24)) الحديث عن القرآن الكريم وشرح وقراءة أواخر سورة (الكهف) ..
بقلم : أبو حب الله ..
أخذت القاعة في الهدوء .. وبدأت الأيدي تكف عن التصفيق رويدا ًرويدا ً:
إلى أن ساد الصمت القاعة تماما ً...
وهنا قال الشيخ (عبد الله) :
بداية ً: أشكر لكم هذا الشعور الطيب ...
وأدعو الله تعالى أن يهديكم جميعا ًللحق والإيمان ...
وأما بالنسبة للقرآن الكريم :
فيكفي أن تعرفوا أنه : (الكتاب الوحيد) على وجه الأرض منذ (آدم) عليه السلام وإلى قيام الساعة : والذي يحفظه ملايين البشر :
ظهرا ًعن قلب : بدون تغيير في (حرف ٍواحد منه) !!!!... حتى أن هناك أطفالا ًفي سن (السادسة والسابعة) : يحفظونه عن ظهر قلب أيضا ً!!!!.. بل الأغرب والأغرب : أن من بين الملايين الذين يحفظون هذا الكتاب :
هم مسلمون : لا يتحدثون أصلا ً(اللغة العربية) !!!!.. وإنما يحفظونه (سماعا ًفقط) !!!!..
فإذا عرفنا أن عدد صفحات (القرآن الكريم) هي : (600 صفحة) تقريبا ً!!!!!..
وأنه لم يسبق أن عرفنا وشاهدنا أحدا ًفي أي مكان في العالم يحفظ مثل هذا الحجم من الكتب !!!..
لوجدنا بذلك : دليلا ًقويا ًعلى أن هذا الكتاب : ليس من كلام البشر !!!!..
لأنه : ما من بشر يستطيع أن يحفظ كلام بشر ٍمثله : بهذه الصورة التي أخبرتكم بها !!!!...
ولكن : ولأن (القرآن الكريم) : هو كلام الله عز وجل :
فإنه يجد طريقه للقلوب والآذان والعقول : بصورة لا توجد في غيره من كلام البشر !!!!..
فإذا أردت أن أصفه لكم في كلماتٍ قلائل (وهي أقل بكثير من حقيقته وقدره) : فسأقول عنه أنه :
)) هو : كلام الله تعالى الذي أنزله على نبيه الخاتم (محمد) ... وهو (معجزته) التي أعطاها الله تعالى له ولأمته ..
)) وهو كلام مُعجز : لم يستطع العرب أن يأتوا بمثله أبدا ً!!!... مما دلهم وقتها على أنه : ليس من صنع البشر !!!..
)) كما أن فيه : تعاليم (التوحيد الخالص) لله عز وجل ...
)) وفيه : (الذم العقلي) : لحُجج الذين يشركون بالله أحدا ًمن خلقه كـ (عيسى) عليه السلام وغيره من الأصنام والأوثان ...
)) وفيه تفنيد لحُجج (الدهريين) والقائلين بانعدام خالق وبالصدفة !!..
)) وفيه : (قصص السابقين) من الأنبياء والرسل مع أقوامهم ... وهو بذلك يعطي للمؤمنين :
أفضل قدوة .. وأحسن موعظة وعبرة ...
)) كما أن فيه : من (التشريعات الحكيمة) في كل مناحي الحياة : ما عرضت عليكم بعض جوانبه في هذه الندوة ...
)) كما أن فيه من تعاليم (الأخلاق والمعاملات) : ما قد جذب بروعته وكماله العديد من أمم الأرض قديما ًوحديثا ًللإيمان به كما سمعتم منذ قليل في أقوال المنصفين من بلادكم ...
)) كما أن به نداءات وخطابات عديدة (ليس للمؤمنين فقط) : ولكن : للناس جميعا ًأيضا ً!!!...
مما يؤكد لكم بحق : الفرق بينه وبين رسالة (عيس) عليه السلام مثلا ً!!!...
حيث كثيرا ًما تقرأون على لسان (عيسى) عليه السلام : أنه ما جاء إلا لـ (بني إسرائيل) فقط !!!..
وأن (بدعة) نشر رسالته في الأرض : لم تظهر .. ولم يتم إضافتها في كتبكم : إلا من بعده (حيث كانت من ضمن التحريفات العديدة التي قام بها (بولس) وغيره في دينكم) ....
وأما في القرآن الكريم : الرسالة الخاتمة من الله تعالى للبشر جميعا ً: فتقرأون فيها : عشرات الخطابات الموجهة للناس جميعا ً... مما يدل على (عالمية) الإسلام .. وذلك مثل قول الله تعالى :
" يا أيها الناس : اعبدوا ربكم : الذي خلقكم والذين من قبلكم : لعلكم تتقون " .. البقرة – 21 ..
ومثل :
" يا أيها الناس : اتقوا ربكم : الذي خلقكم من نفس واحدة " .. النساء – 1 ..
وغيره الكثير ...
)) ومن (عالمية) الخطاب القرآني أيضا ً: أن الآيات التي حث الله تعالى الإنسان : للتبصر فيها لتقوده إلى معرفة الله والإيمان به :
هي آيات ومظاهر : (عالمية) !!!...
أي أن الله تعالى تحدث فيها عن آياتٍ ومظاهر : لا تقتصر فقط على بلاد العرب !!..بل وقد يكون الكثير من العرب لم يشاهدوها أصلا ًولم يعاينوها في بلادهم !!!..
فقد تحدث الله تعالى عن (البحار) وعن (الأنهار) !!!.. ومعلوم أن وسط الجزيرة العربية :
كانت صحراء جرداء !!!..
بل ويحدثهم الله تعالى عن إعجازه في الجمع بين (المياه المالحة) و(المياه العذبة) بدون أن يختلط كل منهما بالآخر : مع العلم بأن هذه الظاهرة : لا تحدث إلا بعيدا ًعنهم :
في مصبات الأنهار في البحار .. أو في البحار والمحيطات البعيدة !!!..
كما يحدثهم عن (ركوب البحر في السفن) !!!.. وعن إعجازه في تسيير هذه السفن بواسطة (الرياح) التي لا يتحكم فيها إلا هو !!!..
ويُحدثهم عن أعماق المحيطات : وأنه هناك أمواج تحت الأمواج !!.. فيصف الله تعالى كل ذلك بكل دقة :
وذلك بالرغم من أن النبي (محمد) نفسه : لم يركب البحر أبدا ًفي حياته !!!!...
بل : ويُحدثهم عن الصعود في السماء !!.. وعن كيفية تكون السحاب !!..
وغير ذلك الكثير من الآيات التي تدل على (عالمية) الخطاب القرآني للناس جميعا ً...
)) وإذا كان القرآن الكريم هو : (كلام الله المُعجز) في لغته وتكوينه .. وتشريعه .. وتعاليمه .. وصدق قصصه .. فإن له إعجازاتٍ أخرى عديدة : تواجه (العلم الحديث)بكل صلابة وقوة : بل : وتهيمن عليه وعلى كل مكتشفاته حتى اليوم !!!!..
