التسميات

الأربعاء، 8 أغسطس 2012

قصة إسلام امرأة روسية أرثوذكسية وما حصل لها من بلاء بعد إسلامها..

قصة رائعة حكاها الشيخ إبراهيم الفارس في شريط (قصص مؤثرة)..

أيها الإخوة الأحباب! لب موضوعنا هو القصة التالية، وجعلتها هي الأخيرة؛ لتكون هي الخاتمة، وجعلتها هي الخاتمة؛ لأنها هي المؤثرة وهي المتميزة.. 
هذه القصة رويت لي حقيقة بأسلوب، ولعلي أنا أحكيها لكم بأسلوب آخر، قد يكون هناك بعض الزيادات اليسيرة، لكنها لا تؤثر ولا تغير في أصل القصة.. 

هذه القصة دائرة حول امرأة روسية، فأنا لا أتحدث الآن عن امرأة من هنا أو من هناك من عالمنا الإسلامي، لا، بل بريطانية أمريكية روسية؛ لنأخذ من ذلك عبراً مؤثرة. 
هذه المرأة الروسية جاءت من روسيا مع رجل روسي ضمن مجموعة من الفتيات جاء بهن هذا الرجل الروسي إلى دولة خليجية مجاورة، وكان الهدف من هذا الجلب هو شراء بعض البضائع الشخصية من الأجهزة الكهربائية وإدخالها إلى روسيا، باعتبار أنها للاستعمال الذاتي فلا تؤخذ عليها جمارك مضاعفة، إنما جمارك يسيرة، فيقوم التاجر الروسي بسحب هذه الأجهزة من هؤلاء النسوة ثم يبيعها بأسعار مضاعفة، وإعطاء هؤلاء النسوة بدل أتعاب، وهذا أمر دارج وبكثرة، باعتبار رخص هذه الأجهزة في هذه البلاد الخليجية. 

فلما قدم هذا الرجل ومعه مجموعة من الفتيات لهذا الهدف الذي ذكرته، لكنه عندما وصلن عرض عليهن الرجل خطة مخالفة لما اتفق معهن، قال: أنتن جئتن إلى هنا للحصول على مبلغ يسير من المال، وهذا بلد متميز بثرائه الفاحش، وبغناه المتميز، وبأهله الذين يدفعون بغير حساب، فعرض عليهن جانب الرذيلة، بيع الأجساد، والمتاجرة بالأعراض، فمن أرادت فلتبشر بالثراء السريع، وبدأ في بسط شباكه، وبدأ في طرح الإغراءات، وبدأ وبدأ إلى أن اقتنع أكبر عدد من هؤلاء الفتيات بخطته، والاقتناع وارد؛ لأنه لا رادع إيماني يردعهن، ولا وازع خلقي يمنعهن، والفقر الذي يعيش في قلوبهن يدعوهن فعلاً إلى هذه الممارسة، إلا امرأة واحدة رأت أن هذا الأمر لا يمكن أن تسلكه، فضحك عليها وقال: أنت في هذا البلد ضائعة ليس معك إلا ما تلبسين من ثياب، ولن أعطيك شيئاً، فبدأت تدرس الموضوع بشكل سريع جداً في ذهنها، فماذا فعلت؟ تصرفت تصرفاً حكيماً..

ألا وهو أنها خطفت جوازها من هذا الرجل ثم خرجت من الشقة وهربت إلى الشارع، وليس عليها ما يسترها؛ لأنها جاءت متبرجة ليس عليها إلا شيء يسير من الثياب، ومعها جوازها..

فخرجت إلى الشارع هائمة على وجهها، وهذا الرجل ناداها وقال: إذا ضاقت عليك السبل وإذا سدت في وجهك الطرق فتعالي، فهذا هو عنواني.

يقول المتحدث: كنت أسير في الشارع أنا وأمي وأخواتي، وفجأة وإذا بتلكم المرأة تسرع وتركض مقبلة ناحيتنا، فبدأت تتكلم باللغة الروسية، فأفدناها أننا لا نتكلم اللغة الروسية، فقالت لنا: هل تتكلمون الإنجليزية؟ قلت أنا: نعم، وقلن أخواتي: نعم، عند ذلك فرحت، لكن فرحها كان مشوباً بحزن، بل ومقروناً ببكاء..

