21)) الرحمة العامة لنبي الإسلام (محمد) ..
بقلم : أبو حب الله ..
في الوقت الذي استعد فيه الشيخ (محمد) لاختيار أحد الرجال ...
لاحظ ولأول مرة (وقد يكون السبب في ذلك هو انخفاض عدد السائلين) : وجود عدد من الفتيات في القاعة :
في سن الرابعة عشر تقريبا ً: يرتدين لبسا ًكنسيا ًموحدا ً: يرفعن أيديهن !!!..
وهنا قال الشيخ (محمد) :
كنت أود أن أختار أحد الرجال في هذه المرة ..
ولكن يبدو أن هناك (وفدا ً) من مدرسة (الراهبات الكاثوليك) بوسط المدينة معنا هنا الليلة !!!..
وسوف أختار واحدة منكن فقط ....
ثم أشار الشيخ لإحدى هؤلاء الفتيات وهو يقول :
فلتتفضلي أنستي الصغيرة هناك ...
لا .. التي على يمينك ... نعم .. تفضلي ...
وهنا .. انتقلت العيون لهذه الفتاة في وسط القاعة ... والتي لاحظ الحاضرون لأول مرة أيضا ًوجود مَن يماثلها في نفس اللبس الموحد بينهم في القاعة !!!..
فأخذت الفتاة الميكروفون من زميلتها من نفس المدرسة بجوارها وقالت :
باسم الرب أبدأ ...
اسمي (جوليان) ... من مدرسة (الراهبات الكاثوليك) بوسط المدينة ....
الحقيقة شيخ (محمد) :
أنك لن تضطر بالفعل لاختيار فتاة أخرى من نفس المدرسة !!!.. وذلك لأننا جميعا ً: نحمل نفس المجموعة من الأسئلة التي نود طرحها على الشيخ (عبد الله) ....!
فبمجرد أن اخترت واحدة منا : فلن ترفع إحدانا يدها بعد الآن ....!
ولكن قبل أن أبدأ ...
فأود أن أتكلم كلمة صغيرة ....
وهي للأسف : كلمة من عندي أنا !!!... أي أنها : ليست من الكلام المكتوب لدي في الورقة هنا !!!...
هذه الكلمة هي :
أنه منذ صغري : وأنا على يقين بأن الله تعالى : هو الذي يرسم لنا حياتنا كلها : وفق مشيئته وقدرته ...
كل المواقف .. كل الظروف .. كل الكلام : كل ذلك : هو ليس من قبيل (الصدفة) كما تفضلت أيها الشيخ (عبد الله) وشرحت في أول الندوة ....
ولذلك : فأنا ممتنة جدا ًللرب الذي كتب لي : حضور هذه الندوة الليلة !!!....
فهي بالفعل : ستكون من أكبر النقاط الفاصلة في حياتي .. بل لعلها : أكبرها على الإطلاق حقا ً!!!!...
كان الحاضرون ينظرون لهذه الفتاة الصغيرة : نظرة احترام وتقدير ... حيث بدى من طريقة كلامها أنها فتاة :
ذات شخصية قوية !!!.. بل وواثقة أيضا ًمن نفسها إلى حد بعيد !!!... حيث كانت متمكنة جدا ًفي اختيار كلماتها والنطق بها ....
فواصلت الفتاة قائلة :
وأما بالنسبة للأسئلة التي أحملها في يدي ...
فبالرغم من أنه كان من المفترض أن ألقيها عليك وأجلس ....
إلا أني (وبعد كل ما سمعته منك منذ بداية الندوة وحتى الآن) :
على يقين من أنك سوف تجيب عليها جميعها بـ (الحق والصدق) !!!... ولذلك ...
فسوف أستأذنك في استخدام : نفس طريقة مسز (دوري) السابقة في الحوار !!!....
حيث أطلب منك أن ألقي عليك أسئلتي : الواحد تلو الآخر :
ليس كأسئلة ... ولكن : كاستفسارات عن النبي (محمد) : أرجو منك إجابتها ....
فهل تسمح لي ؟؟........
وهنا ابتسم الشيخ (عبد الله) قائلا ً:
تفضلي ....
وهنا ابتسمت (جوليان) وقالت :
1))
لماذا نجد في (عقوبات) الإسلام : (شدة وغلظة) : يصفها البعض بأنها (لا إنسانية) !!!.. وذلك مثل :
(قطع يد السارق) !!!.. و(جلد الزاني) أو (رجمه بالحجارة حتى الموت) ؟؟؟!!..
فأرجو توضيح مدى صحة ذلك .. ولو صح : فما هو تفسيرك لهذا أيها الشيخ المسلم ؟؟!!..
وشكرا ً..
وهنا .. ابتسم الشيخ (عبد الله) قائلا ً:
حسنا ً.. طالما طلبتي استخدام هذه الطريقة في الحوار : فدعيني أسألك سؤالا ًأولا ًآنسة (جوليان) ..
فأجابت (جوليان) : تفضل ...
فقال الشيخ :
حسنا ً.. إذا افترضنا (لا قدر الله) : أنه قام أحد المجرمين بـ (اغتصاب) أمك ثم (تمزيقها) و(قتلها) هي وإحدى أخواتك مثلا ً:
ثم تم الحكم على هذا المجرم بـ : (قطع رقبته) أمام الناس جميعا ً: ليكون (عِـبرة) لغيره : فلا تتكرر مثل هذه الجريمة الشنيعة مرة أخرى :
فهل ستعتبرين في ذلك القتل بهذه الصورة : (تجني) على هذا المجرم أو (وحشية) ؟؟!!!..
>> فأجابت (جوليان) وملامح الاشمئزاز والتأثر على وجهها من تخيل مثل هذه الجريمة لـ (أمها) بالفعل :
لا بالطبع ... ولا أعتقد أن (عاقلا ً) سيحكم بغير هذا الحكم !!!..
وهنا .. ابتسم الشيخ (عبد الله) قائلا ً:
حسنا ً.. إذا ً: أنت تتفقين معي أن الطريقة التي استخدمناها في عقاب ذلك المجرم كانت :
أولا ً: (عادلة) .. وثانيا ً: (رادعة) لغيره ؟؟.. أليس كذلك ؟؟!!!..
>> فردت (جوليان) : نعم ...
فسألها الشيخ المسلم :
والآن .. لو عرضت عليكي أكثر من (عقاب) : (عادل) .. و(رادع) لغيره : فهل ترفضين ذلك أم تقبليه ؟؟!!..
>> وهنا ردت (جوليان) باستغراب :
إذا كان العقاب فعلا ً: (عادلا ً) .. و(رادعا ً) لغيره : فأعتقد أيضا ًأنه : لا (عاقل) سيرفضه !!!..
وهنا ابتسم الشيخ (عبد الله) قائلا ً:
حسنا ً... فإذا كان (الله) تعالى (وهو الأعلم بالناس) : قد قرر هذه (العقوبات) بالفعل في (الإسلام) !!!..
ووجدنا بالفعل طوال أكثر من (1429 عاما ً) : أنها كانت : (عادلة) و(رادعة) :
فهل من العقل : أن يتركها المسلمون لغيرها ؟؟!!!..
>> فأجابت (جوليان) : لا أعتقد أن هذا من الصواب ...!
فقال الشيخ (عبد الله) : حسنا ً.. والآن .. وقبل أن أشرح لك ببساطة نظام (العقاب) في الإسلام :
أقرأ عليكي وعلى الحاضرين جميعا ً: الاعترافات التالية .. والتي اعترف فيها مستر (موريس باتان) :
(أحد قضاة النقض في المحكمة الفرنسية) بـ (الفشل الذريع) لـ (القوانين الحديثة) !!!.. تلك القوانين التي تـُعد (فرنسا) فيها : (قبلة) العالم الحديث في أخذ (التشريع) عنها !!!... فقد قال في افتتاح مؤتمر (الوقاية من الإجرام) والذي انعقد في (باريس – 1959م) :
" أنا لست إلا قاضيا ًفي جهاز العدالة .. ولم يخطر على بالي في أي وقت من الأوقات : الاهتمام بأسس الوقاية من الإجرام .. لأن وظيفتي : لم تكن هناك .. بل على العكس : فقد كانت ولا تزال في (العقاب) لا في (الحماية) !!!.. كرست حياتي تبعا ًلمهنتي القضائية الطويلة في : محاربة المنحرفين حربا ًسجالا ً: لا هوادة فيها !!!.. سلاحي الوحيد الذي وضعه القانون تحت تصرفي :
هو سلاح العقاب التقليدي ... أوزع الأحكام القاسية والشديدة أحيانا ًعلى جيوش المجرمين والمتمردين ضد المجتمع ... ساعيا ًما أمكن إلى (التوفيق) بين : (نوعية العقاب): وبين (نوع الجريمة) ... وكنت أسأل نفسي دوما ًكما كان الكثيرون من زملائي يتساءلون أيضا ً: عما إذا كان هذا السلاح قد أصبح في يدنا الآن : (لا وزن له ولا تأثير) !!!.. بل وقد شعرت (ولا أزال أشعر) بكثير من الألم والمرارة : واللذين كان يشعر بهما (أبطال الأساطير) !!!.. والذين كانوا كلما قطعوا رأسا ًمن رؤوس (المسخ) : كانت تنبت محله رؤوس ورؤوس !!!.. وقد تعاقبت السنوات وأنا ألاحظ بدهشة أن عدد المجرمين لا يزال مستقرا ًإن لم يكن يتزايد !!!.. وأنه كلما كنا نرسل الكبار منهم إلى (السجن) أو إلى (المنفى) أو إلى (المقصلة) : كان غيرهم يخلفهم في نفس الطريق : بأعداد ٍأكثر منهم " !!!...
والآن .. وبعد أن سمعنا جميعا ً: (اعترافا ًصريحا ً) من أحد (القضاة الفرنسيين) أنفسهم : يخبرنا فيه عن (فشل) أشهر (القوانين البشرية) في ملاحقة الجريمة أو الحد منها :
أفلا نتيقن بأن الحل (العادل) و(الرادع) :
يجب أن يكون من وضع وتشريع : (رب البشر) : العالم بهم .. وبخبايا نفوسهم : أكثر من أي أحد ؟؟!!..
لقد أنفقت (هيئة الأمم المتحدة) : الأموال الطائلة !!!.. وتكبدت : المجهودات الكبيرة !!!.. وكل ذلك لتنظيم المؤتمرات الدولية حول : (علم الإجرام) !!!.. وذلك منذ عام (1951م) ....
ولكن كل هذه المؤتمرات الدولية للأسف (وحتى الآن) : لم تستطع الحد من الجريمة : فضلا ًعن الحد من (انتشارها) !!!...
وذلك في إعلان صارخ منها عن : (الفشل التام للغرب العلماني) في هذا الأمر !!!..
في حين أننا نجد الله تعالى في الإسلام : لم يفصل أبدا ً(العقاب) : عن روح (الدين) نفسه !!!..
فالمجرم إذا أفلت من (العقاب) على جريمته في مجتمعاتكم الغربية : ففي ذهنه وذهنكم فعلا ً:
أنه قد هرب بفعلته من (العقاب) !!!....
ولكننا نجد الأمر : يختلف تماما ًفي الإسلام :
حيث قد زرع الله تعالى في قلوب وعقول المسلمين : (عقيدة : الحساب يوم القيامة) !!!..
أي أن الذي أفلت من العقاب في الدنيا : يعرف يقينا ًأنه : لن يفلت أبدا ًمن العقاب في الآخرة :
وذلك حينما يقف أمام الله تعالى : والذي يعلم عنه كل شيء !!!!...
ولهذا : فنجد مثلا ًامرأة ً(غامدية ً) : هي التي جاءت وأصرت على أن تعترف بأنها (زنت) : أمام النبي الخاتم (محمد) !!!.. مع علمها الكامل بأنه سيتم : (رجمها بالحجارة حتى الموت) لأنها : (زنت) وهي متزوجة !!..
وذلك بالرغم من أن : باب (التوبة) : مفتوح لكل من ارتكب ذنبا ً: وستره الله عليه : ولم يفضحه الله به !!!...
ولكن كانت رغبتها في التخلص تماما ًمن (عقاب) هذا الذنب في الدنيا : أكبر من رغبتها في السكوت عنه : ومواجهة (العقاب) في الآخرة !!!..
وكذلك أيضا ً: فعل رجل ٌيُسمى (ماعز) !!!!.. حيث جاء بنفسه واعترف للنبي : أنه قد زنى !!!.. فتم أيضا ً: (رجمه حتى الموت بالحجارة) !!!..
فهل رأيتم أو سمعتم : عن مثل هذه (الأخلاق السامية) في تاريخكم .. أو في بلادكم .. أو مجتمعاتكم المتحضرة ؟!..
لقد جعل الله تعالى (العقاب) في الإسلام : جزءا ًلا يتجزأ من (الدين) نفسه ..!
ليس هذا فقط .. بل وقد عظم شأن (العقاب) في النفوس : فمنع الناس حتى أن تأخذهم : (رأفة أو شفقة) بمَن ينزل به أشد العقاب !!!!...
ففي جريمة (الزنا) مثلا ً: لا يتم عقاب (الزاني) إلا في حالتين : إما اعتراف (الزاني) نفسه !!!.. أو بشهادة (أربعة شهود) !!!.. والآن .. هل تتخيلون معي أن جريمة (زنا) : يفعلها أصحابها بلا مبالاة : لدرجة أن يراها : (أربعة شهود) ؟؟!!!.. لا شك أن أصحاب هذه الجريمة : هم من عتاة (الزنا) و(الإجرام) في المجتمع !!!.. بل ولا شك أيضا ًأن (مستوى الاستهتار) عندهم بالمجتمع و(محارمه وقيمه) : قد بلغت القمة !!!..
ولذلك :
فقد وضع الله تعالى : أساسا ًقويا ًلحماية المجتمع من هذه الفعلة القبيحة .. فقال في قرآنه :
" الزانية والزاني : فاجلدوا كل واحد منهما : مائة جلدة ... ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله : إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر !!!.. وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " !!!.. النور – 2 ..
فعندما ينهى الله تعالى المؤمنين عن (الرأفة والشفقة) على الجاني المُعاقب : فهو بذلك : يبني (حاجزا ًنفسيا ً) بين الناس وبين مرتكبي (الجرائم الكبيرة) في المجتمع !!!....
وعندما يأمر الله تعالى أن يشهد (عذاب) و(عقاب) هؤلاء المجرمين : طائفة من الناس :
فهو بذلك يعمل على : (نشر الخوف) من هذا (العقاب الأليم) بين أفراد المجتمع .. مما يجعل ذوي النفوس الضعيفة : يفكرون ألف مرة ومرة : قبل الجرأة على فعل هذه الجرائم !!!!...
فالله تعالى الذي يعاقب (فردا ًواحدا ً) : سواء بـ (الجلد) أو (قطع اليد) أو (الرجم حتى الموت) أو (قطع الرقبة) : فهو بذلك : يحافظ على سلامة المجتمع بأسره من : (الانهيار والفوضى الإجرامية) التي اشتكى منها القاضي الفرنسي : (موريس باتان) !!!..
وقد سمعنا الآنسة (جوليان) مثلا ً: قد أكدت أن (قطع رقبة) المجرم الذي اغتصب (أمها) ثم قتلها هي وإحدى أخواتها :
أكدت أن هذا (العقاب) : لا شيء فيه إطلاقا ً.. بل وأكدت أن هذا أيضا ً: ما يجب أن يقول به كل (عاقل) ...!
هي تقول ذلك :
في حين أنها لا تعرف أن هناك بعض الناس : (أدعياء الرحمة الإنسانية) : سيصفون (قطع رأس) هذا المجرم بأنه : (وحشية) !!!.. بل وقد يطالبون بأنه من الأفضل : (سجنه) لا (قتله) !!!!...
وأنا متأكد مائة بالمائة أن هذه الجريمة لو كانت وقعت لـ (أم) أحد هؤلاء الناس وإحدى أخواته :
لكان رأيه : هو من رأي الآنسة (جوليان) حتما ً!!!..
قال الشيخ (عبد الله) عبارته الأخيرة هذه بطريقة : جعلت الحاضرين يضحكون : فواصل قائلا ً:
إذا ًنستنتج من هذا : أن البشر : يختلفون دوما ًفي (وقع الجرائم على قلوبهم) : وذلك بحسب قربهم أو بعدهم من هذه الجرائم !!!.. ومن هنا : نعرف أهمية أن يقوم بتحديد (العقاب) : مَن هو (محايد) بين كل البشر بلا استثناء !!!...
وذلك لن يتحقق إلا في جانب الله تعالى فقط : والذي لن يُحابي أحدا ً: على حساب أحد !!!...
وإذا تأملنا نظام (العقاب) في الإسلام : نجد أنه قد حقق (أربعة أهداف) : لم يستطع أن يحققها أي (تشريع بشري) آخر على مر الزمان وحتى اليوم !!!.. وهذه الأهداف الأربع هي :
1)) أن ينجح (العقاب) في تحقيق (الغرض) الذي وُضع من أجله ..
2)) أن يكون ذلك : في (أسرع وقت) ممكن ..
3)) أن يكون ذلك : بـ (أقل التكاليف المادية) الممكنة ..
4)) ألا تكون السلبيات الناتجة عن هذا (العقاب) : أكبر من إيجابياته !!!...
فالإسلام مثلا ً: لم يجعل (السجن) : في تشريعاته الأساسية !!!!..
ولا يخفى عليكم : كيف أن (السجن) : يدخله المجرم (صغيرا ً) : فيخرج منه غالبا ً(مجرما ًمحترفا ً) !!!..
ويدخله المجرم (المحترف) : فيخرج منه غالبا ً(أكثر احترافا ًوإجراما ً) : بل وربما قد أعد خططا ًللمستقبل أيضا ً!!!..
ناهيكم بالطبع عن : (تكلفة السجون) من : (البناء) و(الطعام) و(الأمن) وسائر المرافق الأخرى !!!..
والتي قد تتعدى (المليارات سنويا ً) : في بعض الدول الكبيرة !!!..
فإذا أضفنا لكل ذلك :
التأثير البالغ الذي يقع على (أسرة المسجون) ومَن يعولهم من زوجة لها حق المعاشرة وأبناء :
لمسنا إلى أي مدى تتربع حدود الله تعالى وعقابه في تشريعاته : على القمة !!..
حيث بنظرة سريعة إلى الإسلام :
فنجده قد شرع نظام : (القصاص) .. والذي يتم فيه (القصاص) من الجاني : بنفس ما فعل في المجني عليه !!!..
وذلك بالطبع في الأشياء التي يمكن القصاص فيها : كالقطع والبتر والجروح والقتل ... إلى آخر ذلك ...
وأما الذي (يصعب القصاص منه بدقة) : فيجوز (دفع الدية) : محله !!!...
كما يمكن أيضا ًأن يقبل المجني عليه أو أهله : (الدية) : بدلا ًمن (القصاص) إذا أرادوا ذلك ...
ولأهمية سرعة هذا (القصاص) في استقرار المجتمعات .. وتحقيق (العدل) فيها : وحفظ الدماء من الانتقام والثأر إذا تأخر الحق عن أهله :
فإن الله تعالى يشبهه بـ (الحياة) !!!.. بالرغم من أنه قد يؤدي إلى قتل (القاتل) !!!.. ولكنه في المقابل : (حياة) للمجتمع ككل فيقول :
" ولكم في القصاص حياة : يا أولي الألباب (أي يا أصحاب العقول النيرة) " !!!.. البقرة – 179 ..
فهذا أفضل لكل عاقل من هاوية (الثأر) الذي قد يستمر في بعض العائلات لأجيال وأجيال !!.
سكت الشيخ (عبد الله) مع انتهاء كلماته الأخيرة ...
وهو على يقين ٍتام من وجوه الحاضرين أن مراده قد وصلهم جميعا ًواقتنعوا به والحمد لله ..
فابتسمت (جوليان) للحظة .. ثم نظرت للورقة قارئة ًوقائلة :
إجابة رائعة ومقنعة كما توقعت شيخ (عبد الله) .. وأعتقد أني سمعت أو قرأت (لا أذكر) : عن وجود مثل هذه العقوبات بالفعل أيضا ًفي العهد القديم وتوراة نبي الله (موسى) .. وأما السؤال الثاني فهو :
2))
هل ورد عن النبي الخاتم (محمد) أنه أمر بضرب الأطفال منذ سن العاشرة ؟؟!!!...
وبوجه عام : كيف كان تعامله مع الأطفال ؟؟....
وأيضا ً: هل ورد في القرآن : الأمر بضرب الأزواج للزوجات ؟؟!!..
أرجو التوضيح مشكورا ً...
وهنا ابتسم الشيخ (عبد الله) قائلا ًفي بساطة مَن اعتاد مثل هذه الأسئلة :
أما بالنسبة لضرب الأطفال الذي ذكرتيه ... فلما كان الطفل : لا يعلم في العادة : ما هو النافع والضار له من الأشياء من حوله : فيجوز للأب والأم (أو القائم على تربية الطفل) :
أن يحمله على فعل النافع وتجنب الضار : بمختلف الطرق والوسائل ...
والتي قد يكون منها : (الضرب) لو لزم الأمر !!!....
فلا أعتقد أن هناك (أبا ً) أو (أما ً) عاقلين : يمكن أن يشاهدان ابنهما الصغير مثلا ً: وهو يعبث في (مخارج الكهرباء) بالمنزل : ولا ينهراه على ذلك : حتى ولو كان بـ (الضرب) !!!!...
فالأطفال : يتفاوتون في استجابتهم لأوامر الآباء أو المربين !!.. فمنهم مَن يستجيب بمجرد سماع الأمر أو النهي !!.. ومنهم مَن لا يستجب إلا بالتوبيخ !!...
ويتفاوت هذا التوبيخ بدوره من مجرد التوبيخ بـ (نظرة العين) !!.. ومرورا ًبالتوبيخ بـ (الكلام) !!.. وانتهاءا ًبالتوبيخ بـ (الضرب) الذي ذكرتيه !!....
ولكن :
أرجو ألا يذهب ذهنكم بعيدا ًبالنسبة لمسألة (الضرب) عموما ًفي الإسلام ....
لأن المقصود هنا هو : (التوبيخ) فقط : وليس (الانتقام) مثلا ًأو (التعذيب) !!!!....
ولذلك : فأرجو عند سماعكم لكلمة (الضرب) في الإسلام : أرجو أن تفهمونها بـ (معناها الإسلامي) !!!...
فالضرب في الإسلام : هو بشروط معينة .. وتلك الشروط هي :
>> ألا يكون ضربا ًعلى الوجه .. أولا ً: لخطورته .. ثانيا ً: لإهداره لكرامة الإنسان وعزته !!!..
>> وألا يكون الضرب : مما يكسر عظما ً!!!.. أو يترك أثرا ً!!!...
وإنما هو كما أخبرتكم : بقدر الحاجة الصغيرة فقط : كالتوبيخ والتعذير وغيره ...
كما أن الضرب في التربية الصادقة : فلا يُلجأ إليه إلا وهو عين الرحمة بالطفل !!!!...
تماما ًمثلما يضرب الأب ابنه : لكي يأخذ (الدواء المر) !!!...
فهو أولا ً: يفعل ذلك رحمة به ...
وثانيا ً: سيكون الضرب فقط : بالمقدار الذي سيحتاجه في هذا الموقف !!!....
فإذا فهمنا هذه النقطة ...
فسوف أخبركم بحديث النبي الخاتم (محمد) الذي قاله عن ضرب الأطفال .. حيث يقول :
" علموا أولادكم الصلاة : إذا بلغوا سبعا ً.. واضربوهم عليها : إذا بلغوا عشرا ً.. وفرقوا بينهم في المضاجع " ... صحيح الجامع الصغير (2/4026) ..
فلأن (الصلاة) في الإسلام : هي من أهم (الصلات) بين المسلم وربه ...
فلذلك : فينبغي على الوالدين في الإسلام : أن يحملا أطفالهما على أدائها بشتى الطرق .. حتى ولو كان من بينها الضرب إذا لزم الأمر ... تماما ًكما أخبرتكم عن مثال (الدواء) السابق ...
وأما بالنسبة للآية التي جاءت في القرآن الكريم : وتحدثت عن ضرب الزوج للزوجة : فكما أخبرت مسز (دوري) من قبل : أنه من عادة (الحاقدين على الإسلام) .. والذين يريدون (تشويه) وجه (الإسلام) أمام العالم :
أنهم يقومون بـ (اقتطاع) بعض الكلمات من الآية !!!... حيث اقتطعوا (جزءا ًصغيرا ً) من (الآية الكبيرة) كعادتهم : ليساعدهم في توجيه : (تهمة) أخرى و(شبهة) مكذوبة في وجه الإسلام ...
وأما الآية التي جاءت في القرآن عن (الضرب) : فهي (ويا للعجب) : من أفضل الآيات على الإطلاق التي وضعت (الحلول الناجحة) لعلاج أي مشكلة بين الزوج وزوجته !!!....
حيث أن الله تعالى (وبحكم نقصان عقل المرأة وغلبة عاطفتها على تفكيرها) : يعرف أنها طوال فترة زواجها : سوف (تعصي أوامر) زوجها أو (تتمرد عليه) في مراتٍ عديدة !!!...