حيث يجد (العلم الحديث) أن :
آخر النظريات العلمية التي يتوصل إليها البشر : يصفها القرآن منذ أكثر من (1429 عام) : بكل بساطة وسهولة !!!..
بل وبألفاظٍ موجزة وقصيرة : غاية في الدلالة العلمية الصحيحة على هذه النظريات !!!...
فأيقن مجموعة كبيرة من العلماء بذلك : أن هذا (الوصف الدقيق) و(المعجز) لكل شيء من حولنا : لا يمكن أن يأتي به واحد ممن يعيشون في هذه الحياة أصلا ً فضلا ًعن كونه منذ 1400 عام مضت !!.. بل : هو من عند (خالق) هذا الكون وهذه الحياة : لأنه وحده : هو الذي يستطيع أن يصف مخلوقاته وقوانينه :
بكل هذه الدقة التامة !!!!..
فدخل الكثيرون منهم الإسلام والحمد لله ....!
وأما من أمثلة الإعجازات العلمية في القرآن : والتي لم يكتشفها بشر إلا في القرن الماضي فقط :
هو إشاراته العلمية المعجزة عن (طبقات الأرض) وأحدث النظريات عن (حركتها) !!!...
وإشاراته العلمية المعجزة عن (تكوين الجبال) و(شكلها) !!!...
وإشاراته العلمية المعجزة عن (حياة النمل والنحل والعنكبوت والذباب والبعوض) !!!...
وإشاراته العلمية المعجزة عن (مراحل تكون الجنين) !!!...
وإشاراته العلمية المعجزة عن (الصعود في السماء) و(العروج فيها) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (بعض خفايا الإنسان تشريحيا ًونفسيا ًوعقله وقلبه) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (دورة المياه في كوكب الأرض) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (أنواع السحب في السماء) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (أنواع الرياح في البر والبحر) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (البرق والصواعق) !!!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (الغلاف الجوي للأرض) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (حقيقة وطبيعة الشمس والقمر وحركتهما ودورانهما) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (دوران الأرض) وعن (كروية الأرض) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (التربة والنباتات والمطر) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (نسيج المجرات في الكون) وعن (اتساع وتمدد الكون) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (النجوم في الفضاء) و(نبضاتها) و(موتها) و(بعدها الرهيب عنا) !!!...
وإشاراته العلمية المعجزة عن (اختراع طرق ووسائل نقل حديثة) !!!!...
ثم تنهد الشيخ (عبد الله) للحظة ثم قال :
ووالله : لو استمريت أذكر لكم ما في هذا القرآن الكريم من وجوه الإعجاز العلمي :
لظننتم أنه (كتاب علمي بحت) !!!.. ولكنكم ستفاجأون : أن كل تلك الإشارات قد وردت (وكما قلت لكم) : في عبارات صغيرة جدا ًموجزة !!!...
بل والمعجز فعلا ً: أن هذه الإشارات العلمية :
قد ودعها الله تعالى في (قوالب لغوية) : تصلح لأن يفهمها الناس في كل زمان : على قدر ما وصلوا إليه من علم في ذلك الوقت !!!!...
فهل رأيتم أو سمعتم بمثل هذا (التمكن المطلق) من أدوات اللغة ومعانيها وإشاراتها ؟؟!!..
وأما جوانب الإعجاز الأخرى في كلام الله عز وجل :
فهي تحتاج لوقت طويل أيضا ًلذكرها وشرحها !!!!...
مثل الإعجاز (الرقمي) و(العددي) في آيات وحروف وكلمات القرآن !!!!...
ومثل الإعجاز (الغيبي) للقرآن الكريم ...
سواءٌ في صحة إخبار الله فيه عن وقائع غيبية (الماضي) أو عن (وقت نزوله نفسه) أو عن (المستقبل) !!!...
وهو ما تثبت الدراسات الحديثة لنا صحته في كل يوم ...!
ولكي لا أطيل عليكم : فأدعوكم كما قلت لكم من قبل :
إلى مطالعة بعض (المواقع الإسلامية على الإنترنت) والمتخصصة في مختلف مواضيع (الإعجاز في الإسلام قرآنا ًومن أحاديث النبي الخاتم محمد) ....
وأما الآن ...
واستجابة ًلدعوة الشيخ (محمد) : فسوف أقوم باختيار صفحة عشوائية من القرآن الكريم :
لأشرح لكم معناها باختصار ... ثم سأقرأها عليكم بلغة القرآن نفسه بعد ذلك ....
وهنا قال الشيخ (محمد) وهو يُخرج (مصحفا ً) صغيرا ًمن جيبه ليعطيه للشيخ :
الحقيقة بالفعل شيخ (عبد الله) : أن القرآن كله : أكثر من رائع !!!.. وأنه بالفعل : يصعب كثيرا ًعلى الواحد أن يفوم باختيار جزء منه ويترك الباقي ....!
فقرارك باختيار (صفحة عشوائية) :
قد أعجبني بالفعل ... ولكن : أرجو أن تختارها وتقرأها من مصحفي هذا : لعل الله تعالى يكتب لي بذلك من الحسنات الكثيرة ...
تفضل ...
فأخذ الشيخ (عبد الله) (المصحف) الصغير من يد الشيخ (محمد) وهو يقول مبتسما ً:
على بركة الله نختار ....
كان جميع مَن في القاعة في هذه اللحظات : قد ازداد اشتياقهم كثيرا ًلسماع هذا القرآن الكريم بالفعل !!!...
كلام الله الحق الذي لم يتغير أو يتحرف كما أخبرهم بذلك الشيخ (عبد الله) ...
بل وأخذوا يتساءلون بداخلهم :
إلى أي مدى سيكون اختلافه أو توافقه مع (العهدين القديم والجديد) ؟؟!!..
وهنا : فتح الشيخ (عبد الله) المصحف ....
فكتب الله تعالى أن يقع اختياره على آخر صفحة في سورة (الكهف) ....
فاستبشر الشيخ (عبد الله) خيرا ًبذلك وقال :
الحمد لله ...
ثم بدأ يستعد لشرح هذه الآيات المباركات بقوله :
لقد وقع اختياري ولله الحمد على أواخر سورة (الكهف) ...
وسميت باسم (الكهف) : لأنه وردت فيها قصة مجموعة من الفتية المؤمنين الذين اختبأوا في (الكهف) : هربا ًمن قومهم الكافرين ومن حاكمهم الظالم ....
وعدد آيات السورة : هو (110) آية .. وأما الآيات التي بين يدي الآن :
فهي آخر (10) آيات من السورة ...
فسأشرحها لكم أولا ًباختصار ... ثم سأقرأها عليكم ثانيا ًلتستشعروا جمال سماع كلام الله تعالى المعجز حتى في صوته !!!!...