فقالت: أنا امرأة من روسيا وقصتي كذا وكذا، وأنا أريد منكم فقط إيوائي لفترة يسيرة من الزمن حتى أتدبر أمري مع أهلي وإخوتي في بلادي، يقول: بدأت أتدارس الأمر مع أمي وأخواتي هل نقبلها أو لا نقبلها، قد تكون مخادعة، قد تكون محتالة، قد تكون قد تكون؟ وفي نهاية المطاف رأينا أن نقبل هذا العرض منها، فأخذناها معنا وذهبنا بها إلى البيت، وبدأت تتصل بأهلها في روسيا ولكن لا مجيب؛ لأن الخطوط متعطلة في تلكم البلاد، وكانت تحاول كل ساعة تريد أن تتصل لكن دون جدوى. 

يقول: صرن أخواتي يعاملنها معاملة أخت، فصرن يعرضن عليها الإسلام ولكنها تنفر وتبتعد وترفض ولا تريد أن تناقش في هذا الموضوع؛ لأنها من أسرة أرثوذكسية متعصبة تكره الإسلام والمسلمين، فيقولون: فوجدنا أن اليأس بدأ يتسرب إلى داخلنا، ولكن لا يأس مع الإصرار، يقول: فكنت أدعم أخواتي في المناقشة وأصر عليهن، وكنت أتدخل أحياناً، وذهبت في أحد الأيام إلى مكتب الدعوة في تلكم البلد، وصاحب المكتب هو الذي يحدثني يقول: دخل علي هذا الرجل فقال لي: هل عندك كتب تتحدث عن الإسلام باللغة الروسية أو الإنجليزية؟ قلت: نعم عندي لكنها قليلة، لكن أعطيك ما لدي، وبإمكانك أن تأتيني بعد أسبوع أو عشرة أيام وأعطيك دفعة أخرى، يقول: أخذ هذه الدفعة القليلة وذهب، وبعد فترة من الزمن جاء إلي ولكن جاء ومعه أربع نسوة، ثلاث عليهن شبه حجاب، يعني: يظهر منهن الوجه والكفان، أما الرابعة فكانت آية في الجمال وعليها بعض الستر، ولكن شعرها ظاهر ووجها ظاهر، يقول: طلبت منه بسرعة أن يدخل النساء إلى غرفة الانتظار، فدخل وجلس وقال لي: إن هذه المرأة الروسية قصتها كذا وكذا، وأنا جئت الأسبوع الماضي أو قريباً منه طلبت كتباً، وأريد الآن كتباً أخرى وأشرطة؛ لأنني عرضت عليها الإسلام فبدأت توافق، ووعدها بالزواج منها إن أسلمت،
يقول: أعطيته مجموعة أخرى من الكتب وذهب بها ثم رجع إلي بعد فترة، وقال: إنها وافقت على الإسلام وتريد أن تعلن إسلامها، ثم طلبت منها أن تقرأ جملة من الكتب؛ لأن النظام في ذاك البلد يتطلب عمل اختبار، فقرأتها ثم جاء بها إلي واختبرتها فنجحت، ثم وعدته وقتاً آخر ليأخذ صك إعلان الإسلام في قصة طويلة، المهم عندما أعلنت إسلامها، قلت له: هناك مجموعة من الأخوات في أحد المراكز يتعلمن القرآن الكريم ويعلمنه، وهن متميزات في العلم والثقافة والدراسة العالية، فيمكن أن يتفاهمن مع هذه المرأة بلغتها أو بالإنجليزية.

يقول صاحب المكتب: بعد فترة جاء إلي هذا الرجل ومعه هذه الزوجة لاستلام الوثيقة المصدقة وثيقة الزواج، فقال لي: أبشرك أنني تزوجت وأنا مستريح الآن ولله الحمد والمنة، يقول صاحب المكتب: لكن الذي أثارني أن هذه المرأة متغطية تماماً ليست كأخواته وأمه، عليها حجاب كامل لا يظهر منها شيء، فسألته من باب الفضول عن هذا؟ فقال: هذه لها قصة ظريفة، يقول: بعد الزواج ذهبت أنا وهي إلى السوق لشراء بعض الحاجات فرأت زوجتي امرأة متحجبة، وهذه أول مرة ترى فيها امرأة متحجبة تماماً، فاستغربت من هذا الشكل لأنها أول مرة ترى هذا الشكل، فقالت: لماذا هذه المرأة بهذا الشكل أو بهذا المنظر، لعل هذه المرأة فيها علة تخفيها؟! 