ولذلك :
فقد وضع للعَالم كله (وليس للمسلمين فقط) : التدرج الأمثل لتصرف الأزواج في هذه الحالة ...
حيث يقول الله تعالى لهم :
" واللاتي تخافون نشوزهن (أي تمردهن وعصيانهن المُتعمد لأوامركم) :
1)) فعظوهن (أي أن أول الاختيارات هو : حوار العقل والوعظ والنصيحة أولا ً) !!!...
2)) واهجروهن في المضاجع (حيث إن لم ينفع حوار العقل : فحوار تأديب الغريزة والعاطفة الأنثوية) !!!...
3)) واضربوهن (وهو الحل الأخير : ويكون كما قلت لكم : في غير الوجه ولا يترك أثرا ًأو يكسر عظما ً) !!!..
فإن أطعنكم (أي : فإن استجبن لكم وتأثرن بالنصيحة أو بالهجر أو بالضرب غير المبرح) :
فلا تبغوا عليهن سبيلا ً(أي فلا تتعدوا عليهن بعد أن حصل المطلوب واستجبن لكم وأطاعوكم) ...
إن الله : كان عليا ًكبيرا ً(أي يعلو على كل ظالم بالعقاب .. فخافوه) " !!!.. النساء – 34 ..
فهل رأيتم : (حكمة ً) و(عدلا ً) مثل هذا التشريع الإلهي ؟؟؟!!..
ففي الوقت الذي بلغت فيه إحصائيات وأرقام بلاغات (اعتداء الأزواج على الزوجات بالضرب المُبرح) في بلادكم ومجتمعاتكم الغربية : (أرقاما ًخيالية) : بلغت في بعض البلاد : أكثر من عشرة اعتداءات في الساعة الواحدة !!!!...
نجد أن الله تعالى : يهتم بهذا الأمر في القرآن وفي التشريع الإسلامي : ليحفظ به البيوت والكرامة الإنسانية !!!..
فيقرر لنا أن أول الإجراءات هو :
حوار العقل والنصيحة والكلمة الطيبة !!!!... يليه عقاب الغريزة والعاطفة !!..
ثم يجعل (الضرب) : هو الخيار الأخير !!!.. وبالضوابط أيضا ًالتي ذكرتها لكم !!!!...
ولا يسعني هنا إلا أن أذكر لكم حديثين عن النبي (محمد) صلى الله عليه وسلم في مسألة (ضرب) الزوجات : لتعلموا مدى اهتمام النبي الخاتم (محمد) بحفظ كرامة المرأة وإنسانيتها : حتى في هذه المواقف الشائكة .. فيقول في الحديث المتفق عليه :
" يعمد أحدكم : فيجلد امرأته جلد العبد (أي الضرب المهين المبرح) : فلعله يُضاجعها في آخر يومه !!(أي يتعجب النبي محمد : كيف لمثل هذا الزوج بعد هذا الضرب المهين : أن يجامع زوجته بعد ذلك) " ؟؟!!...
وقد جاءه في يوم ٍمن الأيام رجلٌ : يسأل عن (حق الزوجة) على زوجها ... فأخبره الرسول الخاتم (محمد) بأن :
(أقل حقوق الزوجة) على زوجها : أن يلتزم معها بالآتي :
" أن يُطعمها إذا طعم .. ويكسوها إذا اكتسى .. ولا يضرب الوجه .. ولا يُــقبح (أي لا يعيبها في شيء في جسدها أو وجهها) .. ولا يهجر إلا في البيت " !!!...
صحيح الجامع الصغير (1/3149) ...
فأعتقد أنه بعد هذا التوضيح : لم يعد لشبهة (الضرب) في (الدين الإسلامي) أي وزن أو قيمة !!!..
وأن مَن يوجه مثل هذه (التهم) إلى الإسلام بعد ذلك : هو كما قلت لكم :
إما (جاهل) بالإسلام !!!.. وإما (حاقد) على الإسلام : (يُـظهر) الأكاذيب .. و(يُخفي) الحقائق !!!..
3))
صمت الشيخ (عبد الله) قليلا ً ثم قال :
وأما عن سؤالك (جوليان) عن كيفية تعامل النبي (محمد) صلى الله عليه وسلم مع الأطفال ...
فأقول لك : لقد كان رحيما ًدوما ًبهم ...
وكان يختار دوما ً: الأفضل لهم ..! وكان يخبر الناس دوما ًويُعلمهم : كيفية التعامل الأمثل مع الأطفال !!!..
فلو لاحظتم مثلا ًفي نهاية حديثه عن الأطفال والصلاة الذي ذكرته لكم منذ لحظات :
فقد أمر النبي الآباء بأن : (يُفرقوا) بين أبنائهم في المضاجع عند النوم : إذا بلغوا سن العاشرة !!!....
وذلك بالطبع : لأن الغالب في تلك المرحلة العمرية :
هو بدء (بلوغ) الفتى أو الفتاة !!!... وبداية انتباه كل منهم لـ : الفروق (الجنسية) التي بينه وبين الجنس الآخر ..!
فإذا لم يتم التفريق بينهم عند النوم (ولو بأن يلتحف كل منهم بلحافه الخاص به إذا جمعهما سرير واحد) :
فقد يؤدي ذلك إلى حدوث : ما لا يُحمد عقباه من مشاكل وانحرافات : نعرفها جميعا ً!!!....
بل وقد اهتم الله تعالى بالأطفال في القرآن الكريم : فأعطاهم نصيبا ًوافرا ًمن (التشريع) أيضا ً:
لن تجدوا مثله أبدا ًفي أي دين ٍمن الأديان !!!!!....
فقد حرم الله عز وجل مثلا ًقتل (الجنين) قبل أن يولد : لأي سبب كان من خشية فقر أو مداراة زنا ًونحوه : لأنه بمجرد دبّ الروح فيه : فقد صار إنسانا ًوله حقوق !!.. إلا إذا تعارضت حياته بالطبع مع حياة أمه !!..
كما أمر برضاع الطفل : (الرضاعة الطبيعية) .. فإن لم يكن من (أمه) :
فمن امرأة ٍأخرى ولو بالأجر : تقوم بهذه المهمة !!!..
كما بين لنا أن أقصى مدة للرضاعة هي : (عامان) لمَن يريد أن يُـتم الرضاعة .. وهي بالفعل : نفس المدة التي حددها لنا الطب الحديث !!!...
كما أمر الآباء أن يُعلموا أبناءهم : (الاستئذان) منذ الصغر !!!.. وذلك في (الثلاثة أوقات) التي قد يكون الأب والأم فيها : في (أوضاع أو ملابس خاصة) : لا يجب أن يطلع عليها الطفل الصغير !!!...
وتلك الثلاثة أوقات هي :
وقت الراحة ظهرا ً... وعشاءا ًقبل النوم .. وقبل صلاة الفجر عند المسلمين (وهو بداية وقت شروق الشمس) ...
فإذا وصل الأطفال لسن (البلوغ) : صار لزاما ًوحقا ًعليهم : الاستئذان على الوالدين في كل الأوقات (وليس ثلاثة فقط) : وكما يفعل الكبار تماما ً... وكل تلك الأحكام من الله تعالى : هي بالطبع لـ : صون الأطفال منذ الصغر من أن تقع أعينهم على العورات ....!
فهل عندكم مثل هذه (الأحكام) و(التعاليم) في أي من كتبكم الدينية أو قوانينكم البشرية ؟؟؟..
وهنا : سكت الشيخ للحظة ثم واصل قائلا ً:
وأما هدي النبي الخاتم في معاملة الأطفال : فبقدر ما كانت تتسم معاملته باللين والرحمة : بقدر ما كان يُحب أن يزرع فيهم أيضا ًمنذ الصغر : الشعور بالمسئولية !!!....
ولو بطريقة بسيطة لطيفة : مثل أن يعطيهم مثلا ً: (كنية) منذ الصغر : وذلك مثل الكبار تماما ً!!!....
ففي الحديث الصحيح المتفق عليه عن (أنس) رضي الله عنه : أنه قال :
" إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليُخالطنا (أي يزورنا ويندمج معنا بدون تكلف) .. حتى يقول لأخ لي صغير : يا أبا عمير !!.. ما فعل النغير ؟؟!!.. كان له نغير (طائر صغير) يلعب به فمات " !!!..
فهذا الحديث : قد علمنا فيه الرسول الخاتم (محمد) صلى الله عليه وسلم : بجانب رحمته بالأطفال ومداعبتهم : أننا نعطيهم أيضا ً(كنية) مثل الكبار تماما ً: لتعويدهم منذ الصغر على الاعتماد على النفس !!!...
وكان يعرف قيمة اللهو البريء واللعب للأطفال الصغار .. وأنه من أساسيات وطبيعة هذا السن !!!.. وأذكر لكم هنا حديثا ًرائعا ً: يرويه لنا نفس راوي الحديث السابق .. وهو (أنس) رضي الله عنه : والذي وهبته أمه منذ صغره لخدمة النبي (محمد) في بيته وقضاء حوائجه .. فقال في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره :
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحسن الناس خــُـلقا ً.. فأرسلني يوما ًلحاجة .. فقلت : والله لا أذهب (ويبدو أنه كان يريد اللعب في ذلك الوقت) .. وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فخرجت حتى أمرّ على صبيان وهم يلعبون في السوق .. فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي !!.. فنظرت إليه وهو يضحك !!.. فقال :
يا أ ُنيس (اسم تصغير لأنس) ذهبت حيث أمرتك ؟؟.. قلت : نعم !!.. أنا أذهب يا رسول الله !!!..
قال أنس : والله : لقد خدمته سبع سنين أو تسع سنين .. ما علمته قال لشىء صنعته : لم فعلت كذا وكذا !!!.. ولا لشىء تركته : هلا فعلت كذا وكذا " !!!...
فهل كان أحدنا سيُقابل هذا الموقف من هذا الطفل : بما قابله به رسول الله ؟!!!..
فهل رأيتم مثل هذه الرحمة من الرسول بالأطفال ؟؟!!.. وتقبله لمسألة لعبهم ولهوهم بكل صفاء ؟!!..
فقد جاء في الحديث الصحيح أيضا ًأن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أتى على غلمان ٍيلعبون : فسلم عليهم " !!!.. رواه أبو داود وحسنه الألباني ..
وهناك الكثير والكثير من المواقف غير هذا ... ولولا خوف التطويل عليكم : لذكرتها لكم جميعا ً.....!
فسكت الشيخ من جديد ... فأمسكت (جوليان) بالميكروفون مرة أخرى وقالت :
إنه من العجيب فعلا ًأيها الشيخ (عبد الله) أن يذكر دينكم : كل هذه التفاصيل الحياتية الكثيرة والدقيقة عن النبي (محمد) !!!... وقد لمست من حديثك بالفعل : رحمته الكبيرة بالأطفال ....
ولكن يتبقى لي استفسارين قبل أن نترك الحديث عن الطفولة ... والاستفسارين للأسف : شائكين إلى حد ٍكبير : حيث يتعلقان بـ (الفتيات الصغار) .....
وهنا ابتسم الشيخ (عبد الله) قائلا ًلها : تفضلي ....
فقالت :
الاستفسار الأول منهما : هو عن التفسير الديني لزواج النبي (محمد) من زوجته الصغيرة (عائشة) .. والتي لم تكن قد بلغت في ذلك الوقت سوى : (السادسة) أو (السابعة) من العمر !!!!...
وأما الاستفسار الثاني : فهو عن عادة (ختان الفتيات) : هل أمر بها النبي (محمد) فعلا ًأم لا ؟؟!!...
وهل التعدي بقطع (جزء هام) من جسد الإنسان : هل هو صواب أم خطأ ؟؟!!..
وخصوصا ًوأنه لو لم يكن له فائدة : فلماذا خلقه الله إذا ً؟؟!!..
وشكرا ً....
وهنا : انتقلت عيون الحاضرين بسرعة إلى الشيخ (عبد الله) لسماع الرد على هذين الاستفسارين الشائكين حقا ً... وتساءلوا بداخلهم : ماذا سيكون الرد عليهما ؟؟!!...
4))
فتنهد الشيخ ... وأخذ شربة ماء صغيرة من الكوب الذي أمامه .. ثم ابتسم قائلا ً:
في البداية : أنا سعيد جدا ًلأنك أثرت مثل هذه النقاط في هذه الندوة ...
وذلك لحاجة هذه النقاط بالفعل إلى التوضيح .. ولإزالة (الشبهات) و(الأكاذيب) التي يتم إلصاقها بالإسلام من ورائها عن جهل أو عن عمد !!!.....
فأما بالنسبة لزواج النبي الخاتم (محمد) من (عائشة) رضي الله عنها وهي صغيرة :
فهو خبر صحيح .. وثابت في جميع كتب السيرة والحديث ...
ولكن :
يجب أن تعرفوا معه : بعض الملاحظات الهامة ... وذلك مثل :
1)) بعض زيجات النبي (محمد) : كانت بوحي ٍمباشر من الله تعالى .. وزواجه بـ (عائشة) رضي الله عنها : كان من هذا النوع ... حيث جاء في كتب الحديث عن (عائشة) نفسها أنها قالت :
" أن جبريل : جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فقال :
هذه زوجتك في الدنيا والآخرة " !!.. رواه الترمذي وصححه الألباني ...
2)) ولعل هذه الأهمية من الله تعالى بهذه الزوجة الصالحة (عائشة) : جاءت لسببين ..
الأول : إكراما ًلأبيها (أبي بكر الصديق) : وهو أعظم شخصية في الإسلام من بعد النبي (محمد) .. وهو أيضا ًأكثر الناس تصديقا ًله .. بل : وأوفى أصدقائه من قبل ومن بعد الرسالة !!!.. وهو أول مَن آمن به من الرجال ..
الثاني : وهو علم الله تعالى بمدى ذكاء (عائشة) و(نباهتها) وقدرتها على (الحفظ) !!!.. فقد استطاعت منذ صغرها أن تسجل لنا : العديد والعديد من آحاديث ومواقف النبي (محمد) .. وخصوصا ًكـ (زوج ٍمع زوجاته) بداخل بيته .... ولا شك أن في ذلك : أعظم الفائدة لهذا الدين ...
3)) ولعله من المفيد أيضا ًأن أذكر لكم هنا : أن النبي (محمد) : قد تزوج (عائشة) بالفعل : وهي في نهاية عامها (السادس) تقريبا ًفي (مكة) .. ولكنه لم يعاشرها بالطبع معاشرة الأزواج : إلا بعد أن هاجر إلى (المدينة) .. وبلغت (عائشة) ساعتها : مبلغ النساء .. وهي بنت (تسع سنين) ...
وبالطبع : أنتم تعرفون مدى الفارق بين نشأة (المدينة) .. وبين النشآت الأخرى مثل :
(البدو) أو (الريف) أو المناطق الصحراوية والغابات أيضا ًمثل (الجزيرة العربية) و(قارة أفريقيا) !!!.. حيث في (البدو) أو (الريف) : نجد كلا ًمن الذكور والإناث عادة : (أكثر قوة) .. و(أكثر صحة) .. و(أسرع نموا ًوبلوغا ً) من أمثالهم الذين يعيشون في (المدن) و(الحضر) .....!
بل وكان أحد الصحابة وهو ابن السادسة عشر : كنا نراه أميرا ًعلى جيش ٍكبير ٍمن المسلمين !!..
وكنا نرى لهم زوجاتٍ وأبناءٍ في مثل هذا السن وأصغر منه أيضا ً!!!..
وهذا بعكس (البيئات المُدللة) لأبنائنا في عصرنا الحاضر : والتي تستمر معهم لأعوام ٍوأعوام !!..
ومن هنا :
تستطيعوا أن تشاركونني في الرأي : بأن زواج النبي (محمد) بـ (عائشة) رضي الله عنها :
لم يكن (اعتداءً) جنسيا ً!!!... ولم يكن (تجنيا ً) عاطفيا ًعليها أبدا ً: وكما يتصور معظم الناس في زمننا الحاضر !!!...
بل كان (أمرا ًطبيعيا ً) جدا ًفي ذلك الوقت .. وفي تلك البيئة !!!....
والدليل على ذلك : أنه لم ينتقد ولم يعترض أحد العرب (حتى من أعداء النبي أنفسهم) : على هذا الزواج !!!..
4)) وأما آخر النقاط الهامة في هذه المسألة ... فهي الإشارة لمنزلة (عائشة) رضي الله عنها نفسها عند النبي .. ومنزلة النبي (محمد) صلى الله عليه وسلم عند (عائشة) زوجته .....
ففي الحديث الصحيح :
أن الصحابي الجليل (عمرو بن العاص) رضي الله عنه سأل النبي قائلا ً:
" يا رسول الله .. أي الناس أحب إليك ؟؟.. قال : عائشة .. قلت : ومن الرجال ؟؟.. قال أبوها " !!!..
رواه الترمذي وصححه الألباني ...
فقد كانت هي (أصغر) زوجات النبي .. كما كانت أيضا ً: هي الوحيدة (البكر) من بين جميع أزواجه رضي الله عنهن جميعا ً....
ولعل الحكمة في أمر الله تعالى له بـ (تعجيل) الزواج بها وهي صغيرة : أن يكون ذلك إشارة من الله تعالى لنا :
أنه لا مانع أبدا ًفي الأنثى أو المرأة : من (الزواج في الصغر) ...
والذي يُماثله الآن في مدنياتنا ومجتمعاتنا : من سن الثانية عشر والرابعة عشر !!..
وهو بالفعل ما كان في دول ٍمثل مصر والمكسيك والفلبين وغيرها : حتى أطلت حقوق الإنسان المزعومة برأسها !!..
والتي ترعى الشذوذ والزنا وتقننه تحت شعاراتها البراقة وطعنها في الدين !!..
حيث نجد أن (الزواج المبكر) للمرأة :
(أعف لها) من الوقوع في الحرام .. أو مصادقة الشباب والرجال : وإقامة علاقاتٍ آثمة ٍمعهم .. ولاسيما وسط سُعار الشهوات الرهيب الذي ينفثه الإعلام العالمي في كل يوم !!..
كما أن ذلك السن أيضا ً: هو أفضل الأوقات لبدء (حمل المرأة وولادتها) من الناحية الصحية !!!.. حيث أثبت الطب الحديث أنه كلما كان ذلك مبكرا ً: كلما كان ذلك أفضل !!!..
وهذا ما تنصح به النساء الآن معظم دولكم الغربية والأمريكية : بل وحتى إسرائيل نفسها !!!..
وهكذا كان الوضع بالفعل في بلادنا بلاد الإسلام إلى وقتٍ قريب : حيث قلما كنا نجد فتاة تخطت (الرابعة عشر) أو (السادسة عشر) :
إلا وهي متزوجة !!!... بل وفي زمن جداتي رحمهن الله : كن يتزوجن في (الثانية عشر) !!..
حيث كانت تتربى إحداهن من صغرها على مسؤليات المرأة كمرأة : فكن خير زوجات !!.. وكن خير أمهات ومربيات !!..
وكن يحتفظن لأجيالنا من بعدهن : بأجمل ذكريات مثل هذا الزواج المبكر !!!..
فهل نتعجب أن (يتزحزح هذا المقدار الزمني) إلى سن التاسعة منذ أكثر من 1429 عام مضت وفي بيئة صحراوية ؟!!..
وأما عن السيدة (عائشة) نفسها ... فقد كانت دوما ً: تثني على النبي (محمد) في معاملته لها ...
وهذه الاعترافات منها :
استمرت إلى ما بعد موت النبي (محمد) .. وتولي أبيها (أبي بكر الصديق) : خلافة المسلمين ..!
(أي أنها كانت في حرية تامة بعد موت النبي محمد : في التعبير عن رأيها بصراحة أثناء ولاية أبيها للمسلمين) ..
ومع ذلك : نراها تنقل لنا ولكل العالم بكل حب ٍوعرفان ٍوإكبار :
مجموعة رائعة من الآداب (الراقية) و(العالية) في تعامل الزوج مع زوجته !!!.. والتي فعلها معها زوجها النبي الخاتم (محمد) ..!
فتذكر لنا مثلا ً: كيف كان يتبسط معها في ذلك السن الصغير : فيتركها لتلعب مع صويحباتها !!!..
أو يتركها تشاهد فتيان الحبشة وهم يلعبون بالرماح بمهارة : حتى تكون هي التي تمل !!..
وهي أشياء والله : لا يفعلها أكثر الأزواج مع زوجاتهم !!.. فكيف وهذا النبي الرحيم يتواضع لزوجته الصغيرة السن لهذه الدرجة ؟!!..
بل وقد ذكرت لنا أيضا ً:
كيف كان يتعامل معها بكل رقة : حتى في أحرج أوقات المرأة وأكثرها اضطرابا ًكل شهر !!!..
ففي الحديث الصحيح تخبرنا فتقول :
" كنت أشرب وأنا حائض .. وأناوله النبي صلى الله عليه وسلم : فيضع فاه (أي فمه) : على موضع في (أي فمي) فيشرب !!.. وأتعرق العِرق (أي العظم المكسو باللحم)وأنا حائض .. وأناوله النبي صلى الله عليه وسلم : فيضع فاه على موضع في " !!!.. رواه مسلم والنسائي ..
وهكذا العديد والعديد من الآحاديث : والتي تبين لنا مقدار الحب بين النبي (محمد) .. وبين وزوجته الصغيرة (عائشة) رضي الله عنها ....
5))
وأما بالنسبة لتساؤلك عن أمر النبي بـ (ختان الفتيات) ...
فسوف أبدأ الإجابة : من النقطة الأخيرة في سؤالك ...
ألا وهي قولك : أن هذا (الجزء الصغير الهام) الذي يتم قطعه من جسد الأنثى في (الختان) :
لو لم يكن له فائدة : فلماذا خلقه الله تعالى ؟؟!!!...
وهنا أقول لك :
هل لديك (أظافر) في أصابعك : تقومين بتقصيرها كل فترة ؟؟...
>> فأجابت (جوليان) : نعم ...!
فقال لها الشيخ :
وهل تنكرين أن لدينا جميعا ً: (شعرا ً) في مختلف مناطق أجسادنا : نقوم بحلاقته وتقصيره من وقتٍ لآخر ؟؟..
>> فأجابت (جوليان) أيضا ً: وقد بدأت في فهم المعنى الذي يرمي إليه الشيخ : نعم !!!...
وهنا قال لها الشيخ (عبد الله) :
إذا ً: أنا أوجه لك نفس التساؤل الذي طرحتيه أنت منذ قليل :
لماذا نقوم بتقصير (أظفارنا) .. وبحلق (الشعر) من مناطق أجسادنا المختلفة : وذلك مثل (شعر الرأس) .. ومثل (شعر ما تحت الإبط) ؟؟..
بل وأقول لك : أليس لو لم يكن له حكمة : لم يكن الله قد خلقه لنا (وعلى حد تعبيرك) ؟؟!!..
وهنا .. سكتت (جوليان) للحظة .. ثم ابتسمت قائلة :
الحقيقة : سؤال غريب بالفعل !!!.. بل ولم أفكر في مثله من قبل !!!...
ولكن على أية حال :
أعتقد أن جزءا ًمن الإجابة الصحيحة هو : أن (الأظافر) و(الشعر) : بالرغم من فوائدهم في الجسم : إلا أن زيادتهم عن حد معين : قد تقلب هذه الفوائد : أضرارا ً...
فهل إجابتي صحيحة ؟؟...
وهنا ابتسم الشيخ (عبد الله) قائلا ً:
بل إجابتك صحيحة تماما ًآنسة (جوليان) !!!...
ولكن السؤال الآن هو :
لماذا لم يخلق الله تعالى (أظفارنا) و(شعورنا) :
بالطول المناسب الذي لا نحتاج معه لتقصيرها كل فترة من الوقت ؟؟.. هل كان الله تعالى (ذو القدرة المطلقة) : عاجز ٌعن مثل هذا الأمر ؟؟!!..
وهنا : سكتت (جوليان) قليلا ًثم قالت :
مممم ... الحقيقة : لا أعرف الإجابة عن مثل هذا السؤال !!!...
وهنا قال الشيخ (عبد الله) مبتسما ً:
الحقيقة : أن ذلك الأمر له سببين من وجهة نظري ...
سبب ٌ: (ديني) !!!.. ثم سبب ٌ(صحي) مُـترتب ٌعليه !!!...
فأما السبب (الديني) :
فهو أن الله تعالى : يتعبد الإنسان دوما ًبالعديد من (الأوامر) في حياته : والتي يكون من بينها دوما ً: بعض الأوامر التي قد لا يعرف لها الإنسان سببا ًفي حد علمه !!!....
رغم أنها تكون دوما ًفي صالحه !!!..
وهو نفس ما قلته لكم من قبل أيضا ً... وأعيده عليكم للمرة الثالثة فأقول :
إن من أعلى درجات (العبودية) و(الطاعة) لله تعالى طالما آمنا به :
هو أن نطيع أوامره في كل شيء : حتى ولو لم نعرف الحكمة منها الآن !!!.. فلربما أتى مَن بعدنا : فعرف لها حكما ً كثيرة كما شرحنا من قبل ...
وساعتها يكون الخاسر : هو كل من خسر (طاعة) الله أولا ً... ثم خسر (الاستفادة) من هذه الأوامر التي كانت في مصلحته وهو لا يعلم ثانيا ً...
