التسميات

السبت، 23 يونيو 2012


آخر مذكرات ذي القدم الكبيرة ..!

بقلم : أبو حب الله (منتدى التوحيد) ...
------

انتهت الصلاة .. وجلست أذكر الله عز وجل في صمت في هذا المسجد ...
لم يخف عليّ بالطبع نظرات ذلك الطفل الصغير بجواري :
والتي كان يوجهها في عجب إلى قدميّ أثناء الصلاة !!..
نعم ...
فأنا صاحب أكبر قدمين يُمكن أن تراهما في حياتك ..
حتى أكبر من قدمي (نخلة) و(صيام) ! (اسمان لشخصين سنعرفهما بعد قليل) ..
وإن شئت قلت :
أنا صاحب أطول قامة لإنسان في هذا البلد !!.. ولا أكذب إن قلت في هذه
المدن مجتمعة .......
---
من وضعية الركوع : كنت أرى ذلك الطفل يُحدق بشدة في قدميّ : 
وربما حرك رأسه يمنة ًويسرة ًوأماما ًوخلفا ً: ليُمعن فيهما النظر من كل
الجوانب !..
ولا أ ُخفي أنه حتى شكلهما الخارجي بالفعل : كان على غير المألوف !..
والمهم ..
أن ذاك الطفل قطع صمت الذكر بعد الصلاة قائلا ًلأبيه :
بص يا بابا ! عمو ده رجله كبيره قوي ! دي أكبر رجل شوفتها ف حياتي " !
ابتسم الوالد لي في حياء : مُحاولا ًالتخفيف من هذا الإحراج ..
فبادلته بابتسامة لطيفة ..
فواصل الطفل كلامه : ليزيد عبئا ًأكبرا ًعلى والده هذه المرة قائلا ًفي براءة :
بس أنا سمعت يا بابا مرة في التليفزيون : إن الناس الطويلة قوي دي :
بتموت بسرعة !.. هوه الكلام ده صحيح " ؟!!......
-----
--------
-----------
نعم ...
أنا أيضا ًسمعت ذلك أكثر من مرة من قبل !...
ولا داعي للبحث عن صحة تلك المقولة علميا ًوطبيا ً.......
حيث أظن أنها لها علاقة بضعف القلب أو ما شابه ..
والذي يُسببه الطول المفرط .. وكبر حجم الجسم ..
أنا أشعر بهذا فعلا ً: وخصوصا ًمؤخرا ً....

رحم الله (نخلة) و(صيام) !!!..
كان يظن الناس أنهما أقوى مَن مشى على الأرض في هذا الزمان !!!..
ولم يعرف الناس قدر ما بهما من ضعف !!!..
وحتى في الوقت الذي ربما سبب فيه طول قامتيهما وعظم جسديهما :
شعورا ًلدى البعض منهما بالخوف أو بالشدة والغلظة :
إلا أنهما كانا يحملان في قلبيهما : مشاعر وأحاسيس وطيبة العصافير !!!!..
فسبحان الله العظيم ...
-----
لم أعد أقوى على إخفاء الأمر مؤخرا ً.....
حيث صرت بيني وبين نفسي على يقين ٍمن أن حياتي : لن تطول ...!
رفضت ثلاثة عروض ٍللزواج من جانب أمي وأختي ..
صرت منعزلا ًأكثر عن صخب الحياة ...
قريبا ًأكثر للهدوء ومجالسة الحكماء ....
-----
آه .. عفوا ً:
هؤلاء الحكماء عندي هم : مَن يعلمون كثيرا ً.. ويتحدثون قليلا ً
بقدر الحاجة : مثل الشيخ (صبحي) شيخ مسجدنا المتواضع ..
ومثل عم (أحمد) الإسكافي .. وعم (إبراهيم) الخياط ...
ولن أخبركم بالطبع عن تناقض المشهد اللافت للأنظار عندما أجلس مع 
هؤلاء الشيوخ كبار السن كالجبل بينهم !!!..
----
كان يجمعنا المسجد كل يوم ٍمن بعد صلاة المغرب : وحتى صلاة
العشاء ...
هذا بخلاف باقي الصلوات بالطبع : وبخلاف إثقالي عليهم بترددي
على مسكن الأول : ومحل كل ٍمن الثاني والثالث ..
------
---------
نعم ...
كلما مر بي الوقت :
صرت للزهد أقرب .. ولملاقاة ربي أكثر إعدادا واهتماما ً...