يقول: أنا من دافع الغيرة الإسلامية قلت: لا، هذه المرأة تحجبت الحجاب الذي ارتضاه الله سبحانه وتعالى لعباده، والذي أمر به رسوله عليه الصلاة والسلام، يقول: فقالت لي بعد تفكير: نعم فعلاً هذا هو الحجاب الإسلامي، قلت: ما أدراك؟ قالت: أنا الآن إذا دخلت أي محل تجاري لا تنزل أعين أصحاب المحل عن وجهي، تكاد أن تلتهم وجهي قطعة قطعة، إذاً وجهي هذا لا بد أن يغطى، لا بد أن يكون لزوجي فقط، كذلك لا أخرج من هذا السوق إلا بحجاب، يقول: والله واضطررت أن أشتري لها حجاباً ولبست هذا الحجاب.

قصة رجوع المرأة الروسية المسلمة إلى بلدها مع زوجها وما حصل لها مع مدراء الجوازات هناك
يقول هذا الرجل المتحدث صاحب المكتب: انقطعت أخبار هذا الرجل زوج الروسية وهو فيما يبدو لي من فلسطين، قال: انقطعت أخباره فترة طويلة من الزمن خمسة أشهر أو ستة أشهر أو قريباً من ذلك، يقول: ثم جاء إلي بعد ذلك فقلت له: أين أنت هذه المدة لم نرك فيها، لقد كنت تأتي إلي كل أسبوع أو أسبوعين والآن مدة طويلة فماذا حصل لك؟ 

فقال لي: لا أنا ما انقطعت عنك لأن هناك مصلحة بيني وبينك فانتهت فقطعتها بانتهاء المصلحة لا؛ بل لأن هناك ظروفاً ألجأتني إلى هذا الانقطاع، وجئت إليك الآن لأريها لك؛ لأن فيها درساً وعبرة. وهذه أيها الأحبة الكرام هي لب موضوعنا الآن، يقول: بعد أن تزوجت هذه المرأة وعشت معها مستريحاً وأحببتها حباً كاملاً ملك علي كل كياني وكل قلبي وكل ضميري وكل أحاسيسي ومشاعري، يقول: وقعنا في مشكلة، وهذه المشكلة أن جواز هذه المرأة قد انتهى ولا بد أن يجدد، والإشكالية الأخرى أن هذا الجواز فيه مشكلة لا بد أن يجدد من البلد الذي تنتمي إليه المرأة، أو بمعنى أدق من المدينة التي تنتمي إليها المرأة، بمعنى: أنه لا يجدد في السفارة، بل لا بد من السفر، وإلا تعتبر إقامتها إقامة غير نظامية..

يقول: فقررنا أن نسافر إلى روسيا، والحالة المادية تستدعي البحث عن أرخص خطوط موجودة، وفعلاً: وجدنا أن أرخص خطوط هي الخطوط الروسية، فأخذنا مقعدين وركبنا الطائرة، وركبت زوجتي بحجابها الكامل، يا امرأة يا أمة الله يا أمة السلام نحن سنقع في إشكاليات الآن، قالت: يا خالد أنت الآن تريد مني أن أطيع هؤلاء الكفرة الفجرة وقود النار لو ماتوا على ما هم عليه وأعصي الله سبحانه وتعالى، لا يمكن أن يصدر هذا.
أسلمت من أشهر، فانظروا إلى قوة تمسكها بإسلامها وحجابها. يقول: فركبنا وبدأ الناس ينظرون إلينا وبدأن المضيفات يوزعن الطعام، ومع الطعام الخمر، وبدأ الخمر يعمل في الرءوس، وبدأت الألفاظ تخرج بدون ضابط، فتندر وضحك وسخرية وإشارة ونظرات، ويقفون بجانبنا ويعلقون علينا، يقول: أنا لا أفهم كلمة، أما زوجتي فكانت تبتسم وتترجم لي هذا يقول: انظروا إليها كأنها كذا وكأنها كذا، وهذا يعلق وهذا يتندر وهذا .. 
فأنا كلما قالت لي كلمة أحسست أن سهاماً تدخل قلبي ولا تخرج منه، أما هي فتقول: لا تحزن ولا يضق صدرك، فهذا أمر يسير في مقابل ما جابهه الصحابة، وما حصل للصحابيات من بلاء. 