يقول الله تعالى :
(100) وعرضنا جهنم يومئذ ٍللكافرين عرضا ً..
أي يحكي الله تعالى عن يوم (القيامة والحساب) : وكيف أن الذين كفروا به في الدنيا أو أشركوا به أحدا ً في طاعته وفي عبادته : سوف يرون (جهنم) رأي العين في الآخرة قبل أن يُلقوا فيها إلى الأبد !!!..
(101) الذين كانت أعينهم : في غطاء ٍعن ذكري .. وكانوا : لا يستطيعون سمعا ً!!..
أي أن الله تعالى يذم هؤلاء الكافرين والمشركين به : في أنهم لم يستفيدوا أبدا ًبأعينهم ولا بآذانهم في اتباع الحق ... فكانوا كالصم والعميان ...
(102) أفحسبَ الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء ؟؟!!.. إنا أعتدنا جهنم للكافرين : نزلا ً..
أي أن الله تعالى يُبين لنا استنكار حال الكافرين الذين اتخذوا خلقا ًمن خلقه : أولياء لهم في الدنيا : (يدعونهم) و(يعبدونهم) من دون الله ... ولذلك : فقد جعل الله تعالى جزاؤهم في الآخرة : جهنم منزلا ًومستقرا ً..
(103) قل : هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ً؟؟..
أي قل يا (محمد) للناس :
ألا ننبئكم ونخبركم بالذين ضاعت مجهوداتهم وأعمالهم في هذه الدنيا بلا فائدة ؟؟؟..
(104) الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا : وهم يحسبون أنهم : يُحسنون صنعا ً!!!...
أي هم الذين ضلت وجهتهم وعقيدتهم في هذه الحياة الدنيا : فأساءوا العمل .. وأساءوا اختيار إلههم ودينهم !!!.. ثم هم بالرغم من كل ذلك : يحسبون أنهم هم الذين على الحق !!!.. وأنهم بما يفعلونه : يُصلحون ولا يفسدون !!!!...
(105) أولئك : الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه : فحبطت أعمالهم !!!.. فلا نقيم لهم يوم القيامة : وزنا ً!!!!...
أي أنه حتى بفرض أن هؤلاء (الكافرين) أو(المشركين) بالله تعالى : كانت لهم أعمالا ًحسنة في هذه الدنيا : فإن ثواب كل هذه الأعمال : سيذهب هباءا ًللأسف يوم الحساب ويوم القيامة !!!..
لأنهم : لم يفعلوا هذه الأعمال الحسنة لله تعالى الذي خلقهم !!!..
بل منهم من فعلها : ليكسب (ود واحترام وتقدير) الناس له في حياته أو من بعد مماته !!!..
أو فعلها : من أجل (البشرية) !!!.. أو حتى : من أجل (العلم) !!!.. أو حتى من أجل (بوذا) أو (عيسى) عليه السلام أو غيرهم !!!!...
فكل أولئك : يؤتى بأعمالهم يوم القيامة للأسف : ثم يُـقال لهم :
اذهبوا بها لأصحابها الذين فعلتموها من أجلهم :
والتمسوا الأجر منهم فقط !!!.. لأنه : لا أجر لكم اليوم عند الله !!!.. لأنكم : لم تفعلوها له !!!!...
ففي هذا اليوم :
ترون الرجل (الكافر أو المشرك) الذي كان عظيما ًمشهورا ًفي الدنيا :
لا يزن في ميزان الله تعالى شيئا ً!!!!..
سواءا ًكان هذا الرجل (عالما ًمشهورا ً) أو (رجل دين) أو (رجل سلام) أو (سياسي) .... إلخ !!!..
(106) ذلك جزاؤهم جهنم : بما كفروا : واتخذوا آياتي ورسلي : هزوا ً!!!...
أي أن جزاء أمثال هؤلاء الذين (كفروا) بالله تعالى أو (أشركوا) به غيره :
هو (الخلود) للأسف في نار (جهنم) وعذابها (الأليم) و(المهين) بلا نهاية !!!.. حيث أنهم كلما تلفت أجسادهم وجلودهم من النار والعذاب : أعطاهم الله تعالى أجسادا ًوجلودا ًجديدة : ليستمر عذابهم معهم إلى الأبد ...!
وأما سبب هذا الغضب الشديد من الله تعالى عليهم :
فهو بسبب (كفرهم) بأعظم حقيقة في هذا الكون .. وكفرهم بمصدر الخير المطلق في هذا الوجود : ألا وهي حقيقة وجود الله تعالى .. وما تستوجبه خيريته من حق طاعته وعبادته على الناس جميعا ً...
حيث أنهم لم يكفهم التعامي عن آيات ودلائل وجوده في كل مخلوقاته بل :
قاموا أيضا ًبتكذيب (رسله) و(شرعه) والاستهزاء بهما !!!.. وذلك بالرغم من أن (رسل) الله تعالى : هم (أفضل) الناس .. وبالرغم من أن (آيات) الله تعالى و(شرعه) : هي (أحكم) آيات و(أحكم) شرع على الإطلاق ..
وهكذا : فقد خسر هؤلاء الناس (حياتهم الحقيقية) بعد الموت : والتي تستمر للأبد : بسبب عدم إيمانهم وطاعتهم وعبادتهم لله تعالى في حياتهم القصيرة جدا ًفي هذه الدنيا ..
وبعد أن ذكر الله تعالى هذا الجزاء الأليم لـ (الكافرين) و(المشركين) به في الآخرة :
فيبدأ في نهاية تلك العشر آيات في المقابل : بذكر جزاء (المؤمنين) (الصالحين) في الآخرة أيضا ًفيقول :
(107) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات : كانت لهم جنات الفردوس نزلا ً...
حيث أن (الإيمان) بالله تعالى : يجب أن يصاحبه دوما ً: فعل الأعمال الصالحة في هذه الدنيا ..
فيستحق الذين (آمنوا) و(عملوا الصالحات) بذلك :
أن تكون أعلى درجات (الجنة) : نزلا ًومقاما ًأبديا ًلهم بلا أية منغصات ...
(108) خالدين فيها : لا يبغون عنها حِـولا ً...
حيث في هذا النعيم الأبدي في (جنة) الله تعالى : لا موت ولا فناء .. ولا تعب ولا شقاء ..
ولذلك : فلن يفكر أيا ًمنهم في التحول عنها أبدا ً!!!..
(109) قل لو كان البحر : مدادا ًلكلمات ربي : لنفد البحر : قبل أن تنفد كلمات ربي : ولو جئنا بمثله مددا ً!!!!...
قل أيها الرسول الخاتم (محمد) للناس : أنه لو كان ماء البحر : (حبرا ً) لأقلام ٍنكتب بها كلام الله :
لنفِد جميع ماء البحر : قبل أن تنفد كلمات الله تعالى !!!!... بل حتى ولو جئنا بمثل ماء البحر هذا : بحارًا أخرى كثيرة مددا ًله !!!...