أوتدرون ......

في كثير ٍمن الأحيان عندما أجلس إلى نفسي :
أستشعر أن مجرد معرفتي باقتراب أجلي :
هي نعمة ٌٌمن الله عز وجل : تستوجب شكرا ًمن بعد شكر ......!
-----
-------
كان الشعور باقتراب الموت : دافعا ًلبعض المحاولات الفاشلة لكتابة
مذكراتي !!!..
بالتأكيد كونك تترك سيرتك وتفاصيل حياتك من بعد موتك لغيرك :
هي لذة ٌفي حد ذاتها أو : رابطا ًموهوما ًبين الحياة وما بعد الموت !!
ولكنها لم تعدُ كونها وكما قلت لكم :
محاولاتٍ فاشلة !!.....
ولا تقلقوا :
أنا بنفسي مَن استطاع تقييمها بذلك !!!..
فلي من الحس ما يُمكنني نقد نفسي بنفسي ...
ولهذا ..
فقد قررت تحويل مسارها بالكلية إلى ما هو أفيد أو ما أسميته بـ :
((( مذكرات مودع للحياة ))) !
أو ما عُرف بيني وبين إخواني الحكماء باسم :
مذكرات ذي القدم الكبيرة " !!!..
هكذا أحبوا تسميتها : بعثا ًلروح الفكاهة في نفسي ..

فأما سبب التحول :
فقد شعرت أن الناس لن تستفيد كثيرا ًبمعرفة تفاصيل حياتي :
بقدر ما سيستفيدون مما خرجت أنا به من هذه الحياة من حِكم وأفكار !!
فالزهد .. والنقلة الإيمانية الكبيرة التي انتقلتها :
حرامٌ أن تضيع تجربتهما هباءً :
وخصوصا ًوأنهما على منهج أهل السنة والجماعة والسلف :
ذلك المعتقد الذي أدين به لله تعالى على يقين ٍمن أنه الحق !...
ويجهل حقيقته معظم الناس للأسف !!..
-----
-------
في يوم ٍمن الأيام : أبلغني الشيخ (صبحي) بأن عم (أحمد) يُريدني أن
أزوره في بيته لشيءٍ هام ٍجدا ً(وكان يغيب تلك الفترة عن المسجد لمرضه) ..
-------
والخلاصة ..
أن لعم (أحمد) أخا ًأصغرا ً: على النقيض منه تماما ً....... (إيمانيا ً) !..
نعم ... فيه نفس بذرة الذكاء والحكمة ولكنه وضعها للأسف :
في غير موضعها !!!..
له أسئلة ٌ: قد يُحكم عليه بمثلها أنه ملحد !!!..
والحقيقة أنه بجهله وغروره : ناقد ٌلحكمة الله عز وجل في أمور ..!
ولا حول ولا قوة إلا بالله ...
------
وأما الطرفة هنا ......
فهي أن عم (أحمد) نفسه (والذي أراه من الحكماء) :
يعهد إليّ أنا بأن :::: أهدِ له أخاه إلى الحق والدين !!!!!!!!!!!!!!!!!!....
والطرفة بصيغة أخرى هي أنه :
يتوقع أن أنجح أنا : فيما فشل هو فيه !!!!..
----
فلما أخبرته عن استحالة ذلك من وجهة نظري قال :
أنه قد ارتأى ذلك لسببين ...
الأول :
أن كثيرا ًمن النفوس دأبت على الاستماع لنصيحة البعيد : لا القريب !
والثاني :
أنه آتاه ما يُشبه الإلهام أنني (وأنا بالذات) : مَن سيكون على يدي :
هدايته .......!!!
فاستغربت أيما استغراب ...
بل وقلت له :
أتعلم يا عم (أحمد) أني ربما :
مت قبلك ......................!
فضحك وظن هو أني أمزح .. في حين لم يكن ذلك مني إلا صدقا ً!!!!..
-------
اتفقت بالفعل مع هذا الأخ الأصغر (وكان يُقاربني في السن : مع الفارق
الهائل طبعا ًفي الطول والحجم) :
اتفقت معه على أن نلتق كل يومين لنجلس معا ًفي غرفتي في بيتي :
نتجاذب أطراف الحديث .....
وأظن أنه ما وافق على ذلك العرض أولا ًإلا :
لأنه سيسعد بأن يقترب من (( كائن حي )) فريد مثلي بين البشر .......!
-----
وبالفعل ..
صارت الأيام متباطئة من جهة .. وسريعة من جهةٍ أخرى ..!
كنت أود صراحة ًأن تكون لقيانا في المسجد ..
ولكني مؤخرا ً(ولعلو شقة أبي وأمي في الدور الخامس) : فقد تضاءلت بكثير
عدد مرات نزلاتي ربما في الأسبوع الواحد !....
فبالفعل :
صار الألم في صدري وقلبي يتزايد مع الوقت ....
---
كان الأمر مُحيرا ًفي باديء الأمر : كيف ستسير دفة الحوار بيننا ...
فما وجدت إلا مذكراتي لأعرضها عليه .....
فأ ُعجب بها ...
وصارت مرات لقيانا :
لقاءً بين جبلين فكريين : وعقلين جبارين :
أحدهما : مؤمن أشد الإيمان والحب لله ..
والآخر : هو أقرب للإلحاد الذي مبدأه النقمة على حكمة الله ورحمته !.. 