يقول: وصلنا إلى المدينة المرادة، وعندما نزلنا في المطار كان في ذهني نظرة عادية جداً وهي أن نذهب إلى أهلها ونسكن عندهم، ثم بعد ذلك ننهي إجراءاتنا ونعود، لكن نظرة المرأة هذه كانت بعيدة، قالت: أهلي متميزون بتمسكهم وعصبيتهم لدينهم، فلا أريد أن أذهب إليهم، لكن نستأجر غرفة ونبقى فيها، وننهي إجراءات الجواز، ثم بعد ذلك نزور أهلي، فرأيت أن هذا رأياً صواباً..

يقول: استأجرنا غرفة، ثم ذهبنا ودخلنا على الموظف الأول والثاني والثالث نريد إنهاء الإجراءات، وكل منهم يطلب منا الجواز القديم وصورة للمرأة، فتخرج المرأة صوراً لها بالأسود والأبيض وعليها حجاب لا يظهر في هذه الصورة إلا دائرة الوجه فقط، فكل موظف يقول: لا، هذه الصور مخالفة، لكن نريد صورة ملونة ويظهر فيها الوجه والشعر والرقبة كاملةً..

فتقول المرأة: لا يمكن أن أصور هذه الصورة أبداً..

فكان كل موظف يقول: لا يمكن أن أعطيك جوازاً إلا بهذه المواصفات، فكل موظف يحيلنا على الآخر والثالث والرابع إلى أن أحالونا إلى المديرة الأصلية في الفرع وكانت امرأة، فذهبت إليها زوجتي وقالت لها تقنعها: ألا ترين صورتي الحقيقية وتقارنيها بالصور التي معك، قالت: نعم، ولكن النظام يقول: لا بد من صورة ملونة بالمواصفات التالية وأصرت، قلنا لها: ما الحل؟ كانت خبيثة فعلاً، قالت: لا يحل لكم الإشكال إلا مدير الجوازات الأصلية الكبرى في موسكو، فالتفتت إلى خالد وقالت له: يا خالد نسافر إلى موسكو، قال: قلت لها: يا زوجتي العزيزة أحاول أن أقنعها، يقول تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، ويقول عز وجل: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وهذا جواز يراه مجموعة من الأشخاص فقط للضرورة ثم تخفينه في بيتك إلى أن تنتهي مدته، كم مدته خمس ست سبع سنوات، فقالت: لا، لا يمكن أن أظهر بصورة متبرجة بعد أن عرفت دين الله سبحانه وتعالى، إذا كنت رافضاً أن أسافر إلى موسكو فلعلي للضرورة أسافر لوحدي، وألتمس في ذلك حكماً؛ لأن الأمر ضروري، وهذا لعله أسلوب ضغط على زوجها، يقول: قررت وسافرت معها ووصلنا موسكو واستأجرنا غرفة، ومن الغد ذهبنا إلى مدير الجوازات، فدخلنا على الموظف الأول والثاني والثالث، وحصل في المدينة في موسكو نفس الذي حصل في المدينة، وفي نهاية المطاف وصلنا إلى المدير الأصل ودخلنا عليه، وكان من أشد الناس كفراً، فعندما رأى الجواز ورأى الصور قال: من يثبت لي أنك صاحبة هذه الصور، يريد أن تكشف وجهها..

قالت: قل لأحد الموظفات عندك أو السكرتيرات تأتي وتقارن، أما أنت فلن تقارن!