وأما السبب الثاني .. وهو (السبب الصحي) : فكما قلت لكم : هو مترتب على السبب الأول ..
إذ لو أننا آمنا واعترفنا بأن الله تعالى الخالق لكل هذا الكون : وعنده (الكمال) المطلق و(الخبرة) و(العلم) : لأيقنا أن له (حكمة ما) في نمو (الأظافر) و(الشعر) بهذه الصورة ...
وسوف أخبركم بـ (جانبٍ واحد ٍ) فقط : من هذه الحكمة ...
وهو أن (الأظافر) و(الشعر) الذين نحلقهم أو نقصهم من أجسادنا :
لو كان لهم طولا ًثابتا ًلا يتغير : لصاروا للأسف مع الوقت : (مزرعة مثالية) لـ (تكاثر البكتريا والميكروبات) في أجسادنا وعلى جلودنا !!!!...
وذلك : إما لأنهم في أطراف الجسد (كالأظافر) و(شعر الرأس) مثلا ً: وهي تتسخ دوما ً!!!..
وإما لوجودهم في ثنايا الجسم وتحت الثياب (كشعر الإبطين والعانة) : فيكونون أكثر عرضة للـ (عرق) الذي يحمل في العادة : (مخلفات) الجسم الداخلية والخارجية أيضا ً!!!....
حتى أن شعر (الشارب) نفسه :
يتعرض مع الوقت ومع اختلاطه بالكثير من المشروبات والأطعمة : للتلوث الكبير !!!...
فيكون من الحكمة أيضا ً: قصه أو تقصيره أو حلقه : من الوقت للآخر ....!
ولذلك ....
فإن الإنسان (المؤمن) : يثق دوما ًفي أوامر الله تعالى وشرعه : حتى ولو لم يعرف الحكمة منها وقتها ..
فالله تعالى مثلا ًالذي جعل من فطرة الإنسان أن : (يقص شعر الشارب) و(ينتف شعر الإبط) و(يحلق شعر العانة) : هو الذي أمره أيضا ًبترك وإعفاء (اللحية) عند الرجال !!!!..
والتي بجانب أنها من (الزينة) التي خلقها الله تعالى في الرجل :
إلا أن العلم الحديث : قد أثبت لها أيضا ًالكثير من الفوائد !!!..
فهي تقي الرجال من الكثير من الفيروسات والأمراض : والتي تتعرض لهم أكثر من غيرهم بحكم عمل الرجل وكده في الحياة !!!.. فـ (اللحية) وطبقة الجلد التي من تحتها : هي خط الدفاع الأول لوجه الرجل : والذي يكون في العادة مكشوفا ًدائما ًإذا ما حلق (لحيته) !!!....
كما أنها : تدفيء الوجه في الشتاء !!!.. وترطبه وتلطفه بنظام التبخير في الصيف !!!..
ثم ابتسم الشيخ (عبد الله) وهو ينظر للحاضرين في القاعة قائلا ً:
ولا تظنوا أني ابتعدت كثيرا ًعن إجابة سؤال الآنسة (جوليان) ....
بل كل ما ذكرته لكم الآن : يؤكد لكم : أهمية (الإلتزام) بما أمرنا به الشرع والدين من أمور (الفطرة الإنسانية) !!!..
وأن الله تعالى ورسوله الخاتم (محمد) : لم يعتبرا تلك الأمور : (تافهة) أو (بسيطة) !!!..
بل تجدون الكثير من النصوص في الإسلام للحث عليها ...
ففي الحديث الصحيح الذي روته (عائشة) رضي الله عنها .. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" عشر ٌمن الفطرة : قص الشارب .. وإعفاء اللحية .. والسواك .. واستنشاق الماء .. وقص الأظفار . وغسل البراجم (والبراجم : هي ما بين الأصابع من ظهر الكف) .. ونتف الإبط .. وحلق العانة .. وانتقاص الماء (أي الاستنجاء والطهارة من قضاء الحاجة) " .. وقال بعض رواة الحديث : ونسيت العاشرة : إلا أن تكون :
" المضمضة " ... رواه مسلم ..
والآن ... نأتي لموضوع (ختان الفتيات) .. والأصح آنسة (جوليان) أن نسميه : (ختان الإناث) .. وذلك لأنه مُستحب لكل (الإناث) : وليس للـ (فتيات) فقط !!!..
ولكنهم يسمونه كذلك : لأن وقت فعله غالبا ً: يكون في وقت الطفولة للفتاة ...
ولكني وقبل أن أفسر تلك (الفطرة) الربانية من الله تعالى للأنثى : فيجب أن نعرف أن هذا (الختان) سواء للذكر أو الأنثى : هو من الفطرة التي أمرنا الله ورسوله الخاتم (محمد) بها ..
حيث يقول الرسول (محمد) في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما :
" خمس من الفطرة : الاستحداد (أي حلق شعر العانة) .. والختان (وهو للذكر وجوبا ًوللأنثى استحبابا ًعلى الأرجح) .. وقص الشارب .. ونتف الإبط .. وتقليم الأظفار" !!!...
وبجانب أن (الختان) للذكور : هو عهد الله تعالى الأبدي الذي أخذه على نبيه (إبراهيم) وذريته كما ذكرنا من قبل ...
إلا أنه (وككل أوامر الله تعالى) : له فوائد كثيرة ..
منها مثلا ً: أن قطع ذلك الجزء الصغير من (عضو الذكر) : يقي الذكور من التلوث في تلك المنطقة نتيجة (البول) و(العرق) !!!.. وبالتالي : يحميهم من العديد من الأمراض التناسلية الكثيرة !!!..
كما أنه أيضا ً(ولا حياء في العلم) : يزيد من استمتاع الرجل في الجماع : عن غيره الأغلف الذي لم يختتن !!!...
وأما بالنسبة للمرأة ....
فـ (الختان) : ليس بواجب في حقها مثل الرجال على الأرجح : ولكنه مستحب لمَن أراد .. أو عند الحاجة ..
وأقول لمَن أراد أو عند الحاجة : لأنه عالميا ًيتم تقسيم ختان الإناث إلى أربعة درجات .. الأولى والثانية : وهما (ختان السنة) : وهما اللذان يُفيدان ولا يضران ويُسميان طبيا ًبـ (sunna circumcision) وكما عرفه الطبيب (جوردن jordon ) بمجلة الولادة البريطانية عدد فبراير 1994م الجزء 101 صفحة 95 !!.. وهو أشبه ما يكون بالعمليات التجميلية في عصرنا الحاضر : حيث يتم فيه وفق ما جاء في سنة النبي الخاتم (محمد) : قص جزءٍ صغير ٍفقط من ذلك العضو الأنثوي .. وأما الدرجتين الثالثة والرابعة : فهما اللتان يتم فيهما استئصال ذلك العضو الأنثوي بأكمله (وكما يحدث في بعض القبائل الأفريقية للأسف) : وهذه هي الجريمة الشنعاء التي يتبرأ منها الإسلام ورسول الإسلام !!!..
وعليه :
لا يجوز لبلدٍ مسلم أن يمنع ختان الإناث السني أو يُجرمه !!..
وأما إذا أردنا أن نتعرض لذكر بعض الأضرار للتي لا تختتن : فهي تتفاوت في تأثيرها على المرأة : بحسب حجم هذا الجزء من (عضو المرأة) ... والذي كلما كان كبيرا ًإلى حد ٍما : زادت معه (شهوة) المرأة أو الفتاة عن الحد المقبول : والذي يمكن أن يدفعها فيما بعد لارتكاب الفاحشة : أكثر من غيرها ...!
فيكون بذلك : قص هذا الجزء الصغير من (عضو المرأة) : سببا ًفي (تهذيب شهوتها) إلى حد ٍكبير ..
كما أنه يكون سببا ًأيضا ًفي استمتاع زوجها بها في الجماع ...
لأنه لا يغلب عليها اهتمامها بهذا الجزء : مقابل متعة زوجها بها !!..
وهو ما حدا بعددٍ من النساء هنا في أوروبا بل وفي أمريكا نفسها لإجراء مثل هذا الختان (اختياريا ً) :
لتسعد بالتوافق مع زوجها وتوقيته أثناء الجماع !!..
وذلك الأمر للأسف : لن أستطيع شرحه بأكثر من ذلك : لوجود الكثير من الأطفال والمراهقين في القاعة !!!..
وهنا .. ضحك معظم الحاضرين من موقف الشيخ مع هذا الكلام !!!..
وتقبلوا بالفعل : هذا العذر المقبول منه ..
فواصل قائلا ً:
والآن : وبعد أن استعرضت معكم هذه المسألة من عدة جوانب ...
فسوف أذكر لكم ما قاله النبي الخاتم (محمد) فيها ....
حيث رأى في أحد الأيام : إحدى النساء اللاتي كن يقمن بعملية (الختان) في المدينة ... فنصحها كعادته مع كل الناس قائلا ً:
" إذا خفضت (أي ختنت الفتيات) : فأشمي (أي خذي جزءا ًصغيرا ًمن هذا العضو) .. ولا تنهكي (أي ولا تستأصليه بالكلية : فتحرمي المرأة من حقها في الشهوة والاستمتاع) : فإنه (أي إذا فعلتي ذلك) : أسرى للوجه (أي يُدخل الراحة والسرور على وجه المرأة قبل وبعد الزواج) .. وأحظى للزوج (أي أكثر موافقة لشهوة الزوج عند الجماع) " !!!...
سلسلة الآحاديث الصحيحة (2/722) ...
وهكذا ترون معي في هذا الحديث :
أن النبي الخاتم (محمد) : لم يترك برحمته أمر (الختان) هذا : بدون ضوابط !!!.. وذلك لأنه يعلم جيدا ً:
أهمية هذا العضو الذي يتم قص (جزء منه) في حياة المرأة الزوجية ...
ولذلك :
فيجب على المرأة التي تقوم بعمل (الختان) : أن تكون خبيرة بذلك الأمر .. كما لا يكون (ختان الأنثى) في سن صغيرة جدا ًمثل (ختان الذكر) !!!.. لأنه لن يظهر في هذه السن الصغيرة : مقدار الجزء الذي يجب قطعه من هذا العضو !!!... وأفضل سن له : هو وقت البلوغ تقريبا ًأو قبل ذلك بقليل ...
ولعل الله تعالى يُظهر لنا في الأيام القادمة :
بعض الفوائد الهامة الأخرى في (ختان الإناث) : والتي لا نعرفها نحن الآن ....
وهكذا آنسة (جوليان) : أرجو أن أكون قد شرحت وأجبت لك على استفسارك ...
وهنا .. بدت على وجه (جوليان) حمرة الخجل بسبب الحديث عن هذه المواضيع الجنسية إلى حد ما ..
والتي حاولت أن تتغلب عليها سريعا ًبالمبادرة بقراءة السؤال التالي الذي معها ...
حيث قالت للشيخ (عبد الله) :
حسنا ًشيخ (عبد الله) ... والآن ننتقل لسؤال آخر ... وهو يتعلق بوضع (العبيد) في دينكم ..
ومكتوب هنا أمامي : أكثر من (تهمة) للإسلام بخصوص هذا الشأن .. وخاصة بالنسبة لـ (مَـلكة اليمين) ومعاملة سيدها لها !!!... فهل يمكنك أن تحدثنا أيضا ًعن هذا الموضوع بإيجاز مشكورا ً؟؟..
6))
وهنا : التفتت العيون للشيخ (عبد الله) .. حيث أن معظمهم بالفعل : لم يكن يعرف شيئا ًعن هذه الاتهامات الخاصة بـ (ملكة اليمين) في الإسلام !!!.. فكل ما فهموه هو أن (جوليان) تقصد : العبيد من النساء ....
وقرأ الشيخ (عبد الله) في عيون الحاضرين : كل هذه التساؤلات ....
فقال ولم تفارق الابتسامة وجهه :
أما بالنسبة لهذه المسألة (جوليان) ... فالحق أقول لكم : سوف تذهلون من الحقائق التي سأذكرها لكم الآن !!!.. والتي ستتيقنون بها : أن الله تعالى هو بالفعل : المشرع الوحيد : الرحيم والحكيم للبشر !!!.. وستتيقنون أيضا ًبأن دين الإسلام ورسالة نبيه الخاتم (محمد) :
هي الرحمة التي أعطاها الله تعالى للبشرية جميعا ً.... حتى للعبيد !!!...
ثم نظر الشيخ في ساعته وهو يقول :
أوووه .. الساعة تشير باقترابنا من (الخمس ساعات) تقريبا ًمن وقت هذه الندوة !!!!...
ثم التفت إلى الحاضرين قائلا ً:
سأحاول أن أختصر معكم الحقائق التالية : في عدة نقاط مركزة ....
1))
لا شك أن أمر (الحروب) في عالم الإنسان : واقع ٌلا محالة !!!.. سواء الحرب التي يشنها (الظالم والمتجبر) واعتدائه على غيره من البشر .. أو تلك الحرب التي يقودها (المؤمن المدافع) عن دين الله تعالى وعن أرضه ...
ولذلك : فالإسلام : ليس أول مَن أتى بنظام (الحروب) .. وليس أول مَن أتى بنظام (استعباد) المنتصر للمهزوم ....
2))
وبالرغم من أن (العفو) : هو من أعظم الصفات التي يدلنا الله تعالى عليها ...
وهو الذي فعله رسول الله الخاتم (محمد) بالفعل بعد (فتحه لمكة) .. حيث عفى عن معظم من فيها ...!
إلا أننا لا نتخيل دوما ً: أن يعفو المنتصر عن المهزوم !!.. أو حتى أن يتركه حرا ً!!!.. لأنه إذا فعل ذلك : فهو يُعطى بذلك فرصة للمهزوم : لمعاودة حربه من جديد!!!!...
ولذلك : فقد انتشر في دنيا البشر والحروب منذ القدم : نظام (العبيد) ....
وحتى ولو لم يتبقى من المهزوم إلا النساء والأطفال .. فاستعبادهن أيضا ً: يقي المنتصر من كر ّهؤلاء النسوة بأولادهن عليه في المستقبل !!!.. وذلك عندما يشب هؤلاء الأطفال ويكبرون ...
كما أن فيه أيضا ً: حفظ ٌلهؤلاء النسوة من الضياع بعد موت : رجالهن وأزواجهن وعائلاتهن !!!...
وحفظ ٌلهن أيضا ًمن ابتذال أعراضهن طلبا ًللمال والعيش ..
3))
وأما الغريب الملفت للنظر : فهو أن الإسلام : هو الدين الوحيد الذي (التزم) بقوانين وشرع الله تعالى الرحيمة بهؤلاء (العبيد) !!!... وذلك في الوقت الذي كانت جميع أمم الأرض من النصارى والرومان والفرس والصينيين وغيرهم : ينظرون للعبيد وكأنهم : حيوانات أو أقل !!!..
فكانوا لا يرون فيهم إلا (العمل حتى الموت) !!!.. أو (المتعة أيضا ًولو بالموت) !!!..
فلا مانع من تحميل العبد فوق طاقته في العمل : حتى ولو كلفه ذلك صحته وحياته !!!..
بل ولا مانع أبدا ًمن السخرية به !!!.. وظلمه في المأكل والمشرب والملبس !!!..
بل وفي (روما) (وكما تعرفون) : كانوا يتمتعون بمشاهدة (العبيد) وهم يقتلون بعضهم البعض من أجل أن ينجو آخرهم !!!!..
أو يتمتعون حتى بإلقاءهم أمام (الأسود الجائعة) !!!...
وأما النساء : فلم يكن لهن ولا لأعراضهن أي حرمة إذا ما وقعت في الأسر أو العبودية للأسف !!!...
فكانوا يجبرونها على الجماع (حتى ولو مع أكثر من شخص) !!!..
لدرجة أنها لو أنها حملت جنينا ًفي بطنها : لم تكن لتعرف أبدا ً: مَن هو أبوه !!!...
وأما الإسلام :
فكما قلت لكم : ستندهشون من عظمة القوانين التي وضعها لطبقة (العبيد) و(ملكة اليمين) في الإسلام !!!..
والتي : لا أكذب إذا أقسمت لكم : أن العالم اليوم : لا يطبق ولو جزءا ًفي المائة منها !!!!..
واسمعوا الآتي :
4))
لقد شرع الله تعالى أكثر من سبب : تؤدي جميعها لعتق (العبيد) وتحريرهم في الإسلام !!!..
فجعل الله تعالى مثلا ً(عتق رقبة العبد) : هو (الكفارة الأولى) لأكثر من ذنب !!!..
فجعله كفارة ثابتة لمَن :
>> (يقتل مؤمنا ًخطأ ً) !!!.. أو حتى (قتل مُعاهدا ًخطأ ً) !!!..
>> وجعله الاختيار الأول في كفارة الظهار (أي امتناع الزوج عن معاشرة زوجته وتشبيهه لها بأمه) !!..
>> بل وجعله أيضا ً: الخيار الثاني في كفارة (الحنث في اليمين أو القسَم) !!!..
>> كما جعله النبي الخاتم (محمد) : الاختيار الأول في كفارة (الجماع المتعمد أثناء صوم رمضان) !!..
>> بل وأوجب النبي الخاتم (محمد) : أن من مَلك (قريبا ًله) : فيتم عتقه بسبب ذلك مُباشرة !!!..
>> بل وأوجب النبي الخاتم (محمد) أيضا ً: أن عتق رقبة المملوك : هو الكفارة الوحيدة لسيده إذا آذاه بـ :
قطع عضو من أعضائه أو تحريقه أو تعذيبه : أو حتى ضربه !!!!..
واسمعوا معي لهذا الحديث الصحيح التالي :
فعن (أبي مسعود الأنصاري) قال :
" كنت أضرب غلاما ًلي (أي عبدا ًله) فسمعت من خلفي صوتا ًيقول : اعلم أبا مسعود .. اعلم أبا مسعود : لله أقدر عليك : منك عليه !!!.. فالتفت ... فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم !!!.. فقلت : يارسول الله ... هو حرٌ لوجه الله تعالى !!!.. فقال له : أما إنك لو لم تفعل : للفعتك النار " !!!..
حديث صحيح رواه مسلم وغيره ..
>> بل وأكثر من هذا أيضا ً.. وهو أن رسول الله الخاتم (محمد) : أخبر أنه إذا اشترك أكثر من سيد في ملكية (عبد) واحد : فإنه إذا قرر أحدهم عتق هذا العبد .. واستعد بالفعل لشراء نصيب الباقين فيه لعتقه :
فعليهم جميعا وجوبا ًالاستجابة له !!!...
فهل رأيتم مثل كل هذه التشريعات والتعاليم والقواعد : لتحرير (العبيد) في دين من الديانات أو مذهب من المذاهب أو أمة من الأمم ؟؟!!!...
بل ولن تجد البشرية في تشريعاتها : مثل هذه الحكمة الربانية في تحرير (العبيد) بهذه الصورة ..
حيث أن من مزايا هذه الطريقة الإسلامية في تحرير (العبيد) :
أنها لم تأتي مثلا ًبـ (حكم ٍعام ٍمفاجيء) لتحرير (العبيد) : يُلزم الأسياد جميعا ًبه مرة واحدة !.. وذلك لما فيه من خطر ٍجسيم على المجتمع .. حيث أن المجتمع فجأة : سيجد بين أفراده : المئات (وربما الآلاف) من الرجال والنساء والأطفال : والذين : لا عمل لهم !!!.. ولا بيت لهم !!!.. وفي نفس الوقت : لهم حاجاتهم الضرورية من الطعام والشراب والكساء !!!...
فإذا فهمتم ذلك :
فستعرفون مقدار الحكمة البالغة في هذه التشريعات الإسلامية لتحرير العبيد .. والتي عملت على تحريرهم :
(جزءا ًجزءا ً) ... و(أفرادا ً) غالبا ًوليس (جماعات) !!!!...
>> ومما يدل على هذه الحكمة أيضا ً: هو تشريع الله تعالى لنظام (المُكاتبة) .. وهي أن يشتري (العبد) رجلا ًكان أم أنثى : نفسه من سيده : لقاء مبلغ يُحدده من المال أو (جُعل ٍ) معين ٍ: يتفقان عليه !!!....
وذلك لن يتأتى بالطبع : إلا أن يُخفف السيد عن (عبده) من بعض الأعمال والأوقات : ليُمكن لهذا (العبد) أن يعمل عملا ًجانبيا ًفي المجتمع : يجني من ورائه المال !!!..
وبذلك : يضمن المجتمع أنه عندما ينال ذلك (العبد) حريته : أنه قد صار فردا ً: قادرا ًعلى العمل والكسب بنفسه ...
>> بل : وجعل الله تعالى مصرفا ًمن مصارف زكاة مال المسلمين : أن يُساعدوا هؤلاء (العبيد) الذين كاتبوا أسيادهم على (مبلغ ٍ) أو (جُعل ٍ) معين !!!!.....
فهل رأيتم حكمة ًمثل هذه ؟؟!!.. بل هل رأيتم رحمة ًمثل هذه بالعبيد من قبل ؟؟!!!..
5))
وأما بالنسبة للنساء اللاتي وقعن في الأسر أو في العبودية ....
فقد حرّم الله تعالى أن تنتهك إنسانيتهن بالاعتداء عليهن بالقوة أو بالاغتصاب !!!...
ولكنه أيضا ً: شرع لسيدها أن يُجامعها برضاها .. وذلك في لمحة لطيفة من الله تعالى : للاهتمام بمشاعرها وأنوثتها !!!.. بل وبحاجتها للجماع : مثلها مثل الرجل تماما ً.....
وأيضا ً: لإعفافها أن تطلب ذلك خارج بيت سيدها : فتشيع بذلك الفاحشة في المجتمع !!!...
ولكن الشرع الحكيم لله تعالى : لم يترك حتى هذه الأمور بدون ضوابط كالعادة ...!
فمن الضوابط الحكيمة في هذا الأمر مثلا ً:
أن المرأة التي يستمتع بها سيدها بالجماع : لا يستمتع بها غيره أو يجامعها !!!....
وذلك : كي لا تختلط الأنساب في المجتمع ... !
كما أن المرأة التي تقع في العبودية وهي حامل :
فلا يجامعها أحد (حتى ولو رضيت) : إلا بعد أن تلد وتضع حملها !!!...
وأيضا ًالمتزوجة منهن التي وقعت في العبودية : لا يجامعها أحد (حتى ولو رضيت) : إلا بعد أن يستبرأ رحمها : بأن ينتظر شهرين متتابعين : لكي يتأكد تماما ًمن عدم وجود حمل سابق عندها ...
حيث كان رسول الله الخاتم (محمد) في إحدى الغزوات (وهي غزوة حنين) .. فقال لمن معه :
" لا يحل لامرئ يُؤمن بالله واليوم الآخر : أن يسقي ماءه زرع غيره !!!...
(أي لا يجامع امرأة ًحاملا ً: إذا صارت من عبيده) ...
ولا يحل لامرئ يُؤمن بالله واليوم الآخر : أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها " !!!..
صحيح الجامع الصغير (2/6507) ..
وكما جاء أيضا ًفي الحديث عن (عمر) رضي الله عنه موقوفا ً:
" أيما أمة (أي مملوكة) ولدت من سيدها : فهي حرة بعد موته .. إلا أن يعتقها قبل موته " !!!..
ضعيف الجامع الصغير (2218) ..
6))
كما أنه يمكن للسيد أن يتزوج (مملوكته) .. بأن يكون (مهرها) هو (عتقها) !!!...
وقد فعل النبي الخاتم (محمد) ذلك الأمر بالفعل : مع اثنين من زوجاته : كانتا من سبي اليهود تحت يده ..
كما أن (العبيد) في الإسلام : لهم (نصف الحدود والعقاب) في الكثير من الأشياء ...
فـ (الحرة) الغير متزوجة إذا ضـُبطت وقد (زنت) مثلا ً: فجزائها أن يتم جلدها : (مائة جلدة) ..
وأما (الأمة) الغير متزوجة إذا (زنت) : فعقابها يكون (النصف) فقط !!!..
وفي ذلك من الله تعالى :
(رحمة) و(مراعاة) لضعف وغلبة حال (العبيد) وسط المجتمع !!!....
7))
وأما إذا أردت آنسة (جوليان) أن تلمسي معي : مدى رحمة النبي الخاتم (محمد) بـ (العبيد) :
والتي ورثها عنه : أصحابه والمسلمون من بعده ...
فاستمعي معي للحديثين التاليين ... حيث يقول في أولهما نبي الله (محمد) :
" للمملوك : طعامه وكسوته .. ولا يُكلف من العمل : ما لا يطيق " !!!.. رواه مسلم .. وفي زيادة حسنة في السنن : " ولا تعذبوا عباد الله : خلقا ًأمثالكم " !!!..
وأما عن (التطبيق العملي) لهذه الرحمة من النبي الخاتم (محمد) ..
فقد دخل بعض الناس على صاحب ٍمن أصحاب رسول الله (محمد) (وهو أبو ذر الغفاري) رضي الله عنه ... فوجدوه يرتدي (بُردا ً) (وهو نوع من الرداء القيم) .. وعلى غلامه (أي عبده) : مثله !!!!..