والذي حقيقته هي قلة العقل لأنه : بفرض أن الله غير حكيم ولا رحيم وحاشاه :
فما دخل هذا بإنكار وجوده لو عقل الملحدون ؟!!..
هل لو كانت الحكومة ظالمة : فهذا يعني أنها غير موجودة !!!!!!!..
-----
--------
عشرات الأفكار قد تم تداولها فيما بيننا ...
وكانت الغلبة والحُجة بحمد الله دوما ًفي صفي ....
إلى أن بدأ الإعياء الشديد في الازدياد عليّ ...
فصارت أغلب زياراته هي للاطمئنان عليّ : أكثر منها مناقشاتٍ وحوار !
--------
وأخيرا ً(وكما توقعت) .....
اقتربت ساعات النهاية .....
----
أزمة ...
نقل إلى المستشفى ..
نقل إلى العناية المركزة ..
عودة مرة أخرى إلى أحد غرف عنابر المستشفى ..
لأنتظر الموت في سكون ......!
----
لقد سمعت الطبيب وما يخفى صوته عليّ أني : ربما أموت غدا ًأو بعد
غدٍ على الأكثر
 .....
-----
-----------
ومر الغد ...
----------------
وبقى : بعد الغد ...
-------------------------
-------------------------------

زارني هذا الشاب بعد الظهر ...
وقد رحل مَن كان معي من معارفي وأقربائي ...
أما أختي وأمي ...
فقد بقيا خارج غرفتي ليبكيان في صمت : فهما يعرفان كم أكره أن
أراهما يبكيان ....
------
قال لي هذا الشاب مازحا ً(وهو لا يعرف طبعا ًعن موتي شيئا ً) :
هل نواصل يا أخي حواراتنا ؟؟!!.. أم أنك ستتحجج وتستسلم أخيرا ً؟!!..
ثم واصل مبتسما ً:
فخدعة المرض هذه : لم تنطلي عليّ ........
ثم ابتسم مداعبا ً...
فبادلته بابتسامة صادقة قائلا ًله :
أو لم أ ُفحم منهجك السقيم يا هذا : في كل ما دار بيننا حتى الآن ؟؟؟!!...
فاكتسب صوته بعض الجدية وهو يقول :
بقيت لدي نقطة ًواحدة ًفقط .......
إذا أجبتها :
أعدت إليّ ثقتي في ديني وإيماني من جديد ....
------
اعتدلت قليلا ًفي جلستي قائلا ًله باهتمام :
رغم أني لا أرى عقلا ًفي تعلق الإيمان على نقطة واحدة ولكن :
هات ما عندك ... فلا يتبق من الوقت الكثير ..........
!!!!!
(( والحمد لله أنه ظن أني أتحدث عن موعد الزيارة المسموح له ))
قال ....
----
--------
لقد كتبت في مذكراتك بالحرف قائلا ً:

" في كثير ٍمن الأحيان عندما أجلس إلى نفسي :
أستشعر أن مجرد معرفتي باقتراب أجلي :
هي نعمة ٌٌمن الله عز وجل : تستوجب شكرا ًمن بعد شكر ...... 
"

قلت (وقد بدأت أفهم قصده للأسف) : وماذا في هذا ؟؟!!..
قال :
السؤال الآن أيها الحكيم هو :

لو كانت معرفتك لاقتراب أجلك : قد سببت لك كل هذا التغير في
حياتك للأحسن
 : دينيا ًعلى الأقل ...........
فهل يقدح ذلك في عدل الله ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!...