فأخذ الجواز وأخذ الصور وجعلها مع بعضها وأدخلها في درج مكتبه وأغلقها، وقال: ليس لك جواز قديم ولا جديد إلا بعد أن تأتي إلي بالصور المطابقة تماماً، يقول: حاولنا نقنعه وحاولنا ما فيه فائدة، فعدت كذلك أناقشها في قضية الصورة، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها..
ولكنها كانت ترد علي بآية وتقول لي: يا خالد لقد تعلمت في دار تحفيظ القرآن: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3]، وأثناء النقاش بيني وبينها غضب مدير الجوازات، فطردنا من مكتبه، خرجنا من دار الجوازات بأكملها وذهبنا لنتدارس الأمر في غرفتنا، أنا أقنع وهي ترد، أنا آتي بحجة وهي تأتي بحجة إلى أن جاء الليل، وعندما جاء الليل صلينا العشاء ثم أكلنا ما تيسر، ثم أردت أن أنام، قالت لي: خالد في هذا الموقف العصيب تنام؟! نحن نعيش موقفاً يحتاج منا إلى لجوء إلى الله سبحانه وتعالى، قم لنلجأ إلى الله، فإن هذا وقت اللجوء، 

يقول: قمت وصليت ما شاء الله لي أن أصلي ثم نمت، أما هي فاستمرت تصلي، وكان كلما استيقظت ونظرت فرأيتها إما راكعة أو ساجدة أو قائمة أو داعية أو باكية إلى أن ظهر الفجر، ثم أيقظتني وقالت: لقد دخل وقت الفجر فهلم لنصلي الفريضة، يقول: قمت وتوضأت وصلينا، ثم نامت قليلاً، ثم بعد ذلك قالت: لنذهب إلى الجوازات، نذهب بأي حجة أين الصور؟! ليس معنا صور؟! قالت: لنذهب ونحاول لا تيئس من روح الله، لا تقنط من رحمة الله، يقول: فذهبنا، ووالله منذ وطئت أقدامنا أول مكتب من مكاتب الجوازات، وزوجتي شكلها مميز ومعروف، عليها عباءة كاملة تغطي كل أجزاء جسدها، وإذا بأحد الموظفين ينادي فلانة بنت فلان؟ وتقول: نعم، قال: خذي جوازك، لقد أنهي الجواز بذات المواصفات المطلوبة، ولكن ادفعوا الرسوم فقط، يقول: ففرحنا، ووالله لو طلبوا كل المال الذي معنا لدفعناه، أخذنا الجواز ودفعنا الرسوم ثم عدنا وهي تنظر إلي وتقول: ألم أقل لك: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا [الطلاق:2]، يقول: والله إن الكلمة التي صدرت منها حفرت في قلبي تربية إيمانية لم أتلقها منذ سنين طوال من تربية تلقيتها، من دروس ومحاضرات سمعتها إلى غير ذلك.

قصة زيارة المرأة الروسية لأهلها مع زوجها وما حصل لهما معهم
قال الموظف أثناء ذلك: لا بد أن تختمي الجواز من مدينتك أيها المرأة التي تنتمين إليها، فتقول هذه المرأة: وفعلاً ذهبنا إلى مدينتا، وقالت: فرصة نزور أهلي، نقول: فلما وصلنا مدينتي استأجرنا غرفة وختمنا الجواز وجعلنا فيها كل ما يخصنا، ثم ذهبت أنا و خالد لزيارة أهلي، فلما طرقنا الباب فتح الباب أحد الشباب الكبار، عندما نظر إلى أخته فرح واستغرب، أصيب بفرحة وردة فعل، الوجه وجه أخته، واللباس ليس لباس أخته، رأى سواداً يغطي كل شيء إلا الوجه، دخلت وهي تبتسم وتعانق أخاها ثم بعد ذلك دخلت وراءها فجلست في صالة المنزل، يقول: كان منزلاً شعبياً بسيطاً متواضعاً تحس آثار الفقر فيه، يقول خالد : جلست وحيداً، أما هي فدلفت إلى الداخل..

