التسميات

الأحد، 2 ديسمبر 2012

خوطر و فوائد في الدين والحياة من المشايخ والكتب 
د. ربيع أحمد .. الجزء الثاني ..

بسم الله الرحمن الرحيم


101- إذا أَرَادَت الأمة الإسلامية الْخَيْر والفلاح والعز والتمكين فعلَيْهَا الْأَخْذ بما كان عليه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم و أصحابه فِي التربية والاقتداء بِهِ .

102- من فاته حفظ القرآن و السنة في صغره فلا يفوِّت حفظهما والعلم بهما في كبَره و قد تعلم كثير من الصحابة القرآن و السنة و هم كبار السن .

الصحابة عندما أسلموا لم يكونوا كلهم صغاراً ، بل أكثرهم كانوا كباراً في السن ، وما منعهم سنهم من الطلب والتعلم ،و أصبحوا علماء في الدين وإليهم المرجع في فهم نصوص القرآن ، والسنَّة ، فأبو بكر الصدِّيق رضي الله عنه بدأ في طلب العلم قريباً من الأربعين ، و عمر بن الخطاب بدأ العلم قريباً من الثلاثين .

و ممن طلب العلم على كبر أيضا عثمان ، والعباس ، وابن عوف ، وأبي عبيدة ، وغيرهم فالخلاصة طلب العلم ليس له وقت محدد في حياة الإنسان يطلب العلم في كل حياته في صغره و إن فاته ففي كبره .

103- حفظ بلا علم و فهم كسيارة بلا سائق .

104- حفظ بلا متابعة يعني قرب ضياعه ، و إنما يذهب العلم النسيان وترك المذاكرة .

105- تحصيل العلم عن طريق المشايخ يوفر الوقت و ييسر الفهم و يقلل الجهد و يقلل الخطأ بخلاف تحصيل العلم عن طريق الكتب فقط يضيع الوقت و يعسر الفهم و يزيد الجهد و يزيد الخطأ أي يخطئ كثيرا و الزكي من يجمع بين التحصيل عن طريق المشايخ و التحصيل عن طريق الكتب .

106- قال ابن القيم : " وتبليغ سنته صلى الله عليه وسلم إلى الأمة أفضل من تبليغ السهام إلى نحور الأعداء ؛ لأن تبليغ السهام يفعله كثير من الناس , وأما تبليغ السنن فلا يقوم به إلا ورثة الأنبياء وخلفائهم في أممهم ".

107- تتفاوت قدرات الناس بسبب تنوع مواهبهم واختلاف استعدادتهم .

108- استغل وقتك أحسن استغلال فإنه إن ضاع لن تستدركه أبدا ، و إن لم تستغل وقتك في الحق أضعته في الباطل .

109- قال النووي : ندب أهل الحقائق إلى مجالسة الصالحين ليكون ذلك مانعًا من تلبسه بشيء من النقائص احترامًا لهم واستحياء منهم، فكيف بمن لا يزال الله تعالى مطلعًا عليه فى سره وعلانيته؟ شرح النووي لصحيح مسلم 1/193

110- قال ابن تيمية : فمن اعتقد أن كل حديث صحيح قد بلغ كل واحد من الأئمة أو إماما معينا فهو مخطئ خطأ فاحشا قبيحا .

ولا يقولن قائل : الأحاديث قد دونت وجمعت ؛ فخفاؤها والحال هذه بعيد ؛ لأن هذه الدواوين المشهورة في السنن إنما جمعت بعد انقراض الأئمة المتبوعين ومع هذا فلا يجوز أن يدعي انحصار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في دواوين معينة ثم لو فرض انحصار حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فليس كل ما في الكتب يعلمه العالم ولا يكاد ذلك يحصل لأحد .