فقالوا له متعجبين :
يا (أبا ذر) !!.. لو أخذت بُرد غلامك إلى بُردك : فكانت حُلة .. ثم كسوته ثوبا ًغيره !!!..
فقال لهم : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" إخوانكم : جعلهم الله تحت أيديكم .. فمن كان أخوه تحت يديه : فليطعمه مما يأكل .. وليكسه مما يلبس .. ولا يكلفه ما يغلبه (أي ما لا يستطيعه) .. فإن كلفه ما يغلبه : فليُعينه " ..
صححه الألباني في سنن أبي داود .. وله شاهد في البخاري ومسلم ...
بل وفي التاريخ الإسلامي عموما ً: العديد من الشخصيات الشهيرة جدا ً.. والتي كانت في الأصل : (عبيدا ً) !!.. أو كانت من (المماليك) و(الموالي) الذين حررهم أسيادهم وبقوا معهم لخدمتهم !!!...
ومن أشهرهم مثلا ً: مؤذن الصلاة لرسول الله (محمد) صلى الله عليه وسلم .. وهو : (بلال) الحبشي ....
وذلك لأن دين الله تعالى الإسلام : قد سبق بشرعه : محاربة (العنصرية المقيتة) بين البشر !!!...
والتي دفعت أناسا ًمثل (السود) في (أمريكا) مثلا ً(ومن شدة ما لاقوه من هذه العنصرية المقيتة) :
تجدونهم وقد صنعوا تماثيلا ًعديدة في كنائسهم لـ (عيسى) عليه السلام : بالبشرة السوداء !!!!..
ولكن الله تعالى يخبر الناس جميعا ًفي قرآنه فيقول :
" يا أيها الناس : إنا خلقناكم من ذكر وأنثى .. وجعلناكم : شعوبا ًوقبائل : لتعارفوا !!!.. إن أكرمكم عند الله : أتقاكم " !!!.. الحجرات – 13 ..
كما يقول الرسول الخاتم (محمد) في جموع الناس التي اجتمعت به في (الحج) :
" يا أيها الناس .. إن ربكم واحد .. وإن أباكم واحد .. ألا لا فضل لعربي على عجمي .. ولا لعجمي على عربي .. ولا لأحمر على أسود .. ولا لأسود على أحمر : إلا بالتقوى (ثم تلا قول الله) : إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ...
سلسلة الآحاديث الصحيحة (6/2700) ...
8))
كما أن لـ (العبد) الحق في طلب الزواج بعد إذن سيده !!!.. وليس لسيده أن يمنعه إذا كان (العبد) فعلا ً:
قادرا ًعلى مشقات وأعباء الزواج ...
كما أن المرأة التي في العبودية : يؤخذ رأيها أيضا ًفي الزواج منها : إذا ما تقدم لها أحد الرجال ...
فإذا تزوجت (عبدا ً) أو (حرا ً) : فليس لسيدها من ساعتها أن يُجامعها أو ينظر لعورتها !!!....
وعلى زوجها في هذه الحال : أن يساعدها في (مكاتبة) نفسها من سيدها !!!....
كما أنها لو نالت حريتها : ولم يزل زوجها (عبدا ً) : فلها أن تختار بين البقاء معه : أو الانفصال عنه !!!..
وفي ذلك : مراعاة كبيرة من الله تعالى لها ولحالها ولظروفها المعيشية !!!...
فهل سمعتي أو قرأتي آنسة (جوليان) عن مثل هذه التعاليم (الراقية) و(الرحيمة) في معاملة (العبيد) في أي مكان على وجه الأرض ؟؟!!..
وهنا ابتسمت (جوليان) وهي تقول : ولا حتى في (منظمات حقوق الإنسان) !!!!..
فضحك معظم الحاضرين : وهم يستمعون بالفعل لكل هذه الحقائق عن الإسلام :
لأول مرة في حياتهم !!!..
بل وتساءلوا في داخلهم : لماذا لا يُبرز الإعلام عندهم في الغرب : مثل هذه (الحقائق الإسلامية) الرائعة : في الوقت الذي لا يهتم فيه فقط إلا : بإثارة التهم والشبهات حول الإسلام ؟؟!!..
وهنا : قطع عليهم تفكيرهم صوت (جوليان) وهي تقول :
وأما السؤال الأخير أيها الشيخ (عبد الله) .. فهو تساؤل عن حق (الحيوانات) في دينكم !!!.. حيث أن هناك بعض (جمعيات حقوق الحيوان) في بلادنا : تثير من وقت لآخر :
استنكار ما تسميه بـ (الممارسات الوحشية) التي ترتكبونها في حق الحيوانات في كل عام :
في موسم (الحج) عندكم !!!...
حيث أنكم تقومون بذبحها (حية) : ثم ترك الدماء تنزف منها حتى الموت .!!!...
فما هو ردك الحكيم على مثل هذه الاتهامات ....
وشكرا ً.. وعذرا ًللإطالة ...
وهنا .. انتقلت أنظار الحاضرين إلى وجه الشيخ (عبد الله) .. والذي بدأت تظهر بعض علامات الإرهاق عليه بالرغم من تبسمه الدائم ..
فشرب شربة ًصغيرة ًمن كوب الماء الذي أمامه وهو يسأل الحاضرين في مرح :
ما هو الرقم القياسي لـ (أطول فترة كلام بدون توقف) في بلادكم ؟؟...
فضحك الحاضرون لدعابة الشيخ .. والتي أعادت لهم بعض النشاط والانتباه ....
فأصغوا إليه السمع وهو يقول :
الحق أقول لك آنسة (جوليان) :
إن الله تعالى لم يترك لنا في هذا الدين الخاتم للبشرية شيئا ً:
إلا ووضحه وبينه كما أخبرتكم من قبل !!!.....
وسوف ألقي على أسماعكم الآن : بعض الآحاديث والأخبار الدالة على اهتمام الإسلام بالحيوانات .. لا !!!..
بل بالحشرات أيضا ًوالنباتات !!!!.. فهل تصدقون هذا ؟؟!!!..
وسوف أذكرها لكم في شكل نقاط سريعة ومركزة أيضا ً: كما فعلنا من قبل : حفظا ًللوقت ...
1))
فقد كرم الله تعالى بعض الحشرات والحيوانات والنباتات في القرآن الكريم .. فبين لنا جميعا ًفوائدها الجمة .. وذلك مثل : النخل .. والعنب .. والتين .. والزيتون .. والرمان في النباتات !!!...
ومثل : النحل .. والنمل .. والعنكبوت في الحشرات !!!...
ومثل : البقر .. والغنم .. والإبل .. والكلاب في الحيوانات !!!...
بل ومن الغريب أنكم ستجدون أيضا ً: (سورا ًكاملة ً) في القرآن الكريم باسم حيوان أو حشرة أو نبات !!!..
فهناك مثلا ًسور : (الفيل) و(النمل) و(النحل) و(العنكبوت) و(التين والزيتون) !!!..
2))
وأما عن حقوق هذه المخلوقات : فاستمعوا للآحاديث التالية :
ففي صحيح البخاري أن رسول الله الخاتم (محمد) صلى الله عليه وسلم قال :
" نزل نبيٌ من الأنبياء تحت شجرة .. فلدغته نملة !!!.. فأخرج متاعه من تحتها : ثم أمر ببيتها :
فأ ُحرق بالنار !!!.. فأوحى الله إليه : فهلا نملة واحدة " ؟!!!!..
فإذا كان هذا النبي : قد استحل لنفسه أن يعاقب النمل بـ (الحرق بالنار) :
فإن النبي الخاتم (محمد) الذي ادخره الله تعالى لختم رسالاته إلى البشر : فقد جعله الله تعالى كما قال عنه في القرآن : " رحمة للعالمين (أي لجميع العوالم) " !!!.. الأنبياء – 107 ..
واستمعوا إلى الحديث العجيب التالي .. لتلمسوا عن قرب بالفعل :
مدى (رحمة) هذا النبي الخاتم (محمد) صلى الله عليه وسلم بالطير والحشرات ...
فعن (عبد الرحمن) .. عن أبيه (عبد الله) قال :
" كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر .. فانطلق لحاجته .. فرأينا حمرة (وهي طائر صغير كالعصفور : أحمر اللون) : معها فرخان .. فأخذنا فرخيها !!!.. فجاءت الحمرة .. فجعلت تفرش (أي ترفرف بجناحيها وتقترب من الأرض) ... فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
من فجع هذه بولدها ؟!!.. ردوا ولدها إليها ...!!
ورأى قرية نمل قد حرقناها !!!... فقال : من حرق هذه ؟!!.. قلنا : نحن !!.. قال :
إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار : إلا رب النار " !!!...
سلسلة الآحاديث الصحيحة (1/25) ...
فهل علمتم الآن : مَن هو النبي (محمد) الذي يصفونه بـ (الوحشية) و(القسوة) ؟؟!!!..
لقد مر على النبي صلى الله عليه وسلم بدابة : قد وُسم (أي تم حرقه في مقدمة وجهه كعلامة له من الضياع) : يدخن منخراه (أي من أثر الحرق عليهما) !!!.. فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
" لعن الله مَن فعل هذا !!!... لا يمسن أحد الوجه .. ولا يضربنه " !!!..
رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني (175/131) ...
فهل ذكر أصحاب (جمعيات حقوق الحيوان) عندكم : مثل هذه الحقوق ؟؟!!!..
هل واجهوا بها يوما ً: رعاة البقر في أوروبا وأمريكا بهذه التعاليم ؟؟!!!...
أم أنهم (متفرغون فقط) للعالم الإسلامي !!!...
بل واسمعوا أيضا ًللحديث الصحيح التالي في البخاري ومسلم ..
حيث مر أحد أصحاب النبي يوما ً(وهو ابن عمر رضي الله عنه) بفتيان ٍمن قريش :
وقد نصّبوا طيرا ًأو دجاجة ً: يترامونها (أي يصوبون عليها بنبالهم) !!!...
وقد جعلوا لصاحب الطير جُعلا ً: عن كل خاطئة من نبالهم !!!!...
فلما رأوا (ابن عمر) قادما ً: تفرقوا !!!..... فقال (ابن عمر) وهو ينظر للطير المسكين :
" مَن فعل هذا ؟؟!!.. لعن الله مَن فعل هذا ... إن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لعن مَن اتخد شيئا ًفيه الروح : غرضا ً(أي للهو والمتعة فقط) " !!!..
فهل رأيتم مثل هذه التعاليم (وتطبيقها عمليا ًوواقعيا ً) : في دين من الأديان ؟؟..
أم ما نراه فقط للأسف هو : قوانين نظرية وقرارات : لا يلتزم بها أكثر الناس في الواقع !!!..
ومن الغريب أيضا ً: أن رسول الله الخاتم (محمد) : قد أخبر الناس أن تعذيب الحيوان (ولو هرة وهي القطة) :
يمكن أن يكون سببا ًفي دخولهم (جهنم) أو (النار) والعذاب فيها !!!...
فهل تصدقون هذا ؟!!!..
ففي الحديث الصحيح أيضا ًفي البخاري وغيره : أن رسول الله الخاتم (محمد) قال :
" دخلت امرأة النار في هرة !!!.. ربطتها : فلم تطعمها !!.. ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض " !!!..
وفي رواية أخرى لنفس الحديث :
" عُـذبت امرأة في هرة !!!.. سجنتها حتى ماتت !!!.. لا هي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها !!!.. ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض " !!!..
ولذلك : فقد أخذ المسلمون عن النبي الخاتم (محمد) هذه التعاليم الراقية ..
وقاموا باتباعه والاقتداء به فيها ....
فقد مر يوما ً ببعير : قد لحق ظهره ببطنه (كناية عن شدة الجوع والضعف والهزال) .. فقال :
" اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة (أي التي لا تستطيع التحدث إليكم والشكوى) !!!.. فاركبوها صالحة .. وكلوها صالحة " !!!..
صحيح سنن أبي داود للألباني (2548) ...
بل وقد روت زوجته (عائشة) رضي الله عنها أنه كان :
" يُـصغي (أي يُميل) للهرة الإناء : فتشرب .. ثم يتوضأ بفضلها (أي بما تبقى من الماء) " !!!..
صحيح الجامع الصغير (2/4958) ...
3))
ومن ثمرات هذه التعاليم كما قلت لكم :
أن أولياء الأمر والحكام المسلمين : قد صاروا يعرفون أن لهذه الحيوانات : حقا ًيجب المحافظة عليه !!!..
وصاروا يعرفون أن الله تعالى : سيسألهم عنه !!!!!!...
فقد حكى الإمام (مالك) : أن (عمر بن الخطاب) الخليفة الثاني للمؤمنين رضي الله عنه :
مر بحمار عليه لبن (بكسر الباء وهو : الطوب الغير محروق) ...
فوضع عنه طوبتين !!!.. فأتت سيدته (أي صاحبة الحمار) لـ (عمر) فقالت :
" يا عمر !!.. مالك ولحماري ؟!!.. ألك عليه سلطان ؟!!.. فقال : فما يُـقعدني في هذا الموضوع إذا ً " !!!..
أي أن مسئولية البهائم أيضا ً: تقع في نطاق مسئوليات ولي الأمر والحاكم !!!!..
ولذلك كان (عمر) رضي الله عنه يقول أيضا ً:
" لو أن بغلة ًبالعراق تعثرت .. لسؤل عمر عنها : لماذا لم تمهد لها الطريق " !!!..
فهل تعرفون مثل هذه الرحمة في تاريخكم وفي سياستكم على مدى تاريخكم الطويل ؟؟!!!...
وقد رأي (عمر) أيضا ً: رجلا ًوقد حمّـل بعيره مالا يطيق ..
فضربه وقال له : " لِمَ تحمّـل بعيرك مالا يطيق " ؟؟!!!..
ولذلك قال (الماوردي) أحد علماء الدين الإسلامي رحمه الله :
" إذا كان من أرباب (أي أصحاب) المواشي : مَن يستعملها في مالا تطيق :
أنكره المحتسب عليه .. ومنعه منه " !!!.. (والمحتسب هو : المُعين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع الإسلامي) ...
بل وإذا تتبعتم مثل هذه الأخبار في الإسلام : لوجدتم أخبارا ًعجيبة ً!!!..
مثل ما اتفق عليه بعض العلماء في التاريخ الإسلامي وأسموه بـ :
(وقف الهررة) !!!!!!!..
حيث قرروا أن يُـقيموا (وقفا ً) خاصا ًبالهررة (أي القطط) !!!!..
وفيه كانوا يُعدون طعاما ًللقطط : لتأكل منه ثم تنصرف في الصباح والمساء !!!!..
فهل علمتم الآن : أن مآثر المسلمين التي سبقوا بها العالم : تتعدى المآثر (العلمية) إلى (حقوق الحيوان) أيضا ً!!!..
4))
وأما الآن : وبعد أن استعرضت معكم : (بعض جوانب الرحمة في الإسلام بالحيوان) ...
يأت الدور أخيرا ًللرد على من (يهاجمون) ذبح الحيوان في الإسلام ...
حيث أسوق لكم الحقيقة التالية :
والتي لا أتوقع أن يرضى عنها (النباتيين) أو (الحيوانيين) !!!!..
وتلك الحقيقة هي : أن الله تعالى قد : (سخر) كل ما في الأرض من جماد وحيوان ونبات وماء : لخدمة الإنسان وراحته وغذائه وسائر استعمالاته الأخرى !!!!..
وذلك : كي يشعر الإنسان الغافل : بأن هناك من خلقه .. وسخر له كل شيء من حوله ..
فيتنبه بذلك إلى وجود (غاية) حتما ًمن وراء كل هذا !!!...
فلا يجد إلا أن يعبد الله تعالى ولا يشرك به شيئا ً!!!!...
وقد كرر الله تعالى هذا المعنى كثيرا ًفي القرآن الكريم .. فيقول مثلا ً:
" وسخر لكم : ما في السماوات وما في الأرض : جميعا ًمنه .. إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " !!!..
الجاثية – 13 ...
وأما بالنسبة لأكل الإنسان : فلم يمنع الله تعالى الإنسان من الأكل من كل ما في الأرض : إلا من بعض الأشياء القليلة جدا ًالتي حرمها عليه (مثل أكل الدم والخمر وما يُذبح للأصنام وأكل ذوات المخالب من الطيور والأنياب من الحيوانات) ....
وأما بالنسبة للحيوان :
فقد شرع الله تعالى للمؤمن ذبح أنواع معينة منه : (الضأن) و(المعز) و(الإبل) و(البقر) .... وبشرط ألا يجدها مقتولة فيأكلها ...
ولكن :
أوجب على المؤمن أن (يذبحها) أولا ً...
وفي ذلك فوائد كثيرة : (دينية) و(صحية) كعادة جميع شرع الله تعالى (الحكيم) كما رأيتم معي ...
فمن الفوائد الدينية :
أن الذبح : هو سُـنة (إبراهيم) عليه السلام عندما افتدى ابنه البكر (إسماعيل) عليه السلام ....
فعندما يُـقدِم المؤمن على ذبح الحيوان الذي يستفيد منه في حياته : لوجه الله : فهو بذلك : يثبت تقديم حق ربه ودينه على الدنيا ومنافعها الزائلة ....
وأما الفوائد الصحية للذبح :
فهي أن دماء أي حيوان : تحتوي مثل دم الإنسان على بعض (المواد الضارة) التي يحملها الدم بداخل أجسادنا .. وذلك مثل (حمض البوليك) .. والتي نطردها من حين لحين في عمليات الإخراج المختلفة ....
فإذا نظرنا لطريقة (الذبح الإسلامية) التي شرعها الله تعالى للحيوان :
نرى أنها : غاية الحكمة والفائدة : للحيوان .. وللإنسان معا ً!!!!...
فالله تعالى لا يأمر ولا يشرع : إلا الخير ....
فأما بالنسبة للحيوان :
فبذبح الحيوان بقطع : الوريد الوداجي .. والشريان السباتي .. والقصبة .. والمريء :
فبذلك أولا ً: نضمن موتا ًسريعا ً للحيوان !!!.. وثانيا ًنضمن أيضا ً: انتهاءا ًسريعا ًلشعوره بالألم : نتيجة قطع الدم عن المخ !!!...
كما أنه بقطع تلك المنطقة من رقبة الحيوان : فبذلك يتم : تصفية أسرع لجميع دمائه !!!.. وهي التي بها (المواد الضارة) التي أخبرتكم عنها (مثل حمض البوليك) وغيره ....
كما أننا إذا علمنا أن هناك (تعاليم) و(إرشادات) للنبي الخاتم (محمد) أيضا ًبخصوص الذبح :
فنعلم أن (رحمة) شرع الله تعالى : تنال الحيوان أيضا ً: حتى آخر لحظات حياته !!!!...
فرسولنا الرحيم الخاتم (محمد) يقول في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم :
" إن الله تبارك وتعالى : كتب الإحسان على كل شيء .. فإذا قتلتم (أي العدو في المعارك والحروب) : فأحسنوا القتـلة !!!.. وإذا ذبحتم : فأحسنوا الذبح !!!.. وليُحد أحدكم شفرته (التي سيذبح بها) .. وليُرح ذبيحته " !!!..
فمن هذا الحديث : يتبين لنا أن الحيوان المذبوح في الإسلام :
له أيضا ًبعض الحقوق قبل وأثناء الذبح !!!..
فيجب ألا يرى أمامه : حيوانا ًآخرا ًيُذبح !!!..
ويجب أن يُريحه الذابح ويُطمئنه قبل الذبح !!!..
كما يجب إطعامه وشرابه قبل الذبح أيضا ً!!!...
كما يجب التأكد من أن الشفرة أو السكين التي سيذبح بها : تكون (حادة) لكي تسرع من عملية الذبح بلا تعذيب !!!... والاهتمام أيضا ًبألا يراها الحيوان قبل الذبح .. ولا حتى الدماء !!!...
وفي هذه القواعد الإسلامية عند الذبح : فوائد عظيمة كما قلت لكم ...
ففي إراحة الحيوان عند ذبحه وتهدئته :
فائدة عظيمة لعدم انتشار بعض الهرمونات الإنفعالية في الدم .. كهرمون (الإدرانيلين) مثلا ً: والذي يُفرز في حال الخوف أو الإنفعال الشديد !!!...
وهذه المواد لو تم إفرازها في الحيوان : فإنها تؤثر على (طعم) و(مذاق) و(قوام) اللحم فيه ...
ولهذا .. فإن أغلى أنواع اللحم عندكم (وفي أمريكا خصوصا ً) : هو اللحم (الكوشير) : والذي يتم ذبح الحيوانات فيه على الطريقة اليهودية الصحيحة : (شيشيتا) ....
والتي : تماثل تقريبا ً(الذبح الإسلامي) !!!.. وذلك بالطبع : لأن الآمر بها : هو نفس المصدر :
أي الله عز وجل !!!...
ولذلك : فإن الله تعالى الذي خلق لنا الحيوان .. وأعطاه روحا ًمثلنا :
لا يقبل أن يُـذبح هذا الحيوان إلا بـ (اسم الله) !!!.. لأنه هو الذي خلقه : وليس غيره !!!...
وهذا هو أكبر شروط أكل الذبائح عندنا نحن المسلمين .. ألا وهو : (التسمية بالله) عليه قبل ذبحه ..
والآن .. قولي لي آنسة (جوليان) : الناس في شرق الأرض وغربها : لا غِنى لهم عن أكل لحوم الحيوانات .. بل هي بالفعل : من أشهى الطعام عند جميع أمم الأرض بلا استثناء ....
ولكن :
هل الطريقة التي أخبرتك بها (وهي شرع الله الحكيم) في الذبح : هي الأفضل ؟؟..
أم أن الطرق التي اخترعتها بعض العقول المريضة للبشر : هي الأفضل ؟؟!!!..
هل ذبح الحيوان بالطريقة الإسلامية التي ثبتت أنها : أكثر صحة .. وأفضل قوام للحم : أفضل ؟؟..
>> أم (صعق الحيوانات بالكهرباء) أفضل ؟؟!!!..
>> أم (تخديرها وضربها بالمطارق حتى الموت) أفضل ؟؟!!!..
>> أم (تخديرها وتخريب المخ والمخيخ والنخاع المستطيل بأداة حادة) أفضل ؟؟!!!...
والغريب أن معظم تلك الطرق : قد لا تؤدي إلى قتل الحيوان !!!.. بل قد تؤدي فقط إلى تخديره : ومن ثم : فهو يشعر بكل هذه المعاناة قبل قتله !!!!.. فهل تخيلتم هذا الوضع المؤسف ؟؟!!..
ألا تستحق كل هذه الطرق (الوحشية) بالفعل : أن تهاجمها (جمعيات حقوق الحيوان) : بدلا ًمن إثارتهم الشبهات حول شرع الله تعالى الحكيم لذبح الحيوان في الإسلام ؟؟؟!!!...
بل وهذا الإعلام عندكم بين الحين والحين : يفضح لكم بعض (الممارسات الأخرى) التي تتم بصورة (غير شرعية) لقتل الحيوانات والطيور !!!!...
ويكفيكم فقط لمشاهدتها والاطلاع عليها : أن تبحثوا في الإنترنت ...
فسوف تجدونها : بالقراءة .. وبالصوت .. وبالصورة أيضا ًلمن يريد !!!...
وبعدها : ستعلمون بالفعل :
مدى رحمة الله عز وجل بالحيوان ... وكيف أن الله تعالى : لا يحكم إلا بالخير ...
وصدق الله العظيم إذ يقول :
" ألا يعلمُ من خلق : وهو اللطيف الخبير " ؟؟؟!!!.. الملك - 14 ..
وهنا : أخذ الشيخ (عبد الله) نفسا ًعميقا ًوهو يقول :
والآن آنسة (جوليان) ... هل علمتي مدى (الأكاذيب) التي يروجها الغرب والجهال عن الإسلام وعن النبي الخاتم (محمد) ؟؟؟!!!..
فأجابت (جوليان) : نعم .... للأسف ....
فواصل الشيخ قائلا ً:
وهل علمتي إلى أي مدى كان نبي الله الخاتم (محمد) :
رحيما ًبـ (الأطفال) و(الفتيات) و(النساء) و(العبيد) .. وحتى (الحيوان) كما رأينا !!!...
ثم استدرك الشيخ قائلا ًلـ (جوليان) :
والآن .. هل لديك أية استفسارات أخرى آنسة (جوليان) ؟؟...
فقالت (جوليان) مبتسمة : شكرا ًأيها الشيخ (عبد الله) ... شكرا ً...
ومعذرة مرة أخرى على إطالة الوقت في هذه الأسئلة ....
وهنا ابتسم الشيخ (محمد) وقال للشيخ (عبد الله) :
أما أنا شيخ (عبد الله) :
فأشكر الآنسة (جوليان) كثيرا ًعلى هذه الأسئلة .. والتي بسببها : عرفنا جميعا ًالإجابة عن العديد من (الشبهات) بالفعل التي تثار عن الإسلام .. وعن شرع الإسلام .. وعن نبي الإسلام !!!..
والآن ...
دعونا نختر سؤالا ًآخرا ً.....
في الوقت الذي استعد فيه الشيخ (محمد) لاختيار أحد الرجال ...