--------
-------------
أمممم ...
أشعر بتشوش كبير في عقلي .....
أهو بسبب صعوبة السؤال وفجأته ؟؟!!..
أم بسبب المرض فعلا ً؟!!!..
أم أن شعوري بضيق الوقت : قد أثر على صفاء ذهني في التفكير ؟!..
---
لم أستطع استحضار إجابة مقنعة ساعتها .....
فوعدته بالإجابة على هذا السؤال : ولكن ليس الآن ...
وبالفعل :
انصرف هو في صمت : وقد ظن أنه قد أرهقني فعلا ًبالكلام والتفكير !
وبقيت أنا وحدي .........

أدعو عليه ...............!
------
كان لسان حالي في هذه اللحظات (ومع اقتراب أجلي) أقول :

يعني سايبني كل الأيام دي : وجاي دلوقتي تقلبلي ديني وإيماني رأسا ً
على عقب يا فيلسوف !!!!.. حبكت يعني دلوقتي !!!..
ما كنت رايح لربنا في سلام نفسي يا مؤذي ! كان لازم تزورني يعني
 " !
------
ولما أعياني التفكير :
وشعرت بأن إبليس اللعين استحضر آلاف الشياطين ليربطوني عن
الإجابة : لجأت إلى الدعاء مُرددا ًعشرات المرات :
" يا مُقلب القلوب : ثبت قلبي على دينك " !!...
أ ُكررها باستمرار : حتى أنها أخذتني من التركيز في كلام أمي وأختي !
------
---------
وفي المساء :
كاد رأسي أن يُجن !!!..
لقد انهدمت كل الخطط التي رسمتها لهذه الليلة الأخيرة من عمري !!!..
كان من المفترض بي الآن :
ساجدا ًراكعا ًبين يدي ربي وإلهي ومليكي ومولاي !!!..