بل قد يكون عند الرجل الدواوين الكثيرة ، وهو لا يحيط بما فيها بل الذين كانوا قبل جمع هذه الدواوين أعلم بالسنة من المتأخرين بكثير ؛ لأن كثيرا مما بلغهم وصح عندهم قد لا يبلغنا إلا عن مجهول ؛ أو بإسناد منقطع ؛ أو لا يبلغنا بالكلية فكانت دواوينهم صدورهم التي تحوي أضعاف ما في الدواوين وهذا أمر لا يشك فيه من علم القضية . 
ولا يقولن قائل : من لم يعرف الأحاديث كلها لم يكن مجتهدا . لأنه إن اشترط في المجتهد علمه بجميع ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم وفعله فيما يتعلق بالأحكام : فليس في الأمة مجتهد وإنما غاية العالم أن يعلم جمهور ذلك ومعظمه بحيث لا يخفى عليه إلا القليل من التفصيل ثم إنه قد يخالف ذلك القليل من التفصيل الذي يبلغه . مجموع الفتاوى 20/239

111- قال الإمام سلمة بن دينار : يسير الدنيا يشغل عن كثير الآخرة؛ فإنك تجد الرجل يشغل نفسه بهم غيره، حتى لهو أشد اهتماماً من صاحب الهم بهم نفسه .

112- قال الإمام سلمة بن دينار : كل نعمة لا تقرب من الله فهي بلية .

113- قال الإمام سلمة بن دينار : من عرف الدنيا لم يفرح فيها برخاء، ولم يحزن على بلوى.

114- قال الإمام سلمة بن دينار : انظر الذي تحب أن يكون معك في الآخرة فقدمه اليوم، وانظر الذي تكره أن يكون معك ثَمَّ فاتركه اليوم.

115- قال الإمام سلمة بن دينار : انظر كل عمل كرهت الموت من أجله فاتركه، ثم لا يضرك متى مت.

116- قال الإمام سلمة بن دينار : قاتل هواك أشد مما تقاتل عدوك .

117- قال الإمام سلمة بن دينار : إن كان يغنيك ما يكفيك فأدنى عيشك يكفيك، وإن كان لا يغنيك ما يكفيك فليس في الدنيا شيء يغنيك.

118- فعل الأسباب ليس كافياً في حصول المطلوب ، فالولد لا يحصل بمجرد الوطء فقط ،و الشفاء لا يحصل بمجرد العلاج فقط بل لا بد من تمام الشروط ، و انتفاء الموانع ، و أن يشاء الله تأثير السبب في المسبب .



119- الأخذ بالأسباب لا ينافي القدر بل هو من القدر ، فالله كما قدر المسببات قدر أسبابها ، و كما قدر النتائج ، قدر مقدماتها .

و من قدر الله له السعادة يكون سعيداً بالأعمال التي جعلها الله سببا في السعادة و التي من جملتها فعل الطاعات و ترك المحرمات .

ومن قدر الله له الشقاء يكون شقياً بالأعمال التي جعلها الله سببا في الشقاء ، والتي من جملتها الاتكال على القدر ، و ترك الأعمال الواجبة و فعل المعاصي .

120- من ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر الرضا واليقين فمادام كل شيء بقدر الله فلابد من الرضا واليقين ؛ لأن الله لا يقدر إلا خيراً ، فإذا قدر الله على العبد مصيبة فهو يريد منه الصبر فإذا كان مؤمناً بقضاء الله وقدره فليصبر على أقدار الله المؤلمة فالصبر من الإيمان فإن لم يصبر فكيف يقول أنه مؤمن ؟ 

و من حكم تقدير الله للمصائب والمحن إظهار صادق التوكل ومحسن التفويض من المتسخط الذي لا يكف جوارحه عن الوقوع فيما حرم الله كرفع الصوت عند المصيبة وشكوى الله إلى الناس .

ومن ثمرات الإيمان بالقضاء والقدر الاستغناء بالخالق عن المخلوق ؛ لأن كل شيء يصيبك من خير وشر إنما هو تقدير الله ،والمخلوق ليس إلا واسطة .

121- من لم يقدر على الاستقامة فليجتهد على القرب منها .

122- قال علي بن ثابت العلم آفته الإعجاب والغضب والمال آفته التبذير والنهب .

123- من أعجب برأيه ضلَّ ، ومن استغنى بعقله زلَّ .

124- المتواضع من طلاب العلم أكثر علماً ، كما أن المكان المنخفض أكثر البقاع ماء .

125- المعصية ظلمة ، و العلم نور ، و لا يجتمع النور ، و الظلمة فنور الله لا يهدى لعاصي .

126- من أراد الله به خيراً بصَّره بعيوب نفسه فإذا عرفها تمكن من التخلص منها ؛ لأن بداية العلاج معرفة المرض ، و من كملت بصيرته لم تخف عليه عيوبه ، و كثير من الناس يجهلون عيوبهم ، و يرون عيوب غيرهم ، و يرون الصغائر في غيرهم ، و لا يرون الكبائر في أنفسهم .