لاحظ ولأول مرة (وقد يكون السبب في ذلك هو انخفاض عدد السائلين) : وجود عدد من الفتيات في القاعة :
في سن الرابعة عشر تقريبا ً: يرتدين لبسا ًكنسيا ًموحدا ً: يرفعن أيديهن !!!..
وهنا قال الشيخ (محمد) :
كنت أود أن أختار أحد الرجال في هذه المرة ..
ولكن يبدو أن هناك (وفدا ً) من مدرسة (الراهبات الكاثوليك) بوسط المدينة معنا هنا الليلة !!!..
وسوف أختار واحدة منكن فقط ....
ثم أشار الشيخ لإحدى هؤلاء الفتيات وهو يقول :
فلتتفضلي أنستي الصغيرة هناك ...
لا .. التي على يمينك ... نعم .. تفضلي ...
وهنا .. انتقلت العيون لهذه الفتاة في وسط القاعة ... والتي لاحظ الحاضرون لأول مرة أيضا ًوجود مَن يماثلها في نفس اللبس الموحد بينهم في القاعة !!!..
فأخذت الفتاة الميكروفون من زميلتها من نفس المدرسة بجوارها وقالت :
باسم الرب أبدأ ...
اسمي (جوليان) ... من مدرسة (الراهبات الكاثوليك) بوسط المدينة ....
الحقيقة شيخ (محمد) :
أنك لن تضطر بالفعل لاختيار فتاة أخرى من نفس المدرسة !!!.. وذلك لأننا جميعا ً: نحمل نفس المجموعة من الأسئلة التي نود طرحها على الشيخ (عبد الله) ....!
فبمجرد أن اخترت واحدة منا : فلن ترفع إحدانا يدها بعد الآن ....!
ولكن قبل أن أبدأ ...
فأود أن أتكلم كلمة صغيرة ....
وهي للأسف : كلمة من عندي أنا !!!... أي أنها : ليست من الكلام المكتوب لدي في الورقة هنا !!!...
هذه الكلمة هي :
أنه منذ صغري : وأنا على يقين بأن الله تعالى : هو الذي يرسم لنا حياتنا كلها : وفق مشيئته وقدرته ...
كل المواقف .. كل الظروف .. كل الكلام : كل ذلك : هو ليس من قبيل (الصدفة) كما تفضلت أيها الشيخ (عبد الله) وشرحت في أول الندوة ....
ولذلك : فأنا ممتنة جدا ًللرب الذي كتب لي : حضور هذه الندوة الليلة !!!....
فهي بالفعل : ستكون من أكبر النقاط الفاصلة في حياتي .. بل لعلها : أكبرها على الإطلاق حقا ً!!!!...
كان الحاضرون ينظرون لهذه الفتاة الصغيرة : نظرة احترام وتقدير ... حيث بدى من طريقة كلامها أنها فتاة :
ذات شخصية قوية !!!.. بل وواثقة أيضا ًمن نفسها إلى حد بعيد !!!... حيث كانت متمكنة جدا ًفي اختيار كلماتها والنطق بها ....
فواصلت الفتاة قائلة :
وأما بالنسبة للأسئلة التي أحملها في يدي ...
فبالرغم من أنه كان من المفترض أن ألقيها عليك وأجلس ....
إلا أني (وبعد كل ما سمعته منك منذ بداية الندوة وحتى الآن) :
على يقين من أنك سوف تجيب عليها جميعها بـ (الحق والصدق) !!!... ولذلك ...
فسوف أستأذنك في استخدام : نفس طريقة مسز (دوري) السابقة في الحوار !!!....
حيث أطلب منك أن ألقي عليك أسئلتي : الواحد تلو الآخر :
ليس كأسئلة ... ولكن : كاستفسارات عن النبي (محمد) : أرجو منك إجابتها ....
فهل تسمح لي ؟؟........
وهنا ابتسم الشيخ (عبد الله) قائلا ً:
تفضلي ....
وهنا ابتسمت (جوليان) وقالت :
1))
لماذا نجد في (عقوبات) الإسلام : (شدة وغلظة) : يصفها البعض بأنها (لا إنسانية) !!!.. وذلك مثل :
(قطع يد السارق) !!!.. و(جلد الزاني) أو (رجمه بالحجارة حتى الموت) ؟؟؟!!..
فأرجو توضيح مدى صحة ذلك .. ولو صح : فما هو تفسيرك لهذا أيها الشيخ المسلم ؟؟!!..
وشكرا ً..
وهنا .. ابتسم الشيخ (عبد الله) قائلا ً:
حسنا ً.. طالما طلبتي استخدام هذه الطريقة في الحوار : فدعيني أسألك سؤالا ًأولا ًآنسة (جوليان) ..
فأجابت (جوليان) : تفضل ...
فقال الشيخ :
حسنا ً.. إذا افترضنا (لا قدر الله) : أنه قام أحد المجرمين بـ (اغتصاب) أمك ثم (تمزيقها) و(قتلها) هي وإحدى أخواتك مثلا ً:
ثم تم الحكم على هذا المجرم بـ : (قطع رقبته) أمام الناس جميعا ً: ليكون (عِـبرة) لغيره : فلا تتكرر مثل هذه الجريمة الشنيعة مرة أخرى :
فهل ستعتبرين في ذلك القتل بهذه الصورة : (تجني) على هذا المجرم أو (وحشية) ؟؟!!!..
>> فأجابت (جوليان) وملامح الاشمئزاز والتأثر على وجهها من تخيل مثل هذه الجريمة لـ (أمها) بالفعل :
لا بالطبع ... ولا أعتقد أن (عاقلا ً) سيحكم بغير هذا الحكم !!!..
وهنا .. ابتسم الشيخ (عبد الله) قائلا ً:
حسنا ً.. إذا ً: أنت تتفقين معي أن الطريقة التي استخدمناها في عقاب ذلك المجرم كانت :
أولا ً: (عادلة) .. وثانيا ً: (رادعة) لغيره ؟؟.. أليس كذلك ؟؟!!!..
>> فردت (جوليان) : نعم ...
فسألها الشيخ المسلم :
والآن .. لو عرضت عليكي أكثر من (عقاب) : (عادل) .. و(رادع) لغيره : فهل ترفضين ذلك أم تقبليه ؟؟!!..
>> وهنا ردت (جوليان) باستغراب :
إذا كان العقاب فعلا ً: (عادلا ً) .. و(رادعا ً) لغيره : فأعتقد أيضا ًأنه : لا (عاقل) سيرفضه !!!..
وهنا ابتسم الشيخ (عبد الله) قائلا ً:
حسنا ً... فإذا كان (الله) تعالى (وهو الأعلم بالناس) : قد قرر هذه (العقوبات) بالفعل في (الإسلام) !!!..
ووجدنا بالفعل طوال أكثر من (1429 عاما ً) : أنها كانت : (عادلة) و(رادعة) :
فهل من العقل : أن يتركها المسلمون لغيرها ؟؟!!!..
>> فأجابت (جوليان) : لا أعتقد أن هذا من الصواب ...!
فقال الشيخ (عبد الله) : حسنا ً.. والآن .. وقبل أن أشرح لك ببساطة نظام (العقاب) في الإسلام :
أقرأ عليكي وعلى الحاضرين جميعا ً: الاعترافات التالية .. والتي اعترف فيها مستر (موريس باتان) :
(أحد قضاة النقض في المحكمة الفرنسية) بـ (الفشل الذريع) لـ (القوانين الحديثة) !!!.. تلك القوانين التي تـُعد (فرنسا) فيها : (قبلة) العالم الحديث في أخذ (التشريع) عنها !!!... فقد قال في افتتاح مؤتمر (الوقاية من الإجرام) والذي انعقد في (باريس – 1959م) :
" أنا لست إلا قاضيا ًفي جهاز العدالة .. ولم يخطر على بالي في أي وقت من الأوقات : الاهتمام بأسس الوقاية من الإجرام .. لأن وظيفتي : لم تكن هناك .. بل على العكس : فقد كانت ولا تزال في (العقاب) لا في (الحماية) !!!.. كرست حياتي تبعا ًلمهنتي القضائية الطويلة في : محاربة المنحرفين حربا ًسجالا ً: لا هوادة فيها !!!.. سلاحي الوحيد الذي وضعه القانون تحت تصرفي :
هو سلاح العقاب التقليدي ... أوزع الأحكام القاسية والشديدة أحيانا ًعلى جيوش المجرمين والمتمردين ضد المجتمع ... ساعيا ًما أمكن إلى (التوفيق) بين : (نوعية العقاب): وبين (نوع الجريمة) ... وكنت أسأل نفسي دوما ًكما كان الكثيرون من زملائي يتساءلون أيضا ً: عما إذا كان هذا السلاح قد أصبح في يدنا الآن : (لا وزن له ولا تأثير) !!!.. بل وقد شعرت (ولا أزال أشعر) بكثير من الألم والمرارة : واللذين كان يشعر بهما (أبطال الأساطير) !!!.. والذين كانوا كلما قطعوا رأسا ًمن رؤوس (المسخ) : كانت تنبت محله رؤوس ورؤوس !!!.. وقد تعاقبت السنوات وأنا ألاحظ بدهشة أن عدد المجرمين لا يزال مستقرا ًإن لم يكن يتزايد !!!.. وأنه كلما كنا نرسل الكبار منهم إلى (السجن) أو إلى (المنفى) أو إلى (المقصلة) : كان غيرهم يخلفهم في نفس الطريق : بأعداد ٍأكثر منهم " !!!...
والآن .. وبعد أن سمعنا جميعا ً: (اعترافا ًصريحا ً) من أحد (القضاة الفرنسيين) أنفسهم : يخبرنا فيه عن (فشل) أشهر (القوانين البشرية) في ملاحقة الجريمة أو الحد منها :
أفلا نتيقن بأن الحل (العادل) و(الرادع) :
يجب أن يكون من وضع وتشريع : (رب البشر) : العالم بهم .. وبخبايا نفوسهم : أكثر من أي أحد ؟؟!!..
لقد أنفقت (هيئة الأمم المتحدة) : الأموال الطائلة !!!.. وتكبدت : المجهودات الكبيرة !!!.. وكل ذلك لتنظيم المؤتمرات الدولية حول : (علم الإجرام) !!!.. وذلك منذ عام (1951م) ....
ولكن كل هذه المؤتمرات الدولية للأسف (وحتى الآن) : لم تستطع الحد من الجريمة : فضلا ًعن الحد من (انتشارها) !!!...
وذلك في إعلان صارخ منها عن : (الفشل التام للغرب العلماني) في هذا الأمر !!!..
في حين أننا نجد الله تعالى في الإسلام : لم يفصل أبدا ً(العقاب) : عن روح (الدين) نفسه !!!..
فالمجرم إذا أفلت من (العقاب) على جريمته في مجتمعاتكم الغربية : ففي ذهنه وذهنكم فعلا ً:
أنه قد هرب بفعلته من (العقاب) !!!....
ولكننا نجد الأمر : يختلف تماما ًفي الإسلام :
حيث قد زرع الله تعالى في قلوب وعقول المسلمين : (عقيدة : الحساب يوم القيامة) !!!..
أي أن الذي أفلت من العقاب في الدنيا : يعرف يقينا ًأنه : لن يفلت أبدا ًمن العقاب في الآخرة :
وذلك حينما يقف أمام الله تعالى : والذي يعلم عنه كل شيء !!!!...
ولهذا : فنجد مثلا ًامرأة ً(غامدية ً) : هي التي جاءت وأصرت على أن تعترف بأنها (زنت) : أمام النبي الخاتم (محمد) !!!.. مع علمها الكامل بأنه سيتم : (رجمها بالحجارة حتى الموت) لأنها : (زنت) وهي متزوجة !!..
وذلك بالرغم من أن : باب (التوبة) : مفتوح لكل من ارتكب ذنبا ً: وستره الله عليه : ولم يفضحه الله به !!!...
ولكن كانت رغبتها في التخلص تماما ًمن (عقاب) هذا الذنب في الدنيا : أكبر من رغبتها في السكوت عنه : ومواجهة (العقاب) في الآخرة !!!..
وكذلك أيضا ً: فعل رجل ٌيُسمى (ماعز) !!!!.. حيث جاء بنفسه واعترف للنبي : أنه قد زنى !!!.. فتم أيضا ً: (رجمه حتى الموت بالحجارة) !!!..
فهل رأيتم أو سمعتم : عن مثل هذه (الأخلاق السامية) في تاريخكم .. أو في بلادكم .. أو مجتمعاتكم المتحضرة ؟!..
لقد جعل الله تعالى (العقاب) في الإسلام : جزءا ًلا يتجزأ من (الدين) نفسه ..!
ليس هذا فقط .. بل وقد عظم شأن (العقاب) في النفوس : فمنع الناس حتى أن تأخذهم : (رأفة أو شفقة) بمَن ينزل به أشد العقاب !!!!...
ففي جريمة (الزنا) مثلا ً: لا يتم عقاب (الزاني) إلا في حالتين : إما اعتراف (الزاني) نفسه !!!.. أو بشهادة (أربعة شهود) !!!.. والآن .. هل تتخيلون معي أن جريمة (زنا) : يفعلها أصحابها بلا مبالاة : لدرجة أن يراها : (أربعة شهود) ؟؟!!!.. لا شك أن أصحاب هذه الجريمة : هم من عتاة (الزنا) و(الإجرام) في المجتمع !!!.. بل ولا شك أيضا ًأن (مستوى الاستهتار) عندهم بالمجتمع و(محارمه وقيمه) : قد بلغت القمة !!!..
ولذلك :
فقد وضع الله تعالى : أساسا ًقويا ًلحماية المجتمع من هذه الفعلة القبيحة .. فقال في قرآنه :
" الزانية والزاني : فاجلدوا كل واحد منهما : مائة جلدة ... ولا تأخذكم بهما رأفة في دين الله : إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر !!!.. وليشهد عذابهما طائفة من المؤمنين " !!!.. النور – 2 ..
فعندما ينهى الله تعالى المؤمنين عن (الرأفة والشفقة) على الجاني المُعاقب : فهو بذلك : يبني (حاجزا ًنفسيا ً) بين الناس وبين مرتكبي (الجرائم الكبيرة) في المجتمع !!!....
وعندما يأمر الله تعالى أن يشهد (عذاب) و(عقاب) هؤلاء المجرمين : طائفة من الناس :
فهو بذلك يعمل على : (نشر الخوف) من هذا (العقاب الأليم) بين أفراد المجتمع .. مما يجعل ذوي النفوس الضعيفة : يفكرون ألف مرة ومرة : قبل الجرأة على فعل هذه الجرائم !!!!...
فالله تعالى الذي يعاقب (فردا ًواحدا ً) : سواء بـ (الجلد) أو (قطع اليد) أو (الرجم حتى الموت) أو (قطع الرقبة) : فهو بذلك : يحافظ على سلامة المجتمع بأسره من : (الانهيار والفوضى الإجرامية) التي اشتكى منها القاضي الفرنسي : (موريس باتان) !!!..
وقد سمعنا الآنسة (جوليان) مثلا ً: قد أكدت أن (قطع رقبة) المجرم الذي اغتصب (أمها) ثم قتلها هي وإحدى أخواتها :
أكدت أن هذا (العقاب) : لا شيء فيه إطلاقا ً.. بل وأكدت أن هذا أيضا ً: ما يجب أن يقول به كل (عاقل) ...!
هي تقول ذلك :
في حين أنها لا تعرف أن هناك بعض الناس : (أدعياء الرحمة الإنسانية) : سيصفون (قطع رأس) هذا المجرم بأنه : (وحشية) !!!.. بل وقد يطالبون بأنه من الأفضل : (سجنه) لا (قتله) !!!!...
وأنا متأكد مائة بالمائة أن هذه الجريمة لو كانت وقعت لـ (أم) أحد هؤلاء الناس وإحدى أخواته :
لكان رأيه : هو من رأي الآنسة (جوليان) حتما ً!!!..
قال الشيخ (عبد الله) عبارته الأخيرة هذه بطريقة : جعلت الحاضرين يضحكون : فواصل قائلا ً:
إذا ًنستنتج من هذا : أن البشر : يختلفون دوما ًفي (وقع الجرائم على قلوبهم) : وذلك بحسب قربهم أو بعدهم من هذه الجرائم !!!.. ومن هنا : نعرف أهمية أن يقوم بتحديد (العقاب) : مَن هو (محايد) بين كل البشر بلا استثناء !!!...
وذلك لن يتحقق إلا في جانب الله تعالى فقط : والذي لن يُحابي أحدا ً: على حساب أحد !!!...
وإذا تأملنا نظام (العقاب) في الإسلام : نجد أنه قد حقق (أربعة أهداف) : لم يستطع أن يحققها أي (تشريع بشري) آخر على مر الزمان وحتى اليوم !!!.. وهذه الأهداف الأربع هي :
1)) أن ينجح (العقاب) في تحقيق (الغرض) الذي وُضع من أجله ..
2)) أن يكون ذلك : في (أسرع وقت) ممكن ..
3)) أن يكون ذلك : بـ (أقل التكاليف المادية) الممكنة ..
4)) ألا تكون السلبيات الناتجة عن هذا (العقاب) : أكبر من إيجابياته !!!...
فالإسلام مثلا ً: لم يجعل (السجن) : في تشريعاته الأساسية !!!!..
ولا يخفى عليكم : كيف أن (السجن) : يدخله المجرم (صغيرا ً) : فيخرج منه غالبا ً(مجرما ًمحترفا ً) !!!..
ويدخله المجرم (المحترف) : فيخرج منه غالبا ً(أكثر احترافا ًوإجراما ً) : بل وربما قد أعد خططا ًللمستقبل أيضا ً!!!..
ناهيكم بالطبع عن : (تكلفة السجون) من : (البناء) و(الطعام) و(الأمن) وسائر المرافق الأخرى !!!..
والتي قد تتعدى (المليارات سنويا ً) : في بعض الدول الكبيرة !!!..
فإذا أضفنا لكل ذلك :
التأثير البالغ الذي يقع على (أسرة المسجون) ومَن يعولهم من زوجة لها حق المعاشرة وأبناء :
لمسنا إلى أي مدى تتربع حدود الله تعالى وعقابه في تشريعاته : على القمة !!..
حيث بنظرة سريعة إلى الإسلام :
فنجده قد شرع نظام : (القصاص) .. والذي يتم فيه (القصاص) من الجاني : بنفس ما فعل في المجني عليه !!!..
وذلك بالطبع في الأشياء التي يمكن القصاص فيها : كالقطع والبتر والجروح والقتل ... إلى آخر ذلك ...
وأما الذي (يصعب القصاص منه بدقة) : فيجوز (دفع الدية) : محله !!!...
كما يمكن أيضا ًأن يقبل المجني عليه أو أهله : (الدية) : بدلا ًمن (القصاص) إذا أرادوا ذلك ...
ولأهمية سرعة هذا (القصاص) في استقرار المجتمعات .. وتحقيق (العدل) فيها : وحفظ الدماء من الانتقام والثأر إذا تأخر الحق عن أهله :
فإن الله تعالى يشبهه بـ (الحياة) !!!.. بالرغم من أنه قد يؤدي إلى قتل (القاتل) !!!.. ولكنه في المقابل : (حياة) للمجتمع ككل فيقول :
" ولكم في القصاص حياة : يا أولي الألباب (أي يا أصحاب العقول النيرة) " !!!.. البقرة – 179 ..
فهذا أفضل لكل عاقل من هاوية (الثأر) الذي قد يستمر في بعض العائلات لأجيال وأجيال !!.
سكت الشيخ (عبد الله) مع انتهاء كلماته الأخيرة ...
وهو على يقين ٍتام من وجوه الحاضرين أن مراده قد وصلهم جميعا ًواقتنعوا به والحمد لله ..
فابتسمت (جوليان) للحظة .. ثم نظرت للورقة قارئة ًوقائلة :
إجابة رائعة ومقنعة كما توقعت شيخ (عبد الله) .. وأعتقد أني سمعت أو قرأت (لا أذكر) : عن وجود مثل هذه العقوبات بالفعل أيضا ًفي العهد القديم وتوراة نبي الله (موسى) .. وأما السؤال الثاني فهو :
2))
هل ورد عن النبي الخاتم (محمد) أنه أمر بضرب الأطفال منذ سن العاشرة ؟؟!!!...
وبوجه عام : كيف كان تعامله مع الأطفال ؟؟....
وأيضا ً: هل ورد في القرآن : الأمر بضرب الأزواج للزوجات ؟؟!!..
أرجو التوضيح مشكورا ً...
وهنا ابتسم الشيخ (عبد الله) قائلا ًفي بساطة مَن اعتاد مثل هذه الأسئلة :
أما بالنسبة لضرب الأطفال الذي ذكرتيه ... فلما كان الطفل : لا يعلم في العادة : ما هو النافع والضار له من الأشياء من حوله : فيجوز للأب والأم (أو القائم على تربية الطفل) :
أن يحمله على فعل النافع وتجنب الضار : بمختلف الطرق والوسائل ...
والتي قد يكون منها : (الضرب) لو لزم الأمر !!!....
فلا أعتقد أن هناك (أبا ً) أو (أما ً) عاقلين : يمكن أن يشاهدان ابنهما الصغير مثلا ً: وهو يعبث في (مخارج الكهرباء) بالمنزل : ولا ينهراه على ذلك : حتى ولو كان بـ (الضرب) !!!!...
فالأطفال : يتفاوتون في استجابتهم لأوامر الآباء أو المربين !!.. فمنهم مَن يستجيب بمجرد سماع الأمر أو النهي !!.. ومنهم مَن لا يستجب إلا بالتوبيخ !!...
ويتفاوت هذا التوبيخ بدوره من مجرد التوبيخ بـ (نظرة العين) !!.. ومرورا ًبالتوبيخ بـ (الكلام) !!.. وانتهاءا ًبالتوبيخ بـ (الضرب) الذي ذكرتيه !!....
ولكن :
أرجو ألا يذهب ذهنكم بعيدا ًبالنسبة لمسألة (الضرب) عموما ًفي الإسلام ....
لأن المقصود هنا هو : (التوبيخ) فقط : وليس (الانتقام) مثلا ًأو (التعذيب) !!!!....
ولذلك : فأرجو عند سماعكم لكلمة (الضرب) في الإسلام : أرجو أن تفهمونها بـ (معناها الإسلامي) !!!...
فالضرب في الإسلام : هو بشروط معينة .. وتلك الشروط هي :
>> ألا يكون ضربا ًعلى الوجه .. أولا ً: لخطورته .. ثانيا ً: لإهداره لكرامة الإنسان وعزته !!!..
>> وألا يكون الضرب : مما يكسر عظما ً!!!.. أو يترك أثرا ً!!!...
وإنما هو كما أخبرتكم : بقدر الحاجة الصغيرة فقط : كالتوبيخ والتعذير وغيره ...
كما أن الضرب في التربية الصادقة : فلا يُلجأ إليه إلا وهو عين الرحمة بالطفل !!!!...
تماما ًمثلما يضرب الأب ابنه : لكي يأخذ (الدواء المر) !!!...
فهو أولا ً: يفعل ذلك رحمة به ...
وثانيا ً: سيكون الضرب فقط : بالمقدار الذي سيحتاجه في هذا الموقف !!!....
فإذا فهمنا هذه النقطة ...
فسوف أخبركم بحديث النبي الخاتم (محمد) الذي قاله عن ضرب الأطفال .. حيث يقول :
" علموا أولادكم الصلاة : إذا بلغوا سبعا ً.. واضربوهم عليها : إذا بلغوا عشرا ً.. وفرقوا بينهم في المضاجع " ... صحيح الجامع الصغير (2/4026) ..
فلأن (الصلاة) في الإسلام : هي من أهم (الصلات) بين المسلم وربه ...
فلذلك : فينبغي على الوالدين في الإسلام : أن يحملا أطفالهما على أدائها بشتى الطرق .. حتى ولو كان من بينها الضرب إذا لزم الأمر ... تماما ًكما أخبرتكم عن مثال (الدواء) السابق ...
وأما بالنسبة للآية التي جاءت في القرآن الكريم : وتحدثت عن ضرب الزوج للزوجة : فكما أخبرت مسز (دوري) من قبل : أنه من عادة (الحاقدين على الإسلام) .. والذين يريدون (تشويه) وجه (الإسلام) أمام العالم :
أنهم يقومون بـ (اقتطاع) بعض الكلمات من الآية !!!... حيث اقتطعوا (جزءا ًصغيرا ً) من (الآية الكبيرة) كعادتهم : ليساعدهم في توجيه : (تهمة) أخرى و(شبهة) مكذوبة في وجه الإسلام ...
وأما الآية التي جاءت في القرآن عن (الضرب) : فهي (ويا للعجب) : من أفضل الآيات على الإطلاق التي وضعت (الحلول الناجحة) لعلاج أي مشكلة بين الزوج وزوجته !!!....
حيث أن الله تعالى (وبحكم نقصان عقل المرأة وغلبة عاطفتها على تفكيرها) : يعرف أنها طوال فترة زواجها : سوف (تعصي أوامر) زوجها أو (تتمرد عليه) في مراتٍ عديدة !!!...
ولذلك :
فقد وضع للعَالم كله (وليس للمسلمين فقط) : التدرج الأمثل لتصرف الأزواج في هذه الحالة ...