الله يسامحك يا فلان : كما شوشت عقلي وشتت قلبي " !
--------
كنت أرغب في النوم : ولكني عرفت أن هذه بالتأكيد هي رغبة الشيطان !
فقد تكون هذه هي نومتي الأخيرة :
فلا أكون الذي قضيت عبادة ً.........!
ولا أكون الذي أجبت على السؤال ..........!
------
خطر على بالي بشدة :
أن أتناسى هذا السؤال الذي قلب حياتي في آخرها :
وأن أحمل نفسي على العبادة والذكر حملا ً.......
ولكن تهاوى ذلك الخاطر لسببين ...
الأول :
أني أعرف أني لن أستطع الكف عن التفكير فيه : مهما حاولت !!!!..
الثاني :
أني صنعت مقارنة ًسريعة ًبين العبادة : وبين طلب العلم :
فوجدت أن طلب العلم أفيد لي وللناس : في حين ستعود العبادة بالنفع
عليّ وحدي
 في هذا الوقت !!!!..
ولهذا فضل رسولنا صلى الله عليه وسلم فضل العلم على : فضل العبادة !
وبه أفتى أكابر العلماء ........!
ولكن .......
كيف ..........؟!!..
فذهني حقيقة ً: مشوش أشد التشويش .....
أشعر بتفاهة هذا السؤال ولكني للأسف : أشعر وكأن ضبابا ًكثيفا ًيملأ
رأسي وعقلي ويحجب نور بصيرتي !!!..
يا رب أغثني .......
وسمعتني أمي وأختي أقول بلهجة بائسة بصوتٍ مرتفع :
الله يسامحك يا عم (أحمد!!.. هو ده اللي هاهديه ؟!!.. ولا هوه اللي
هايضيعني !!!.. اللهم سلم سلم 
" .........
------
----------
طلبت من أختي أن تتجول بي قليلا ًخارج المبنى ..
في حديقة المستشفى بل : في الشارع لو استطاعت .........
فمن جهة : أشعر بضيق واختناق شديدين ..
ومن جهةٍ أخرى : قد تعلمت أن المتبصر في الحياة من حوله وأحوالها :
سيجد ولا بد إجابة ًعن كل ما يهمه ......
وذاك درب العلماء والحكماء ...
----
دفعت أختي مقعدي أمامها (ففي تلك الأثناء لم أعد أقو على المشي) ..
حتى إذا وصلت لمصعد هذا الطابق :
وجدت المُمرض يمنعنا من النزول !!!!!...
مُعللا ًذلك بأنه غير مسموح لي بالخروج بتاتا ً!.. ولو حتى من باب العنبر !
ترجته أختي : ولا إجابة ...
وترجيته أنا أيضا ً: ولا أمل !!!..
حتى أني أخبرته أن هذه ربما كانت آخر ليلة في حياتي ...!
فقال لي :
وهكذا كل مَن في هذا الطابق !!!!!!!!!!!!!....
-----
خـُيل لي ساعتها أني نزيلٌ في عنبر .............. الأموات !!..
لا أعرف :
هل قال هذا مازحا ًأم جادا ً: أم استخفافا ًبي ويظنني أدعي الكذب ؟!!!..
والخلاصة ...
كنت في حالة نفسية ساعتها : لو طال الحديث معه لثوان ٍأخرى :
لربما كان هو أول المنتقلين لرحمة الله في هذه الليلة !!!..
-----
---------
قمت أنا هذه المرة بلف المقعد المتحرك بنفسي في عنف وعصبية ..
وتوجهت به إلى أقرب عنبر آخر للمصعد : غير عنبري .....
ثم نظرت نظرة ًمتحدية ًصاروخية ًللممرض : ثم دخلت فيه .......
فلم يستطع الممرض مزيد كلام ......
-----
-----------
كان دخولي مفاجئا ًبالمرة .........!
زد على ذلك أن حجمي جالسا ً: هو أطول من حجم أكثرهم واقفا ً!!!..
كان مشهدا ًغريبا ًفعلا ً....... أعترف بهذا ...
ولكن ...
ما لبث أن بدأ أكثرهم يلاطفني ويمازحني : ولا سيما بالتعليق على
طولي وضخامتي المفرطين !!!..
قضيت معهم وقتا ًلا أدري (ربما ساعة ًأو ساعتين) :
تجاذبنا فيه أطراف العديد من المواضيع والأحاديث ....
حتى أني وجدت ((((( ملحدا ًحقيقيا ًهذه المرة ))))) فيما بينهم !!!..
---
فتحدثت معه على انفراد ٍلبرهة : بعيدا ًعن الآخرين حتى لا يفتنهم في
دينهم
 بسمومه عندما تنساب من بين فكيه ......
ثم جعلته يكتب لي اسمه في ورقة ........
ثم التفت إلى أختي أناديها : وقد ملأت البسمة وجهي أخيرا ً......!
------
----------
--------------
فابتسمت اختي لابتسامتي وانهمرت الدموع من عينيها (فقد كانت

وأمي يظنان أن ما بي من قلق وحزن هو بسبب قرب أجلي) ....
وطلبت منها فور ما أجلستني في سريري : أن تأتني بكراسة مذكراتي ..
وأن تأتيني بقلم .....
ثم شرحت لوالدتي وأختي سبب تغيري منذ الظهيرة ....
وأخبرتهما أن ما كان يُقلقني ويحزنني هو سؤال هذا الأخ المتفلسف ...
وأني قد وصلت للإجابة بفضل الله تعالى وتيسيره في هذه الرحلة القصيرة
خارج العنبر
 !!!!..
فقالت لي أمي بسعادةٍ وحزن ٍمعا ً(( وهذه الأعجوبة لا تأتيها إلا النساء )) :

هكذا أنت يا (.....
هاتعيش وتموت لله 
" ...
فقلت من قلبي :
آميـــــــــــــــــــــــــــن "
----
--------------------------------

آخر مذكرات ذي القدم الكبيرة ....

----------------------------------------

الأخ (.....