127- الأخلاق الحسنة تحفظ الأعمال الصالحة أما الأخلاق السيئة فتضيع الأعمال الصالحة ؛ لأن الأخلاق السيئة تأكل الأعمال الصالحة كما يأكل النار الحطب .

قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «أتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ؟» قَالُوا: الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لا دِرْهَمَ لَهُ وَلا مَتَاعَ، فَقَالَ: «إنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أمَّتِي، يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا، وَقَذَفَ هَذَا، وَأكَلَ مَالَ هَذَا، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا، وَضَرَبَ هَذَا، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ، قَبْلَ أنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ، أخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّار» رواه مسلم في صحيحه .

128- أكمل الناس إيماناً أكملهم خلقاً ، ولذلك الأنبياء أحسن الناس خلقا ؛ لأنهم أكمل الناس إيمانا ، و العلماء و الدعاة بحق من أحسن الناس خلقا ؛ لأنهم من أكمل الناس إيمانا . 

129- قال ابن تيمية: " المؤمن للمؤمن كاليدين تغسل إحداهما الأخرى ، وقد لا ينقلع الوسخ إلاَّ بنوع من الخشونة ، لكن ذلك يوجب من النَّظافة والنُّعومة ما نحمد معه ذلك التَّخشين " المجموع 28/53 .

130- العمر قصير و العلم غزير فلا وقت للكسل بل الجد والعمل هكذا علمنا البشير النذير .



131- صاحب البدعة قد فعل ما هو أشد من الكبيرة ؛ لأنها تنقـص للإسلام وإحداث في الإسلام و اتهام للإسلام بالنقص، فلهذا يبتدع ويزيد . و المعاصي قد يتـوب صاحبها منها ، ويرجع عما يفعل ، و صاحب البدعة يرى أنه مصيب ، وأنه مجتهد فيستمـر في البدعة .

132- المتقرر عند أهل السنة والجماعة أن العقول لا تستقل بإدراك المشروع على وجه التفصيل ولذلك احتاجت البشرية إلى إرسال الرسل وإنزال الكتب ، حتى يعرفوا الناس بشرائعهم العقدية والعملية علـى وجــه التفصيـل فبعث الله الرسل وأنزل الكتب ، ولولا الله ثم الرسل لما عرفت البشرية ما يجوز التعبد به لله ، و ما لا يجوز على التفصيل أبدًا .

133- المشقة ليست مقصودة في التكليف فالأصل هو رفع الحرج والعنت عن الناس فإذا كان مقصد المكلف من الفعل إيقاع المشقة فقد خالف قصد الشارع .

134- قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : ( ومما ينبغي أن يعرف أن الله ليس رضاه أو محبته في مجرد عذاب النفس وحملها على المشاق، حتى يكون العمل كلما كان أشق كان أفضل، كما يحسب كثير من الجهال أن الأجر على قدر المشقة، في كل شيء، لا! 

و لكن الأجر على قدر منفعة العمل ، و مصلحته ، وفائدته، وعلى قدر طاعة أمر الله ورسوله. فأي العملين كان أحسن، وصاحبه أطوع، وأتبع، كان أفضل فإن الأعمال لا تتفاضل بالكثرة، وإنما تتفاضل بما يحصل في القلوب حال العمل) مجموع الفتاوى 25/281-282.



135- ليس كل من أراد شيئاً ناله، ولا كل من انتسب إلى شيء صدق في انتسابه إليه .

136- السير وراء الهداة اهتداء ، و السير خلف السعداء سعادة فهم القوم لا يشقى بهم جليسهم والسائر على منوالهم .

137- من لم يعتقد قدرته على النجاح يكون عاجزاً عن التفكير في السبل الموصلة له .

138- إذا لم يغيِّر المرء ما يقوم به فسيستمر في الحصول على النتائج نفسها التي كان يحصل عليها .

139- الحكيم من يرتب الأفعال حسب أهميتها لا حسب إلحاحها .

140- عليك بتقديم ما نفعه متعد على ما كان نفعه قاصرا .