حيث أن كلام الله تعالى : لا نهائي !!!...
فله مثلا ًكلام ٌبشرعه وأوامره ونواهيه .. وله كلام ٌمع رسله .. وله كلام ٌمع ملائكته .. وكل ذلك لا يُحيط به أي أحد !!..
بل ولكي تدركوا أيضا ًمثالا ًآخرا ًعلى (لا نهائية) كلام الله تعالى .. فاعلموا أن الله تعالى إذا أراد شيئا ًفي هذا الكون :
" فإنما يقول له : كن : فيكون " !!!... غافر – 68 ...
فإذا تبصرنا في عظمة واتساع وتنوع مخلوقات الله تعالى ومراداته (الغير متناهية) في هذا الكون (لأن منها تنوعها أيضا ًفي الجنة أو في النار إلى الأبد) :
فستدركون بالفعل أنه : لا أحد يستطيع أبدا ًأن يحصي كلمات الله عز وجل !!!..
فكان الواجب على كل (عاقل) : أن يخضع لهذا الإله الواحد العظيم الحكيم ...
(110) قل : إنما أنا بشر ٌمثلكم : يوحى إليّ .. أنما إلهكم إله ٌواحد ... فمَن كان يرجو لقاء ربه :
فليعمل عملا ًصالحا ً.. ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ً...
وبهذه الآية الرائعة : يختم الله تعالى هذه السورة القيمة من القرآن الكريم ...
حيث يأمر الله تعالى نبيه الخاتم (محمد) صلى الله عليه وسلم : أن يقول للناس جميعا ً:
أنما هو (بشر) مثلهم : وليس (ملاكا ً) !!!.. وليس (بشرا ًخارقا ً) مثلا ً!!!... لا ...
بل هو (بشر ٌعادي) مثل جميع البشر : لأنه أول مَن سيقوم بتطبيق شرع الله تعالى وأوامره ونواهيه على نفسه : ليكون بذلك : قدوة للناس جميعا ً.... بل : وحُجة ًعليهم أيضا ً!!..
وأما الفارق الوحيد بينه وبينهم : فهو أنه : (يوحى إليه) من الله تعالى ...
وهذا (الوحي) : قد يكون في بعض الأوقات : مباشرة من الله تعالى !!!...
أو عن طريق (مَـلك) بصور ٍمختلفة !!!.. وفي كل هذه الحالات : فقد أعد الله تعالى جسد النبي الخاتم (محمد) لتحمل هذه الأنواع من (الوحي) كلها ...
ثم بعد أن أمر الله تعالى نبيه الخاتم (محمد) أن يوضح للناس حقيقة (بشريته) : فهو يأمره أيضا ًبإبلاغ الناس جميعا ً أن إلههم الحق : إنما هو إله ٌواحد !!!..
أي ليس (ثلاثة في واحد) كما تقولون !!!..
وليس (إله للخير) و(إله للشر) كما في بعض الأمم الوثنية !!!..
وليس (إله يحل في بعض مخلوقاته) كالإنسان أو الحيوان أو النجوم !!!...
وليس هو (مخلوقات فضائية) زرعتنا هنا في الأرض كما يقول يدعي الكاذبون :
بل هو (إله ٌواحد) : له الكمال المطلق في كل شيء : " ليس كمثله شيء " !!!.. الشورى – 11 ..
ومن هنا :
فالله تعالى يُخبر نبيه الخاتم (محمد) أن يُخبر الناس بأنه :
مَن كان حقا ً: (يؤمن) بهذا (الإله الواحد) .. و(يحبه) .. و(يتمنى لقاءه) يوم القيامة في (سلام) :
فما عليه إلا أن يفعل شيئين فقط :
1)) أن يعمل (( ولو )) : (عملا ًصالحا ًواحدا ً) في حياته !!!!.. بشرط أن يكون مُخلصا ًفيه لله : ومقتديا ًفيه بأنبيائه ورسله والصالحين من خلقه ..
2)) وأن يُصاحب هذا العمل الصالح : التوحيد الكامل لله عز وجل عن الشريك والند والإلحاد والكفر !!..
حيث بهذين الشرطين فقط :
ينال السعادة والنعيم الأبدي بجوار الله تعالى وبجوار الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين :
في الجنة بإذن الله ....
وهنا ...
كان الصمت يخيم على القاعة جميعا ً....
ولم يخفَ على الشيخ (عبد الله) : رؤية الكثير من الحاضرين وهم يجففون بعض دموعهم التي نزلت من عيونهم رغما ًعنهم : تأثرا ًبهذا الكلام الذي لمس قلوبهم أًغلب مَن في القاعة ....
بل وحتى كان هناك ثلاثة قساوسة من الصف الأول : يحاولون بقدر الإمكان مسح هذه الدموع بطريقة لا تلفت النظر إليهم !!!...
وهنا قال الشيخ (محمد) :
فتح الله عليك يا شيخ (عبد الله) .. وبارك لك في علمك ودينك ....
فهل تستطيع أن تقرأ لنا هذه العشر آيات الآن : لكي يتذوق الحاضرين لأول مرة في حياتهم :
مذاق سماع (كلام الله القرآن) وذلك : كما أنزله الله تعالى على نبيه الخاتم (محمد) صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من 1429 عام مضت !!!.. وذلك بلغته الأصلية التي تكلم بها الله تعالى وأنزله بها :
بلا أي (ترجمة) .. وبلا أي (تحريف) !!!...
وبالفعل : وما هي إلا ثوان : حتى بدأ الشيخ (عبد الله) يقرأ العشر آيات ثانية ًعليهم ...
ولكن هذه المرة : بـ (اللغة العربية) !!!.. والتي لا يفهمها جل الحاضرين للأسف ...!
ولكنهم (وبالرغم من هذا) :
فقد شعروا وكأن الكلمات بوقع سماعها المهيب .. وبصوت الشيخ المؤثر الرخيم :
شعروا وكأن كلمات الله عز وجل :
تخترق (ليس فقط قلوبهم) : بل (أجسادهم) و(وجدانهم) أيضا ً!!!..
وخصوصا ًوكلٌ منهم يستحضر في ذهنه : معاني هذه الآيات التي ألقاها عليه الشيخ منذ قليل !!!..
وبهذا الجو (الملائكي) : كانت خاتمة هذه (الندوة) المفاجئة لجميع الحاضرين بلا استثناء !!!...
ولنترك وصف هذه الخاتمة لمستر (كارليتون) الصحفي ...
بل : الذي هو من أشهر رجال الصحافة في المدينة ....
والذي أسلم منذ قليل أمام كل الحاضرين ....
فماذا قال ؟؟؟...
