الانطباعية (التأثرية)
التعريف
:
الانطباعية
مذهب(*) أدبي فني، ظهر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في فرنسا، وهو يعتبر
الإحساس، والانطباع الشخصي الأساس في التعبير الفني والأدبي، لا المفهوم العقلاني
للأمور. ويرجع ذلك إلى أن أي عمل فني بحث لابد أن يمر بنفس الفنان أولاً، وعملية
المرور هذه هي التي توحي بالانطباع أو التأثير الذي يدفع الفنان إلى التعبير عنه.
التأسيس
وأبرز الشخصيات:
=
أطلقت الانطباعية في البداية على مدرسة في التصوير ترى أن الرسام يجب أن يعبر في
تجرد وبساطة عن الانطباع الذي ارتسم فيه حسيّاً، بصرف النظر عن كل المعايير
العلمية، وبخاصة في ميدان النقد الأدبي، فالمهم هو الانطباع الذي يضفيه الضوء
مثلاً على الموضوع لا الموضوع نفسه.
ومن
أهم شخصياتها:
-
أناتول فرانس 1844 – 1924م – الأديب الفرنسي، وهو يعد رائد الانطباع في الأدب، بعد
أن انتقل المصطلح من الرسم إلى الأدب، ويرى أن قيمة أي عمل أدبي تكمن في نوعية الانطباعات
التي يتركها في نفس القارىء وهذا الانطباع هو الدليل الوحيد على الوجود الحي للعمل
الأدبي.
-
إنطونان بروست: ويعد من أبرع من جسد الانطباعية الأدبية فهو حين يصف مشهداً أو
ينقل أحاسيسه إزاء مشهد، تتجسد أمامنا لوحة انطباعية.
الأفكار
والمعتقدات:
=
طالما أن قيمة أي عمل أدبي تكمن في نوعية الانطباعات التي يتركها في نفس القارىء،
فإن على الأديب أن يضع هذه الحقيقة نصب عينيه، لأن الانطباع هو الدليل الوحيد على
الوجود الحي للعمل الأدبي.
=
إن الفنان يحس أو يتأثر أولاً، ثم ينقل هذا الانطباع أو التأثير عن طريق التعبير.
ولا يكترث للمعايير المتبعة للنقد الأدبي.
=
الانطباعية تقول: (أنا أحس إذن أنا موجود) بدلاً من العقلانية التي تقول على لسان
ديكارت: (أنا أفكر إذن أنا موجود).
=
كل معرفة لم يسبقها إحساس بها لا تجدي..
=
المضمون هو المهم لا الشكل الفني عند الأديب الانطباعي في نقل انطباعه الذاتي
للآخرين.
=
العالم الخارجي مجرد تجربة خاصة وأحاسيس شخصية وليس واقعاً موضوعيًّا موجوداً بشكل
مستقل عن حواس الفرد.
=
من النقد الذي وجه للانطباعيين أنهم جروا وراء التسجيل الحرفي للانطباع ونسوا
القيمة الجمالية التي تحتم وجود الشكل الفني في العمل الأدبي.
=
وأن أدب الاعترافات والخطابات الأدبية اللذين أدت إليهما الانطباعية، حيث يعبر
فيهما الأدباء عن مكنونات صدورهم، تحولا إلى مجرد مرآة لحياة الأديب الداخلية، أي
أن هؤلاء ينظرون للأدب على أنه مجرد ترجمة ذاتية أو سيرة شخصية للأديب.
=
وهكذا فقد أصبح النقد الأدبي والتذوق الفني مجرد تعبير عن الانفعالات الشخصية
والأحاسيس الذاتية التي يثيرها العمل الأدبي في الناقد.
=
والفرق بين الانطباعية الشكلية والانطباعية الأدبية هو أن الانطباعية الشكلية تهتم
بالشكل (تسليط الضوء على الإطار الخارجي)، بينما تهتم الانطباعية الأدبية بالمضمون
الأدبي من خلال تأثير الأديب الانطباعي على القارىء.
الجذور
الفكرية والعقائدية:
=
إن العالم الحديث وما يتضمنه من أنانية فردية، وذاتية غير أخلاقية هو الذي أفرز
مذهب الانطباعية حيث فرض على الفرد العزلة، فأصبحت أفكاره تدور حول ذاته، وليس العالم
عنده سوى مجموعة من المؤثرات الحسية العصبية، والانطباعات والأحوال النفسية، ولا
يهمه الاهتمام بالعالم وإصلاحه أو تغييره إلى الأفضل.
الانتشار
وأماكن النفوذ:
بدأت
الانطباعية في فرنسا، ثم انتشرت في أوروبا.. وهي اتجاه يدخل في جميع المدارس
الأدبية ، حيث الانطباع عنصر أولي في أي عمل فني، ولكنه ليس كل شيء.. ولذلك اندثرت
عندما اقتصرت على فكرة أن الانطباع هو الهدف الوحيد والمادة الخام التي يتشكل منها
أي عمل فني.
ويتضح
مما سبق :
أن
الانطباعية أو التأثيرية مذهب(*) أدبي فني ظهر في النصف الثاني من القرن التاسع عشر
في فرنسا، ومضمونه اعتبار الانطباع الشخصي والإحساس، بمثابة الأساس في
التعبير الفني والأدبي، بحيث تكمن قيمة
العمل الأدبي في نوعية الانطباعات التي يتركها هذا العمل في نفس القارىء، الأمر
الذي يستلزم تبني الأديب أو الفنان لهذه الحقيقة، فالإحساس وليس العقل(*)
والتفكير، هو معيار وجود الإنسان وفق هذا المذهب، وكل معرفة لا يسبقها إحساس بها
فهي معرفة غير مجدية، والعبرة بمضمون العمل الفني وليس بشكله، ولا يعبأ هذا المذهب
بإصلاح أحوال الناس أو تغيير العالم إلى الأفضل. ومن هنا كانت الثغرات الأخلاقية
والاجتماعية في هذا المذهب الأدبي ذات أثر كبير على كل من يطلع على نتاجه دون أن
يكون ملماً سلفاً بفكرته تلك ولأن الفنان الانطباعي غير ملتزم إلا بالرؤية الحسية
وتصوير ما انطبع على حواسه حتى لو لم يره الآخرون، وحتى لو عارضت انطباعاته القيم
السامية وأدت من ثم للإضرار بالناس.
--------------------------------
مراجع
للتوسع :
- الأدب المقارن ، د. محمد غنيمي هلال – دار
الثقافة – بيروت.
- المدخل إلى النقد الأدبي الحديث، د. محمد غنيمي
هلال – القاهرة 1959م.
- الانطباعية، تأليف موريس سيرولا – ترجمة هنري
زغيب – منشورات عويدات.
- المذاهب الأدبية من الكلاسيكية إلى العبثية، د.
نبيل راغب – مكتبة مصر.
- النقد الجمالي، أندريه ريشار – ترجمة هنري زغيب
(سلسلة زدني علماً).
- الجمالية الفوضوية، أندريه رستسلر – ترجمة هنري
زغيب (سلسلة زدني علماً).
- الفن الانطباعي، موريس سيرولا – (سلسلة زدني
علماً ).
- J. Leymarie, L’Impressionmisme.
Paris 1959. 2 Vol.
- G. Moore, Modern Painting, London –
New York – 1893.