141- قال القاضي إسماعيل: إنما التوسعة في اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم توسعة في اجتهاد الرأي فإما أن يكون توسعة أن يقول الإنسان بقول واحد منهم من غير أن يكون الحق عنده فيه فلا، ولكن اختلافهم يدل على أنهم اجتهدوا فاختلفوا.

142- ليس كل مشقة تجلب التيسير والتخفيف والرخص، بل المشقة غير المعتادة هي التي تجلب التيسير والتخفيف والرخص إذ لا يخلو عمل مطلوب شرعًا من نوع كلفة و مشقة لكن المشقة التي توجد في كثير من المطلوبات الشرعية هي كلفة معتادة لا يمنع التكليف معها، وهي داخلة في حدود الاستطاعة والوسع 
كما أن الأعمال الدنيوية ككسب المعاش فيها مشقة ومع هذا لا يعد شاقا، ولا يتقاعس الناس من أجلها عن ذلك العمل لكون المشقة فيه عادية،وأهل العقول يعدون المنقطع عنه كسلان، والناس يذمونه بذلك، فكذلك المعتاد في التكاليف.

143- من عاش على شيء مات عليه ومن مات على شيء بعث عليه، فمن عاش على الطاعة مخلصاً لله ومتبعاً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يموت على الطاعة ، و من عاش على المعاصي مات على المعاصي .

144- كلما كان القلب غير مشغول استطعت أن تقبل على العبادة بحب و صفاء و لذة لذلك أمرنا ألا نصلي ونحن ندافع الأخبثين، وأمرنا ألا نصلي في حضرة الطعام حتى نقبل على العبادة بذهن صاف . 

145- إذا دخل العبد في المشقة والملل فقد لذة العبادة، وابتعد عن بواعث الخشوع فلا تفعل ما يشق عليك في العبادة مشقة غير معتادة .

146- قال الشعبي: إذا اختلف عليك أمران، فإن أيسرهما أقربهما إلى الله، يقول سبحانه: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة:185].

147- كم من الناس من لا يفوته علم أو عبادة، ولكن يفوته التوفيق والصواب فلا تركن لكثرة العلم و العبادة و كم من مكثر للصلاة لا يخشع فيها ، وكم من كثير العلم لا يعمل به .

148- كُن أشدَّ حرصًا على حفظِ الطاعة من المُبطِلات أكثر من حرصِك على فعل الطاعات فلا خير في طاعة شابها الفساد .

149- السمة الجامعة لكثير من فروع الغلو ترجع إلى الجهل بالقرآن أو السنة أو كلاهما .

150- اعمل كل ما في وسعك من طاعة ، و لا تركن إليها بل أشعر في التقصير و العجز عن عبادة الله حق عبادة ، و لأن الله كريم فكن عندك رجاء في اللّه بمغفرة تقصيرك .

151- قال الحسن : ليس الإيمان بالتمني ولا بالتحلي، ولكن الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل، فمن قال خيراً وعمل خيراً قبل منه ومن قال خيراً وعمل شراً لم يقبل منه .

152- لا تحزن من قلة من قبل دعوتك فقد يكون انتصار الداعية بعد وفاته أعظم من انتصاره في حياته فكم من داعية لم ينتصر الدين في حياته، ولكنه انتصر أعظم الانتصار بعد مماته، و المراد هو انتصار المنهج القويم الذي تدعو إليه فعليك البلاغ لتحظى بالثواب و على الله الحساب .

153- النجاة في الدنيا والآخرة والتوفيق والسداد متوقفة على مدى استقامتك على دين الله تعالى استقامة العبادة و استقامة الاعتقاد واستقامة السلوك .

154- لو لم يكن في الاستغفار عقب فعل الطاعات إلا أن يكون حماية الإنسان من أن يصاب بالعجب و الغرور لكفى كيف و ما من عبادة لا تخلو من تقصير و ترك القيام لله بها كما يليق ، و من عظم فضل الله أن الاستغفار ليس فقط لجبر الخلل و محو الذنوب بل أيضا الاستغفار في حد ذاته عبادة ، فإذا لم يحط الذنوب رفع الدرجات .

155- ليس معنى أن الشخص قد أمتلك أدوات الفهم أن فهمه للنص يكون صحيحا فكم من العلماء من فهم النص على خلاف مراد الشرع مع امتلاك العالم لأدوات الفهم و الاستنباط و تجرد العالم للحق فالفهم الصحيح توفيق من الله .