أخذت القاعة في الهدوء .. وبدأت الأيدي تكف عن التصفيق رويدا ًرويدا ً:
إلى أن ساد الصمت القاعة تماما ً...
وهنا قال الشيخ (عبد الله) :
بداية ً: أشكر لكم هذا الشعور الطيب ...
وأدعو الله تعالى أن يهديكم جميعا ًللحق والإيمان ...
وأما بالنسبة للقرآن الكريم :
فيكفي أن تعرفوا أنه : (الكتاب الوحيد) على وجه الأرض منذ (آدم) عليه السلام وإلى قيام الساعة : والذي يحفظه ملايين البشر :
ظهرا ًعن قلب : بدون تغيير في (حرف ٍواحد منه) !!!!... حتى أن هناك أطفالا ًفي سن (السادسة والسابعة) : يحفظونه عن ظهر قلب أيضا ً!!!!.. بل الأغرب والأغرب : أن من بين الملايين الذين يحفظون هذا الكتاب :
هم مسلمون : لا يتحدثون أصلا ً(اللغة العربية) !!!!.. وإنما يحفظونه (سماعا ًفقط) !!!!..
فإذا عرفنا أن عدد صفحات (القرآن الكريم) هي : (600 صفحة) تقريبا ً!!!!!..
وأنه لم يسبق أن عرفنا وشاهدنا أحدا ًفي أي مكان في العالم يحفظ مثل هذا الحجم من الكتب !!!..
لوجدنا بذلك : دليلا ًقويا ًعلى أن هذا الكتاب : ليس من كلام البشر !!!!..
لأنه : ما من بشر يستطيع أن يحفظ كلام بشر ٍمثله : بهذه الصورة التي أخبرتكم بها !!!!...
ولكن : ولأن (القرآن الكريم) : هو كلام الله عز وجل :
فإنه يجد طريقه للقلوب والآذان والعقول : بصورة لا توجد في غيره من كلام البشر !!!!..
فإذا أردت أن أصفه لكم في كلماتٍ قلائل (وهي أقل بكثير من حقيقته وقدره) : فسأقول عنه أنه :
)) هو : كلام الله تعالى الذي أنزله على نبيه الخاتم (محمد) ... وهو (معجزته) التي أعطاها الله تعالى له ولأمته ..
)) وهو كلام مُعجز : لم يستطع العرب أن يأتوا بمثله أبدا ً!!!... مما دلهم وقتها على أنه : ليس من صنع البشر !!!..
)) كما أن فيه : تعاليم (التوحيد الخالص) لله عز وجل ...
)) وفيه : (الذم العقلي) : لحُجج الذين يشركون بالله أحدا ًمن خلقه كـ (عيسى) عليه السلام وغيره من الأصنام والأوثان ...
)) وفيه تفنيد لحُجج (الدهريين) والقائلين بانعدام خالق وبالصدفة !!..
)) وفيه : (قصص السابقين) من الأنبياء والرسل مع أقوامهم ... وهو بذلك يعطي للمؤمنين :
أفضل قدوة .. وأحسن موعظة وعبرة ...
)) كما أن فيه : من (التشريعات الحكيمة) في كل مناحي الحياة : ما عرضت عليكم بعض جوانبه في هذه الندوة ...
)) كما أن فيه من تعاليم (الأخلاق والمعاملات) : ما قد جذب بروعته وكماله العديد من أمم الأرض قديما ًوحديثا ًللإيمان به كما سمعتم منذ قليل في أقوال المنصفين من بلادكم ...
)) كما أن به نداءات وخطابات عديدة (ليس للمؤمنين فقط) : ولكن : للناس جميعا ًأيضا ً!!!...
مما يؤكد لكم بحق : الفرق بينه وبين رسالة (عيس) عليه السلام مثلا ً!!!...
حيث كثيرا ًما تقرأون على لسان (عيسى) عليه السلام : أنه ما جاء إلا لـ (بني إسرائيل) فقط !!!..
وأن (بدعة) نشر رسالته في الأرض : لم تظهر .. ولم يتم إضافتها في كتبكم : إلا من بعده (حيث كانت من ضمن التحريفات العديدة التي قام بها (بولس) وغيره في دينكم) ....
وأما في القرآن الكريم : الرسالة الخاتمة من الله تعالى للبشر جميعا ً: فتقرأون فيها : عشرات الخطابات الموجهة للناس جميعا ً... مما يدل على (عالمية) الإسلام .. وذلك مثل قول الله تعالى :
" يا أيها الناس : اعبدوا ربكم : الذي خلقكم والذين من قبلكم : لعلكم تتقون " .. البقرة – 21 ..
ومثل :
" يا أيها الناس : اتقوا ربكم : الذي خلقكم من نفس واحدة " .. النساء – 1 ..
وغيره الكثير ...
)) ومن (عالمية) الخطاب القرآني أيضا ً: أن الآيات التي حث الله تعالى الإنسان : للتبصر فيها لتقوده إلى معرفة الله والإيمان به :
هي آيات ومظاهر : (عالمية) !!!...
أي أن الله تعالى تحدث فيها عن آياتٍ ومظاهر : لا تقتصر فقط على بلاد العرب !!..بل وقد يكون الكثير من العرب لم يشاهدوها أصلا ًولم يعاينوها في بلادهم !!!..
فقد تحدث الله تعالى عن (البحار) وعن (الأنهار) !!!.. ومعلوم أن وسط الجزيرة العربية :
كانت صحراء جرداء !!!..
بل ويحدثهم الله تعالى عن إعجازه في الجمع بين (المياه المالحة) و(المياه العذبة) بدون أن يختلط كل منهما بالآخر : مع العلم بأن هذه الظاهرة : لا تحدث إلا بعيدا ًعنهم :
في مصبات الأنهار في البحار .. أو في البحار والمحيطات البعيدة !!!..
كما يحدثهم عن (ركوب البحر في السفن) !!!.. وعن إعجازه في تسيير هذه السفن بواسطة (الرياح) التي لا يتحكم فيها إلا هو !!!..
ويُحدثهم عن أعماق المحيطات : وأنه هناك أمواج تحت الأمواج !!.. فيصف الله تعالى كل ذلك بكل دقة :
وذلك بالرغم من أن النبي (محمد) نفسه : لم يركب البحر أبدا ًفي حياته !!!!...
بل : ويُحدثهم عن الصعود في السماء !!.. وعن كيفية تكون السحاب !!..
وغير ذلك الكثير من الآيات التي تدل على (عالمية) الخطاب القرآني للناس جميعا ً...
)) وإذا كان القرآن الكريم هو : (كلام الله المُعجز) في لغته وتكوينه .. وتشريعه .. وتعاليمه .. وصدق قصصه .. فإن له إعجازاتٍ أخرى عديدة : تواجه (العلم الحديث)بكل صلابة وقوة : بل : وتهيمن عليه وعلى كل مكتشفاته حتى اليوم !!!!..
