الفرويديـة
التعريف
:
الفرويدية
مدرسة في التحليل النفسي أسسها اليهودي سيجموند فرويد Sigmund
Freud وهي تفسر السلوك
الإنساني تفسيراً جنسيًّا، وتجعل الجنس هو الدافع وراء كل شيء. كما أنها تعتبر
القيم والعقائد حواجز وعوائق تقف أمام الإشباع الجنسي مما يورث الإنسان عقداً
وأمراضاً نفسية.
التأسيس
وأبرز الشخصيات:
المؤسس
وحياته:
ولد
سيجموند فرويد في 6 مايو 1856م في مدينة فريبورج بمقاطعة مورافيا بتشيكوسلوفاكيا
الحالية من والديْن يهوديين.
استقرت
أسرة أبيه في كولونيا بألمانيا زمناً طويلاً.
ولدت
أمه بمدينة برودي في الجزء الشمالي من غاليسيا ولما شبت تزوجت من جاكوب فرويد والد
سيجموند فرويد حيث أنجبت له سبعة أبناء.
وغاليسيا
مدينة ببولندا جاء منها والد فرويد وكانت معقلاً رئيسيًّا ليهود شرق أوروبا، وبسبب
ظروف الشغب رحلت الأسرة إلى برسلاو بألمانيا وعمر سيجموند حينها ثلاث سنوات، ثم
رحلوا مرة أخرى إلى فيينا حيث أمضى معظم حياته وبقي فيها إلى سنة 1938م حيث غادرها
إلى لندن ليقضي أيامه الأخيرة فيها مصاباً بسرطان في خده وقد أدركته الوفاة في 23
سبتمبر 1939م.
تلقى
تربيته الأولى وهو صغير على يدي مربية كاثوليكية دميمة عجوز متشددة كانت تصحبه
معها أحياناً إلى الكنيسة(*) مما شكل عنده عقدة ضدّ المسيحية(*) فيما بعد.
نشأ
يهوديًّا، وأصدقاؤه من غير اليهود نادرين إذ كان لا يأنس لغير اليهود ولا يطمئن
إليهم.
دخل
الجامعة عام 1873م وعقَّب على ذلك بأنه يرفض رفضاً قاطعاً أن يشعر بالدونية والخجل
من يهوديته. لكن هذا الشعور الموهوم بالاضطهاد ظل يلاحقه على الرغم من احتلاله
أرقى المناصب.
في
سنة 1885م غادر فيينا إلى باريس وتتلمذ على شاركوت Charcot مدة عام حيث كان أستاذه هذا يقوم بالتنويم المغناطيسي لمعالجة
الهستيريا وقد أعجب فرويد به عندما أكَّد له بأنه في حالة من حالات الأمراض
العصبية لا بد من وجود اضطراب في الحياة الجنسية للمريض.
أخذ
يتعاون مع جوزيف بروير 1842 – 1925م وهو طبيب نمساوي صديق لفرويد، وهو فيزيولوجي
في الأصل لكنه انتقل إلى العمل الطبي إذ كان ممن يستعملون التنويم المغناطيسي
أيضاً.
بدأ
الاثنان باستعمال طريقة التحدث مع المرضى فنجحا بعض النجاح ونشرا أبحاثهما في عامي
1893 و1895م وصارت طريقتهما مزيجاً من التنويم والتحدث، ولم يمض وقت طويل حتى
انصرف بروير عن الطريق كلها.
تابع
فرويد عمله تاركاً طريقة التنويم معتمداً على طريقة التحدث طالباً من المريض أن
يضطجع ويتحدث مفصحاً عن كل خواطره، وسماها طريقة (الترابط الحر) سالكاً طريق رفع
الرقابة عن الأفكار والذكريات، وقد نجحت طريقته هذه أكثر من الطريقة الأولى.
أخذ
يطلب من مريضه أن يسرد عليه حلمه الذي شاهده في الليلة الماضية، مستفيداً منه في
التحليل، وقد وضع كتاب تفسير الأحلام الذي نشره سنة 1900م، ثم كتاب علم النفس
المرضي للحياة اليومية ثم توالت كتبه وصار للتحليل النفسي مدرسة سيكولوجية صريحة
منذ ذلك الحين.
انضم
عام 1895م إلى جمعية بناي برث أي أبناء العهد، وكان حينها في التاسعة والثلاثين من
عمره، وهذه الجمعية لا تقبل بين أعضائها غير اليهود.
