أبو الإلحاد ورحلة البحث عن "مُعرف" !
بقلم : هشام البوزيدي ..
أو : هشام بن الزبير (منتدى التوحيد) ..
أبحر أبو الإلحاد على أمواج الشبكة العنكبوتية ليمارس نشاطه (التنويري). فتح ملفا يختزن فيه كل شبهة يظفر بها يراها قدحا في الإسلام. سمى هذا الملف (تفنيد الدين). بدأ يقلب عينيه بين العناوين المثيرة, لكن سرعان ما اعتراه الملل. شعر أن كل شيء غدا بلا طعم. تذكر الأيام الخالية حين كان شابا مفعما بالحماس. يومها كان يشعر بأنه فيلسوف زمانه, وأن شيخ الأزهر نفسه لا يقوى على مناظرته لسعة اطلاعه وقوة حجته.
أبحر أبو الإلحاد على أمواج الشبكة العنكبوتية ليمارس نشاطه (التنويري). فتح ملفا يختزن فيه كل شبهة يظفر بها يراها قدحا في الإسلام. سمى هذا الملف (تفنيد الدين). بدأ يقلب عينيه بين العناوين المثيرة, لكن سرعان ما اعتراه الملل. شعر أن كل شيء غدا بلا طعم. تذكر الأيام الخالية حين كان شابا مفعما بالحماس. يومها كان يشعر بأنه فيلسوف زمانه, وأن شيخ الأزهر نفسه لا يقوى على مناظرته لسعة اطلاعه وقوة حجته.
أما اليوم فإنه أصبح يضرب ألف حساب قبل ولوج منتدى إسلامي, فإن ينس فلن ينسى هروبه المخزي آخر مرة لما دخل منتدى (الموحدين لمحاورة الملحدين) وهو ينادي بأعلى صوته :
"هلموا إليّ هلموا, أنا مسلم سابق, أنا خريج الأزهر, حفظت القرآن والمتون, ودرست الفقه على المذاهب الأربعة, وجلست للفتوى فيما تعم به البلوى, إلى أن أبصرت النور أخيرا, وخلعت الخوف, وتخلصت من الوهم, أنا تحررت فألحدت, فهل من مناظر؟"
فيا ليته لم يتسرع في التحدي, يا ليته تجنب لفظ المناظرة, وما له والمناظرة؟ إنه لا يذكر متى قرأكتابا كاملا في حياته. كل ما يحسنه قراءة نتف من هنا وهناك, في الجرائد والمجلات, والقفز الافتراضي من موقع إلى موقع ومن صفحة إلى صفحة, أما المطالعة فإنه لا يملك الأناة التي تتطلبها. طلب المناظرة ففضحه (عبد الهادي) بسؤال واحد. قال له فيه:
"ما دمت كما تصف نفسك فأنت أعلم مني بالفقه, فاسمح لي بسؤال - قد حيرني - قبل أن نبدأ المناظرة: "هل يجوز العقد على (الجلاّلة) المطلقة طلاقا بائنا, أم لا بد من تمام العدة؟"
طبعا لم يتسرع في الجواب, فلا بد لفارس (الإلحاد الافتراضي) أن يأخذ حِذره في كل حواراته, فكيف إذا كان في منتدى (وهابي) [1]؟. فتح أبو الإلحاد صفحة جديدة, وسأل إمام الشبكة العنكبوتية وبحر العوالم الإلكترونية وحجة العلوم الإنترنيتية (جوجل) :"هل يجوز نكاح المطلقة طلاقا بائنا قبل تمام العدة؟" ولم يخب ظنه, فقد جاءه الجواب بإجماع الصحائف الإلكترونية المتخصصة في الفتوى أن: "لابد من تمام العدة". حين أرسل جوابه مذيلا بالأدلة النقلية التي تشهد باطلاعه, وتؤيد دعواه الإلمام بالفقه المقارن, حينها فات الأوان, لقد بلع أبو الإلحاد الطعم, وتقاطرت عليه الضحكات والتعليقات الساخرةمن كل صوب:
"يا فقيه الزمان, هل تكفي عدة (الجلاّلة) أم لا بد أن تحبس؟" و "هل يصح العقد بدون ولي؟" و"هل الحكم خاص بجلالة البقر, أم يعم الإبل كذلك؟" و"هل تحرم الجلّالة بالرضاع؟"
حين استعان بالبحث الإلكتروني, هذه المرة ليفهم سر تندر القوم عليه, كاد يصعق لهول ما قرأ: "(الجلاّلة) : الدابة التي تتبع النجاسات وتأكل الجلة , وهي البعرة والعذرة..." لم يستطع إتمام القراءة, دارت به الأرض, لم ير فرصة للتملص واختلاق الأعذار, فانسحب في صمت.
وهاهو الآن يبحث عن (معرف) جديد. هذه أول خطوة من خطوات (النضال الإلحادي الإلكتروني), بل هي أهمها على الإطلاق. المعرف هو جواز سفرك إلى منتديات المتدينين. يجب أن يكون (المعرف) ناطقا بالإلحاد, لكنهم لا يقبلون الأسماء المستفزة. ثمة شبه بين معرفات الملاحدة وبين البهارات, فلكليهما نكهة خاصة, لكن لا بد من القصد, فلو أسرفت فيهما صار الطعم غير مستساغ. إذن فليجرب:
(ملحد ولا فخر), معذرة, يوجد مشترك بهذا الإسم.
(فارس التطور) معذرة, يوجد مشترك بهذا الإسم.
(مجرد صدفة) معذرة, يوجد مشترك بهذا الإسم.
(لاديني ملتزم) معذرة, يوجد مشترك بهذا الإسم.
(قبطان تائه), معذرة, يوجد مشترك بهذا الإسم.
(أبو طفرة) معذرة, يوجد مشترك بهذا الإسم.
"تبا, هل هناك معرف لم يحجزه الزملاء؟ طيب, لأجرب شيئا غريبا: (تراكتور).", ضغط الزر فأتم التسجيل: "مرحبا بك (تراكتور) سيتم تفعيل اشتراكك قريبا".
"أليست الصلاة إلى الحيوان ذريعة إلى الشرك؟ وبدأ يتحدث عن التوحيد والرواسب الوثنية, وعن الحج والحجر الأسود (إلخ إلخ إلخ) إلى أن أرشده أول مجيب إلى الفرق بين العنَزة والعنْزة [2]فانسل هاربا كعادته. وكانت هذه نهاية معرف آخر لم يعمر إلا يوما أو بعض يوم. وبقي الموضوع اليتيم شاهدا على أزمة أبي الإلحاد الرقمي أو (تراكتور).
[1] الشيخ محمد بن عبد الوهاب من أئمة الدين ومجددي الملة كما وصفه أهل العلم, لكن كثيرا منالجهلة اليوم يلمزون كل مَن دعا إلى الإسلام الحق بأنه وهابي, حتى وإن دعاهم إلى ما أجمعت عليه الأمة ونص عليه القرآن والسنة.
[2] العنزة بفتح العين والنون والزاي عصا كانت تغرس في الأرض يتخذها النبي صلى الله عليه وسلم سترة في صلاته. حتى لا يمر المار بين يديه وهو يُصلي.