156- لتفاوت العلماء في الفهم فمن الأفهام ما يوافق الكتاب والسنة ، و من الأفهام ما يخالف الكتاب و السنة فالواجب عرض كلام العلماء على الكتاب و السنة فما وافق منها قبلناه و ما خالف منها لا نقبله .

157- مادام العلم لا يقود للعمل الصالح فهو علم لا ينفع فاستعذ بالله منه .

158- إن العمل إذا كان خالصاً ولم يكن صواباً لم يقبل ، و إن كان صواباً ولم يكن خالصاً لم يقبل حتى يكون خالصاً صواباً والخالص أن يكون لله ، و الصواب أن يكون على السنة .

159- ما لا يدرك كله لا يترك جله فإذا تعذَّر حصول الشيء كاملاً ، و أمكن المكلف فعل بعضه، فإنه يفعل المقدور عليه ، و لا يترك الكل بحجة عجزه عن بعضه ؛ لأن إيجاد الشيء في بعض أفراده -مع الإمكان- أولى من إعدامه كلية. 

160- قال الحسن البصري: إن هذا الدِّين دين واصب، وإنه من لا يصبر عليه يدعه، وإن الحق ثقيل ، و إن الإنسان ضعيف ، و كان يقال : ليأخذ أحدكم من العمل ما يطيق ؛ فإنه لا يدري ما قدر أجله ، و إن العبد إذا ركب بنفسه العنف ، و كلف نفسه ما لا يطيق ، أوشك أن يسيِّب ذلك كله ، حتى لعله لا يقيم الفريضة ، و إذا ركب بنفسه التيسير والتخفيف ، و كلف نفسه ما تطيق كان أكيس ، و أمنعها من العدو ، و كان يقال شر السير الحقحقة .



161- من تتبع الشريعة في أحكامها ، وجدها تنحو المنحي الوسط في الأمور، وتقصد الاعتدال في كل ما يقوم به المكلفون من أعمال ، فالخروج عن ذلك إلى التشديد أو التخفيف المفرط خروج عن مقصد الشريعة .

162- قال الحسن البصري رحمه الله قال : (( أحب الناس إلي من خوفني حتى أبلغ الأمن وأبغض الناس إلي من أمنني حتى أبلغ الخوف )).

163- معظم حملة الحق كانوا من بسطاء الناس ليس لهم عزوة و منعة ، ولذلك حمل الحق لا يشترط أن يكون حامله ذو منعة أو عزوة أو مال .

164- لم يجعل الله تعذيب النفوس سببًا للتقرب إليه، ولا لنيل ما عنده ،و لا يقصد بتكليف عباده المشقة، بل يريد سبحانه ما فيه مصلحة لهم في العاجل والآجل فإذا كان قصد العبد إيقاع المشقة على نفسه بعبادة معينة - مثلا لو أن هناك عبادة يمكن أن تدرك بطريق اليسر أو بطريق العسر فيختار طريق العسر رغبة في الثواب- فقد خالف قصد الشرع .

165- وصلِ البرِّ بالبِرّ ، و إتباع الخير بالخيرِ ، وإتباع الحسَنَة بالحسنة دليل على التوفيق و قبول العمل .

166- ليس للطاعة زمنٌ محدد تنتهي بانتهائه ، و ليس للعبادةَ أجل معيَّنٌ تنقضي بانقضائه فاغتنم أوقاتك في الطاعات كي تنال أعلى الدرجات .

167- الكلفة والمشقة التي توجد في كثير من المطلوبات الشرعية هي كلفة يسيرة معتادة لا يمنع التكليف معها ، و هي داخلة في حدود الاستطاعة ،و لولا أنها في استطاعتنا ووسعنا لما كلفنا الله بها ؛ لأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها .

168- لا يخلو عمل مطلوب شرعًا من نوع كلفة ، و لذلك سمي تكليفًا ؛ لأن فيه نوع مشقة ، و لو لم يكن فيه إلا مخالفة الهوى لكن كافيًا في كونه شاقًّا على النفس ، لكن هذا القدر من المشقة يسيرا لا يمنع التكليف .

169- كون الإنسان يذهب إلى الأصعب مع إمكان الأسهل هذا خلاف الأفضل، فالأفضل إتباع الأسهل في كل شيء .