كان
يعرف تيودور هرتزل الذي ولد عام 1860م، كما سعيا معاً لتحقيق أفكار واحدة لخدمة
الصهيونية التي ينتميان إليها، مثل فكرة معاداة السامية التي ينشرها هرتزل
سياسيًّا، ويحللها فرويد نفسيًّا.
من
أصحابه وتلاميذه:
لارنست
جونز، مؤرخ السيرة الفرويدية، مسيحي(*) مولداً، ملحد فكراً، يهودي شعوراً
ووجداناً، حتى إنهم خلعوا عليه لقب: اليهودي الفخري.
أوتو
رانك 1884 – 1939م قام بوضع نظرية تقوم أساساً على أفكار فرويد الأصلية مع شيء من
التعديل الهام.
الفرِد
آدلر: ولد في فيينا 1870 – 1937م، وقد انضم إلى جماعة فرويد مبكراً لكنه افترق عنه
بعد ذلك مؤسساً مدرسة سماها مدرسة علم النفس الفردي مستبدلاً بالدوافع الجنسية عند
فرويد عدداً من الدوافع الاجتماعية مع التأكيد على الإرادة القوية والمجهودات
الشعورية.
كارل
جوستاف يونج 1875 – 1961م ولد في زيوريخ، وهو مسيحي(*)، نصَّبه فرويد رئيساً
للجمعية العالمية للتحليل النفسي، لكنه خرج على أستاذه معتقداً بأن هذه المدرسة
التحليلية ذات جانب واحد وغير ناضجة، وكان لخروجه أثر بالغ على فرويد. وضع نظرية
السيكولوجيا التحليلية مشيراً إلى وجود قوة دافعة أكبر هي طاقة الحياة مؤكداً على
دور الخبرات اللاشعورية المتصلة بالعِرق أو العنصر.
الفرويديون
المحدثون:
حدث
انسلاخ كبير عن الفرويدية الأصلية، وذلك عندما تكونت الفرويدية الحديثة التي كان
مركزها مدرسة واشنطن للطب العقلي، وكذلك معهد إليام ألانسون هوايت في الولايات
المتحدة الأمريكية، وهي مدرسة تتميز بالتأكيد على العوامل الاجتماعية معتقدة أن
ملامح الإنسان الأساسية إيجابية، وهم يلحّون على نقل التحليل النفسي إلى علم
الاجتماع للبحث عن أصول الحوافز البشرية في تلبية مطالب الوضع الاجتماعي، ومن أبرز
شخصياتهم:
أريك
فروم: ظهر بين 1941 – 1947م. كان ينظر إلى الإنسان على أنه مخلوق اجتماعي بالدرجة
الأولى بينما ينظر إليه فرويد على أنه مخلوق مكتفٍ بذاته، تحركه عوامل غريزية.
كارن
هروني: استعملت طريقة فرويد خمسة عشر عاماً في أوروبا وأمريكا إلا أنها أعادت
النظر فيها إذ وضعت نظرية جديدة تحرر فيها التطبيق العلاجي من كثير من القيود التي
تفرضها النظرية الفرويدية.
وعلى
الرغم من ذلك فإن الفرويديين المحدثين ما يزالون متمسكين بأشياء كثيرة من نظرية
فرويد الأصلية مثل:
1-
أهمية القوى الانفعالية بوصفها مضادة للدفع العقلي والارتكاسات الاشتراطية وتكوين
العادات.
2-
التداعي اللاشعوري.
3-
الكبت والمقاومة وأهمية ذك في التحليل أثناء العلاج.
4-
الاهتمام بالنزاعات الداخلية وأثرها على التكوين النفسي.
5-
التأثير المستمر للخبرات الطفولية المبكرة.
6-
طريقة التداعي الحر، وتحليل الأحلام، واستعمال حقيقة النقل.
الأفكار
والمعتقدات:
الأسس
النظرية:
الأسس
الثلاثة التي تركز عليها المدرسة التحليلية هي: الجنس – الطفولة – الكبت. فهي
مفاتيح السيكولوجية الفرويدية.
نظرية
الكبت: هي دعامة نظرية التحليل النفسي وهي أهم قسم فيه إذ إنه لا بد من الرجوع إلى
الطفولة المبكرة وإلى الهجمات الخيالية التي يراد بها إخفاء فاعليات العشق الذاتي
أيام الطفولة الأولى إذ تظهر كل الحياة الجنسية للطفل من وراء هذه الخيالات.