حيث يجد (العلم الحديث) أن :
آخر النظريات العلمية التي يتوصل إليها البشر : يصفها القرآن منذ أكثر من (1429 عام) : بكل بساطة وسهولة !!!..
بل وبألفاظٍ موجزة وقصيرة : غاية في الدلالة العلمية الصحيحة على هذه النظريات !!!...
فأيقن مجموعة كبيرة من العلماء بذلك : أن هذا (الوصف الدقيق) و(المعجز) لكل شيء من حولنا : لا يمكن أن يأتي به واحد ممن يعيشون في هذه الحياة أصلا ً فضلا ًعن كونه منذ 1400 عام مضت !!.. بل : هو من عند (خالق) هذا الكون وهذه الحياة : لأنه وحده : هو الذي يستطيع أن يصف مخلوقاته وقوانينه :
بكل هذه الدقة التامة !!!!..
فدخل الكثيرون منهم الإسلام والحمد لله ....!
وأما من أمثلة الإعجازات العلمية في القرآن : والتي لم يكتشفها بشر إلا في القرن الماضي فقط :
هو إشاراته العلمية المعجزة عن (طبقات الأرض) وأحدث النظريات عن (حركتها) !!!...
وإشاراته العلمية المعجزة عن (تكوين الجبال) و(شكلها) !!!...
وإشاراته العلمية المعجزة عن (حياة النمل والنحل والعنكبوت والذباب والبعوض) !!!...
وإشاراته العلمية المعجزة عن (مراحل تكون الجنين) !!!...
وإشاراته العلمية المعجزة عن (الصعود في السماء) و(العروج فيها) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (بعض خفايا الإنسان تشريحيا ًونفسيا ًوعقله وقلبه) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (دورة المياه في كوكب الأرض) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (أنواع السحب في السماء) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (أنواع الرياح في البر والبحر) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (البرق والصواعق) !!!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (الغلاف الجوي للأرض) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (حقيقة وطبيعة الشمس والقمر وحركتهما ودورانهما) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (دوران الأرض) وعن (كروية الأرض) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (التربة والنباتات والمطر) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (نسيج المجرات في الكون) وعن (اتساع وتمدد الكون) !!!..
وإشاراته العلمية المعجزة عن (النجوم في الفضاء) و(نبضاتها) و(موتها) و(بعدها الرهيب عنا) !!!...
وإشاراته العلمية المعجزة عن (اختراع طرق ووسائل نقل حديثة) !!!!...
ثم تنهد الشيخ (عبد الله) للحظة ثم قال :
ووالله : لو استمريت أذكر لكم ما في هذا القرآن الكريم من وجوه الإعجاز العلمي :
لظننتم أنه (كتاب علمي بحت) !!!.. ولكنكم ستفاجأون : أن كل تلك الإشارات قد وردت (وكما قلت لكم) : في عبارات صغيرة جدا ًموجزة !!!...
بل والمعجز فعلا ً: أن هذه الإشارات العلمية :
قد ودعها الله تعالى في (قوالب لغوية) : تصلح لأن يفهمها الناس في كل زمان : على قدر ما وصلوا إليه من علم في ذلك الوقت !!!!...
فهل رأيتم أو سمعتم بمثل هذا (التمكن المطلق) من أدوات اللغة ومعانيها وإشاراتها ؟؟!!..
وأما جوانب الإعجاز الأخرى في كلام الله عز وجل :
فهي تحتاج لوقت طويل أيضا ًلذكرها وشرحها !!!!...
مثل الإعجاز (الرقمي) و(العددي) في آيات وحروف وكلمات القرآن !!!!...
ومثل الإعجاز (الغيبي) للقرآن الكريم ...
سواءٌ في صحة إخبار الله فيه عن وقائع غيبية (الماضي) أو عن (وقت نزوله نفسه) أو عن (المستقبل) !!!...
وهو ما تثبت الدراسات الحديثة لنا صحته في كل يوم ...!
ولكي لا أطيل عليكم : فأدعوكم كما قلت لكم من قبل :
إلى مطالعة بعض (المواقع الإسلامية على الإنترنت) والمتخصصة في مختلف مواضيع (الإعجاز في الإسلام قرآنا ًومن أحاديث النبي الخاتم محمد) ....
وأما الآن ...
واستجابة ًلدعوة الشيخ (محمد) : فسوف أقوم باختيار صفحة عشوائية من القرآن الكريم :
لأشرح لكم معناها باختصار ... ثم سأقرأها عليكم بلغة القرآن نفسه بعد ذلك ....
وهنا قال الشيخ (محمد) وهو يُخرج (مصحفا ً) صغيرا ًمن جيبه ليعطيه للشيخ :
الحقيقة بالفعل شيخ (عبد الله) : أن القرآن كله : أكثر من رائع !!!.. وأنه بالفعل : يصعب كثيرا ًعلى الواحد أن يفوم باختيار جزء منه ويترك الباقي ....!
فقرارك باختيار (صفحة عشوائية) :
قد أعجبني بالفعل ... ولكن : أرجو أن تختارها وتقرأها من مصحفي هذا : لعل الله تعالى يكتب لي بذلك من الحسنات الكثيرة ...
تفضل ...
فأخذ الشيخ (عبد الله) (المصحف) الصغير من يد الشيخ (محمد) وهو يقول مبتسما ً:
على بركة الله نختار ....
كان جميع مَن في القاعة في هذه اللحظات : قد ازداد اشتياقهم كثيرا ًلسماع هذا القرآن الكريم بالفعل !!!...
كلام الله الحق الذي لم يتغير أو يتحرف كما أخبرهم بذلك الشيخ (عبد الله) ...
بل وأخذوا يتساءلون بداخلهم :
إلى أي مدى سيكون اختلافه أو توافقه مع (العهدين القديم والجديد) ؟؟!!..
وهنا : فتح الشيخ (عبد الله) المصحف ....
فكتب الله تعالى أن يقع اختياره على آخر صفحة في سورة (الكهف) ....
فاستبشر الشيخ (عبد الله) خيرا ًبذلك وقال :
الحمد لله ...
ثم بدأ يستعد لشرح هذه الآيات المباركات بقوله :
لقد وقع اختياري ولله الحمد على أواخر سورة (الكهف) ...
وسميت باسم (الكهف) : لأنه وردت فيها قصة مجموعة من الفتية المؤمنين الذين اختبأوا في (الكهف) : هربا ًمن قومهم الكافرين ومن حاكمهم الظالم ....
وعدد آيات السورة : هو (110) آية .. وأما الآيات التي بين يدي الآن :
فهي آخر (10) آيات من السورة ...
فسأشرحها لكم أولا ًباختصار ... ثم سأقرأها عليكم ثانيا ًلتستشعروا جمال سماع كلام الله تعالى المعجز حتى في صوته !!!!...
يقول الله تعالى :
(100) وعرضنا جهنم يومئذ ٍللكافرين عرضا ً..
