التسميات

الاثنين، 19 نوفمبر 2012

عبء البرهان يقع عليك أيها الملحد !!..
بقلم الأخ خالد الفيل - منتدى التوحيد ..

رأي ذلك الصبي يسير إلي المسجد حاملا شمعة بيده يمشي في سكينة وهدوء, فبادره بالسؤال هل أضأت الشمعة بنفسك ؟ فرد عليه الصبي أن نعم , ولكنه كان يتوهم أن النار يمكن أن تؤذي الطفل أو أن يلعب بها بقية الأطفال ولم ينظر أبدا إلي تلك القرآئن (صبي صغير لكنه يمشي إلي المسجد , ويمشي بسكينة وهدوء , وسمت ذلك الصبي الذي لايوحي أبدا أنه مثل بقية الصبية) فقال للصبي _ محذرا من خطر النار ومآلتها _ : أسمع ياصبي في لحظة من اللحظات كانت هذه الشمعة مطفأة أتستطيع أن تخبرني إلي أين ستذهب هذه النار ؟؟

فضحك الصبي ثم أطفأ الشمعة وأعاد إشعالها ثم رد مسائلا الرجل :" وأنت ياعم أتستطيع أن تخبرني من أين أتت هذه النار بعد أن أطفأتها ؟

ثم رأي صبيا يحاول أن يتصرف بتصرفات غريبة عن مجتمعه رأه حاملا شمعة ثم سأله نفس الأسئلة التي سأله لأخيه غير أن الجواب هنا كان متلكاً متردداً ,ثم تمتم ذلك الصبي بعده ثم أطفأ الشمعة وآثر أن يمضي إلي طريقه دون شمعة تهديه السبيل .


القصة علي قصرها تحمل معاني أعمق من أن تكتب في مقال أو مقالات , لكن واحداً من أهم تلك المعاني هو أن نور الفطرة موجود في إدراك و قلوب البشر منذ نعومة أظفارهم , غير أن هذا النور قد يطفأ كنتيجة لمعالجة ذلك الإدراك بمنظومة قيمية مخالفة دون تثبيت لما هو مجذر في إدراكه بأدلة تدفع إطروحات تلك المنظومات . قل مثل ذلك أو قريب منه في موقف الملحدين ( الرجل ) من نور فطرة التدين ( تلك النار ) , في فئة المؤمنين ( الصبي الأول ) , وفي فئة اللا أدرية أو الشكاكين ( الصبي الثاني ) .
----------

# كثير من النقاشات مع الملاحدة علي غرف البالتوك , أو علي صفحات الإنترنت , تبدأ بمقدمة يبتدءها الملحد متشدقاً :" إن عبء البرهان يقع علي صاحب الإدعاء لا صاحب الإنتقاد , فهل هنالك دليل علي وجود الله ؟! " , وهنا يبدأ كثير من المؤمنين في إيراد أدلة وجود الله دون محاكمة هذا الأصل الباطل . هل فعلا الإيمان هو الإدعاء , أم أن الإلحاد هو الإدعاء ؟؟؟ 


إن التعريف اللغوي لكلمة غريزة مأخوذ من غرز يغرز غرزاً، وغرز الإبرة في الشيء أدخلها فيه، وعودا في الأرض، والغريزة جمعها غرائز: أي الطبيعة والقريحة كما هو عليه التفسير في القواميس العربية . 

ونظراً لما تحمله كلمة الغرز من معنى الثبات والإستقرار في شيء معين فقد حول المفهوم ونقل إلى نوع لا هو بالتجريد المستقل ولا بالتجسيد المحض، إذ سيصبح إستعماله بكثافة فيما يتعلق بأحوال الإنسان أو غيره من الحيوانات، ومن ثم سيصير مفهوم الغريزة يميل إلى إعتبارها معرفة فطرية تمثل جزءا أساسياً من حياة كائن معين، أو بعبارة أخرى " نزعة ذاتية نحو تحقيق الإشباع الخاص بها بحسب نوعها وغايتها وأهدافها " ، وقد عرف بيرون الفرنسي الغريزة بأنها :

" نزعة فطرية مشتملة على أفعال نوعية تبلغ درجة الكمال منذ بدايتها دون خبرة سابقة " .