يعتبر
فرويد مص الأصابع لدى الطفل نوعاً من السرور الجنسي الفمي ومثل ذلك عض الأشياء،
فيما يعد التغوط والتبول نوعاً من السرور الجنسي الأستي كما أن الحركات المنتظمة
للرجلين واليدين عند الطفل إنما هي تعبيرات جنسية طفولية.
اللبيدو
Libido طاقة جنسية أو جوع جنسي، وهي نظرية تعتمد على أساس التكوين
البيولوجي للإنسان الذي تعتبره حيواناً بشرياً فهو يرى أن كل ما نصرح بحبه أو حب
القيام به في أحاديثنا الدارجة يقع ضمن دائرة الدافع الجنسي. فالجنس عنده هو
النشاط الذي يستهدف اللذة وهو يلازم الفرد منذ مولده إذ يصبح الأداة الرئيسية التي
تربط الطفل بالعالم الخارجي في استجابته لمنبهاته.
الدفع:
يقول بأن كل سلوك مدفوع، فإلى جانب الأفعال الإرادية التي توجهها الدوافع
والتمنيات هناك الأفعال غير الإرادية أو العارضة. فكل هفوة مثلاً ترضي تمنياً وكل
نسيان دافعه رغبة في إبعاد ذلك الشيء.
الشلل
أو العمى لديه قد يكون سببه الهروب من حالة صعبة يعجز الإنسان عن تحقيقها، وهذا
يسمى انقلاب الرغبة إلى عرض جسدي.
الحلم
عنده هو انحراف عن الرغبة الأصلية المستكنة في أعماق النفس وهي رغبة مكبوتة
يقاومها صاحبها في مستوى الشعور ويعيدها إلى اللاشعور، وأثناء النوم عندما تضعف
الرقابة تأخذ طريقها باحثة لها عن مخرج.
يتكلم
فرويد عن تطبيق مبدأين هما اللذة والواقع، فالإنسان يتجه بطبيعته نحو مبدأ اللذة
العاجلة لمباشرة الرغبة لكنه يواجه بحقائق الطبيعة المحيطة به فيتجنب هذه اللذة
التي تجلب له آلاماً أكبر منها أو يؤجل تحقيقها.
يفترض
فرويد وجود غريزتين ينطوي فيهما كل ما يصدر عن الإنسان من سلوك وهما غريزة الحياة
وغريزة الموت. غريزة الحياة تتضمن مفهوم اللبيدو وجزءً من غريزة حفظ الذات، أما
غريزة الموت فتمثل نظرية العدوان والهدم موجهة أساساً إلى الذات ثم تنتقل إلى
الآخرين.
الحرب
لديه إنما هي محاولة جماعية للإبقاء على الذات نفسياً، والذي لا يحارب إنما يعرض
نفسه لاتجاه العدوان إلى الداخل فيفني نفسه بالصراعات الداخلية، فالأولى به أن
يفني غيره إذن، والانتحار هو مثل واضح لفشل الفرد في حفظ حياته. وهذا المفهوم إنما
يعطي تبريراً يريح ضمائر اليهود أصحاب السلوك العدواني المدمر.
اللاشعور:
هو مستودع الدوافع البدائية الجنسية وهو مقر الرغبات والحاجات الانفعالية المكبوتة
التي تظهر في عثرات اللسان والأخطاء الصغيرة والهفوات وأثناء بعض المظاهر الغامضة
لسلوك الإنسان. إنه مستودع ذو قوة ميكانيكية دافعة وليس مجرد مكان تلقى إليه
الأفكار والذكريات غير الهامة.
الـ
(هو): مجموعة من الدوافع الغريزية الموجودة لدى الطفل عند ولادته التي تحتاج إلى
الشعور الموجه، وهي غرائز يشترك فيها الجنس البشري بكافة. إنها باطن النفس، وقد
نتجت عن (الأنا) إلا أنها تبقى ممزوجة بها في الأعماق أي حينما تكون (الأنا) لا
شعورية، وهي تشمل القوى الغريزية الدافعة، فإذا ما كبتت هذه الرغبات فإنها تعود إلى
الـ (هو) (Ego).
(الأنا):
بعد قليل من ميلاد الطفل يزداد شعوراً بالواقع الخارجي فينفصل جزء من مجموعة
الدوافع الـ (هي) لتصبح ذاتاً ووظيفتها الرئيسية هي اختيار الواقع حتى يستطيع
الطفل بذلك تحويل استجاباته إلى سلوك منظم يرتبط بحقائق الواقع ومقتضياته، إنها ظاهرة
النفس التي ترتبط بالمحيط.
