدد و العودة (طبيعة دورية لحركته الدؤوبة و تغيراته), وكأن الأشياء تسير في دائرة مغلقة تذهب لتعود, و هو أمر مما لا شك فيه مستوحي من الطبيعة كحركة الشمس و القمر و تغير الفصول, التحول و التغير سمتان أساسيتان للطبيعة, و هو مستنبط من مراقبة العالم العضوي, فكل زوجين متضادين يكونان علاقة قطبية وكل قطب مرتبط ديناميكيا بالقطب الآخر من خلال التغير و التحول, و بذلك جمعوا بين المتضادين (فالهذا هو الذاك و الذاك هو الهذا), و من ينجح في تخطي المتناقضات يصل الي التنوير, و أصبحت هذه القاعدة أساس للسلوك البشري (الجمع بين الشيء و نقيضه) فيقولون ان كنت تنوي تحقيق أي شيء فابدأ بنقيضه, و ان كنت تريد الاحتفاظ بشيء فاقبل فيه شيء من نقيضه, و ضربوا أمثلة (اذا أردت أن تذم فامدح أولا, و ان أردت الأخذ فاعطي أولا) (انحني وسوف تبقي منتصبا, كن قديما ستبقي جديدا).
ولابد عندهم من الغاء فكرة العقل و العلم و التعلم وبدلا من ذلك نجد العفوية, و هو مناقض تماما لما في الاسلام من احترام للعقل و التفكير و استخدام المنطق السليم . 

ومع اختلاف التقاليد الروحية من صنف الي آخر الا أنها كلها نظرتها للعالم واحدة, قد تختلف المصطلحات و لكن تتفق في السمات و تتلاقي مع نظرة العلوم الفيزيائية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ تجليات الكل في مختلف الأجزاء, تجليات مختلفة للواقع المطلق الغير قابل للتقسيم, فكل أجزائه و لو حصل بينها تضاد اجزاء للواحد المطلق (مجموع كل الأشياء, الكل الشامل الكبير), والتركيز و الهدوء هو ما يجعل العقل قادر علي الخروج من تلك التقسيمات العديدة لمواد الكون و البيئة ليري هذا التوحد المطلق.

أستطيع القول الآن أن الفكرة الحلولية عند هذه المذاهب تنطلق اما من أساس ديني كما عند الهندوسية او من اساس فكري محض كما عند الكنفوشية و الطاوية, وذلك لتتحرر من ميتافيزيقا الرب الخالق, وهذا ما اقره الكاتب فقال (اشترك الهنود و الصينيون في وجود واقع مطلق يوحد الأشياء والأحداث الكثيرة, الشيء الواحد (الكل – الكامل - الشامل)) و سمي هذا الواقع أو الطريق نحو فهم كلي للكون بالطاو (طاوية). 

وهذه العقيدة الفاسدة تجعل مقولة الاعجاز العلمي في الهندوسية والبوذية و الطاوية سفه لا اساس له من الصحة, فالكتاب يقارن بين مباديء روحية قائمة علي التأمل و بين ما وصل اليه العلم الحديث, أي أنه لا يقارن بين نص عن الله و بين العلم, بل يقارن بين مُنتجين أحدهما عقلي تجريبي (الفيزياء) والآخر الهامات روحية بشرية محضة تقوم علي الفكر المطلق الذي لا تصفه الكلمات, أو الفكر الحدسي.
يعني مصدر العلم ليس تجريب و تفكير عقل بل تجارب شخصية روحية, كما أنها ليست نقلا عن خالق الكون بل عن مخلوق لا يعي الا بعض أجزاء الكون, وجاءت هذه التجارب من تأمل الطبيعة لمراقبة تجلياتها فيقولون في صوفيتهم الباطلة (فمن لا يفهم طبيعة بوذا عليه أن يراقب الفصول والعلاقات السببية). 

فتجربة الصوفي قائمة علي النظر و التأمل أو الرؤية التي تنشأ من البصر و لكن البصر العميق المرتبط بالرؤية الروحية اللامحدودة و التي هي أعمق من البصر (نسميها في الاسلام البصيرة), وذلك لاجراء تجارب غير حسية أو الاستبطان الذي يعتمد علي أشخاص معينين لأنها تجارب غير قابلة للتكرار كما في تجارب العلم
سماها استبصارات مباشرة في طبيعة الوقائع