وهي من خلال هذا المفهوم لا تأخذ سوى شكل واحد في وظيفتها، وهذا الشكل الواحد إذا غير أو وظف في غير محله اعتبر شذوذاً وضلالاً غرائزياً

ولهذا فإن الغريزة قد وجدت عند الإنسان قبل ولادته وبعدها، وبذلك فمفهوم الغريزة يعني في حد ذاته.( قبل التدخل الواعي للإنسان في تصريفها) : الفطرة التي نص عليها الإسلام كما ورد في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم:
" كل مولود يولد على الفطرة " ...


وكحصر مبدئي وجملي لأنواع الغرائز عند الإنسان من خلال نشاطه وسلوكه نجد أنها تكاد تضبط في أربعة غرائز لا خامس لها وهي، غريزة حب البقاء، وغريزة النوع، وغريزة الاستيلاء، ثم غريزة التدين وهذه الأخيرة هي ما نحاول إثباتها في هذا المقال . 


في كتابه عن دراسة نشأة الأديان وأصولها المسمي ب " الدين " بيِّن الشيخ الدكتور محمد عبد الله دراز _رحمه الله _ :
" أن النزعة الدينية لم تكن حدثاً عارضاً على صفحات التاريخ والحضارة والمجتمع، وما من دين وجد إلا وتميز بالإيمان والشعور المتضخم بالقوة والأهمية والرغبة العارمة في التضحية وإنتظار حياة أخرى بعد الموت، هذه المشاعر أبعد ما تكون عن نطاق المصلحة والمادية، وقد بقيت مُرافقة للإنسان البدائي، كما رافقت الإنسان المُتمدن "

وبعد أن ساق حال الأمم منذ العصر الفرعوني إلي العصر الحديث مبيناً أن الدين كان عاملاً أساسياً في حياة كل تلك الأمم , وذكر رحمه الله في كتابه عدد من النقولات لمؤرخين تؤكد هذا المعني منها :

# المؤرخ الإغريقي بلوتارك يقول :

" لقد وجدت في التاريخ مدن بلا حصون، ومدن بلا قصور، ومدن بلا مدارس، ولكن لم توجد أبدا مدن بلا معابد " !!!

# ويقول أرنست رينان في تاريخ الأديان :

" إن من الممكن أن يضمحل كل شيء نحبه، وأن تبطل حرية إستعمال العقل والعلم والصناعة، ولكن يستحيل أن ينمحي التدين، بل سيبقى حجة ناطقة على بطلان المذهب المادي، الذي يريد أن يحصر الفكر الإنساني في المضايق الدنيئة للحياة الأرضية " !!

# ويقول هنري برجسون :
" لقد وُجدت جماعات إنسانية من غير علوم وفنون وفلسفات، ولكنه لم توجد قط جماعة بغير ديانة


يقول الشيخ دراز بعد أن قرر أن التدين هو الأصل في الإنسان وأنه كان الصفة الملازمة له منذ النشأة مبيناً دلالة هذه الغريزة علي الله :

" إن العقول السامية دائما ما تشرئب من وراء الحقائق الجزئية الحائلة الزائلة إلي حقيقة كلية أزلية أبدية , حقيقة لا يحويها شئ من العلوم أو المعارف وتلك هي الحقيقة التي تفردها الأديان بالتقديس , ولا تنكرها سائر الأديان وإن أشركت معها في هذا التقديس بعض الحقائق الجزئية الفانية .

إن هذا الشوق الغريزي إلي الأزلي الأبدي وهذا الطلب الحثيث للكلي اللانهائي له دلالتان عميقتان : إحداهما دلالته علي مطلوبه لا كدلالة الحركة القسرية علي مصدر جاذبيتها كما يقول أرسطو , بل كدلالة الأثر علي صانعه أو الخاتم علي طابعه (حسب تعبير ديكارت) وثانيهما أن في الإنسان عنصر سماوي خلق للبقاء والخلود وإن تناساه الإنسان حيناً ورضي بالدون من الحياة الجثمانية المتحطمة " 
وهو ما عبر عنه علي عزت فيما معناه : " قد يفهم أن يستخدم الإنسان البدائي الحجر في الإصطياد , أو الدفاع عن نفسه , أو جذب الإناث , لكن تلك اللحظة التي يضع فيها ذلك الإنسان البدائي الحجر أمامه ليسجد إليه تحتاج إلي وقفة طويلة تأملية " , يدلك ذلك الفعل غاية ما يدلك علي أن التدين غريزة مركوزة في الإنسان تتجاوز هذه الحياة المادية القاتمة لفضاءات أرحب خلقت هي لها .