أي يحكي الله تعالى عن يوم (القيامة والحساب) : وكيف أن الذين كفروا به في الدنيا أو أشركوا به أحدا ً في طاعته وفي عبادته : سوف يرون (جهنم) رأي العين في الآخرة قبل أن يُلقوا فيها إلى الأبد !!!..
(101) الذين كانت أعينهم : في غطاء ٍعن ذكري .. وكانوا : لا يستطيعون سمعا ً!!..
أي أن الله تعالى يذم هؤلاء الكافرين والمشركين به : في أنهم لم يستفيدوا أبدا ًبأعينهم ولا بآذانهم في اتباع الحق ... فكانوا كالصم والعميان ...
(102) أفحسبَ الذين كفروا أن يتخذوا عبادي من دوني أولياء ؟؟!!.. إنا أعتدنا جهنم للكافرين : نزلا ً..
أي أن الله تعالى يُبين لنا استنكار حال الكافرين الذين اتخذوا خلقا ًمن خلقه : أولياء لهم في الدنيا : (يدعونهم) و(يعبدونهم) من دون الله ... ولذلك : فقد جعل الله تعالى جزاؤهم في الآخرة : جهنم منزلا ًومستقرا ً..
(103) قل : هل ننبئكم بالأخسرين أعمالا ً؟؟..
أي قل يا (محمد) للناس :
ألا ننبئكم ونخبركم بالذين ضاعت مجهوداتهم وأعمالهم في هذه الدنيا بلا فائدة ؟؟؟..
(104) الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا : وهم يحسبون أنهم : يُحسنون صنعا ً!!!...
أي هم الذين ضلت وجهتهم وعقيدتهم في هذه الحياة الدنيا : فأساءوا العمل .. وأساءوا اختيار إلههم ودينهم !!!.. ثم هم بالرغم من كل ذلك : يحسبون أنهم هم الذين على الحق !!!.. وأنهم بما يفعلونه : يُصلحون ولا يفسدون !!!!...
(105) أولئك : الذين كفروا بآيات ربهم ولقائه : فحبطت أعمالهم !!!.. فلا نقيم لهم يوم القيامة : وزنا ً!!!!...
أي أنه حتى بفرض أن هؤلاء (الكافرين) أو(المشركين) بالله تعالى : كانت لهم أعمالا ًحسنة في هذه الدنيا : فإن ثواب كل هذه الأعمال : سيذهب هباءا ًللأسف يوم الحساب ويوم القيامة !!!..
لأنهم : لم يفعلوا هذه الأعمال الحسنة لله تعالى الذي خلقهم !!!..
بل منهم من فعلها : ليكسب (ود واحترام وتقدير) الناس له في حياته أو من بعد مماته !!!..
أو فعلها : من أجل (البشرية) !!!.. أو حتى : من أجل (العلم) !!!.. أو حتى من أجل (بوذا) أو (عيسى) عليه السلام أو غيرهم !!!!...
فكل أولئك : يؤتى بأعمالهم يوم القيامة للأسف : ثم يُـقال لهم :
اذهبوا بها لأصحابها الذين فعلتموها من أجلهم :
والتمسوا الأجر منهم فقط !!!.. لأنه : لا أجر لكم اليوم عند الله !!!.. لأنكم : لم تفعلوها له !!!!...
ففي هذا اليوم :
ترون الرجل (الكافر أو المشرك) الذي كان عظيما ًمشهورا ًفي الدنيا :
لا يزن في ميزان الله تعالى شيئا ً!!!!..
سواءا ًكان هذا الرجل (عالما ًمشهورا ً) أو (رجل دين) أو (رجل سلام) أو (سياسي) .... إلخ !!!..
(106) ذلك جزاؤهم جهنم : بما كفروا : واتخذوا آياتي ورسلي : هزوا ً!!!...
أي أن جزاء أمثال هؤلاء الذين (كفروا) بالله تعالى أو (أشركوا) به غيره :
هو (الخلود) للأسف في نار (جهنم) وعذابها (الأليم) و(المهين) بلا نهاية !!!.. حيث أنهم كلما تلفت أجسادهم وجلودهم من النار والعذاب : أعطاهم الله تعالى أجسادا ًوجلودا ًجديدة : ليستمر عذابهم معهم إلى الأبد ...!
وأما سبب هذا الغضب الشديد من الله تعالى عليهم :
فهو بسبب (كفرهم) بأعظم حقيقة في هذا الكون .. وكفرهم بمصدر الخير المطلق في هذا الوجود : ألا وهي حقيقة وجود الله تعالى .. وما تستوجبه خيريته من حق طاعته وعبادته على الناس جميعا ً...
حيث أنهم لم يكفهم التعامي عن آيات ودلائل وجوده في كل مخلوقاته بل :
قاموا أيضا ًبتكذيب (رسله) و(شرعه) والاستهزاء بهما !!!.. وذلك بالرغم من أن (رسل) الله تعالى : هم (أفضل) الناس .. وبالرغم من أن (آيات) الله تعالى و(شرعه) : هي (أحكم) آيات و(أحكم) شرع على الإطلاق ..
وهكذا : فقد خسر هؤلاء الناس (حياتهم الحقيقية) بعد الموت : والتي تستمر للأبد : بسبب عدم إيمانهم وطاعتهم وعبادتهم لله تعالى في حياتهم القصيرة جدا ًفي هذه الدنيا ..
وبعد أن ذكر الله تعالى هذا الجزاء الأليم لـ (الكافرين) و(المشركين) به في الآخرة :
فيبدأ في نهاية تلك العشر آيات في المقابل : بذكر جزاء (المؤمنين) (الصالحين) في الآخرة أيضا ًفيقول :
(107) إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات : كانت لهم جنات الفردوس نزلا ً...
حيث أن (الإيمان) بالله تعالى : يجب أن يصاحبه دوما ً: فعل الأعمال الصالحة في هذه الدنيا ..
فيستحق الذين (آمنوا) و(عملوا الصالحات) بذلك :
أن تكون أعلى درجات (الجنة) : نزلا ًومقاما ًأبديا ًلهم بلا أية منغصات ...
(108) خالدين فيها : لا يبغون عنها حِـولا ً...
حيث في هذا النعيم الأبدي في (جنة) الله تعالى : لا موت ولا فناء .. ولا تعب ولا شقاء ..
ولذلك : فلن يفكر أيا ًمنهم في التحول عنها أبدا ً!!!..
(109) قل لو كان البحر : مدادا ًلكلمات ربي : لنفد البحر : قبل أن تنفد كلمات ربي : ولو جئنا بمثله مددا ً!!!!...
قل أيها الرسول الخاتم (محمد) للناس : أنه لو كان ماء البحر : (حبرا ً) لأقلام ٍنكتب بها كلام الله :
لنفِد جميع ماء البحر : قبل أن تنفد كلمات الله تعالى !!!!... بل حتى ولو جئنا بمثل ماء البحر هذا : بحارًا أخرى كثيرة مددا ًله !!!...