170- إتباع الأسهل والأيسر هو الأرفق بالنفس والأفضل عند الله .

171 - مما يساعد الداعية في نشر دعوته : حبه لدعوته وإيمانه بما يدعو إليه , و اقتناعه بما يدعو إليه وتفانيه فيما يدعو إليه , وانقطاعه إلى ما يدعو إليه بجميع مواهبه وطاقاته ووسائله ،و أن يكون متمكنا فيما يدعو إليه .

172- إذا كان تشبه الكامل بالناقص و القادر بالعاجز يعد سفها فكيف نقبل من يقول إن الله تجسد في صورة إنسان كيف نقبل من يقول إن الله تجسد في صورة عيسى عليه السلام ؟

172- الواجب على الداعية أن يرعِ جهل الناس و قدر علمهم واختلاف بيئتهم و استعدادهم حتى لا تكون دعوته فيهم فتنة لهم .

173- إذا أردت أن تطاع فاطلب ما يستطاع ، و أما إن طلبت ما لا يستطاع فأنت تضيع وقتك لأنك تطلب مستحيلا .

174- الحب من أكبر الدوافع التي تدفع الإنسان لطاعة من يحبه ، و قد قيل إن المحب لمن يحب مطيع فإذا كنت محبا لله فلما لا تطيعه .

175- البشارة المطلقة لا تكون إلاّ بالخير، وإنَّما تكون بالشر إذا كانت مقيَّدةً به مثل أبشر بما يسوءك .

176- الْفرق بَين النَّاس والبشر أَن قولنا البشر يَقْتَضِي حسن الْهَيْئَة فهو مشتق من الْبشَارَة وَهِي حسن الْهَيْئَة يُقَال رجل بشير و امرأة بشيرة إذا حسن الْهَيْئَة فَسُمي النَّاس بشرا لأَنهم أحسن الكائنات الحية هَيْئَة وَيجوز أَن يُقَال إِن قَوْلنَا بشر يَقْتَضِي الظُّهُور وَسموا الناس بشرا لظُهُور شَأْنهمْ وَمِنْه قيل لظَاهِر الْجلد بشره وَقَوْلنَا النَّاس يَقْتَضِي النوس وَهُوَ الْحَرَكَة وَالنَّاس جمع والبشر وَاحِد .

177- أمر المسلمين بقتال من لا يقول لا إله إلا الله لإسماع الناس الكلمة لا إكراه الناس على الكلمة فالقتال شرع كي لا يكون في الأرض شرك ،و لأجل أن يكون الدين كله لله، وليس من أجل أموال يحصل عليها المسلمون، أو بلاد يستغلونها، أو تكون تحت أيديهم، أو جزية تدفع لهم فالمسلمون كانوا يخيرون أهل البلاد بين الإسلام أو دفع الجزية أو القتال فالقتال ليس مقصوداً لذاته ، وإنما يقصد القتال لتكون كلمة الله هي العليا ويظهر دينه وينكف من يمنع انتشار الدين الإسلامي.

178- البشارة هي الإخبار بما يسر به المخبَر به إذا كان سابقا لكل خبر سواه ، و بنى العلماء عليه مسألة فقهية بأن الإنسان إذا قال لعبيده أيكم بشرني بقدوم زيد فهو حر، فبشروه فرادى، عتق أولهم ؛ لأنه هو الذي سره بخبره سابقا، ولو قال: مكان بشرني: (أخبرني) عتقوا جميعا .

و اشتقاق البشارة إما من البِشر، وهو السرور، فيختص بالخبر الذي يسر أو من البشرة ، و هو ظاهر الجلد لتأثيره في تغيير بشرة الوجه ، فيكون فيما يسر و يغم ؛ لأن السرور كما يوجب تغيير البشرة ، فكذلك الحزن يوجبه لكنه عند الإطلاق يختص في العرف بما يسر، و إن أريد خلافه قيد كما في قوله تعالى : ﴿ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾ .

179- لم يذكر القرآن فيما حدث للأمم السابقة إلا ما تدعو الحاجة لبيانه ، مما يساعد على أخذ العبرة و الهداية من تلك الحادثة أو القصة ، و لم يذكر الأسماء التي يحكي خبرها ولا أسماء الأمم ولا تواريخ الحوادث في الغالب ؛ لأنها لا تؤثر في الهدف الذي سيقت من أجله القصة ولا تمنع أخذ العبرة من القصة ،و لسنا بحاجة إلى أي تفاصيل زائدة عما في القرآن الكريم من أجل أخذ العبرة .