(الأنا العليا): هي الضمير الذي يوجه سلوك الفرد
والجانب الأكبر منه لا شعوري وهو ما نسميه بالضمير أو الوجدان الأخلاقي، لها زواجر
وأوامر تفرضها على (الأنا)، وهي سمة خاصة بالإنسان، إذ إنها أمور حتمية صادرة من
العالم الداخلي.
النقل:
وهي أن المريض قد ينقل حبَّه أو بغضه المكبوت في أعماق الذكريات إلى الطبيب مثلاً
خلال عملية المعالجة. وقد تعرض بروير لحب واحدة من اللواتي كان يعالجهن إذ نقلت
عواطفها المكبوتة إليه، فكان ذلك سبباً في انصرافه عن هذه الطريقة بينما تابع
فرويد عمله بمعالجة الواحدة منهن بنقل عواطفها مرة أخرى والوصول بها إلى الواقع.
استفاد
كثيراً من عقدة أوديب تلك الأسطورة التي تقول بأن شخصاً قد قتل أباه وتزوج أمه
وأنجب منها وهو لا دري. ولما علم بحقيقة ما فعل سمل عينيه، فقد استغلها فرويد في
إسقاطات نفسية كثيرة واعتبرها مركزاً لتحليلاته المختلفة.
شخصية
الإنسان هي حصيلة صراع بين قوى ثلاث: دوافع غريزية، واقع خارجي، ضمير، وهي أمور
رئيسية تتحدد بشكل ثابت بانتهاء الموقف الأوديبي حوالي السنة الخامسة أو السادسة
من العمر.
الآثار
السلبية للفرويدية:
لم
ترد في كتب وتحليلات فرويد أية دعوة صريحة إلى الانحلال – كما يتبادر إلى الذهن –
وإنما كانت هناك إيماءات تحليلية كثيرة تتخلل المفاهيم الفرويدية تدعو إلى ذلك.
وقد استفاد الإعلام الصهيوني من هذه المفاهيم لتقديمها على نحو يغري الناس بالتحلل
من القيم وييسر لهم سبله بعيداً عن تعذيب الضمير.
كان
يتظاهر بالإلحاد ليعطي لتفكيره روحاً علمانية، ولكنه على الرغم من ذلك كان غارقاً
في يهوديته من قمة رأسه إلى أخمص قدميه.
كان
يناقش فكرة معاداة السامية وهي ظاهرة كراهية اليهود، هذه النغمة التي يعزف اليهود
عليها لاستدرار العطف عليهم، وقد ردّ هذه الظاهرة نفسياً إلى اللاشعور وذلك لعدة
أسباب:
1-
غيرة الشعوب الأخرى من اليهود لأنهم أكبر أبناء الله وآثرهم عنده حاشا لله.
2-
تمسّك اليهود بطقس الختان الذي ينبه لدى الشعوب الأخرى خوف الخصاء ويقصد بذلك
النصارى لأنهم لا يختتنون.
3-
كراهية الشعوب لليهود هو في الأصل كراهية للنصارى المسيحيين(*)، وذلك عن طريق
النقل إذ أن الشعوب التي تُنزِل الاضطهاد النازي باليهود إنما كانت شعوباً
وثنية(*) في الأصل، ثم تحولت إلى النصرانية بالقوة الدموية، فصارت هذه الشعوب بعد
ذلك حاقدة على النصرانية لكنها بعد أن توحدت معها نقلت الحقد إلى الأصل الذي تعتمد
عليه النصرانية ألا وهو اليهودية.
يركن
إلى إشباع الرغبة الجنسية، وذلك لأن الإنسان صاحب الطاقة الجنسية القوية والذي لا
تسمح له النصرانية إلا بزوجة واحدة؛ إما أن يرفض قيود المدنية ويتحرر منها بإشباع
رغباته الجنسية وإما أن يكون ذا طبيعة ضعيفة لا يستطيع الخروج على هذه القيود
فيسقط صاحبها فريسة للمرض النفسي ونهباً للعقد النفسية.
يقول
بأن الامتناع عن الاتصال الجنسي قبل الزواج قد يؤدي إلى تعطيل الغرائز عند الزواج.
عقد
فصلاً عن تحريم العذرة وقال بأنها تحمل مشكلات وأمراضاً لكلا الطرفين، واستدل على
ذلك بأن بعض الأقوام البدائية كانت تقوم بإسناد أمر فض البكارة لشخص آخر غير
الزوج، وذلك ضمن احتفال وطقس رسمي.