قد أكون عند قراءتك لكلامي هذا : قد انتقلت لرحمة ربي ..
وقد انتقلت إلى اليقين الذي :
آمنت به .. وعشت فيه .. ومت عليه ..
وأما بالنسبة لسؤالك الذي دونته لك في مذكراتي أعلاه :

فاعلم أخي أن الله تعالى : لا يظلم الناس شيئا ً.....
وإنما بحكمته :
قد اختار لكل منا اختباره في الحياة : والذي سيُظهر مكنون نفسه !

---

فقد يختار لشخصين الذكاء الحاد ...
فيصير أحدهما فقيها ًجهبزا ً.. ويصير الآخر لصا ًمحترفا ً!!!!..

أو يصير أحدهما عالما ًفي أمور الدنيا ينفع البشر :
ويتخصص الآخر في إفساد حياة البشر بالتلاعب في عقول الناس بأفكاره !
---

وقد يختار لامرأتين الجمال الأخاذ ..
فتقصره إحداهما على زوجها ومحارمها ونسائها من معارفها ..
فتعف زوجها .. وتصبغ إيمانها والتزامها بصبغة الجمال في قلوب النساء !

في حين تبتغي به الأخرى متاع الحياة الزائل بولوج الحرام !!!..
أو تبتغي به فتنة الرجال والشباب لإشباع إعجابها بنفسها !!!..
---

وقد يُعطي شخصين المال الوفير الكثير ...
فيصرفه أحدهما على هلكته في الخير وفي الحق وفي الدفاع عنه ..

ويُفنيه الآخر على ملذاته وشهواته وإفساد دنيا ودين العباد !!!!..
---

وقد يُعطي شخصين قوة حُجة ومنطق ..
فيستخدمه أحدهما في الدفاع عن الحق : وفي تبسيطه للناس والعوام ..

ويستغله الآخر في تشويه الحق : وصرف الناس والعوام عنه بعد تلبيسه
عليهم بالباطل !!!..
---

وقد يُعطي شخصين الولادة على الإسلام :
فيحيى أحدهما عليه : راضيا ًبه : شاكرا ًالله عليه ..

وأما الآخر : فيتنكب عنه إلى الكفر منكوسا ًمخزولا ًللأسف !!! ..

وقد يُعطي شخصين الولادة على إحدى مِلل الكفر :
فيستجب أحدهما لنداء الفطرة والضمير الحي والعقل بداخله : فيبحث عن
الحق : فـيُسلم !!!..

في حين يرضى الآخر بالباطل الذي هو فيه : أن وجده موافقا ًلانحراف
نفسه وفطرته : فلا يبحث عن الحق : ولا حتى يلتفت إليه : هذا إن لم 
يُحاربه أصلا ً!!!..
--- 

وهكذا أخي ترى 
هذين النقيضين بين الخير والشر في :
القوة .. والصحة .. والسلطة .. والقضاء ....... إلخ !
فلا تنظر بإحدى العينين : وتغلق الأخرى يا هداك الله !!!..

وأما إجابة ًعن سؤالك .....

ففي الوقت الذي دفعني فيه شعوري باقتراب أجلي :
إلى مزيد الإلتزام والزهد والعبادة والقرب من الله .....

فقد وجدت في العنبر (( 6 )) قبل عنبري بعنبرين :
أحد المسلمين المنتكسين للأسف :
لم تزده معرفته لاقتراب أجله إلا عزوفا ًوابتعادا ًعن الله عز وجل !!..
حتى صار ملحدا ً!!!..

فحمدت الله أني قد رأيت في حياتي : ما لم ير ...!
وأني استجبت في حياتي : لما لم يستجب ....!

فعليك بهذا الشخص : أستودعك أن تهديه من بعدي بإذن الله واسمه (...) ..
فحالته أصعب من حالتك بكثير كما ًوكيفا ً........
ولديه للأسف لجاجة ًعجيبة ًفي الباطل : أعاذني الله وإياك منها ..

وأرجو الله عز وجل ألا يكون ممَن خـُتم على قلوبهم بكفرهم :
وقال الله تعالى فيهم أنهم : لو رُدوا من العذاب في الآخرة إلى الدنيا :
لعادوا
 ............

والحمد لله رب العالمين ...
ولا تنساني من دعائك ..