وهذه النظرة المتأملة و ان كان بالفعل لها أهمية كبيرة علي الاستدلال علي كمال الموجودات و تكاملها و تناسق وظائفها وضرورة وجود خالق الا أنها لا يمكن أن تشير الي ما هو أكثر من ذلك من كيفية ايجادها أو وصف موجدها, و لا تركيب المرئي فضلا عن غير المرئي الي غير ذلك من المعارف التي لا تتاتي الا بأحد طريقين لا ثالث لهما:
1. التجربة العلمية بكل مراحلها
2. الاخبار الرباني


لذا فهناك مقارنة جائرة بين المعرفة القائمة علي التجريب العلمي و المعرفة القائمة علي الحدس و مخاطبة الذات أو التجربة الداخلية, فلا يمكن لعاقل أن يسوي بين الاثنين كما فعل كاتب الكتاب. ومعلوم أن العقل قد يشط في التفكير ولكن من يثبت أن فكرته سليمة
أما في القرآن و السنة فلا نجد تأملات و لا تجارب بل نقولات موثقة عن الله, أثبتتها كل تجربة علمية صحيحة, و من هنا كانت تسمية الاعجاز العلمي.

من الناحية العلمية حاول الكاتب التأسيس علميا لعقيدة الحلول والاتحاد من خلال ميكانيكا الكم, فحاول الكاتب من خلال شرحه لتطور المفاهيم الفيزيائية من نيوتن الي نظرية الكم اثبات أن المبدأ الديكارتي للفصل بين الأنا (المراقب) و العالم (الشيء المُراقب) هو مبدأ خطأ, عند التعامل مع المادة الذرية, حيث الفيزياء الحديثة لا تهمل دور المراقب و تأثيره في الشيء المراقب (جسيم أم موجة). و عن الجسيمات دون الذرية يقول الكاتب (في دراسات الجسيمات التي هي طاقة يصعب القول بوجود جسيم أولي لا ينقسم, اذا كل الجسيمات عند اصطدامها تتعرض لفقد و اكتساب الطاقة و بالتالي ليس ضروريا أن تنقسم لتعطي ما هو أصغر بل ربما تعطي جسيمات مساوية أو أكبر. و من هنا يمكن القول بأن تجارب البعثرة بالطاقات العالية بينت الطبيعة الديناميكية والدائمة التغير للعالم الجسيمي فقد ظهرت المادة في هذه التجارب قابلة للتحول كليا حيث كل الجسيمات قابلة للتحول الي جسيمات اخري فيمكن خلقها من الطاقة و يمكن تلاشيها في الطاقة, فلم يعد هناك تجسيم أو وجود لجسيم أولي وفصل بين الجسيمات و المواد, فالكون كله شبكة ديناميكية من النماذج الطاقية الغير قابلة للفصل).

وقد صرح الكاتب بمحاولته هذه للتأسيس لعقيدة الحلول و الاتحاد من خلال الفيزياء بقوله (الكون في الفيزياء الحديثة يختبر علي أنه كل لا يمكن تفكيكه, بما في ذلك المراقب, و هذا مشابه لما عند الصوفيين)

ولكنها محاولة متهافتة, فقد ساوي الكاتب بعقيدته الباطلة هذه بين الخالق و المخلوق, بين الجسد و بين الروح, بين الجزء المنظور من الكون و الجزء غير المنظور, فما أدرانا هل الجزء غير المنظور يتركب من ذرات و جسيمات أم لا, كما أن نظرته للجزء المادي المنظور محدودة, فحتي لو كانت أساسه نماذج طاقية قابلة للتحول كليا كما يزعم الا أنننا نجد أنها تشكلت لتختلف لا لتتحد و تتساوي و يتحول بعضها الي الآخر, فآدم غير الطين, والجن غير النار, و الملائكة غير النور, والفرق بين الأرض و السماء لا جدال فيه. كما أن الزعم بعدم وجود جسيمات أولية منشأه عجز العلم عن الوصول الي ذلك, فقد يكشف التقدم العلمي مستقبلا عن الجسيمات الأولية و السبب في الاختلاف بين جسيم و آخر و تأثير ذلك علي التركيب الذري و الاختلافات القائمة فيزيائيا و كيميائيا بين الذرات المختلفة للمواد, و ساعتها يسقط مبدأ الشبكة الديناميكية الغير قابلة للفصل.