180- النجاح الذي تتمتع به اليوم هو نتيجة الثمن و الكفاح و الصبر الذي دفعته في الماضي فكافح و اصبر لتصل إلى مزيد من النجاح .

181- في الدعوة و النصح إذا كان الإنسان أشد استجابة لدواعي المصلحة ومستعدا للإقبال على الدعوة و الانقياد للحق سوف ينفعه الترغيب فرغبه تثبيتاً له على الحق و تحفيزا له ليلزم الحق ، و إذا كان الإنسان أشد انسياقاً وراء الهوى والشهوات فلن يردع إلا بالترهيب فرهبه ؛ لأنه أحرى بأن يوقظه من غفلته ويعيده إلى الجادة إن لم يكن خُتم على قلبه بعد .

182- سبب الإعراض عن الشيء إما بغضه أو غرمه أو عدم الاقتناع به فإذا أردت إقبال الناس إليك و سماعهم للحق الذي عندك ففعل ما يحببهم فيك ، و لا تغرمهم ، و ليكن كلامك مقنعا مؤيدا بالحجج و البراهين .

183- التوكل على الله لا ينافي القيام بالأسباب و الأخذ بالأسباب ، وطلب الرزق دون السعي له يعد بطالة و تواكلا لا توكلاً ؛ لأن التوكل لا ينافيه دفع الأشياء بأضدادها ، مثل دفع الجوع والعطش والمرض بما يذهبه .

184- ليس كل ميت مستريح في قبره إنما الراحة لمن عمل الصالحات و تجنب السيئات .

185- إن قيل لما جعل الله الكلام للأيدي و الشهادة للأرجل يوم القيامة فالجواب أن اليد دائما فاعلة و الرجل حاضرة فمعظم المعاصي تفعل باليد و تكون الرجل حاضرة للمعصية .

186- إذا أراد المسلم أن لا يصاب بالفتور و ألا يترك العمل الصالح فليحرص على العمل القليل الدائم المقتصد فهو خير من الكثير المنقطع الشاق .

187- كلما رأيت من نفسك نشاطا فاجعله في طاعة الله، وكلما رأيتَ فتوراً ومللاً فارجع إلى التوسط في العبادة و روح عن نفسك في غير معصية .

188- التوبة بحاجة إلى شكر، وأعظم الشكر أن تداوم على بقائها، ولا يكون ذلك إلا بالمداومة على العمل والطاعة و لا يكون ذلك إلا بالاقتصاد في العبادة .

189- سوء الخلق يُفسد العمل كما يُفسد الخلّ العسل .

190- قلة المال أقلّ للحساب .

191- إذا سرتك حسنتك وساءتك سيئتك فأنت مؤمن .

192- ازهد فيما عند الناس يحبك الناس و ازهد في الدنيا يحبك الله .

193- كل ذي نعمة محسود .

194- أن تُخطئ في العفو خير من أن تُخطئ في العقوبة .

195- كلما كان القلب غير مشغول و الذهن صافي استطعت أن تقبل على العبادة في حب و في صفاء و هذا هو المطلوب ؛ لذلك أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم ألا نصلي ونحن ندافع الأخبثين، وأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم ألا نصلي في حضرة الطعام؛ حتى نقبل على العبادة بذهن صاف .

196- من تلذذ بالعبادة فقد حلاوة المعصية إذ التلذذ بالعبادة و التلذذ بالمعصية لا يمكن أن يجتمعا .

197- من تلذذ بشيء داوم عليه و كان في فعله له راحة .

198- حلاوة الشيء تزاحم تذوق حلاوة ضده فلا يمكن مثلا إذاقة حلاوة القرآن مع سماع الغناء ؛ لأن حلاوة الغناء ستزاحم تذوق حلاوة القرآن .

199- قساوة القلب تجعل الإنسان يؤجل التوبة ، و تأجيل التوبة يزيد قساوة القلب فأفق من غفلتك و عجل توبتك و لا تقل سوف أتوب .

200- الحق ينشر نفسه بالكثير من الطرق حسبما تقتضيه الحال .