يقول الزوج: كنت أسمع كلاماً لرجال ونساء بالروسية لا أفقه ما يقولون، ولا أعرف عن ماذا يتحدثون، ولكنني بدأت أسمع نبرات الصوت تزداد واللهجة تتغير والصراخ يزيد، فأحسست أن الأمر فيه شر، ولكنني لا أستطيع أن أقدر الأمور بقدرها، بناءً على عدم فقه اللغة، يقول: بعد مضي فترة من الزمن وإذا بثلاثة من الشباب ورجل كهل يدخلون علي، توقعت أن هذا بداية الترحيب بزوج ابنتهم، وإذا بالترحيب ينقلب إلى لكمات وضربات وكفوف، ويقول: وعندما نظرت إلى نفسي بين هؤلاء الوحوش رأيت أنني سأودع الدنيا، وليس أمامي إلا الهرب النجاة النجاة، وفعلاً فتحت الباب مسرعاً وهربت وهم ورائي، وضعت بين الناس، ثم اتجهت إلى غرفتي، وكانت ليست ببعيدة عن المنزل، نظرت إلى نفسي وإذا بورمات في وجهي وفي أنفي، وإذا بالدم يسيل من فمي، وإذا بثيابي ممزقة، فقد تلقيت ضربات عنيفة فعلاً، قلت: الآن أنا نجوت، لكن ما حال زوجتي؟ يقول: نسيت نفسي وبدأت أفكر في زوجتي..

يقول: مشكلتي أنني أحببت زوجتي وعشقت زوجتي، لذلك لا يمكن أن أنساها وأفكر في نفسي، يقول: كانت صورتها أمام ناظري، هل فعلاً هي تتعرض في هذه اللحظة لنفس اللكمات والضربات والصفعات التي تلقيتها، أنا رجل وتحملت، لكن هي امرأة لن تتحمل أكيد ستنهار وستتركني، وسترتد ..، يقول: بدأ الشيطان يعمل عمله، وبدأت الأفكار تنقلب في رأسي يمنة ويسرة، لتستقر على أن لا زوجة لك بعد اليوم، يقول: ماذا أفعل؟ أذهب لا يمكن، النفس في ذلك البلد رخيصة، ممكن أن يستأجروا رجلاً لقتلي بعشرة دولارات، إذاً لا بد أن أبقى في غرفتي، يقول: فبقيت في غرفتي إلى أن أصبحت، ثم غيرت ملابسي وذهبت أتحسس الأخبار، أنظر إلى بيتهم عن بعد أرقبه وأتتبع كل ما يحصل فيه، لكن الباب كان مغلقاً، وفجأة فتح الباب وخرج منه ثلاثة من الشباب وكهل هو أبوهم، يقول: هؤلاء الشباب هم الذين ضربوني، وقد بدا لي من هيئتهم أنهم ذاهبون إلى أعمالهم، أغلق الباب وأقفل وأنا أرقب وأرقب وأنظر وأتمنى أن أرى وجه زوجتي، ولكن لا فائدة، وإذا بالرجال يرجعون من عملهم. انظروا ساعات طوال يقول: وأنا أذهب وآتي في ذات الشارع، لكن لا فائدة، وفي اليوم الثاني كررته..
وفي اليوم الثالث كررته، يقول: يئست وتوقعت أن زوجتي ماتت أو أنها قتلت، لكن لو كانت ماتت على الأقل سيكون هناك حركة في البيت، سيكون هناك نوع من العزاء القليل من بعض الأقربين، لكن لا أرى شيئاً، إذاً لا زالت على قيد الحياة، يقول: وفي اليوم الرابع بعد أن ذهب هؤلاء إلى أعمالهم وإذا بالباب يفتح، يقول: وإذا بوجه زوجتي ينظر يمنة ويسرة، يقول: لم أر منظراً في حياتي أروع من ذاك المنظر ولا أجمل من ذاك المنظر بالرغم من أن ذاك الوجه الذي رأيته كان وجهاً أحمر مخضباً بالدماء، يقول: فاقتربت مسرعاً ونظرت إليها وكدت أن أموت؛ لأنها انقلبت إلى لون أحمر بالدماء على وجهها وعلى ساعديها وفخذيها وساقيها، يقول: وليس هناك إلا خرقة صغيرة تسترها، وإذا بيديها وقدميها مربوطة بسلسة، وعندما نظرت إليها بكيت ولم أستطع أن أتمالك نفسي.. 