ثم يقول الكاتب عن عقيدته الباطلة (هذه الواحدية ليست سمة هذه المناهج الصوفية فقط بل سمة الفيزياء أيضا بل أهم اكتشاف فيها, من المستوي الذري الي الجسيمات, فلا يمكن فهم الذرة كأجزاء متفرقة بل كوحدة واحدة متكاملة من كل الأجزاء, فلا يمكن فهم الذرة من خلال المراقبة بل من خلال المشاركة بحيث يذوب المراقب في الشيء الذي يراقبه (يشاركه), ومن هنا فكرة خروج الروح من حيز الجسد للاندماج في الكل الأكبر (المنتشر الأعظم = الخالق أو الاله في عقيدتهم الباطلة)

ومع أن الفيزياء لا تستطيع تحقيق هذه المشاركة الكاملة (التوحد الكامل) الا أن الكاتب يصر علي هذه المقابلة الجائرة بين عقيدة الحلول و التوحد و فيزياء الكم مع أن المراقب لا يستطيع الاندماج و المشاركة مع الشيء المراقب, حيث لا يستطيع المراقب أن يتصرف بطبيعة موجية تمكنه من السير الي جوار الجسيمات ليشاهدها و يتوحد معها. صحيح أن الفيزياء تتمني نموذج المشارك و لكن لا تستطيع تحقيقه.

نضيف الي ذلك ان فيزياء الكم التي جمعت المتناقضات بالرغم أن لها قبول علمي الا أنها تبقي نظرية وليست حقيقة علمية نجري عليها المقارنات و الاعجازات العلمية.

ان هذه النظرة الكلية في عقيدة الحلول و الاتحاد عند هذه الفلسفات الباطلة تجمع الخير مع الشر, فالخير لا يحارب الشر بل يتوازن معه, و كذا الجمال و القبح و كذا تدمج الماضي بالحاضر بالمستقبل, و تطوي لك المكان طيا, فتستطيع بالروح الانتقال كيف تشاء عبر الزمان و المكان بكل يسر و سهولة. 
فكل متناقضين عندهم يمكن الجمع بينهما, وهذه النظرة لا تفرق بين الذكر و الأنثي و لا تفضل بعضهما علي بعض, بل تجعلهما متحدين في ذات واحدة ويجعل للاله تمثال له ثلاثة أوجه ذكوري و أنثوي و متحد من الاثنين, و العلاقات الجنسية ما هي الا اتحاد بين الرب الذكر و الربة الأنثي, تعالي الله عما يقولون علوا كبيرا


وبالتالي فوضع قواعد للحلال و الحرام لاقيمة له, فانه لا يأتي الا بصراع بين متناقضين يمكن الجمع بينهما

وهذا الجمع بين المتناقضات لا شك أنه في في الاسلام خطأ بين

فالمادة لها قواعدها و الروح من امر ربي لا يمكن فهمها بفهم المادة و لكن من فهم من أوجد الروح و المادة فأمرها بالحلال و نهاها عن الحرام, وفصل بين الروح و المادة في القوانين, و فصل بين ماهيته سبحانه و تعالي و بين ماهية مخلوقاته فلا حلول و لا اتحاد و لكن تباين تام (فهو الظاهر فليس فوقه شيء, و هو الباطن فليس دونه شيء, لا يحده الزمان و المكان)

فاذا سألت الصوفية عن الله قالوا
يتحرك و لا يتحرك
بعيد و قريب
داخل كل هذا و خارج كل هذا

وأجمل وأحق من هذه النظرة الصوفية ما في الاسلام الحق من تعظيم لله فلا يحل في خلقه و لا يتحد بهم
ومع ذلك فلا يتركهم و ينفصل عنهم بعلمه ومعيته وقدرته علي التصرف في خلقه , فنستطيع القول بأن الله
بعيد بذاته قريب بصفاته و أفعاله, خارج كونه بذاته داخل فيه بعلمه و معيته بسمعه و بصره, وهذا ما دلت عليه نصوص القرآن القرآن و السنة النبوية المطهرة.

ان السعي الحثيث للدمج بين الخالق و المخلوق لهو تخلص من وجود الاله بطريقة شيطانية, فالخالق له أن يأمر فيطاع, ولذا يكون اله (ألا له الخلق و الأمر), أما في الصوفية فالخالق و المخلوق واحد, و لا يعقل أن يأمر الخالق نفسه أو أن يحاسب نفسه, و بالتالي لا فرق بين ابليس و الانسان و الخالق, فكلهم في الصوفية واحد, فلما يحاسب الواحد بعض اجزائه, فليفعل من شاء ما يشاء فالفاعل و المفعول به واحد.

فهل هذا اعجاز علمي أم عجز علمي و سفه عقدي و عقلي لا حدود له.وهل من قال من المسلمين أن الهندوسية و البوذية بها اعجاز علمي, يرضي بعقيدة الحلول و الاتحاد فيقارن العقائد الباطلة بالعلم و يسويها بصحيح العقيدة الاسلامية؟
نسأل الله السلامة من كل فكر سقيم, وفهم سخيف لا أساس له في شرع الله.