لقد
برَّر عشق المحارم لأن اليهود أكثر الشعوب ممارسة له بسبب انغلاق مجتمعهم الذي
يحرم الزواج على أفراده خارج دائرة اليهود، وهو يرجع هذا التحريم إلى قيود شديدة
كانت تغل الروح وتعطلها، وهو بذلك يساعد اليهود أولاً على التحرر من مشاعر الخطيئة
كما يسهل للآخرين اقتحام هذا الباب الخطير بإسقاط كل التحريمات واعتبارها قيوداً
وأغلالاً وهمية. وقد استغل اليهود هذه النظرية وقاموا بإنتاج عدد من الأفلام
الجنسية الفاضحة التي تعرض نماذج من الزنى
بالمحارم.
لم
يعتبر التصعيد أو الإعلاء – كما يسميه – إلا طريقاً ضعيفاً للتخلص من ضغط الدافع
الجنسي إذ أن هذا الطريق لن يتيسر خلال مرحلة الشباب إلا لقلَّة ضئيلة من الناس
وفي فترات متقطعة وبأكبر قدر من العنت والمشقَّة ، أما الباقون – وهم الغالبية
العظمى – فليس أمامهم إلا المرض النفسي يقعون صرعاه. كما أن أصحاب التصعيد هؤلاء
إنما هم ضعاف يضيعون في زحمة الجماهير التي تنزع إلى السير بإرادة مسلوبة وراء
زعامة الأقوياء.
في
كفاحه ضد القيود، والأوامر العليا الموجهة إلى النفس، صار إلى محاربة الدين(*)
واعتباره لوناً من العصاب النفسي الوسواسي.
تطورت
فكرة الألوهية لديه على النحو التالي:
1-
كان الأب هو السيد الذي يملك كل الإناث في القبيلة ويحرمها على ذكورها.
2-
قام الأبناء بقتل الأب، ثم التهموا جزءً نيئاً من لحمه للتوحد معه لأنهم يحبونه.
3-
صار هذا الأب موضع تبجيل وتقدير باعتباره أباهم أصلاً.
4-
ومن ثم اختاروا حيواناً مرهوباً لينقلوا إليه هذا التبجيل فكان الحيوان هو
الطوطم(*).
5-
الطوطمية أول صورة للدين في التاريخ البشري.
6-
كانت الخطوة الأولى بعد ذلك هي التطوُّر نحو الإله(*) الفرد، فتطورت معها فكرة الموت
الذي صار بهذا الاعتبار خطوة إلى حياة أخرى يلقى الإنسان فيها جزاء ما قدم.
7-
الله – إذن – هو بديل الأب أو بعبارة أصح هو أب عظيم، أو هو صورة الأب كما عرفها
المرء في طفولته.
نخلص
من هذا إلى أن العقائد الدينية – في نظره – أوهام لا دليل عليها، فبعضها بعيد عن
الاحتمال ولا يتفق مع حقائق الحياة، وهي تقارن بالهذيان، ومعظمها لا يمكن التحقق
من صحته، ولابدّ من مجيء اليوم الذي يصغي فيه الإنسان لصوت العقل(*).
حديثه
عن الكبت فيه إيحاءات قوية وصارخة بأن الوقاية منه تكمن في الانطلاق والتحرر من كل
القيود، كما يحرم الإدانة الخلقية على أي عمل يأتيه المريض مركِّزاً على الآثار
النفسية المترتبة على هذه الإدانة في توريثه العقد المختلفة مما يحرفه عن السلوك
السوي.
مما
ساعد على انتشار أفكاره ما يلي:
1-
الفكر الدارويني الذي أرجع الإنسان إلى أصول حيوانية مادية.
2-
الاتجاه العقلاني الذي ساد أوروبا حينذاك.
3-
الفكر العلماني الذي صبغ الحياة بثورته ضد الكنيسة (*) أولاً وضد المفاهيم الدينية
ثانياً.
4-
اليهود الذين قدَّموا فكرة للإنسانية باستخدام مختلف الوسائل الإعلامية بغية نشر
الرذيلة والفساد وتسهيل ذلك على ضمير البشرية ليسهل عليهم قيادة هذه الرعاع من
الشعوب اللاهثة وراء الجنس، المتحللة من كل القيود والقيم.