حيث يقول الله تعالى لهم :
" واللاتي تخافون نشوزهن (أي تمردهن وعصيانهن المُتعمد لأوامركم) :
1)) فعظوهن (أي أن أول الاختيارات هو : حوار العقل والوعظ والنصيحة أولا ً) !!!...
2)) واهجروهن في المضاجع (حيث إن لم ينفع حوار العقل : فحوار تأديب الغريزة والعاطفة الأنثوية) !!!...
3)) واضربوهن (وهو الحل الأخير : ويكون كما قلت لكم : في غير الوجه ولا يترك أثرا ًأو يكسر عظما ً) !!!..
فإن أطعنكم (أي : فإن استجبن لكم وتأثرن بالنصيحة أو بالهجر أو بالضرب غير المبرح) :
فلا تبغوا عليهن سبيلا ً(أي فلا تتعدوا عليهن بعد أن حصل المطلوب واستجبن لكم وأطاعوكم) ...
إن الله : كان عليا ًكبيرا ً(أي يعلو على كل ظالم بالعقاب .. فخافوه) " !!!.. النساء – 34 ..
فهل رأيتم : (حكمة ً) و(عدلا ً) مثل هذا التشريع الإلهي ؟؟؟!!..
ففي الوقت الذي بلغت فيه إحصائيات وأرقام بلاغات (اعتداء الأزواج على الزوجات بالضرب المُبرح) في بلادكم ومجتمعاتكم الغربية : (أرقاما ًخيالية) : بلغت في بعض البلاد : أكثر من عشرة اعتداءات في الساعة الواحدة !!!!...
نجد أن الله تعالى : يهتم بهذا الأمر في القرآن وفي التشريع الإسلامي : ليحفظ به البيوت والكرامة الإنسانية !!!..
فيقرر لنا أن أول الإجراءات هو :
حوار العقل والنصيحة والكلمة الطيبة !!!!... يليه عقاب الغريزة والعاطفة !!..
ثم يجعل (الضرب) : هو الخيار الأخير !!!.. وبالضوابط أيضا ًالتي ذكرتها لكم !!!!...
ولا يسعني هنا إلا أن أذكر لكم حديثين عن النبي (محمد) صلى الله عليه وسلم في مسألة (ضرب) الزوجات : لتعلموا مدى اهتمام النبي الخاتم (محمد) بحفظ كرامة المرأة وإنسانيتها : حتى في هذه المواقف الشائكة .. فيقول في الحديث المتفق عليه :
" يعمد أحدكم : فيجلد امرأته جلد العبد (أي الضرب المهين المبرح) : فلعله يُضاجعها في آخر يومه !!(أي يتعجب النبي محمد : كيف لمثل هذا الزوج بعد هذا الضرب المهين : أن يجامع زوجته بعد ذلك) " ؟؟!!...
وقد جاءه في يوم ٍمن الأيام رجلٌ : يسأل عن (حق الزوجة) على زوجها ... فأخبره الرسول الخاتم (محمد) بأن :
(أقل حقوق الزوجة) على زوجها : أن يلتزم معها بالآتي :
" أن يُطعمها إذا طعم .. ويكسوها إذا اكتسى .. ولا يضرب الوجه .. ولا يُــقبح (أي لا يعيبها في شيء في جسدها أو وجهها) .. ولا يهجر إلا في البيت " !!!...
صحيح الجامع الصغير (1/3149) ...
فأعتقد أنه بعد هذا التوضيح : لم يعد لشبهة (الضرب) في (الدين الإسلامي) أي وزن أو قيمة !!!..
وأن مَن يوجه مثل هذه (التهم) إلى الإسلام بعد ذلك : هو كما قلت لكم :
إما (جاهل) بالإسلام !!!.. وإما (حاقد) على الإسلام : (يُـظهر) الأكاذيب .. و(يُخفي) الحقائق !!!..
3))
صمت الشيخ (عبد الله) قليلا ً ثم قال :
وأما عن سؤالك (جوليان) عن كيفية تعامل النبي (محمد) صلى الله عليه وسلم مع الأطفال ...
فأقول لك : لقد كان رحيما ًدوما ًبهم ...
وكان يختار دوما ً: الأفضل لهم ..! وكان يخبر الناس دوما ًويُعلمهم : كيفية التعامل الأمثل مع الأطفال !!!..
فلو لاحظتم مثلا ًفي نهاية حديثه عن الأطفال والصلاة الذي ذكرته لكم منذ لحظات :
فقد أمر النبي الآباء بأن : (يُفرقوا) بين أبنائهم في المضاجع عند النوم : إذا بلغوا سن العاشرة !!!....
وذلك بالطبع : لأن الغالب في تلك المرحلة العمرية :
هو بدء (بلوغ) الفتى أو الفتاة !!!... وبداية انتباه كل منهم لـ : الفروق (الجنسية) التي بينه وبين الجنس الآخر ..!
فإذا لم يتم التفريق بينهم عند النوم (ولو بأن يلتحف كل منهم بلحافه الخاص به إذا جمعهما سرير واحد) :
فقد يؤدي ذلك إلى حدوث : ما لا يُحمد عقباه من مشاكل وانحرافات : نعرفها جميعا ً!!!....
بل وقد اهتم الله تعالى بالأطفال في القرآن الكريم : فأعطاهم نصيبا ًوافرا ًمن (التشريع) أيضا ً:
لن تجدوا مثله أبدا ًفي أي دين ٍمن الأديان !!!!!....
فقد حرم الله عز وجل مثلا ًقتل (الجنين) قبل أن يولد : لأي سبب كان من خشية فقر أو مداراة زنا ًونحوه : لأنه بمجرد دبّ الروح فيه : فقد صار إنسانا ًوله حقوق !!.. إلا إذا تعارضت حياته بالطبع مع حياة أمه !!..
كما أمر برضاع الطفل : (الرضاعة الطبيعية) .. فإن لم يكن من (أمه) :
فمن امرأة ٍأخرى ولو بالأجر : تقوم بهذه المهمة !!!..
كما بين لنا أن أقصى مدة للرضاعة هي : (عامان) لمَن يريد أن يُـتم الرضاعة .. وهي بالفعل : نفس المدة التي حددها لنا الطب الحديث !!!...
كما أمر الآباء أن يُعلموا أبناءهم : (الاستئذان) منذ الصغر !!!.. وذلك في (الثلاثة أوقات) التي قد يكون الأب والأم فيها : في (أوضاع أو ملابس خاصة) : لا يجب أن يطلع عليها الطفل الصغير !!!...
وتلك الثلاثة أوقات هي :
وقت الراحة ظهرا ً... وعشاءا ًقبل النوم .. وقبل صلاة الفجر عند المسلمين (وهو بداية وقت شروق الشمس) ...
فإذا وصل الأطفال لسن (البلوغ) : صار لزاما ًوحقا ًعليهم : الاستئذان على الوالدين في كل الأوقات (وليس ثلاثة فقط) : وكما يفعل الكبار تماما ً... وكل تلك الأحكام من الله تعالى : هي بالطبع لـ : صون الأطفال منذ الصغر من أن تقع أعينهم على العورات ....!
فهل عندكم مثل هذه (الأحكام) و(التعاليم) في أي من كتبكم الدينية أو قوانينكم البشرية ؟؟؟..
وهنا : سكت الشيخ للحظة ثم واصل قائلا ً:
وأما هدي النبي الخاتم في معاملة الأطفال : فبقدر ما كانت تتسم معاملته باللين والرحمة : بقدر ما كان يُحب أن يزرع فيهم أيضا ًمنذ الصغر : الشعور بالمسئولية !!!....
ولو بطريقة بسيطة لطيفة : مثل أن يعطيهم مثلا ً: (كنية) منذ الصغر : وذلك مثل الكبار تماما ً!!!....
ففي الحديث الصحيح المتفق عليه عن (أنس) رضي الله عنه : أنه قال :
" إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليُخالطنا (أي يزورنا ويندمج معنا بدون تكلف) .. حتى يقول لأخ لي صغير : يا أبا عمير !!.. ما فعل النغير ؟؟!!.. كان له نغير (طائر صغير) يلعب به فمات " !!!..
فهذا الحديث : قد علمنا فيه الرسول الخاتم (محمد) صلى الله عليه وسلم : بجانب رحمته بالأطفال ومداعبتهم : أننا نعطيهم أيضا ً(كنية) مثل الكبار تماما ً: لتعويدهم منذ الصغر على الاعتماد على النفس !!!...
وكان يعرف قيمة اللهو البريء واللعب للأطفال الصغار .. وأنه من أساسيات وطبيعة هذا السن !!!.. وأذكر لكم هنا حديثا ًرائعا ً: يرويه لنا نفس راوي الحديث السابق .. وهو (أنس) رضي الله عنه : والذي وهبته أمه منذ صغره لخدمة النبي (محمد) في بيته وقضاء حوائجه .. فقال في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره :
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم : من أحسن الناس خــُـلقا ً.. فأرسلني يوما ًلحاجة .. فقلت : والله لا أذهب (ويبدو أنه كان يريد اللعب في ذلك الوقت) .. وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فخرجت حتى أمرّ على صبيان وهم يلعبون في السوق .. فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي !!.. فنظرت إليه وهو يضحك !!.. فقال :
يا أ ُنيس (اسم تصغير لأنس) ذهبت حيث أمرتك ؟؟.. قلت : نعم !!.. أنا أذهب يا رسول الله !!!..
قال أنس : والله : لقد خدمته سبع سنين أو تسع سنين .. ما علمته قال لشىء صنعته : لم فعلت كذا وكذا !!!.. ولا لشىء تركته : هلا فعلت كذا وكذا " !!!...
فهل كان أحدنا سيُقابل هذا الموقف من هذا الطفل : بما قابله به رسول الله ؟!!!..
فهل رأيتم مثل هذه الرحمة من الرسول بالأطفال ؟؟!!.. وتقبله لمسألة لعبهم ولهوهم بكل صفاء ؟!!..
فقد جاء في الحديث الصحيح أيضا ًأن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" أتى على غلمان ٍيلعبون : فسلم عليهم " !!!.. رواه أبو داود وحسنه الألباني ..
وهناك الكثير والكثير من المواقف غير هذا ... ولولا خوف التطويل عليكم : لذكرتها لكم جميعا ً.....!
فسكت الشيخ من جديد ... فأمسكت (جوليان) بالميكروفون مرة أخرى وقالت :
إنه من العجيب فعلا ًأيها الشيخ (عبد الله) أن يذكر دينكم : كل هذه التفاصيل الحياتية الكثيرة والدقيقة عن النبي (محمد) !!!... وقد لمست من حديثك بالفعل : رحمته الكبيرة بالأطفال ....
ولكن يتبقى لي استفسارين قبل أن نترك الحديث عن الطفولة ... والاستفسارين للأسف : شائكين إلى حد ٍكبير : حيث يتعلقان بـ (الفتيات الصغار) .....
وهنا ابتسم الشيخ (عبد الله) قائلا ًلها : تفضلي ....
فقالت :
الاستفسار الأول منهما : هو عن التفسير الديني لزواج النبي (محمد) من زوجته الصغيرة (عائشة) .. والتي لم تكن قد بلغت في ذلك الوقت سوى : (السادسة) أو (السابعة) من العمر !!!!...
وأما الاستفسار الثاني : فهو عن عادة (ختان الفتيات) : هل أمر بها النبي (محمد) فعلا ًأم لا ؟؟!!...
وهل التعدي بقطع (جزء هام) من جسد الإنسان : هل هو صواب أم خطأ ؟؟!!..
وخصوصا ًوأنه لو لم يكن له فائدة : فلماذا خلقه الله إذا ً؟؟!!..
وشكرا ً....
وهنا : انتقلت عيون الحاضرين بسرعة إلى الشيخ (عبد الله) لسماع الرد على هذين الاستفسارين الشائكين حقا ً... وتساءلوا بداخلهم : ماذا سيكون الرد عليهما ؟؟!!...
4))
فتنهد الشيخ ... وأخذ شربة ماء صغيرة من الكوب الذي أمامه .. ثم ابتسم قائلا ً:
في البداية : أنا سعيد جدا ًلأنك أثرت مثل هذه النقاط في هذه الندوة ...
وذلك لحاجة هذه النقاط بالفعل إلى التوضيح .. ولإزالة (الشبهات) و(الأكاذيب) التي يتم إلصاقها بالإسلام من ورائها عن جهل أو عن عمد !!!.....
فأما بالنسبة لزواج النبي الخاتم (محمد) من (عائشة) رضي الله عنها وهي صغيرة :
فهو خبر صحيح .. وثابت في جميع كتب السيرة والحديث ...
ولكن :
يجب أن تعرفوا معه : بعض الملاحظات الهامة ... وذلك مثل :
1)) بعض زيجات النبي (محمد) : كانت بوحي ٍمباشر من الله تعالى .. وزواجه بـ (عائشة) رضي الله عنها : كان من هذا النوع ... حيث جاء في كتب الحديث عن (عائشة) نفسها أنها قالت :
" أن جبريل : جاء بصورتها في خرقة حرير خضراء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم .. فقال :
هذه زوجتك في الدنيا والآخرة " !!.. رواه الترمذي وصححه الألباني ...
2)) ولعل هذه الأهمية من الله تعالى بهذه الزوجة الصالحة (عائشة) : جاءت لسببين ..
الأول : إكراما ًلأبيها (أبي بكر الصديق) : وهو أعظم شخصية في الإسلام من بعد النبي (محمد) .. وهو أيضا ًأكثر الناس تصديقا ًله .. بل : وأوفى أصدقائه من قبل ومن بعد الرسالة !!!.. وهو أول مَن آمن به من الرجال ..
الثاني : وهو علم الله تعالى بمدى ذكاء (عائشة) و(نباهتها) وقدرتها على (الحفظ) !!!.. فقد استطاعت منذ صغرها أن تسجل لنا : العديد والعديد من آحاديث ومواقف النبي (محمد) .. وخصوصا ًكـ (زوج ٍمع زوجاته) بداخل بيته .... ولا شك أن في ذلك : أعظم الفائدة لهذا الدين ...
3)) ولعله من المفيد أيضا ًأن أذكر لكم هنا : أن النبي (محمد) : قد تزوج (عائشة) بالفعل : وهي في نهاية عامها (السادس) تقريبا ًفي (مكة) .. ولكنه لم يعاشرها بالطبع معاشرة الأزواج : إلا بعد أن هاجر إلى (المدينة) .. وبلغت (عائشة) ساعتها : مبلغ النساء .. وهي بنت (تسع سنين) ...
وبالطبع : أنتم تعرفون مدى الفارق بين نشأة (المدينة) .. وبين النشآت الأخرى مثل :
(البدو) أو (الريف) أو المناطق الصحراوية والغابات أيضا ًمثل (الجزيرة العربية) و(قارة أفريقيا) !!!.. حيث في (البدو) أو (الريف) : نجد كلا ًمن الذكور والإناث عادة : (أكثر قوة) .. و(أكثر صحة) .. و(أسرع نموا ًوبلوغا ً) من أمثالهم الذين يعيشون في (المدن) و(الحضر) .....!
بل وكان أحد الصحابة وهو ابن السادسة عشر : كنا نراه أميرا ًعلى جيش ٍكبير ٍمن المسلمين !!..
وكنا نرى لهم زوجاتٍ وأبناءٍ في مثل هذا السن وأصغر منه أيضا ً!!!..
وهذا بعكس (البيئات المُدللة) لأبنائنا في عصرنا الحاضر : والتي تستمر معهم لأعوام ٍوأعوام !!..
ومن هنا :
تستطيعوا أن تشاركونني في الرأي : بأن زواج النبي (محمد) بـ (عائشة) رضي الله عنها :
لم يكن (اعتداءً) جنسيا ً!!!... ولم يكن (تجنيا ً) عاطفيا ًعليها أبدا ً: وكما يتصور معظم الناس في زمننا الحاضر !!!...
بل كان (أمرا ًطبيعيا ً) جدا ًفي ذلك الوقت .. وفي تلك البيئة !!!....
والدليل على ذلك : أنه لم ينتقد ولم يعترض أحد العرب (حتى من أعداء النبي أنفسهم) : على هذا الزواج !!!..
4)) وأما آخر النقاط الهامة في هذه المسألة ... فهي الإشارة لمنزلة (عائشة) رضي الله عنها نفسها عند النبي .. ومنزلة النبي (محمد) صلى الله عليه وسلم عند (عائشة) زوجته .....
ففي الحديث الصحيح :
أن الصحابي الجليل (عمرو بن العاص) رضي الله عنه سأل النبي قائلا ً:
" يا رسول الله .. أي الناس أحب إليك ؟؟.. قال : عائشة .. قلت : ومن الرجال ؟؟.. قال أبوها " !!!..
رواه الترمذي وصححه الألباني ...
فقد كانت هي (أصغر) زوجات النبي .. كما كانت أيضا ً: هي الوحيدة (البكر) من بين جميع أزواجه رضي الله عنهن جميعا ً....
ولعل الحكمة في أمر الله تعالى له بـ (تعجيل) الزواج بها وهي صغيرة : أن يكون ذلك إشارة من الله تعالى لنا :
أنه لا مانع أبدا ًفي الأنثى أو المرأة : من (الزواج في الصغر) ...
والذي يُماثله الآن في مدنياتنا ومجتمعاتنا : من سن الثانية عشر والرابعة عشر !!..
وهو بالفعل ما كان في دول ٍمثل مصر والمكسيك والفلبين وغيرها : حتى أطلت حقوق الإنسان المزعومة برأسها !!..
والتي ترعى الشذوذ والزنا وتقننه تحت شعاراتها البراقة وطعنها في الدين !!..
حيث نجد أن (الزواج المبكر) للمرأة :
(أعف لها) من الوقوع في الحرام .. أو مصادقة الشباب والرجال : وإقامة علاقاتٍ آثمة ٍمعهم .. ولاسيما وسط سُعار الشهوات الرهيب الذي ينفثه الإعلام العالمي في كل يوم !!..
كما أن ذلك السن أيضا ً: هو أفضل الأوقات لبدء (حمل المرأة وولادتها) من الناحية الصحية !!!.. حيث أثبت الطب الحديث أنه كلما كان ذلك مبكرا ً: كلما كان ذلك أفضل !!!..
وهذا ما تنصح به النساء الآن معظم دولكم الغربية والأمريكية : بل وحتى إسرائيل نفسها !!!..
وهكذا كان الوضع بالفعل في بلادنا بلاد الإسلام إلى وقتٍ قريب : حيث قلما كنا نجد فتاة تخطت (الرابعة عشر) أو (السادسة عشر) :
إلا وهي متزوجة !!!... بل وفي زمن جداتي رحمهن الله : كن يتزوجن في (الثانية عشر) !!..
حيث كانت تتربى إحداهن من صغرها على مسؤليات المرأة كمرأة : فكن خير زوجات !!.. وكن خير أمهات ومربيات !!..
وكن يحتفظن لأجيالنا من بعدهن : بأجمل ذكريات مثل هذا الزواج المبكر !!!..
فهل نتعجب أن (يتزحزح هذا المقدار الزمني) إلى سن التاسعة منذ أكثر من 1429 عام مضت وفي بيئة صحراوية ؟!!..
وأما عن السيدة (عائشة) نفسها ... فقد كانت دوما ً: تثني على النبي (محمد) في معاملته لها ...
وهذه الاعترافات منها :
استمرت إلى ما بعد موت النبي (محمد) .. وتولي أبيها (أبي بكر الصديق) : خلافة المسلمين ..!
(أي أنها كانت في حرية تامة بعد موت النبي محمد : في التعبير عن رأيها بصراحة أثناء ولاية أبيها للمسلمين) ..
ومع ذلك : نراها تنقل لنا ولكل العالم بكل حب ٍوعرفان ٍوإكبار :
مجموعة رائعة من الآداب (الراقية) و(العالية) في تعامل الزوج مع زوجته !!!.. والتي فعلها معها زوجها النبي الخاتم (محمد) ..!
فتذكر لنا مثلا ً: كيف كان يتبسط معها في ذلك السن الصغير : فيتركها لتلعب مع صويحباتها !!!..
أو يتركها تشاهد فتيان الحبشة وهم يلعبون بالرماح بمهارة : حتى تكون هي التي تمل !!..
وهي أشياء والله : لا يفعلها أكثر الأزواج مع زوجاتهم !!.. فكيف وهذا النبي الرحيم يتواضع لزوجته الصغيرة السن لهذه الدرجة ؟!!..
بل وقد ذكرت لنا أيضا ً:
كيف كان يتعامل معها بكل رقة : حتى في أحرج أوقات المرأة وأكثرها اضطرابا ًكل شهر !!!..
ففي الحديث الصحيح تخبرنا فتقول :
" كنت أشرب وأنا حائض .. وأناوله النبي صلى الله عليه وسلم : فيضع فاه (أي فمه) : على موضع في (أي فمي) فيشرب !!.. وأتعرق العِرق (أي العظم المكسو باللحم)وأنا حائض .. وأناوله النبي صلى الله عليه وسلم : فيضع فاه على موضع في " !!!.. رواه مسلم والنسائي ..
وهكذا العديد والعديد من الآحاديث : والتي تبين لنا مقدار الحب بين النبي (محمد) .. وبين وزوجته الصغيرة (عائشة) رضي الله عنها ....
5))
وأما بالنسبة لتساؤلك عن أمر النبي بـ (ختان الفتيات) ...
فسوف أبدأ الإجابة : من النقطة الأخيرة في سؤالك ...
ألا وهي قولك : أن هذا (الجزء الصغير الهام) الذي يتم قطعه من جسد الأنثى في (الختان) :
لو لم يكن له فائدة : فلماذا خلقه الله تعالى ؟؟!!!...
وهنا أقول لك :
هل لديك (أظافر) في أصابعك : تقومين بتقصيرها كل فترة ؟؟...
>> فأجابت (جوليان) : نعم ...!
فقال لها الشيخ :
وهل تنكرين أن لدينا جميعا ً: (شعرا ً) في مختلف مناطق أجسادنا : نقوم بحلاقته وتقصيره من وقتٍ لآخر ؟؟..
>> فأجابت (جوليان) أيضا ً: وقد بدأت في فهم المعنى الذي يرمي إليه الشيخ : نعم !!!...
وهنا قال لها الشيخ (عبد الله) :
إذا ً: أنا أوجه لك نفس التساؤل الذي طرحتيه أنت منذ قليل :
لماذا نقوم بتقصير (أظفارنا) .. وبحلق (الشعر) من مناطق أجسادنا المختلفة : وذلك مثل (شعر الرأس) .. ومثل (شعر ما تحت الإبط) ؟؟..
بل وأقول لك : أليس لو لم يكن له حكمة : لم يكن الله قد خلقه لنا (وعلى حد تعبيرك) ؟؟!!..
وهنا .. سكتت (جوليان) للحظة .. ثم ابتسمت قائلة :
الحقيقة : سؤال غريب بالفعل !!!.. بل ولم أفكر في مثله من قبل !!!...
ولكن على أية حال :
أعتقد أن جزءا ًمن الإجابة الصحيحة هو : أن (الأظافر) و(الشعر) : بالرغم من فوائدهم في الجسم : إلا أن زيادتهم عن حد معين : قد تقلب هذه الفوائد : أضرارا ً...
فهل إجابتي صحيحة ؟؟...
وهنا ابتسم الشيخ (عبد الله) قائلا ً:
بل إجابتك صحيحة تماما ًآنسة (جوليان) !!!...
ولكن السؤال الآن هو :
لماذا لم يخلق الله تعالى (أظفارنا) و(شعورنا) :
بالطول المناسب الذي لا نحتاج معه لتقصيرها كل فترة من الوقت ؟؟.. هل كان الله تعالى (ذو القدرة المطلقة) : عاجز ٌعن مثل هذا الأمر ؟؟!!..
وهنا : سكتت (جوليان) قليلا ًثم قالت :
مممم ... الحقيقة : لا أعرف الإجابة عن مثل هذا السؤال !!!...
وهنا قال الشيخ (عبد الله) مبتسما ً:
الحقيقة : أن ذلك الأمر له سببين من وجهة نظري ...
سبب ٌ: (ديني) !!!.. ثم سبب ٌ(صحي) مُـترتب ٌعليه !!!...
فأما السبب (الديني) :
فهو أن الله تعالى : يتعبد الإنسان دوما ًبالعديد من (الأوامر) في حياته : والتي يكون من بينها دوما ً: بعض الأوامر التي قد لا يعرف لها الإنسان سببا ًفي حد علمه !!!....
رغم أنها تكون دوما ًفي صالحه !!!..
وهو نفس ما قلته لكم من قبل أيضا ً... وأعيده عليكم للمرة الثالثة فأقول :
إن من أعلى درجات (العبودية) و(الطاعة) لله تعالى طالما آمنا به :
هو أن نطيع أوامره في كل شيء : حتى ولو لم نعرف الحكمة منها الآن !!!.. فلربما أتى مَن بعدنا : فعرف لها حكما ً كثيرة كما شرحنا من قبل ...
وساعتها يكون الخاسر : هو كل من خسر (طاعة) الله أولا ً... ثم خسر (الاستفادة) من هذه الأوامر التي كانت في مصلحته وهو لا يعلم ثانيا ً...