حيث أن كلام الله تعالى : لا نهائي !!!...
فله مثلا ًكلام ٌبشرعه وأوامره ونواهيه .. وله كلام ٌمع رسله .. وله كلام ٌمع ملائكته .. وكل ذلك لا يُحيط به أي أحد !!..
بل ولكي تدركوا أيضا ًمثالا ًآخرا ًعلى (لا نهائية) كلام الله تعالى .. فاعلموا أن الله تعالى إذا أراد شيئا ًفي هذا الكون :
" فإنما يقول له : كن : فيكون " !!!... غافر – 68 ...
فإذا تبصرنا في عظمة واتساع وتنوع مخلوقات الله تعالى ومراداته (الغير متناهية) في هذا الكون (لأن منها تنوعها أيضا ًفي الجنة أو في النار إلى الأبد) :
فستدركون بالفعل أنه : لا أحد يستطيع أبدا ًأن يحصي كلمات الله عز وجل !!!..
فكان الواجب على كل (عاقل) : أن يخضع لهذا الإله الواحد العظيم الحكيم ...
(110) قل : إنما أنا بشر ٌمثلكم : يوحى إليّ .. أنما إلهكم إله ٌواحد ... فمَن كان يرجو لقاء ربه :
فليعمل عملا ًصالحا ً.. ولا يشرك بعبادة ربه أحدا ً...
وبهذه الآية الرائعة : يختم الله تعالى هذه السورة القيمة من القرآن الكريم ...
حيث يأمر الله تعالى نبيه الخاتم (محمد) صلى الله عليه وسلم : أن يقول للناس جميعا ً:
أنما هو (بشر) مثلهم : وليس (ملاكا ً) !!!.. وليس (بشرا ًخارقا ً) مثلا ً!!!... لا ...
بل هو (بشر ٌعادي) مثل جميع البشر : لأنه أول مَن سيقوم بتطبيق شرع الله تعالى وأوامره ونواهيه على نفسه : ليكون بذلك : قدوة للناس جميعا ً.... بل : وحُجة ًعليهم أيضا ً!!..
وأما الفارق الوحيد بينه وبينهم : فهو أنه : (يوحى إليه) من الله تعالى ...
وهذا (الوحي) : قد يكون في بعض الأوقات : مباشرة من الله تعالى !!!...
أو عن طريق (مَـلك) بصور ٍمختلفة !!!.. وفي كل هذه الحالات : فقد أعد الله تعالى جسد النبي الخاتم (محمد) لتحمل هذه الأنواع من (الوحي) كلها ...
ثم بعد أن أمر الله تعالى نبيه الخاتم (محمد) أن يوضح للناس حقيقة (بشريته) : فهو يأمره أيضا ًبإبلاغ الناس جميعا ً أن إلههم الحق : إنما هو إله ٌواحد !!!..
أي ليس (ثلاثة في واحد) كما تقولون !!!..
وليس (إله للخير) و(إله للشر) كما في بعض الأمم الوثنية !!!..
وليس (إله يحل في بعض مخلوقاته) كالإنسان أو الحيوان أو النجوم !!!...
وليس هو (مخلوقات فضائية) زرعتنا هنا في الأرض كما يقول يدعي الكاذبون :
بل هو (إله ٌواحد) : له الكمال المطلق في كل شيء : " ليس كمثله شيء " !!!.. الشورى – 11 ..
ومن هنا :
فالله تعالى يُخبر نبيه الخاتم (محمد) أن يُخبر الناس بأنه :
مَن كان حقا ً: (يؤمن) بهذا (الإله الواحد) .. و(يحبه) .. و(يتمنى لقاءه) يوم القيامة في (سلام) :
فما عليه إلا أن يفعل شيئين فقط :
1)) أن يعمل (( ولو )) : (عملا ًصالحا ًواحدا ً) في حياته !!!!.. بشرط أن يكون مُخلصا ًفيه لله : ومقتديا ًفيه بأنبيائه ورسله والصالحين من خلقه ..
2)) وأن يُصاحب هذا العمل الصالح : التوحيد الكامل لله عز وجل عن الشريك والند والإلحاد والكفر !!..
حيث بهذين الشرطين فقط :
ينال السعادة والنعيم الأبدي بجوار الله تعالى وبجوار الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين :
في الجنة بإذن الله ....
وهنا ...
كان الصمت يخيم على القاعة جميعا ً....
ولم يخفَ على الشيخ (عبد الله) : رؤية الكثير من الحاضرين وهم يجففون بعض دموعهم التي نزلت من عيونهم رغما ًعنهم : تأثرا ًبهذا الكلام الذي لمس قلوبهم أًغلب مَن في القاعة ....
بل وحتى كان هناك ثلاثة قساوسة من الصف الأول : يحاولون بقدر الإمكان مسح هذه الدموع بطريقة لا تلفت النظر إليهم !!!...
وهنا قال الشيخ (محمد) :
فتح الله عليك يا شيخ (عبد الله) .. وبارك لك في علمك ودينك ....
فهل تستطيع أن تقرأ لنا هذه العشر آيات الآن : لكي يتذوق الحاضرين لأول مرة في حياتهم :
مذاق سماع (كلام الله القرآن) وذلك : كما أنزله الله تعالى على نبيه الخاتم (محمد) صلى الله عليه وسلم منذ أكثر من 1429 عام مضت !!!.. وذلك بلغته الأصلية التي تكلم بها الله تعالى وأنزله بها :
بلا أي (ترجمة) .. وبلا أي (تحريف) !!!...
وبالفعل : وما هي إلا ثوان : حتى بدأ الشيخ (عبد الله) يقرأ العشر آيات ثانية ًعليهم ...
ولكن هذه المرة : بـ (اللغة العربية) !!!.. والتي لا يفهمها جل الحاضرين للأسف ...!
ولكنهم (وبالرغم من هذا) :
فقد شعروا وكأن الكلمات بوقع سماعها المهيب .. وبصوت الشيخ المؤثر الرخيم :
شعروا وكأن كلمات الله عز وجل :
تخترق (ليس فقط قلوبهم) : بل (أجسادهم) و(وجدانهم) أيضا ً!!!..
وخصوصا ًوكلٌ منهم يستحضر في ذهنه : معاني هذه الآيات التي ألقاها عليه الشيخ منذ قليل !!!..
وبهذا الجو (الملائكي) : كانت خاتمة هذه (الندوة) المفاجئة لجميع الحاضرين بلا استثناء !!!...
ولنترك وصف هذه الخاتمة لمستر (كارليتون) الصحفي ...
بل : الذي هو من أشهر رجال الصحافة في المدينة ....
والذي أسلم منذ قليل أمام كل الحاضرين ....
فماذا قال ؟؟؟...