من
أكبر الآثار المدمرة لآراء فرويد، أن الإنسان حين كان يقع في الإثم كان يشعر
بالذنب وتأنيب الضمير، فجاء فرويد ليريحه من ذلك، ويوهمه بأنه يقوم بعمل طبيعي لا
غبار عليه، وبالتالي فهو ليس بحاجة إلى توبة، وبذلك أضفى على الفساد صفة أخلاقية
إذا صح التعبير.
ألَّف
نحو ثلاثين كتاباً في الدراسات النفسية من أشهرها: الذات والذات السفلى
والطواطم(*) والمحرمات وتفسير الأحلام، وثلاث مقالات في النظرية الحسية والأمراض
النفسية المنتشرة في الحياة اليومية. وكلها تدور – من زوايا مختلفة- حول موضوع
واحد مكرر فيها جميعاً هو التفسير الجنسي للسلوك البشري.
الجذور الفكرية والعقائدية:
لقد
دخل التنويم المغناطيسي إلى حقل العلم والطب على يد مسمر Mesmer 1780م إلا أنه
قد مزج بكثير من الدجل مما نزع بالأطباء إلى أن ينصرفوا عنه انصرافاً دام حتى أيام
مدرستي باريس ونانسي.
لقد
كان الدكتور شاركوت Charcot 1825 – 1893م أبرز شخصيات مدرسة
باريس، إذ كان يعالج المصابين بالهستيريا عن طريق التنويم المغناطيسي(*).
من
تلاميذ شاركوت بيير جانه Pierr Janet الذي اهتم بالأفعال العصبية غير الشعورية والتي سماها الآليات
العقلية.
ساهمت
مدرسة نانسي بفرنسا في التنويم المغناطيسي المعتدل وقالت إنه أمر يمكن أن يحدث لكل
الأسوياء، ذلك لأنه ليس إلا حالة انفعال وتلقٍّ منشؤها الإيحاء، وقد استعملته هذه
المدرسة في معالجة الحالات العصبية.
أما
فرويد فقد أخذ الأسس النظرية ممن سبقه، وأدخل أفكاره في تحليل التنويم المغناطيسي
باستخدام طريقة التداعي الحرّ. لكن لهذا الوجه العلميِّ الظاهر وجه آخر هو التراث
اليهودي الذي استوحاه فرويد واستخلص منه معظم نظرياته التي قدمها للبشرية خدمة
لأهداف صهيون.
الانتشار
ومواقع النفوذ:
بدأت
هذه الحركة في فيينا، وانتقلت إلى سويسرا، ومن ثم عمت أوروبا، وصارت لها مدارس في
أمريكا.
وقد
حملت الأيام هذه النظرية إلى العالم كله عن طريق الطلاب الذين يذهبون إلى هناك
ويعودون لنشرها في بلادهم.
تلاقي
هذه الحركة اعتراضات قوية من عدد من علماء النفس الغربيين اليوم.
ويتضح
مما سبق:
أن
الفرويدية تدعو إلى التحرر من كل القيود لأنها تسبب العقد النفسية والاضطرابات
العصبية، وبذلك تريد للمجتمع أن يكون بلا دين(*) ولا أخلاق (*) ولا تقاليد فتتسع
هوة الرذيلة والفساد وتسهل لليهود السيطرة على الشعوب المتحللة خدمة لأهداف
الصهيونية. وبطبيعة الحال فإنها تنادي بأن الدين الذي يضع الضوابط لطاقة الجنس لا
يستحق الإتباع ولا يستوجب الاحترام.
----------------------------
مراجع
للتوسع :
-
علم الأمراض النفسية والعقلية، تأليف ريتشارد م. سوين – ترجمة أحمد عبد العزيز
سلامة – دار النهضة العربية – القاهرة – 1979م.
- مدارس علم النفس، تأليف د. فاخر عاقل – دار
العلم للملايين – بيروت – ط4 – 1979م.
- التراث اليهودي الصهيوني في الفكر الفرويدي،
تأليف د. صبري جرجس – عالم الكتاب – طبعة 1970م.
- كتاب تاريخ حركة التحليل النفسي، تأليف سيجموند
فرويد – طبعة 1917م.
- Brown, J.A.C. Freud and The
post-0Freudians, Penguin Books London 1962.
- Munroe, r.L. Schools of
Psycho-analytic Thought, Mutchinson Medical Publications- London 1957.
- Fundametals of Behavior Pathology by
richard M. Suninn- New York 1970.
- Bakan. D. “Sigmund Freud and the
Jewish Mystical Tradition”. Van Nostrand, New York 1958.
- Encyclopedia Britannica, 1965
edition, Vol 1,2,3,4,9,17,21,24.