وأما السبب الثاني .. وهو (السبب الصحي) : فكما قلت لكم : هو مترتب على السبب الأول ..
إذ لو أننا آمنا واعترفنا بأن الله تعالى الخالق لكل هذا الكون : وعنده (الكمال) المطلق و(الخبرة) و(العلم) : لأيقنا أن له (حكمة ما) في نمو (الأظافر) و(الشعر) بهذه الصورة ...
وسوف أخبركم بـ (جانبٍ واحد ٍ) فقط : من هذه الحكمة ...
وهو أن (الأظافر) و(الشعر) الذين نحلقهم أو نقصهم من أجسادنا :
لو كان لهم طولا ًثابتا ًلا يتغير : لصاروا للأسف مع الوقت : (مزرعة مثالية) لـ (تكاثر البكتريا والميكروبات) في أجسادنا وعلى جلودنا !!!!...
وذلك : إما لأنهم في أطراف الجسد (كالأظافر) و(شعر الرأس) مثلا ً: وهي تتسخ دوما ً!!!..
وإما لوجودهم في ثنايا الجسم وتحت الثياب (كشعر الإبطين والعانة) : فيكونون أكثر عرضة للـ (عرق) الذي يحمل في العادة : (مخلفات) الجسم الداخلية والخارجية أيضا ً!!!....
حتى أن شعر (الشارب) نفسه :
يتعرض مع الوقت ومع اختلاطه بالكثير من المشروبات والأطعمة : للتلوث الكبير !!!...
فيكون من الحكمة أيضا ً: قصه أو تقصيره أو حلقه : من الوقت للآخر ....!
ولذلك ....
فإن الإنسان (المؤمن) : يثق دوما ًفي أوامر الله تعالى وشرعه : حتى ولو لم يعرف الحكمة منها وقتها ..
فالله تعالى مثلا ًالذي جعل من فطرة الإنسان أن : (يقص شعر الشارب) و(ينتف شعر الإبط) و(يحلق شعر العانة) : هو الذي أمره أيضا ًبترك وإعفاء (اللحية) عند الرجال !!!!..
والتي بجانب أنها من (الزينة) التي خلقها الله تعالى في الرجل :
إلا أن العلم الحديث : قد أثبت لها أيضا ًالكثير من الفوائد !!!..
فهي تقي الرجال من الكثير من الفيروسات والأمراض : والتي تتعرض لهم أكثر من غيرهم بحكم عمل الرجل وكده في الحياة !!!.. فـ (اللحية) وطبقة الجلد التي من تحتها : هي خط الدفاع الأول لوجه الرجل : والذي يكون في العادة مكشوفا ًدائما ًإذا ما حلق (لحيته) !!!....
كما أنها : تدفيء الوجه في الشتاء !!!.. وترطبه وتلطفه بنظام التبخير في الصيف !!!..
ثم ابتسم الشيخ (عبد الله) وهو ينظر للحاضرين في القاعة قائلا ً:
ولا تظنوا أني ابتعدت كثيرا ًعن إجابة سؤال الآنسة (جوليان) ....
بل كل ما ذكرته لكم الآن : يؤكد لكم : أهمية (الإلتزام) بما أمرنا به الشرع والدين من أمور (الفطرة الإنسانية) !!!..
وأن الله تعالى ورسوله الخاتم (محمد) : لم يعتبرا تلك الأمور : (تافهة) أو (بسيطة) !!!..
بل تجدون الكثير من النصوص في الإسلام للحث عليها ...
ففي الحديث الصحيح الذي روته (عائشة) رضي الله عنها .. أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
" عشر ٌمن الفطرة : قص الشارب .. وإعفاء اللحية .. والسواك .. واستنشاق الماء .. وقص الأظفار . وغسل البراجم (والبراجم : هي ما بين الأصابع من ظهر الكف) .. ونتف الإبط .. وحلق العانة .. وانتقاص الماء (أي الاستنجاء والطهارة من قضاء الحاجة) " .. وقال بعض رواة الحديث : ونسيت العاشرة : إلا أن تكون :
" المضمضة " ... رواه مسلم ..
والآن ... نأتي لموضوع (ختان الفتيات) .. والأصح آنسة (جوليان) أن نسميه : (ختان الإناث) .. وذلك لأنه مُستحب لكل (الإناث) : وليس للـ (فتيات) فقط !!!..
ولكنهم يسمونه كذلك : لأن وقت فعله غالبا ً: يكون في وقت الطفولة للفتاة ...
ولكني وقبل أن أفسر تلك (الفطرة) الربانية من الله تعالى للأنثى : فيجب أن نعرف أن هذا (الختان) سواء للذكر أو الأنثى : هو من الفطرة التي أمرنا الله ورسوله الخاتم (محمد) بها ..
حيث يقول الرسول (محمد) في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري ومسلم وغيرهما :
" خمس من الفطرة : الاستحداد (أي حلق شعر العانة) .. والختان (وهو للذكر وجوبا ًوللأنثى استحبابا ًعلى الأرجح) .. وقص الشارب .. ونتف الإبط .. وتقليم الأظفار" !!!...
وبجانب أن (الختان) للذكور : هو عهد الله تعالى الأبدي الذي أخذه على نبيه (إبراهيم) وذريته كما ذكرنا من قبل ...
إلا أنه (وككل أوامر الله تعالى) : له فوائد كثيرة ..
منها مثلا ً: أن قطع ذلك الجزء الصغير من (عضو الذكر) : يقي الذكور من التلوث في تلك المنطقة نتيجة (البول) و(العرق) !!!.. وبالتالي : يحميهم من العديد من الأمراض التناسلية الكثيرة !!!..
كما أنه أيضا ً(ولا حياء في العلم) : يزيد من استمتاع الرجل في الجماع : عن غيره الأغلف الذي لم يختتن !!!...
وأما بالنسبة للمرأة ....
فـ (الختان) : ليس بواجب في حقها مثل الرجال على الأرجح : ولكنه مستحب لمَن أراد .. أو عند الحاجة ..
وأقول لمَن أراد أو عند الحاجة : لأنه عالميا ًيتم تقسيم ختان الإناث إلى أربعة درجات .. الأولى والثانية : وهما (ختان السنة) : وهما اللذان يُفيدان ولا يضران ويُسميان طبيا ًبـ (sunna circumcision) وكما عرفه الطبيب (جوردن jordon ) بمجلة الولادة البريطانية عدد فبراير 1994م الجزء 101 صفحة 95 !!.. وهو أشبه ما يكون بالعمليات التجميلية في عصرنا الحاضر : حيث يتم فيه وفق ما جاء في سنة النبي الخاتم (محمد) : قص جزءٍ صغير ٍفقط من ذلك العضو الأنثوي .. وأما الدرجتين الثالثة والرابعة : فهما اللتان يتم فيهما استئصال ذلك العضو الأنثوي بأكمله (وكما يحدث في بعض القبائل الأفريقية للأسف) : وهذه هي الجريمة الشنعاء التي يتبرأ منها الإسلام ورسول الإسلام !!!..
وعليه :
لا يجوز لبلدٍ مسلم أن يمنع ختان الإناث السني أو يُجرمه !!..
وأما إذا أردنا أن نتعرض لذكر بعض الأضرار للتي لا تختتن : فهي تتفاوت في تأثيرها على المرأة : بحسب حجم هذا الجزء من (عضو المرأة) ... والذي كلما كان كبيرا ًإلى حد ٍما : زادت معه (شهوة) المرأة أو الفتاة عن الحد المقبول : والذي يمكن أن يدفعها فيما بعد لارتكاب الفاحشة : أكثر من غيرها ...!
فيكون بذلك : قص هذا الجزء الصغير من (عضو المرأة) : سببا ًفي (تهذيب شهوتها) إلى حد ٍكبير ..
كما أنه يكون سببا ًأيضا ًفي استمتاع زوجها بها في الجماع ...
لأنه لا يغلب عليها اهتمامها بهذا الجزء : مقابل متعة زوجها بها !!..
وهو ما حدا بعددٍ من النساء هنا في أوروبا بل وفي أمريكا نفسها لإجراء مثل هذا الختان (اختياريا ً) :
لتسعد بالتوافق مع زوجها وتوقيته أثناء الجماع !!..
وذلك الأمر للأسف : لن أستطيع شرحه بأكثر من ذلك : لوجود الكثير من الأطفال والمراهقين في القاعة !!!..
وهنا .. ضحك معظم الحاضرين من موقف الشيخ مع هذا الكلام !!!..
وتقبلوا بالفعل : هذا العذر المقبول منه ..
فواصل قائلا ً:
والآن : وبعد أن استعرضت معكم هذه المسألة من عدة جوانب ...
فسوف أذكر لكم ما قاله النبي الخاتم (محمد) فيها ....
حيث رأى في أحد الأيام : إحدى النساء اللاتي كن يقمن بعملية (الختان) في المدينة ... فنصحها كعادته مع كل الناس قائلا ً:
" إذا خفضت (أي ختنت الفتيات) : فأشمي (أي خذي جزءا ًصغيرا ًمن هذا العضو) .. ولا تنهكي (أي ولا تستأصليه بالكلية : فتحرمي المرأة من حقها في الشهوة والاستمتاع) : فإنه (أي إذا فعلتي ذلك) : أسرى للوجه (أي يُدخل الراحة والسرور على وجه المرأة قبل وبعد الزواج) .. وأحظى للزوج (أي أكثر موافقة لشهوة الزوج عند الجماع) " !!!...
سلسلة الآحاديث الصحيحة (2/722) ...
وهكذا ترون معي في هذا الحديث :
أن النبي الخاتم (محمد) : لم يترك برحمته أمر (الختان) هذا : بدون ضوابط !!!.. وذلك لأنه يعلم جيدا ً:
أهمية هذا العضو الذي يتم قص (جزء منه) في حياة المرأة الزوجية ...
ولذلك :
فيجب على المرأة التي تقوم بعمل (الختان) : أن تكون خبيرة بذلك الأمر .. كما لا يكون (ختان الأنثى) في سن صغيرة جدا ًمثل (ختان الذكر) !!!.. لأنه لن يظهر في هذه السن الصغيرة : مقدار الجزء الذي يجب قطعه من هذا العضو !!!... وأفضل سن له : هو وقت البلوغ تقريبا ًأو قبل ذلك بقليل ...
ولعل الله تعالى يُظهر لنا في الأيام القادمة :
بعض الفوائد الهامة الأخرى في (ختان الإناث) : والتي لا نعرفها نحن الآن ....
وهكذا آنسة (جوليان) : أرجو أن أكون قد شرحت وأجبت لك على استفسارك ...
وهنا .. بدت على وجه (جوليان) حمرة الخجل بسبب الحديث عن هذه المواضيع الجنسية إلى حد ما ..
والتي حاولت أن تتغلب عليها سريعا ًبالمبادرة بقراءة السؤال التالي الذي معها ...
حيث قالت للشيخ (عبد الله) :
حسنا ًشيخ (عبد الله) ... والآن ننتقل لسؤال آخر ... وهو يتعلق بوضع (العبيد) في دينكم ..
ومكتوب هنا أمامي : أكثر من (تهمة) للإسلام بخصوص هذا الشأن .. وخاصة بالنسبة لـ (مَـلكة اليمين) ومعاملة سيدها لها !!!... فهل يمكنك أن تحدثنا أيضا ًعن هذا الموضوع بإيجاز مشكورا ً؟؟..
6))
وهنا : التفتت العيون للشيخ (عبد الله) .. حيث أن معظمهم بالفعل : لم يكن يعرف شيئا ًعن هذه الاتهامات الخاصة بـ (ملكة اليمين) في الإسلام !!!.. فكل ما فهموه هو أن (جوليان) تقصد : العبيد من النساء ....
وقرأ الشيخ (عبد الله) في عيون الحاضرين : كل هذه التساؤلات ....
فقال ولم تفارق الابتسامة وجهه :
أما بالنسبة لهذه المسألة (جوليان) ... فالحق أقول لكم : سوف تذهلون من الحقائق التي سأذكرها لكم الآن !!!.. والتي ستتيقنون بها : أن الله تعالى هو بالفعل : المشرع الوحيد : الرحيم والحكيم للبشر !!!.. وستتيقنون أيضا ًبأن دين الإسلام ورسالة نبيه الخاتم (محمد) :
هي الرحمة التي أعطاها الله تعالى للبشرية جميعا ً.... حتى للعبيد !!!...
ثم نظر الشيخ في ساعته وهو يقول :
أوووه .. الساعة تشير باقترابنا من (الخمس ساعات) تقريبا ًمن وقت هذه الندوة !!!!...
ثم التفت إلى الحاضرين قائلا ً:
سأحاول أن أختصر معكم الحقائق التالية : في عدة نقاط مركزة ....
1))
لا شك أن أمر (الحروب) في عالم الإنسان : واقع ٌلا محالة !!!.. سواء الحرب التي يشنها (الظالم والمتجبر) واعتدائه على غيره من البشر .. أو تلك الحرب التي يقودها (المؤمن المدافع) عن دين الله تعالى وعن أرضه ...
ولذلك : فالإسلام : ليس أول مَن أتى بنظام (الحروب) .. وليس أول مَن أتى بنظام (استعباد) المنتصر للمهزوم ....
2))
وبالرغم من أن (العفو) : هو من أعظم الصفات التي يدلنا الله تعالى عليها ...
وهو الذي فعله رسول الله الخاتم (محمد) بالفعل بعد (فتحه لمكة) .. حيث عفى عن معظم من فيها ...!
إلا أننا لا نتخيل دوما ً: أن يعفو المنتصر عن المهزوم !!.. أو حتى أن يتركه حرا ً!!!.. لأنه إذا فعل ذلك : فهو يُعطى بذلك فرصة للمهزوم : لمعاودة حربه من جديد!!!!...
ولذلك : فقد انتشر في دنيا البشر والحروب منذ القدم : نظام (العبيد) ....
وحتى ولو لم يتبقى من المهزوم إلا النساء والأطفال .. فاستعبادهن أيضا ً: يقي المنتصر من كر ّهؤلاء النسوة بأولادهن عليه في المستقبل !!!.. وذلك عندما يشب هؤلاء الأطفال ويكبرون ...
كما أن فيه أيضا ً: حفظ ٌلهؤلاء النسوة من الضياع بعد موت : رجالهن وأزواجهن وعائلاتهن !!!...
وحفظ ٌلهن أيضا ًمن ابتذال أعراضهن طلبا ًللمال والعيش ..
3))
وأما الغريب الملفت للنظر : فهو أن الإسلام : هو الدين الوحيد الذي (التزم) بقوانين وشرع الله تعالى الرحيمة بهؤلاء (العبيد) !!!... وذلك في الوقت الذي كانت جميع أمم الأرض من النصارى والرومان والفرس والصينيين وغيرهم : ينظرون للعبيد وكأنهم : حيوانات أو أقل !!!..
فكانوا لا يرون فيهم إلا (العمل حتى الموت) !!!.. أو (المتعة أيضا ًولو بالموت) !!!..
فلا مانع من تحميل العبد فوق طاقته في العمل : حتى ولو كلفه ذلك صحته وحياته !!!..
بل ولا مانع أبدا ًمن السخرية به !!!.. وظلمه في المأكل والمشرب والملبس !!!..
بل وفي (روما) (وكما تعرفون) : كانوا يتمتعون بمشاهدة (العبيد) وهم يقتلون بعضهم البعض من أجل أن ينجو آخرهم !!!!..
أو يتمتعون حتى بإلقاءهم أمام (الأسود الجائعة) !!!...
وأما النساء : فلم يكن لهن ولا لأعراضهن أي حرمة إذا ما وقعت في الأسر أو العبودية للأسف !!!...
فكانوا يجبرونها على الجماع (حتى ولو مع أكثر من شخص) !!!..
لدرجة أنها لو أنها حملت جنينا ًفي بطنها : لم تكن لتعرف أبدا ً: مَن هو أبوه !!!...
وأما الإسلام :
فكما قلت لكم : ستندهشون من عظمة القوانين التي وضعها لطبقة (العبيد) و(ملكة اليمين) في الإسلام !!!..
والتي : لا أكذب إذا أقسمت لكم : أن العالم اليوم : لا يطبق ولو جزءا ًفي المائة منها !!!!..
واسمعوا الآتي :
4))
لقد شرع الله تعالى أكثر من سبب : تؤدي جميعها لعتق (العبيد) وتحريرهم في الإسلام !!!..
فجعل الله تعالى مثلا ً(عتق رقبة العبد) : هو (الكفارة الأولى) لأكثر من ذنب !!!..
فجعله كفارة ثابتة لمَن :
>> (يقتل مؤمنا ًخطأ ً) !!!.. أو حتى (قتل مُعاهدا ًخطأ ً) !!!..
>> وجعله الاختيار الأول في كفارة الظهار (أي امتناع الزوج عن معاشرة زوجته وتشبيهه لها بأمه) !!..
>> بل وجعله أيضا ً: الخيار الثاني في كفارة (الحنث في اليمين أو القسَم) !!!..
>> كما جعله النبي الخاتم (محمد) : الاختيار الأول في كفارة (الجماع المتعمد أثناء صوم رمضان) !!..
>> بل وأوجب النبي الخاتم (محمد) : أن من مَلك (قريبا ًله) : فيتم عتقه بسبب ذلك مُباشرة !!!..
>> بل وأوجب النبي الخاتم (محمد) أيضا ً: أن عتق رقبة المملوك : هو الكفارة الوحيدة لسيده إذا آذاه بـ :
قطع عضو من أعضائه أو تحريقه أو تعذيبه : أو حتى ضربه !!!!..
واسمعوا معي لهذا الحديث الصحيح التالي :
فعن (أبي مسعود الأنصاري) قال :
" كنت أضرب غلاما ًلي (أي عبدا ًله) فسمعت من خلفي صوتا ًيقول : اعلم أبا مسعود .. اعلم أبا مسعود : لله أقدر عليك : منك عليه !!!.. فالتفت ... فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم !!!.. فقلت : يارسول الله ... هو حرٌ لوجه الله تعالى !!!.. فقال له : أما إنك لو لم تفعل : للفعتك النار " !!!..
حديث صحيح رواه مسلم وغيره ..
>> بل وأكثر من هذا أيضا ً.. وهو أن رسول الله الخاتم (محمد) : أخبر أنه إذا اشترك أكثر من سيد في ملكية (عبد) واحد : فإنه إذا قرر أحدهم عتق هذا العبد .. واستعد بالفعل لشراء نصيب الباقين فيه لعتقه :
فعليهم جميعا وجوبا ًالاستجابة له !!!...
فهل رأيتم مثل كل هذه التشريعات والتعاليم والقواعد : لتحرير (العبيد) في دين من الديانات أو مذهب من المذاهب أو أمة من الأمم ؟؟!!!...
بل ولن تجد البشرية في تشريعاتها : مثل هذه الحكمة الربانية في تحرير (العبيد) بهذه الصورة ..
حيث أن من مزايا هذه الطريقة الإسلامية في تحرير (العبيد) :
أنها لم تأتي مثلا ًبـ (حكم ٍعام ٍمفاجيء) لتحرير (العبيد) : يُلزم الأسياد جميعا ًبه مرة واحدة !.. وذلك لما فيه من خطر ٍجسيم على المجتمع .. حيث أن المجتمع فجأة : سيجد بين أفراده : المئات (وربما الآلاف) من الرجال والنساء والأطفال : والذين : لا عمل لهم !!!.. ولا بيت لهم !!!.. وفي نفس الوقت : لهم حاجاتهم الضرورية من الطعام والشراب والكساء !!!...
فإذا فهمتم ذلك :
فستعرفون مقدار الحكمة البالغة في هذه التشريعات الإسلامية لتحرير العبيد .. والتي عملت على تحريرهم :
(جزءا ًجزءا ً) ... و(أفرادا ً) غالبا ًوليس (جماعات) !!!!...
>> ومما يدل على هذه الحكمة أيضا ً: هو تشريع الله تعالى لنظام (المُكاتبة) .. وهي أن يشتري (العبد) رجلا ًكان أم أنثى : نفسه من سيده : لقاء مبلغ يُحدده من المال أو (جُعل ٍ) معين ٍ: يتفقان عليه !!!....
وذلك لن يتأتى بالطبع : إلا أن يُخفف السيد عن (عبده) من بعض الأعمال والأوقات : ليُمكن لهذا (العبد) أن يعمل عملا ًجانبيا ًفي المجتمع : يجني من ورائه المال !!!..
وبذلك : يضمن المجتمع أنه عندما ينال ذلك (العبد) حريته : أنه قد صار فردا ً: قادرا ًعلى العمل والكسب بنفسه ...
>> بل : وجعل الله تعالى مصرفا ًمن مصارف زكاة مال المسلمين : أن يُساعدوا هؤلاء (العبيد) الذين كاتبوا أسيادهم على (مبلغ ٍ) أو (جُعل ٍ) معين !!!!.....
فهل رأيتم حكمة ًمثل هذه ؟؟!!.. بل هل رأيتم رحمة ًمثل هذه بالعبيد من قبل ؟؟!!!..
5))
وأما بالنسبة للنساء اللاتي وقعن في الأسر أو في العبودية ....
فقد حرّم الله تعالى أن تنتهك إنسانيتهن بالاعتداء عليهن بالقوة أو بالاغتصاب !!!...
ولكنه أيضا ً: شرع لسيدها أن يُجامعها برضاها .. وذلك في لمحة لطيفة من الله تعالى : للاهتمام بمشاعرها وأنوثتها !!!.. بل وبحاجتها للجماع : مثلها مثل الرجل تماما ً.....
وأيضا ً: لإعفافها أن تطلب ذلك خارج بيت سيدها : فتشيع بذلك الفاحشة في المجتمع !!!...
ولكن الشرع الحكيم لله تعالى : لم يترك حتى هذه الأمور بدون ضوابط كالعادة ...!
فمن الضوابط الحكيمة في هذا الأمر مثلا ً:
أن المرأة التي يستمتع بها سيدها بالجماع : لا يستمتع بها غيره أو يجامعها !!!....
وذلك : كي لا تختلط الأنساب في المجتمع ... !
كما أن المرأة التي تقع في العبودية وهي حامل :
فلا يجامعها أحد (حتى ولو رضيت) : إلا بعد أن تلد وتضع حملها !!!...
وأيضا ًالمتزوجة منهن التي وقعت في العبودية : لا يجامعها أحد (حتى ولو رضيت) : إلا بعد أن يستبرأ رحمها : بأن ينتظر شهرين متتابعين : لكي يتأكد تماما ًمن عدم وجود حمل سابق عندها ...
حيث كان رسول الله الخاتم (محمد) في إحدى الغزوات (وهي غزوة حنين) .. فقال لمن معه :
" لا يحل لامرئ يُؤمن بالله واليوم الآخر : أن يسقي ماءه زرع غيره !!!...
(أي لا يجامع امرأة ًحاملا ً: إذا صارت من عبيده) ...
ولا يحل لامرئ يُؤمن بالله واليوم الآخر : أن يقع على امرأة من السبي حتى يستبرئها " !!!..
صحيح الجامع الصغير (2/6507) ..
وكما جاء أيضا ًفي الحديث عن (عمر) رضي الله عنه موقوفا ً:
" أيما أمة (أي مملوكة) ولدت من سيدها : فهي حرة بعد موته .. إلا أن يعتقها قبل موته " !!!..
ضعيف الجامع الصغير (2218) ..
6))
كما أنه يمكن للسيد أن يتزوج (مملوكته) .. بأن يكون (مهرها) هو (عتقها) !!!...
وقد فعل النبي الخاتم (محمد) ذلك الأمر بالفعل : مع اثنين من زوجاته : كانتا من سبي اليهود تحت يده ..
كما أن (العبيد) في الإسلام : لهم (نصف الحدود والعقاب) في الكثير من الأشياء ...
فـ (الحرة) الغير متزوجة إذا ضـُبطت وقد (زنت) مثلا ً: فجزائها أن يتم جلدها : (مائة جلدة) ..
وأما (الأمة) الغير متزوجة إذا (زنت) : فعقابها يكون (النصف) فقط !!!..
وفي ذلك من الله تعالى :
(رحمة) و(مراعاة) لضعف وغلبة حال (العبيد) وسط المجتمع !!!....
7))
وأما إذا أردت آنسة (جوليان) أن تلمسي معي : مدى رحمة النبي الخاتم (محمد) بـ (العبيد) :
والتي ورثها عنه : أصحابه والمسلمون من بعده ...
فاستمعي معي للحديثين التاليين ... حيث يقول في أولهما نبي الله (محمد) :
" للمملوك : طعامه وكسوته .. ولا يُكلف من العمل : ما لا يطيق " !!!.. رواه مسلم .. وفي زيادة حسنة في السنن : " ولا تعذبوا عباد الله : خلقا ًأمثالكم " !!!..
وأما عن (التطبيق العملي) لهذه الرحمة من النبي الخاتم (محمد) ..
فقد دخل بعض الناس على صاحب ٍمن أصحاب رسول الله (محمد) (وهو أبو ذر الغفاري) رضي الله عنه ... فوجدوه يرتدي (بُردا ً) (وهو نوع من الرداء القيم) .. وعلى غلامه (أي عبده) : مثله !!!!..