وإذا أضفنا إلي هذا التقرير ما كتبه الأستاذ عبد الله الشهري حفظه الله ورعاه عندما قال :
" لا يمكن لإنسان أياً كان في قضية وجود الخالق أن يحكم على الخالق بحكم إلا وقد سبق ذلك الحكم تصور معيّن عن الخالق الذي يريد الحكم عليه. حتى المُلحد الجلد لا يمكنه إنكار الصانع إلا وحكمه فرع عن تصور معين لخالق يأباه و لا يوافق عليه، إذ يستحيل أن يخوض المُلحد في قضية ممتنعة لذاتها (أي مستحيلة استحالة تامة) أو قضت ضرورة العقل بانتفائها، فهذا عبث وسفه، مثال ذلك أنك لا تجد عاقلاً يخوض بنظره ويجول بفكره للبرهنة على إمكان اجتماع النقيضين – كاجتماع الوجود والعدم - لأن علم ذلك (أي علم استحالة اجتماعهما) ضروري مركوز في النفس ومجرد محاولة البرهنة على إمكان ضد ذلك سفه وجنون يتباعد عنه حتى أخبث الملاحدة. وهكذا الخالق فإنه ليس شيئاً ممتنعاً لذاته ولا يحكم العقل بضرورة انتفاء وجوده، لأنه لو كان كذلك لكان إثبات امتناع وجوده أسهل من إثبات وجوده، بل لن يكون هناك حاجة لتجشم إثبات امتناع وجوده لأن الضرورات لا تفتقر إلى نظر، وعليه فوجود الخالق ممكن في أقل الأحوال مجاراةً للمخالف، والممكن لا يُمكن الحكم عليه بنفي أو إثبات إلا بدليل، فوجب على المُلحد إثبات عدم وجود الخالق بالأدلة كما أنه هو يطلب من المثبتين المؤمنين إبراز الأدلة على وجوده


فمع هذين التقريرين نكون قد قلبنا علي الملحد عبارته القائلة بأن العبء يقع علي المؤمن ويكون صاحبنا الملحد هو المطالب بالتدليل علي إنكار وجود الله , وهذا أمر قد علمه كبار الملاحدة وقرروه لكنهم كما قال الشهري :
" وإذا بلغنا هذه المرحلة - أي الكلام في الممكنات - لعبت التصورات الشخصية والميول النفسية دوراً "عظيماً" في هذه المسألة، فعاد إلحاد الملاحدة إلى تصور معين لا إلى أن عدم وجود الخالق مسألة ضرورية أو أن النظر في الأدلة لا يقضي إلا بذلك " !!..

وها هو برتراند راسل يقول :
"لا يوجد دليل على وجود إله أو عدم وجوده غير أنني على يقين من أنه غير موجود " !!!!
------------- 

وهذه إضافة قصيرة مفيدة أيضا ًمن الأخ جُنيد الله - منتدى التوحيد :

-------

جزاك الله خيرا على هذا المقال الماتع !!.. وسأضيف هذا الذي قرأنه في مجلة البيان ..

حيث يقول د.جعفر شيخ إدريس حفظه الله :

" كنت قد قرأت مقالا لرجل أمريكي وصف نفسه بأنه ملحد وأنه مختص بدراسة علم النفس والأنثروبولوجيا .. ثم قال كلاما فحواه أنه : وجد أن الايمان بالله تعالى أمر مشترك بين كل الشعوب وكل الثقافات وأنه لابد أن يكون له أصل في النفس البشرية !!..

ولكن هذا الملحد رغم ذلك : ظل مصرا ًعلى إلحاده لأنه لم يجد لهذا الايمان من فائدة بزعمه !!

وفي 16 يونيو 2009 م نشرت الدايلي تلغراف البريطانية مقالا ذكرت فيه أن الدكتور باريت أحد الباحثين الكبار بمركز الأنثروبولوجيا والعقل بجامعة أوكسفورد ببريطانيا قال :

ن الأطفال يولدون مؤمنين ولا يكتسبون هذا الإيمان عن طريق التلقين و سبب إيمانهم أن أدمغتهم صممت بطريقة تجعلهم يؤمنون !!!

ويرى لذلك أنه لو إستطاعت قِلة منهم أن تعيش في جزيرة منعزلة فإنها ستنشأ مؤمنة بالله " !

< وأقول أنا أبو حب الله : وهذا رابط عن تلك الدراسة العجيبة : هنا :