قالت: اسمع يا خالد أولاً: اطمئن علي فأنا لا زلت على العهد، ووالله الذي لا إله إلا هو إنما ألاقيه الآن لا يساوي شعرة مما لاقاه الصحابة والتابعون، بل والأنبياء والمرسلون. ثانياً: أرجوك يا خالد لا تتدخل بيني وبين أهلي. ثالثاً: انتظر في الغرفة إلى أن آتيك إن شاء الله، ولكن أكثر من الدعاء، وأكثر من قيام الليل، وأكثر من الصلاة، فإن الصلاة هي الملجأ بعد الله سبحانه وتعالى.

يقول: ذهبت وبقيت في غرفتي يوماً ويومين وثلاثة أيام، وفي آخر ليلة اليوم الثالث في آخر الليل يطرق الباب، قلت: من بالباب؟ أول مرة أسمع الباب يطرق ويشدة، يقول: أصبت بخوف شديد من الذي سيأتي في هذا الوقت المتأخر من الليل، لعل هؤلاء الرجال علموا بي، لعل زوجتي اعترفت نتيجة الضرب والجلد، فقالت: إنه يسكن في الغرفة الفلانية، فجاءوا إلي لقتلي، يقول: أصبت برعب الموت، يقول: لم يبق بيني وبين الموت غير قليل، وأنا أقول في هذه اللحظة: من بالباب؟ وأنا أشعر فعلاً أن يدي وقدمي قد وصل الموت إليها، يقول: وإذا بصوت ينساب لم أسمع أروع منه ولا أجمل منه ولا أجمل منه إنه صوت زوجتي، تقول: أنا فلانة، يقول: فتحت الباب وأضأت النور، قالت لي: الآن نذهب، قلت: على وضعك؟ قالت: نعم، يقول: أخرجت بعض الملابس فلبستها وأخرجت حجاباً وعباءة احتياطية فلبستها، ثم أخذنا كل ما لدينا، وركبت السيارة وقلت لها المطار؟ قالت: لا لن نذهب إلى المطار، بل نذهب إلى القرية الفلانية، لماذا نحن نريد أن نهرب؟ 

قالت: لا، إذا عرف أهلي بهروبي فسيبحثون عنا في المطار، لكن نهرب إلى قرية كذا، ثم من قرية كذا إلى قرية أخرى وثالثة ورابعة وخامسة، ثم إلى مدينة من المدن التي فيها مطار دولي، وفعلا وصلنا إلى مطار دولي وحجزنا، وكان الحجز متأخراً، ثم استأجرنا غرفة وسكنا، يقول: فكنت أنظر إلى زوجتي وما حصل لها، وفي أثناء الطريق كنت أسألها ما الذي حصل؟ 