فقالوا له متعجبين :
يا (أبا ذر) !!.. لو أخذت بُرد غلامك إلى بُردك : فكانت حُلة .. ثم كسوته ثوبا ًغيره !!!..
فقال لهم : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
" إخوانكم : جعلهم الله تحت أيديكم .. فمن كان أخوه تحت يديه : فليطعمه مما يأكل .. وليكسه مما يلبس .. ولا يكلفه ما يغلبه (أي ما لا يستطيعه) .. فإن كلفه ما يغلبه : فليُعينه " ..
صححه الألباني في سنن أبي داود .. وله شاهد في البخاري ومسلم ...
بل وفي التاريخ الإسلامي عموما ً: العديد من الشخصيات الشهيرة جدا ً.. والتي كانت في الأصل : (عبيدا ً) !!.. أو كانت من (المماليك) و(الموالي) الذين حررهم أسيادهم وبقوا معهم لخدمتهم !!!...
ومن أشهرهم مثلا ً: مؤذن الصلاة لرسول الله (محمد) صلى الله عليه وسلم .. وهو : (بلال) الحبشي ....
وذلك لأن دين الله تعالى الإسلام : قد سبق بشرعه : محاربة (العنصرية المقيتة) بين البشر !!!...
والتي دفعت أناسا ًمثل (السود) في (أمريكا) مثلا ً(ومن شدة ما لاقوه من هذه العنصرية المقيتة) :
تجدونهم وقد صنعوا تماثيلا ًعديدة في كنائسهم لـ (عيسى) عليه السلام : بالبشرة السوداء !!!!..
ولكن الله تعالى يخبر الناس جميعا ًفي قرآنه فيقول :
" يا أيها الناس : إنا خلقناكم من ذكر وأنثى .. وجعلناكم : شعوبا ًوقبائل : لتعارفوا !!!.. إن أكرمكم عند الله : أتقاكم " !!!.. الحجرات – 13 ..
كما يقول الرسول الخاتم (محمد) في جموع الناس التي اجتمعت به في (الحج) :
" يا أيها الناس .. إن ربكم واحد .. وإن أباكم واحد .. ألا لا فضل لعربي على عجمي .. ولا لعجمي على عربي .. ولا لأحمر على أسود .. ولا لأسود على أحمر : إلا بالتقوى (ثم تلا قول الله) : إن أكرمكم عند الله أتقاكم " ...
سلسلة الآحاديث الصحيحة (6/2700) ...
8))
كما أن لـ (العبد) الحق في طلب الزواج بعد إذن سيده !!!.. وليس لسيده أن يمنعه إذا كان (العبد) فعلا ً:
قادرا ًعلى مشقات وأعباء الزواج ...
كما أن المرأة التي في العبودية : يؤخذ رأيها أيضا ًفي الزواج منها : إذا ما تقدم لها أحد الرجال ...
فإذا تزوجت (عبدا ً) أو (حرا ً) : فليس لسيدها من ساعتها أن يُجامعها أو ينظر لعورتها !!!....
وعلى زوجها في هذه الحال : أن يساعدها في (مكاتبة) نفسها من سيدها !!!....
كما أنها لو نالت حريتها : ولم يزل زوجها (عبدا ً) : فلها أن تختار بين البقاء معه : أو الانفصال عنه !!!..
وفي ذلك : مراعاة كبيرة من الله تعالى لها ولحالها ولظروفها المعيشية !!!...
فهل سمعتي أو قرأتي آنسة (جوليان) عن مثل هذه التعاليم (الراقية) و(الرحيمة) في معاملة (العبيد) في أي مكان على وجه الأرض ؟؟!!..
وهنا ابتسمت (جوليان) وهي تقول : ولا حتى في (منظمات حقوق الإنسان) !!!!..
فضحك معظم الحاضرين : وهم يستمعون بالفعل لكل هذه الحقائق عن الإسلام :
لأول مرة في حياتهم !!!..
بل وتساءلوا في داخلهم : لماذا لا يُبرز الإعلام عندهم في الغرب : مثل هذه (الحقائق الإسلامية) الرائعة : في الوقت الذي لا يهتم فيه فقط إلا : بإثارة التهم والشبهات حول الإسلام ؟؟!!..
وهنا : قطع عليهم تفكيرهم صوت (جوليان) وهي تقول :
وأما السؤال الأخير أيها الشيخ (عبد الله) .. فهو تساؤل عن حق (الحيوانات) في دينكم !!!.. حيث أن هناك بعض (جمعيات حقوق الحيوان) في بلادنا : تثير من وقت لآخر :
استنكار ما تسميه بـ (الممارسات الوحشية) التي ترتكبونها في حق الحيوانات في كل عام :
في موسم (الحج) عندكم !!!...
حيث أنكم تقومون بذبحها (حية) : ثم ترك الدماء تنزف منها حتى الموت .!!!...
فما هو ردك الحكيم على مثل هذه الاتهامات ....
وشكرا ً.. وعذرا ًللإطالة ...
وهنا .. انتقلت أنظار الحاضرين إلى وجه الشيخ (عبد الله) .. والذي بدأت تظهر بعض علامات الإرهاق عليه بالرغم من تبسمه الدائم ..
فشرب شربة ًصغيرة ًمن كوب الماء الذي أمامه وهو يسأل الحاضرين في مرح :
ما هو الرقم القياسي لـ (أطول فترة كلام بدون توقف) في بلادكم ؟؟...
فضحك الحاضرون لدعابة الشيخ .. والتي أعادت لهم بعض النشاط والانتباه ....
فأصغوا إليه السمع وهو يقول :
الحق أقول لك آنسة (جوليان) :
إن الله تعالى لم يترك لنا في هذا الدين الخاتم للبشرية شيئا ً:
إلا ووضحه وبينه كما أخبرتكم من قبل !!!.....
وسوف ألقي على أسماعكم الآن : بعض الآحاديث والأخبار الدالة على اهتمام الإسلام بالحيوانات .. لا !!!..
بل بالحشرات أيضا ًوالنباتات !!!!.. فهل تصدقون هذا ؟؟!!!..
وسوف أذكرها لكم في شكل نقاط سريعة ومركزة أيضا ً: كما فعلنا من قبل : حفظا ًللوقت ...
1))
فقد كرم الله تعالى بعض الحشرات والحيوانات والنباتات في القرآن الكريم .. فبين لنا جميعا ًفوائدها الجمة .. وذلك مثل : النخل .. والعنب .. والتين .. والزيتون .. والرمان في النباتات !!!...
ومثل : النحل .. والنمل .. والعنكبوت في الحشرات !!!...
ومثل : البقر .. والغنم .. والإبل .. والكلاب في الحيوانات !!!...
بل ومن الغريب أنكم ستجدون أيضا ً: (سورا ًكاملة ً) في القرآن الكريم باسم حيوان أو حشرة أو نبات !!!..
فهناك مثلا ًسور : (الفيل) و(النمل) و(النحل) و(العنكبوت) و(التين والزيتون) !!!..
2))
وأما عن حقوق هذه المخلوقات : فاستمعوا للآحاديث التالية :
ففي صحيح البخاري أن رسول الله الخاتم (محمد) صلى الله عليه وسلم قال :
" نزل نبيٌ من الأنبياء تحت شجرة .. فلدغته نملة !!!.. فأخرج متاعه من تحتها : ثم أمر ببيتها :
فأ ُحرق بالنار !!!.. فأوحى الله إليه : فهلا نملة واحدة " ؟!!!!..
فإذا كان هذا النبي : قد استحل لنفسه أن يعاقب النمل بـ (الحرق بالنار) :
فإن النبي الخاتم (محمد) الذي ادخره الله تعالى لختم رسالاته إلى البشر : فقد جعله الله تعالى كما قال عنه في القرآن : " رحمة للعالمين (أي لجميع العوالم) " !!!.. الأنبياء – 107 ..
واستمعوا إلى الحديث العجيب التالي .. لتلمسوا عن قرب بالفعل :
مدى (رحمة) هذا النبي الخاتم (محمد) صلى الله عليه وسلم بالطير والحشرات ...
فعن (عبد الرحمن) .. عن أبيه (عبد الله) قال :
" كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر .. فانطلق لحاجته .. فرأينا حمرة (وهي طائر صغير كالعصفور : أحمر اللون) : معها فرخان .. فأخذنا فرخيها !!!.. فجاءت الحمرة .. فجعلت تفرش (أي ترفرف بجناحيها وتقترب من الأرض) ... فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال :
من فجع هذه بولدها ؟!!.. ردوا ولدها إليها ...!!
ورأى قرية نمل قد حرقناها !!!... فقال : من حرق هذه ؟!!.. قلنا : نحن !!.. قال :
إنه لا ينبغي أن يعذب بالنار : إلا رب النار " !!!...
سلسلة الآحاديث الصحيحة (1/25) ...
فهل علمتم الآن : مَن هو النبي (محمد) الذي يصفونه بـ (الوحشية) و(القسوة) ؟؟!!!..
لقد مر على النبي صلى الله عليه وسلم بدابة : قد وُسم (أي تم حرقه في مقدمة وجهه كعلامة له من الضياع) : يدخن منخراه (أي من أثر الحرق عليهما) !!!.. فقال النبي صلى الله عليه وسلم :
" لعن الله مَن فعل هذا !!!... لا يمسن أحد الوجه .. ولا يضربنه " !!!..
رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني (175/131) ...
فهل ذكر أصحاب (جمعيات حقوق الحيوان) عندكم : مثل هذه الحقوق ؟؟!!!..
هل واجهوا بها يوما ً: رعاة البقر في أوروبا وأمريكا بهذه التعاليم ؟؟!!!...
أم أنهم (متفرغون فقط) للعالم الإسلامي !!!...
بل واسمعوا أيضا ًللحديث الصحيح التالي في البخاري ومسلم ..
حيث مر أحد أصحاب النبي يوما ً(وهو ابن عمر رضي الله عنه) بفتيان ٍمن قريش :
وقد نصّبوا طيرا ًأو دجاجة ً: يترامونها (أي يصوبون عليها بنبالهم) !!!...
وقد جعلوا لصاحب الطير جُعلا ً: عن كل خاطئة من نبالهم !!!!...
فلما رأوا (ابن عمر) قادما ً: تفرقوا !!!..... فقال (ابن عمر) وهو ينظر للطير المسكين :
" مَن فعل هذا ؟؟!!.. لعن الله مَن فعل هذا ... إن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لعن مَن اتخد شيئا ًفيه الروح : غرضا ً(أي للهو والمتعة فقط) " !!!..
فهل رأيتم مثل هذه التعاليم (وتطبيقها عمليا ًوواقعيا ً) : في دين من الأديان ؟؟..
أم ما نراه فقط للأسف هو : قوانين نظرية وقرارات : لا يلتزم بها أكثر الناس في الواقع !!!..
ومن الغريب أيضا ً: أن رسول الله الخاتم (محمد) : قد أخبر الناس أن تعذيب الحيوان (ولو هرة وهي القطة) :
يمكن أن يكون سببا ًفي دخولهم (جهنم) أو (النار) والعذاب فيها !!!...
فهل تصدقون هذا ؟!!!..
ففي الحديث الصحيح أيضا ًفي البخاري وغيره : أن رسول الله الخاتم (محمد) قال :
" دخلت امرأة النار في هرة !!!.. ربطتها : فلم تطعمها !!.. ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض " !!!..
وفي رواية أخرى لنفس الحديث :
" عُـذبت امرأة في هرة !!!.. سجنتها حتى ماتت !!!.. لا هي أطعمتها وسقتها إذ هي حبستها !!!.. ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض " !!!..
ولذلك : فقد أخذ المسلمون عن النبي الخاتم (محمد) هذه التعاليم الراقية ..
وقاموا باتباعه والاقتداء به فيها ....
فقد مر يوما ً ببعير : قد لحق ظهره ببطنه (كناية عن شدة الجوع والضعف والهزال) .. فقال :
" اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة (أي التي لا تستطيع التحدث إليكم والشكوى) !!!.. فاركبوها صالحة .. وكلوها صالحة " !!!..
صحيح سنن أبي داود للألباني (2548) ...
بل وقد روت زوجته (عائشة) رضي الله عنها أنه كان :
" يُـصغي (أي يُميل) للهرة الإناء : فتشرب .. ثم يتوضأ بفضلها (أي بما تبقى من الماء) " !!!..
صحيح الجامع الصغير (2/4958) ...
3))
ومن ثمرات هذه التعاليم كما قلت لكم :
أن أولياء الأمر والحكام المسلمين : قد صاروا يعرفون أن لهذه الحيوانات : حقا ًيجب المحافظة عليه !!!..
وصاروا يعرفون أن الله تعالى : سيسألهم عنه !!!!!!...
فقد حكى الإمام (مالك) : أن (عمر بن الخطاب) الخليفة الثاني للمؤمنين رضي الله عنه :
مر بحمار عليه لبن (بكسر الباء وهو : الطوب الغير محروق) ...
فوضع عنه طوبتين !!!.. فأتت سيدته (أي صاحبة الحمار) لـ (عمر) فقالت :
" يا عمر !!.. مالك ولحماري ؟!!.. ألك عليه سلطان ؟!!.. فقال : فما يُـقعدني في هذا الموضوع إذا ً " !!!..
أي أن مسئولية البهائم أيضا ً: تقع في نطاق مسئوليات ولي الأمر والحاكم !!!!..
ولذلك كان (عمر) رضي الله عنه يقول أيضا ً:
" لو أن بغلة ًبالعراق تعثرت .. لسؤل عمر عنها : لماذا لم تمهد لها الطريق " !!!..
فهل تعرفون مثل هذه الرحمة في تاريخكم وفي سياستكم على مدى تاريخكم الطويل ؟؟!!!...
وقد رأي (عمر) أيضا ً: رجلا ًوقد حمّـل بعيره مالا يطيق ..
فضربه وقال له : " لِمَ تحمّـل بعيرك مالا يطيق " ؟؟!!!..
ولذلك قال (الماوردي) أحد علماء الدين الإسلامي رحمه الله :
" إذا كان من أرباب (أي أصحاب) المواشي : مَن يستعملها في مالا تطيق :
أنكره المحتسب عليه .. ومنعه منه " !!!.. (والمحتسب هو : المُعين للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المجتمع الإسلامي) ...
بل وإذا تتبعتم مثل هذه الأخبار في الإسلام : لوجدتم أخبارا ًعجيبة ً!!!..
مثل ما اتفق عليه بعض العلماء في التاريخ الإسلامي وأسموه بـ :
(وقف الهررة) !!!!!!!..
حيث قرروا أن يُـقيموا (وقفا ً) خاصا ًبالهررة (أي القطط) !!!!..
وفيه كانوا يُعدون طعاما ًللقطط : لتأكل منه ثم تنصرف في الصباح والمساء !!!!..
فهل علمتم الآن : أن مآثر المسلمين التي سبقوا بها العالم : تتعدى المآثر (العلمية) إلى (حقوق الحيوان) أيضا ً!!!..
4))
وأما الآن : وبعد أن استعرضت معكم : (بعض جوانب الرحمة في الإسلام بالحيوان) ...
يأت الدور أخيرا ًللرد على من (يهاجمون) ذبح الحيوان في الإسلام ...
حيث أسوق لكم الحقيقة التالية :
والتي لا أتوقع أن يرضى عنها (النباتيين) أو (الحيوانيين) !!!!..
وتلك الحقيقة هي : أن الله تعالى قد : (سخر) كل ما في الأرض من جماد وحيوان ونبات وماء : لخدمة الإنسان وراحته وغذائه وسائر استعمالاته الأخرى !!!!..
وذلك : كي يشعر الإنسان الغافل : بأن هناك من خلقه .. وسخر له كل شيء من حوله ..
فيتنبه بذلك إلى وجود (غاية) حتما ًمن وراء كل هذا !!!...
فلا يجد إلا أن يعبد الله تعالى ولا يشرك به شيئا ً!!!!...
وقد كرر الله تعالى هذا المعنى كثيرا ًفي القرآن الكريم .. فيقول مثلا ً:
" وسخر لكم : ما في السماوات وما في الأرض : جميعا ًمنه .. إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " !!!..
الجاثية – 13 ...
وأما بالنسبة لأكل الإنسان : فلم يمنع الله تعالى الإنسان من الأكل من كل ما في الأرض : إلا من بعض الأشياء القليلة جدا ًالتي حرمها عليه (مثل أكل الدم والخمر وما يُذبح للأصنام وأكل ذوات المخالب من الطيور والأنياب من الحيوانات) ....
وأما بالنسبة للحيوان :
فقد شرع الله تعالى للمؤمن ذبح أنواع معينة منه : (الضأن) و(المعز) و(الإبل) و(البقر) .... وبشرط ألا يجدها مقتولة فيأكلها ...
ولكن :
أوجب على المؤمن أن (يذبحها) أولا ً...
وفي ذلك فوائد كثيرة : (دينية) و(صحية) كعادة جميع شرع الله تعالى (الحكيم) كما رأيتم معي ...
فمن الفوائد الدينية :
أن الذبح : هو سُـنة (إبراهيم) عليه السلام عندما افتدى ابنه البكر (إسماعيل) عليه السلام ....
فعندما يُـقدِم المؤمن على ذبح الحيوان الذي يستفيد منه في حياته : لوجه الله : فهو بذلك : يثبت تقديم حق ربه ودينه على الدنيا ومنافعها الزائلة ....
وأما الفوائد الصحية للذبح :
فهي أن دماء أي حيوان : تحتوي مثل دم الإنسان على بعض (المواد الضارة) التي يحملها الدم بداخل أجسادنا .. وذلك مثل (حمض البوليك) .. والتي نطردها من حين لحين في عمليات الإخراج المختلفة ....
فإذا نظرنا لطريقة (الذبح الإسلامية) التي شرعها الله تعالى للحيوان :
نرى أنها : غاية الحكمة والفائدة : للحيوان .. وللإنسان معا ً!!!!...
فالله تعالى لا يأمر ولا يشرع : إلا الخير ....
فأما بالنسبة للحيوان :
فبذبح الحيوان بقطع : الوريد الوداجي .. والشريان السباتي .. والقصبة .. والمريء :
فبذلك أولا ً: نضمن موتا ًسريعا ً للحيوان !!!.. وثانيا ًنضمن أيضا ً: انتهاءا ًسريعا ًلشعوره بالألم : نتيجة قطع الدم عن المخ !!!...
كما أنه بقطع تلك المنطقة من رقبة الحيوان : فبذلك يتم : تصفية أسرع لجميع دمائه !!!.. وهي التي بها (المواد الضارة) التي أخبرتكم عنها (مثل حمض البوليك) وغيره ....
كما أننا إذا علمنا أن هناك (تعاليم) و(إرشادات) للنبي الخاتم (محمد) أيضا ًبخصوص الذبح :
فنعلم أن (رحمة) شرع الله تعالى : تنال الحيوان أيضا ً: حتى آخر لحظات حياته !!!!...
فرسولنا الرحيم الخاتم (محمد) يقول في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم :
" إن الله تبارك وتعالى : كتب الإحسان على كل شيء .. فإذا قتلتم (أي العدو في المعارك والحروب) : فأحسنوا القتـلة !!!.. وإذا ذبحتم : فأحسنوا الذبح !!!.. وليُحد أحدكم شفرته (التي سيذبح بها) .. وليُرح ذبيحته " !!!..
فمن هذا الحديث : يتبين لنا أن الحيوان المذبوح في الإسلام :
له أيضا ًبعض الحقوق قبل وأثناء الذبح !!!..
فيجب ألا يرى أمامه : حيوانا ًآخرا ًيُذبح !!!..
ويجب أن يُريحه الذابح ويُطمئنه قبل الذبح !!!..
كما يجب إطعامه وشرابه قبل الذبح أيضا ً!!!...
كما يجب التأكد من أن الشفرة أو السكين التي سيذبح بها : تكون (حادة) لكي تسرع من عملية الذبح بلا تعذيب !!!... والاهتمام أيضا ًبألا يراها الحيوان قبل الذبح .. ولا حتى الدماء !!!...
وفي هذه القواعد الإسلامية عند الذبح : فوائد عظيمة كما قلت لكم ...
ففي إراحة الحيوان عند ذبحه وتهدئته :
فائدة عظيمة لعدم انتشار بعض الهرمونات الإنفعالية في الدم .. كهرمون (الإدرانيلين) مثلا ً: والذي يُفرز في حال الخوف أو الإنفعال الشديد !!!...
وهذه المواد لو تم إفرازها في الحيوان : فإنها تؤثر على (طعم) و(مذاق) و(قوام) اللحم فيه ...
ولهذا .. فإن أغلى أنواع اللحم عندكم (وفي أمريكا خصوصا ً) : هو اللحم (الكوشير) : والذي يتم ذبح الحيوانات فيه على الطريقة اليهودية الصحيحة : (شيشيتا) ....
والتي : تماثل تقريبا ً(الذبح الإسلامي) !!!.. وذلك بالطبع : لأن الآمر بها : هو نفس المصدر :
أي الله عز وجل !!!...
ولذلك : فإن الله تعالى الذي خلق لنا الحيوان .. وأعطاه روحا ًمثلنا :
لا يقبل أن يُـذبح هذا الحيوان إلا بـ (اسم الله) !!!.. لأنه هو الذي خلقه : وليس غيره !!!...
وهذا هو أكبر شروط أكل الذبائح عندنا نحن المسلمين .. ألا وهو : (التسمية بالله) عليه قبل ذبحه ..
والآن .. قولي لي آنسة (جوليان) : الناس في شرق الأرض وغربها : لا غِنى لهم عن أكل لحوم الحيوانات .. بل هي بالفعل : من أشهى الطعام عند جميع أمم الأرض بلا استثناء ....
ولكن :
هل الطريقة التي أخبرتك بها (وهي شرع الله الحكيم) في الذبح : هي الأفضل ؟؟..
أم أن الطرق التي اخترعتها بعض العقول المريضة للبشر : هي الأفضل ؟؟!!!..
هل ذبح الحيوان بالطريقة الإسلامية التي ثبتت أنها : أكثر صحة .. وأفضل قوام للحم : أفضل ؟؟..
>> أم (صعق الحيوانات بالكهرباء) أفضل ؟؟!!!..
>> أم (تخديرها وضربها بالمطارق حتى الموت) أفضل ؟؟!!!..
>> أم (تخديرها وتخريب المخ والمخيخ والنخاع المستطيل بأداة حادة) أفضل ؟؟!!!...
والغريب أن معظم تلك الطرق : قد لا تؤدي إلى قتل الحيوان !!!.. بل قد تؤدي فقط إلى تخديره : ومن ثم : فهو يشعر بكل هذه المعاناة قبل قتله !!!!.. فهل تخيلتم هذا الوضع المؤسف ؟؟!!..
ألا تستحق كل هذه الطرق (الوحشية) بالفعل : أن تهاجمها (جمعيات حقوق الحيوان) : بدلا ًمن إثارتهم الشبهات حول شرع الله تعالى الحكيم لذبح الحيوان في الإسلام ؟؟؟!!!...
بل وهذا الإعلام عندكم بين الحين والحين : يفضح لكم بعض (الممارسات الأخرى) التي تتم بصورة (غير شرعية) لقتل الحيوانات والطيور !!!!...
ويكفيكم فقط لمشاهدتها والاطلاع عليها : أن تبحثوا في الإنترنت ...
فسوف تجدونها : بالقراءة .. وبالصوت .. وبالصورة أيضا ًلمن يريد !!!...
وبعدها : ستعلمون بالفعل :
مدى رحمة الله عز وجل بالحيوان ... وكيف أن الله تعالى : لا يحكم إلا بالخير ...
وصدق الله العظيم إذ يقول :
" ألا يعلمُ من خلق : وهو اللطيف الخبير " ؟؟؟!!!.. الملك - 14 ..
وهنا : أخذ الشيخ (عبد الله) نفسا ًعميقا ًوهو يقول :
والآن آنسة (جوليان) ... هل علمتي مدى (الأكاذيب) التي يروجها الغرب والجهال عن الإسلام وعن النبي الخاتم (محمد) ؟؟؟!!!..
فأجابت (جوليان) : نعم .... للأسف ....
فواصل الشيخ قائلا ً:
وهل علمتي إلى أي مدى كان نبي الله الخاتم (محمد) :
رحيما ًبـ (الأطفال) و(الفتيات) و(النساء) و(العبيد) .. وحتى (الحيوان) كما رأينا !!!...
ثم استدرك الشيخ قائلا ًلـ (جوليان) :
والآن .. هل لديك أية استفسارات أخرى آنسة (جوليان) ؟؟...
فقالت (جوليان) مبتسمة : شكرا ًأيها الشيخ (عبد الله) ... شكرا ً...
ومعذرة مرة أخرى على إطالة الوقت في هذه الأسئلة ....
وهنا ابتسم الشيخ (محمد) وقال للشيخ (عبد الله) :
أما أنا شيخ (عبد الله) :
فأشكر الآنسة (جوليان) كثيرا ًعلى هذه الأسئلة .. والتي بسببها : عرفنا جميعا ًالإجابة عن العديد من (الشبهات) بالفعل التي تثار عن الإسلام .. وعن شرع الإسلام .. وعن نبي الإسلام !!!..
والآن ...
دعونا نختر سؤالا ًآخرا ً.....