قالت: عندما دخلنا إلى البيت جلست مع أهلي، قالوا لي: ما هذا اللباس؟ يعني: تفاجئيننا بهذه المفاجأة الحلوة، قلت لهم: لا هذا لباس الإسلام، طيب من هذا الرجل؟ هذا زوجي، أنا أسلمت وتزوجت بهذا الرجل المسلم، قالوا: لا يمكن هذا، فقالت: اسمعوا أحكي لكم القصة أولاً، فحكت لهم قصة ذلك الرجل الروسي الذي أراد أن يجرها إلى الدعارة وبيع العرض، قالوا لها: لو سلكت طريق الدعارة وبعت عرضك كان أحب إلينا من أن تأتينا مسلمة، انظروا إلى التعصب الشديد عند هؤلاء القوم، لكن لن تخرجي من هذا البيت إلا أرثوذكسية أو جثة هامدة، يقول: من تلك اللحظة أخذوني ثم كتفوني ثم جاءوا إليك وبدءوا يضربونك وأنا أسمع الضرب، تقول: وأنا مربوطة..
ثم بعد ذلك تقول: عندما هربت أنت رجع إخوتي وذهبوا واشتروا سلاسل فربطوني بها، وبدءوا يجلدونني بأسواط عجيبة غريبة، من العصر إلى وقت النوم، أما في الصباح فإخواني في الأعمال وأبي وأمي في البيت، وليس عندي إلا أخت صغيرة عمرها خمس عشرة سنة، تأتي إلي وتتندر بي، تقول: هذا التندر هي فترة الراحة الوحيدة عندي، تقول: أحياناً أنام وأنا مغمى علي، فقد كانوا يجلدونني إلى أن يغمى علي وأنام، وكانوا يطالبونني فقط بأن أرتد وأنا أرفض، تقول هذه المرأة لزوجها: بعد ذلك حصل أن أختي أثناء التندر بدأت تسألني: لماذا تتركين دينك ودين أمك ودين أبيك ودين أجدادك إلى آخره، فكنت أقنعها وأبين لها وأوضح لها، فبدأت فعلاً تشعر باقتناع، وبدأت الصورة أمامها تتضح، وبدأت صورة الباطل الذي تعيش فيه يظهر، ففعلاً قالت: معك حق هذا هو الدين الصحيح، وهذا هو الدين الذي ينبغي أن ألتزمه أنا..
عند ذلك قالت لي: اسمعي يا أختاه أنا سأعينك، فقلت لها: إذا كنت تريدين إعانتي فاجعليني أقابل زوجي، تقول: فبدأت أختي تنظر من علو، فقالت: إني أرى رجلاً صفته كذا وكذا، فقالت: هذا هو زوجي فإذا رأيته فافتحي لي الباب لأكلمه، وفعلاً تقول: فتحت الباب فخرجت وكلمتك، لكن هناك مشكلة كنت مربوطة بسلسلتين، أما الثالثة فكان مفتاحها مع أختي، وهي مربوطة في أحد أعمدة البيت حتى لا تخرج، وأختي معها هذا المفتاح حتى أتحرك في نطاق معين لو أردت أكرمكم الله الدورة، تقول: في الثلاثة الأيام التالية أختي اقتنعت بالإسلام، وقررت أن تضحي تضحية تفوق تضحيتي، فقررت أن تجعلني أهرب من البيت، لكن مفاتيح السلاسل مع أخي وهو حريص عليها، تقول في اليوم الثالث أعدت أختي لإخوتي خمراً مركزاً، إلى أن ثملوا بحيث صاروا لا يعون شيئاً، ثم أخذت المفاتيح من جيبه وفتحت السلاسل وجئت إليك في آخر الليل، إذاً: قلت لها: وأختك ما مصيرها؟

قالت: طلبت من أختي ألا تعلن إسلامها علانية وأن تستخدم السر الآن إلى أن نتدبر أمرها. يقول: فحجزنا ورجعنا إلى البلد وأدخلت زوجتي المستشفى ومكثت فيه عدة أيام للعلاج من آثار الضربات والتعذيب. أيها الأحبة: أنا أعتذر حقيقة عن الإطالة، ولكن طبيعة القصة تتطلب الإطالة، وهذه القصة تحتاج إلى وقفات ووقفات مطولات لاستنتاج واستجلاء الدروس والعبر، ولكني أترك ذلك لعقولكم ولقلوبكم، لأخذ الدرس والعبرة، فهذه امرأة حديثة عهد بإسلام لا تتكلم اللغة العربية ومن روسيا، ومع ذلك نهجت منهجاً قد لا يسلكه أو قد يتراجع عنه كثير من الرجال وليس النساء ممن ارتضعوا الإسلام من الصغر، وقد توافقنني على ذلك. إذاً: هذه القصة فعلاً مؤثرة، وهذه القصة فيها عبرة وعظة ودرس، بل وفيها دروس، وأتمنى من الله سبحانه وتعالى أن نعيها جميعاً، وأن نأخذها لتكون أمام ناظرينا، وننقلها لتكون في قلوب وعقول زوجاتنا وبناتنا وأخواتنا، بل وأمهاتنا، ومن نعرف ومن لا نعرف؛ ليكون في ذلك نشر للخير ونشر للفضل، وليعرف الناس ويعلم الناس أن دين الله سبحانه وتعالى منصور، وأن الله ناصر دينه حتى ولو تخلى عنه أهله، حتى ولو حاربه وتزعم حربه أناس يعيشون بيننا ويتكلمون بلغتنا، وربما يصلون إلى قبلتنا ويتسمون بأسمائنا. أسال الله سبحانه وتعالى لي ولكم العلم النافع والعمل الصالح، وأن يجعل ما سمعنا جميعاً حجة لنا لا حجة علينا، وأن يعيننا على أنفسنا، وأن يجعلنا ممن يستمع القول ويتبع أحسنه، والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل، والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله.