بالقصة والصور : إسلام قرية أفريقية كاملة ...
الحمد لله رب العالمين ..
والذي وعد بالتمكين عباده الصالحين القائل في كتابه المبين "إن الدين عند الله الإسلام" آل عمران 19 .. والصلاة السلام على المبعوث رحمة للعالمين : محمد بن عبد الله الصادق الأمين القائل :
"لأن يهدي الله بك رجلا ًواحدا ً: خير ٌلك من حُمر النعم" وعلى آله وصحابته أجمعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد :
فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال :
"ليبلغن هذا الأمر : ما بلغ الليل والنهار" !!!..
قافلة خير الأيام ..
إلى قرية أغوديكا : التابعة لمدينة أنيه : في دولة توجو : بغرب فريقيا ..
بتمويل من : أربع طالبات من جامعة الإيمان في اليمن !!..
يوم الثلاثاء / 2 ذي الحجة 1426هـ الموافق 3/1/2006م ..
الرحلة ..
قبل أن تصل القافلة : قد كانت هناك العديد من الجهود التي بذلت من قبل الداعية الشيخ أبو بكر حميد- وهو من أبناء منطقة أنيه Anie - حيث كان يذهب إلى القرية يدعوهم إلى الله بين فترة وأخرى .. كما كان يرسل مساعديه إليهم كعادته دائما في زيارة القرى المحيطة بمنطقته .. واستمرت دعوته لهم لمدة عام كامل : قبل أن يشرح الله صدورهم .. وعندما وصل التبرع من الأخوات في جامعة الإيمان في اليمن : تم الاتصال بالشيخ حميد وسؤاله :
إن كان هنالك قرية مستعدة للدخول في الإسلام ؟..
وبالفعل أجاب الشيخ أنه يوجد العديد من القرى .. فقلنا أن الدعم لا يكفي إلا لقافلة واحدة !!.. فحدد لنا الموعد بعد أن تأكد من رغبتهم .. وتم إرسال المبلغ المعتمد للقافلة إليه لشراء بعض المواد الغذائية والفرش والأباريق والفوانيس من مدينة أنيه القريبة منها .. ولتجهيز المواد قبل وصولنا إليهم ..
وفي صبيحة يوم الثلاثاء : الثاني من شهر ذي الحجة لعام 1426هـ الموافق 3/1/2006م : وفيما بقايا مظاهر احتفالات النصارى والوثنيين بأعيادهم لازالت قائمة : كان أعضاء القافلة يستعدون ويجهزون أنفسهم من بعد صلاة الفجر ..
وعند السابعة صباحا ً: تجمع أعضاء القافلة في مركزنا في العاصمة لومي .. وفي السابعة والنصف : تحركت السيارة حاملة أعضاء القافلة : ومعنا المصور والسائق .. وتوجهنا نحو مدينة أنيه - والتي تبعد عن العاصمة بحوالي 350 كلم - : حيث كان ينتظرنا الشيخ حميد .. والذي أخذناه معنا في سيارتنا .. وأخبرنا بأن مساعديه ينتظروننا في القرية بصحبة المواد التي اشتريناها كهدية لأهالي القرية ..
وبالفعل ..
أخذنا طريقا ًترابيا ًإلى جهة الشرق : متجهين نحو قرية (أغوديكا) .. والتي كانت على موعد مع كلمة التوحيد ودين الفطرة في هذا اليوم !!..
والقرية تبعد مسافة 65 كلم شرق مدينة أنيه .. وكانت هذه هي المرة الأولى التي نمشي فيها في هذا الطريق .. وقد فاجأنا كثيرا ًأن وجدنا العديد من المدارس والمراكز الطبية المبنية بطرق حديثة .. وكذلك الآبار والمضخات والقابعة في تلك الأدغال !!.. إنها تابعة لمنظمات تنصيرية ..
لقد فكرت في تلك اللحظة في شعور القائمين على تلك المنظمات عندما يعلمون خبر دخول القرية في الإسلام !!.. كنت متأكدا ًأن ذلك سيثير غضبهم إلى أقصى حد!!.. فحمدت الله .. وتذاكرنا فيما بيننا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :
" ليبلغن هذا الأمر : ما بلغ الليل والنهار " !!!..
بعد أن قطعنا جزءا ًمن ذلك الطريق الترابي : توقفنا للاستراحة وتناول وجبة خفيفة : أعدها لنا الشيخ حميد .. حيث ذبح لنا (الدجاجة التي كان يربيها في بيته) : في بادرة كرم عجزنا عن شكره عليها ..
وعند الساعة الثانية عشرة ظهرا ًوصلنا إلى قرية (أغوديكا) ..
كان الشيخ حميد قد أخبرنا أن الذين سيدخلون في الإسلام ما بين 100 إلى 150 شخصا ًتقريبا ً..
إلا أننا تفاجأنا عند وصولنا بذلك الحشد الكبير من الرجال والنساء والأطفال !!.. والذي تجاوز بفضل الله الـ 400 شخص وقد يصل إلى 500 شخص !!!..
وما إن رأت الجموع المنتظرة سيارتنا من بعيد :
حتى بدأت التحية والترحيب على الطريقة الإفريقية !!..
فدقت الطبول .. وبدأ الرقص فرحا ًعلى قرعاتها ..! لقد كانوا ينتظروننا منذ الصباح ..! وما إن نزلنا من السيارة : حتى هاجت الجموع راقصة ومصفقة لتعبر عن فرحتها بوصولنا !!..
وكان أمير القرية الشاب ومعه مساعدو الشيخ حميد : هم أول مَن استقبلنا .. وما إن سلمنا عليه : حتى بدأ الأمير بكل حماس يقول كلاما ًبلغته التي لم نفهمها .. إلا أن الشيخ سلمان - وهو الداعية المكلف بالبقاء معهم بعد إسلامهم لتعليمهم أمور دينهم - : بدأ يُترجم لنا ما قاله الأمير ..
وكم كان مؤثرا ًذلك الكلام .. بل كم كان مؤلما ًلنا ونحن نستشعر تلك المسؤولية التي ألقتها على كواهلنا كلمات الأمير ..! لقد قال :
" كنت أحب الإسلام والمسلمين ولكني كنت مترددا ولست متأكدا ً.. لكن الآن وقد جئتم (يقصد العرب : وهو يعرف أنهم بذرة الإسلام) : فإني أ ُشهدكم أني آمنت بالله وحده .. وهلموا معي إلى بيتي لتحطيم الصنم الذي أعبده " !!!..
يـا الله ..!
كم من الناس تنتظرنا نحن العرب لنبلغهم دين الله ..! ونخرجهم من ظلمات الكفر والشرك ..! أية مسؤولية تلك الملقاة على عواتقنا نحن العرب المسلمين ؟!!..
لقد أخبرنا الشيخ حميد فيما بعد : أنهم يتفاخرون فيما ما بينهم إذا ما دخل أحدهم الإسلام على يدي عربي ..! بل أخبرنا أنهم عندما سمعوا أن القافلة فيها عرب :ازدادت أعداد الراغبين في الإسلام ..!
شكرنا الأمير على هذه المشاعر .. وبعد المصافحة والعناق : اخترقنا صفوف الجموع لنصل إلى المكان الذي أعدوه لجلوسنا ..
لقد أجلسونا حيث جهزوا لنا مسبقا ًالكراسي الخشبية المغطاة بالأقمشة .. ووضعوا أمامها طاولة صغيرة : غطوها بالقماش أيضا ً.. وبعد جلوسنا : ازدادت وتيرة الرقص .. وهذه عادة القرى الإفريقية في استقبال الضيوف في تلك المناطق ..
وبصعوبة بالغة هدئت الجموع المحتشدة لسماع كلمة الأمير .. والتي بدأها مرحبا ًبنا .. ومؤكدا ًعلى رغبتهم في الإسلام واقتناعهم به .. وراصدا ًلنا قائمة من الطلبات والاحتياجات لأهالي القرية : آملا ًمنا مساعدته في توفيرها .. ومكررا ًبشكل ملفت للنظر :
مطالبته لنا بمساعدته على أداء فريضة الحج ..!
بعدها .. وفي مشهد يبشر بأن الفجر قادم لا محالة :
قامت الجموع الحاضرة لتعلن الشهادتين ..
ولتعلن معهم قرية أغوديكا ميلادها الجديد : خاضعة ًلخالقها الفرد الصمد : الذي لم يلد ولم يولد : عائدة إليه .. تائبة منيبة مستسلمة بين يديه .. فالحمد لله الذي هداهم ..
وما إن انتهت لحظات نطق الشهادتين حتى علت أصوات الجميع بالتكبير .. وارتجت القرية في صوت واحد تردد :
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
ثم أ ُلقيت الكلمات من الوفد المشارك في القافلة .. ووُزعت المواد الغذائية والمياه والأباريق والفوانيس والحصر على الحاضرين .. وبعد أن قدمت هدية خاصة للأمير : قبلها مسرورا ًوشاكرا ً:
توجهنا بعدها إلى الصنم الذي في بيت الأمير- والبيت من الطين ومسقوف بفروع وأوراق الأشجار- ..
وكان ضمن مجموعة بيوت مماثلة بينها ساحة مربعة صغيرة .. وكل البيوت تفتح على هذه الساحة ..
كان للبيت بابا ًخشبيا ً.. وإلى جوار الباب : كان هناك قطعة من الحديد وأمامها قطعة من الحجر الترابي : موضوعة بداخل إطار معدني : هو عبارة عن إطار قدر متهالك لم يتبق سواها من القدر .. وقد ارتكز بجوارهما عود من الخشب - مستندا ًإلى جدار البيت - وهو عبارة عن فرع تم قطعه من إحدى الأشجار .. كان هناكبقايا صفار وبياض البيض وريش طيور ..!
لقد كان هذا الشيء المجمع من أشياء لا قيمة لها :
هو الصنم الذي كان يعبده الأمير وأهل القرية !!..
وبحمد الله .. وفي دلالة كبيرة وصادقة على اقتناع الأمير بالدين الحق دين الإسلام : قام الأمير بتحطيم الصنم بيديه !!.. وجعله جذاذا ًبعد أن أهوى عليه بقطعة ضخمة من الحطب !!.. فتحطم الصنم : وتهاوى معه عهد من ظلام الكفر والشرك : مؤذنا ًبميلاد قرية أغوديكا الجديد : وفاتحا ًصفحة جديدة في حياة القرية : ترسم خطواتها كلمة التوحيد : وينير دربها كتاب ربها وسنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم !!..
وتزامن وقت انتهائنا من كل هذا مع وقت صلاة الظهر .. فبحثنا عن مكان لأداء الصلاة .. فوجدنا مدرسة مبنية خارج القرية : وأمامها ساحة كبيرة : وفي وسطها شجرة تلقي بظلالها الممزقة على جنبات الساحة .. وكان بجوارها بئر بنته منظمة (بلان انترنشيونال) ذات الأهداف التنصيرية .. وهي التي بنت المدرسة أيضا ً..
فتحركنا باتجاه المدرسة .. وتبعتنا الجموع الغفيرة من أهل القرية في مشهد مهيب : يبعث السرور في قلوب المؤمنين ..
وما إن وصلنا : حتى امتلأت الأباريق والصحون بالمياه .. وتفرق الناس جماعات ووحدانا ً: يتوضؤن لأول مرة في حياتهم !!.. فيغسلون عن أيديهم ووجوههم غبرات الكفر .. ويعلمهم الدعاة المصاحبون للقافلة كيفية الوضوء .. وأثناء ذلك كله : شق نداء الله أكبر : سماء المنطقة : ليحق الحق ويزهق الباطل : إن الباطل كان زهوقا ً!!..
ثم أقيمت الصلاة .. ورصت الصفوف على الحصر والتراب : مستظلة بظل الشجرة الذي خرقته أشعة الشمس من كل جانب ..
وأ ُديت في القرية أول صلاة .. ورُدد في جنباتها صوت الحق .. الله أكبر ..
لقد استوقفتنا تلك اللحظات طويلا ً.. وكانت مثار نقاش بيننا في طريق العودة بعد ذلك .. فإنها والله شاهد على عظمة هذا الدين !!..
فأي قوة تلك التي تجعل الإنسان بمجرد إعلانه الشهادتين .. تنقلب موازينه ومشاعره ويتبدل قلبه .. فتجعله ينقلب على إلهه الذي عبده سنين طوال : فيحطمه في غمضة عين ..!!
لقد أجابنا الأمير على ذلك .. دون أن يشعر!
فقد كان يردد حين تحطيم الصنم :
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .......... وسبحان الله !!..
خذوا ولدي ..!!
موقف آخر من هذا الأمير - والذي نسأل الله أن يثبتنا وإياه على الحق- جعلنا ننظر إليه بنظرة إجلال وإكبار .. فقد كان يطلب منا ونحن في طريق العودة من بيته بعد تحطيم الصنم : طلبا ًأسعدنا كثيرا ً: وكشف لنا حقيقة هذا الرجل : وصدق تمكن الإسلام في قلبه والله حسيبه ..
لقد قال :
" خذوا ولدي إلى حيث شئتم .. علموه .. واجعلوا منه داعية !!.. لا تعيدوه إلا وقد تعلم الإسلام ليأتي ويعلم أبناء القرية " !!..
وأترك للقارئ الكريم استنباط ما يشاء من معاني ..!!
قصة الطفل والصليب ..
من بين تلك الجموع .. وأثناء استعدادنا لصلاة الظهر : لفت انتباهنا أحد الأطفال والذي يبلغ السادسة من العمر تقريبا ً.. وكان يرتدي قميصا ًصغيرا ًمفتوحا ًيكشف عن صدره : والذي تدلى عليه للأسف صليب معدني صغير : تم ربطه بخيط ٍمتين حول رقبته ..
وقد جاء الطفل لأداء الصلاة مع أهل القرية .. وعندما طلبنا منه فك الصليب وإزالته : لم يستطع قطع الخيط .. فحاول مجموعة من الأطفال فك الخيط : دون أن يستطيعوا فقد كان خيطا مفتولا ًوقويا ً..
فقام أحد أعضاء القافلة بمساعدته في فك عقدة الخيط ..
سلمت يمينك ..
وبينما هو يحاول فك الخيط وعقدته : إذ لمحه الأمير .. فأقبل إلينا ليشرح لنا أن هذا المعلق على رقبته : هو دواء يشفيه من مرض كان يصيبه دائما ً.. وأن علينا ألا نفكه حتى لا يمرض الطفل ..!
فأخبرناه أنه لا يزيده إلا وهنا ًعلى وهن !!..
وأنه لا خير فيه .. فتركنا وقد بدا عليه الاقتناع ..
تعجبنا كثيرا من جهود النصارى .. وإصرارهم على نشر أباطيلهم حتى وصلوا بها إلى تلك المناطق النائية .. وأوهموهم بأن هذه الأوثان الشركية تضر أو تنفع من دون الله عز وجل !!..
بالأعلى صورة لكنيسة - على قلة إمكانياتها - ولكنها تضع علامة استفهام كبيرة أمام السؤال : مَن لهذه القرى بعد دخولها الإسلام ؟!!!..
لقد كانت تكلفة تلك القافلة الدعوية لم تزد عن 548 دولارا ًفقط !!!..
تبرعت بها أربع طالبات من ذهبهن وحُليهن وأقراطهن !!!..
ولكن تكلفة ما بعد دخول مثل تلك القرى في الإسلام :
هي أكبر من ذلك بكثير !!..
فهم يحتاجون مسجدا ًوتعليما ًورعاية ًوخدمات ٍعينية وخصوصا ًمع توقع قطع معونات الجهات التنصيرية للضغط عليهم !!!..
فأهيب بكل مسلم قادر أو مسلمة ألا يبخل عن السؤال عن كيفية التبرع لمثل هذه القوافل الدعوية وما بعدها من خدمات ...
وللعلم :
في توجو .. وفي عام واحد فقط وهو 2005م : دخلت أكثر من 40 قرية في الإسلام بفضل الله عز وجل ومجهودات الجنود المجهولين .. وأسلم فيها أكثر من12000 فرد تقريبا ً..
والحمد لله رب العالمين ..
الحمد لله رب العالمين ..
والذي وعد بالتمكين عباده الصالحين القائل في كتابه المبين "إن الدين عند الله الإسلام" آل عمران 19 .. والصلاة السلام على المبعوث رحمة للعالمين : محمد بن عبد الله الصادق الأمين القائل :
"لأن يهدي الله بك رجلا ًواحدا ً: خير ٌلك من حُمر النعم" وعلى آله وصحابته أجمعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين ثم أما بعد :
فصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال :
"ليبلغن هذا الأمر : ما بلغ الليل والنهار" !!!..
قافلة خير الأيام ..
إلى قرية أغوديكا : التابعة لمدينة أنيه : في دولة توجو : بغرب فريقيا ..
بتمويل من : أربع طالبات من جامعة الإيمان في اليمن !!..
يوم الثلاثاء / 2 ذي الحجة 1426هـ الموافق 3/1/2006م ..
الرحلة ..
قبل أن تصل القافلة : قد كانت هناك العديد من الجهود التي بذلت من قبل الداعية الشيخ أبو بكر حميد- وهو من أبناء منطقة أنيه Anie - حيث كان يذهب إلى القرية يدعوهم إلى الله بين فترة وأخرى .. كما كان يرسل مساعديه إليهم كعادته دائما في زيارة القرى المحيطة بمنطقته .. واستمرت دعوته لهم لمدة عام كامل : قبل أن يشرح الله صدورهم .. وعندما وصل التبرع من الأخوات في جامعة الإيمان في اليمن : تم الاتصال بالشيخ حميد وسؤاله :
إن كان هنالك قرية مستعدة للدخول في الإسلام ؟..
وبالفعل أجاب الشيخ أنه يوجد العديد من القرى .. فقلنا أن الدعم لا يكفي إلا لقافلة واحدة !!.. فحدد لنا الموعد بعد أن تأكد من رغبتهم .. وتم إرسال المبلغ المعتمد للقافلة إليه لشراء بعض المواد الغذائية والفرش والأباريق والفوانيس من مدينة أنيه القريبة منها .. ولتجهيز المواد قبل وصولنا إليهم ..
وفي صبيحة يوم الثلاثاء : الثاني من شهر ذي الحجة لعام 1426هـ الموافق 3/1/2006م : وفيما بقايا مظاهر احتفالات النصارى والوثنيين بأعيادهم لازالت قائمة : كان أعضاء القافلة يستعدون ويجهزون أنفسهم من بعد صلاة الفجر ..
وعند السابعة صباحا ً: تجمع أعضاء القافلة في مركزنا في العاصمة لومي .. وفي السابعة والنصف : تحركت السيارة حاملة أعضاء القافلة : ومعنا المصور والسائق .. وتوجهنا نحو مدينة أنيه - والتي تبعد عن العاصمة بحوالي 350 كلم - : حيث كان ينتظرنا الشيخ حميد .. والذي أخذناه معنا في سيارتنا .. وأخبرنا بأن مساعديه ينتظروننا في القرية بصحبة المواد التي اشتريناها كهدية لأهالي القرية ..
وبالفعل ..
أخذنا طريقا ًترابيا ًإلى جهة الشرق : متجهين نحو قرية (أغوديكا) .. والتي كانت على موعد مع كلمة التوحيد ودين الفطرة في هذا اليوم !!..
والقرية تبعد مسافة 65 كلم شرق مدينة أنيه .. وكانت هذه هي المرة الأولى التي نمشي فيها في هذا الطريق .. وقد فاجأنا كثيرا ًأن وجدنا العديد من المدارس والمراكز الطبية المبنية بطرق حديثة .. وكذلك الآبار والمضخات والقابعة في تلك الأدغال !!.. إنها تابعة لمنظمات تنصيرية ..
لقد فكرت في تلك اللحظة في شعور القائمين على تلك المنظمات عندما يعلمون خبر دخول القرية في الإسلام !!.. كنت متأكدا ًأن ذلك سيثير غضبهم إلى أقصى حد!!.. فحمدت الله .. وتذاكرنا فيما بيننا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم :
" ليبلغن هذا الأمر : ما بلغ الليل والنهار " !!!..
بعد أن قطعنا جزءا ًمن ذلك الطريق الترابي : توقفنا للاستراحة وتناول وجبة خفيفة : أعدها لنا الشيخ حميد .. حيث ذبح لنا (الدجاجة التي كان يربيها في بيته) : في بادرة كرم عجزنا عن شكره عليها ..
وعند الساعة الثانية عشرة ظهرا ًوصلنا إلى قرية (أغوديكا) ..
كان الشيخ حميد قد أخبرنا أن الذين سيدخلون في الإسلام ما بين 100 إلى 150 شخصا ًتقريبا ً..
إلا أننا تفاجأنا عند وصولنا بذلك الحشد الكبير من الرجال والنساء والأطفال !!.. والذي تجاوز بفضل الله الـ 400 شخص وقد يصل إلى 500 شخص !!!..
وما إن رأت الجموع المنتظرة سيارتنا من بعيد :
حتى بدأت التحية والترحيب على الطريقة الإفريقية !!..
فدقت الطبول .. وبدأ الرقص فرحا ًعلى قرعاتها ..! لقد كانوا ينتظروننا منذ الصباح ..! وما إن نزلنا من السيارة : حتى هاجت الجموع راقصة ومصفقة لتعبر عن فرحتها بوصولنا !!..
وكان أمير القرية الشاب ومعه مساعدو الشيخ حميد : هم أول مَن استقبلنا .. وما إن سلمنا عليه : حتى بدأ الأمير بكل حماس يقول كلاما ًبلغته التي لم نفهمها .. إلا أن الشيخ سلمان - وهو الداعية المكلف بالبقاء معهم بعد إسلامهم لتعليمهم أمور دينهم - : بدأ يُترجم لنا ما قاله الأمير ..
وكم كان مؤثرا ًذلك الكلام .. بل كم كان مؤلما ًلنا ونحن نستشعر تلك المسؤولية التي ألقتها على كواهلنا كلمات الأمير ..! لقد قال :
" كنت أحب الإسلام والمسلمين ولكني كنت مترددا ولست متأكدا ً.. لكن الآن وقد جئتم (يقصد العرب : وهو يعرف أنهم بذرة الإسلام) : فإني أ ُشهدكم أني آمنت بالله وحده .. وهلموا معي إلى بيتي لتحطيم الصنم الذي أعبده " !!!..
يـا الله ..!
كم من الناس تنتظرنا نحن العرب لنبلغهم دين الله ..! ونخرجهم من ظلمات الكفر والشرك ..! أية مسؤولية تلك الملقاة على عواتقنا نحن العرب المسلمين ؟!!..
لقد أخبرنا الشيخ حميد فيما بعد : أنهم يتفاخرون فيما ما بينهم إذا ما دخل أحدهم الإسلام على يدي عربي ..! بل أخبرنا أنهم عندما سمعوا أن القافلة فيها عرب :ازدادت أعداد الراغبين في الإسلام ..!
شكرنا الأمير على هذه المشاعر .. وبعد المصافحة والعناق : اخترقنا صفوف الجموع لنصل إلى المكان الذي أعدوه لجلوسنا ..
لقد أجلسونا حيث جهزوا لنا مسبقا ًالكراسي الخشبية المغطاة بالأقمشة .. ووضعوا أمامها طاولة صغيرة : غطوها بالقماش أيضا ً.. وبعد جلوسنا : ازدادت وتيرة الرقص .. وهذه عادة القرى الإفريقية في استقبال الضيوف في تلك المناطق ..
وبصعوبة بالغة هدئت الجموع المحتشدة لسماع كلمة الأمير .. والتي بدأها مرحبا ًبنا .. ومؤكدا ًعلى رغبتهم في الإسلام واقتناعهم به .. وراصدا ًلنا قائمة من الطلبات والاحتياجات لأهالي القرية : آملا ًمنا مساعدته في توفيرها .. ومكررا ًبشكل ملفت للنظر :
مطالبته لنا بمساعدته على أداء فريضة الحج ..!
بعدها .. وفي مشهد يبشر بأن الفجر قادم لا محالة :
قامت الجموع الحاضرة لتعلن الشهادتين ..
ولتعلن معهم قرية أغوديكا ميلادها الجديد : خاضعة ًلخالقها الفرد الصمد : الذي لم يلد ولم يولد : عائدة إليه .. تائبة منيبة مستسلمة بين يديه .. فالحمد لله الذي هداهم ..
وما إن انتهت لحظات نطق الشهادتين حتى علت أصوات الجميع بالتكبير .. وارتجت القرية في صوت واحد تردد :
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر ..
ثم أ ُلقيت الكلمات من الوفد المشارك في القافلة .. ووُزعت المواد الغذائية والمياه والأباريق والفوانيس والحصر على الحاضرين .. وبعد أن قدمت هدية خاصة للأمير : قبلها مسرورا ًوشاكرا ً:
توجهنا بعدها إلى الصنم الذي في بيت الأمير- والبيت من الطين ومسقوف بفروع وأوراق الأشجار- ..
وكان ضمن مجموعة بيوت مماثلة بينها ساحة مربعة صغيرة .. وكل البيوت تفتح على هذه الساحة ..
كان للبيت بابا ًخشبيا ً.. وإلى جوار الباب : كان هناك قطعة من الحديد وأمامها قطعة من الحجر الترابي : موضوعة بداخل إطار معدني : هو عبارة عن إطار قدر متهالك لم يتبق سواها من القدر .. وقد ارتكز بجوارهما عود من الخشب - مستندا ًإلى جدار البيت - وهو عبارة عن فرع تم قطعه من إحدى الأشجار .. كان هناكبقايا صفار وبياض البيض وريش طيور ..!
لقد كان هذا الشيء المجمع من أشياء لا قيمة لها :
هو الصنم الذي كان يعبده الأمير وأهل القرية !!..
وبحمد الله .. وفي دلالة كبيرة وصادقة على اقتناع الأمير بالدين الحق دين الإسلام : قام الأمير بتحطيم الصنم بيديه !!.. وجعله جذاذا ًبعد أن أهوى عليه بقطعة ضخمة من الحطب !!.. فتحطم الصنم : وتهاوى معه عهد من ظلام الكفر والشرك : مؤذنا ًبميلاد قرية أغوديكا الجديد : وفاتحا ًصفحة جديدة في حياة القرية : ترسم خطواتها كلمة التوحيد : وينير دربها كتاب ربها وسنة نبيها محمد صلى الله عليه وسلم !!..
وتزامن وقت انتهائنا من كل هذا مع وقت صلاة الظهر .. فبحثنا عن مكان لأداء الصلاة .. فوجدنا مدرسة مبنية خارج القرية : وأمامها ساحة كبيرة : وفي وسطها شجرة تلقي بظلالها الممزقة على جنبات الساحة .. وكان بجوارها بئر بنته منظمة (بلان انترنشيونال) ذات الأهداف التنصيرية .. وهي التي بنت المدرسة أيضا ً..
فتحركنا باتجاه المدرسة .. وتبعتنا الجموع الغفيرة من أهل القرية في مشهد مهيب : يبعث السرور في قلوب المؤمنين ..
وما إن وصلنا : حتى امتلأت الأباريق والصحون بالمياه .. وتفرق الناس جماعات ووحدانا ً: يتوضؤن لأول مرة في حياتهم !!.. فيغسلون عن أيديهم ووجوههم غبرات الكفر .. ويعلمهم الدعاة المصاحبون للقافلة كيفية الوضوء .. وأثناء ذلك كله : شق نداء الله أكبر : سماء المنطقة : ليحق الحق ويزهق الباطل : إن الباطل كان زهوقا ً!!..
ثم أقيمت الصلاة .. ورصت الصفوف على الحصر والتراب : مستظلة بظل الشجرة الذي خرقته أشعة الشمس من كل جانب ..
وأ ُديت في القرية أول صلاة .. ورُدد في جنباتها صوت الحق .. الله أكبر ..
لقد استوقفتنا تلك اللحظات طويلا ً.. وكانت مثار نقاش بيننا في طريق العودة بعد ذلك .. فإنها والله شاهد على عظمة هذا الدين !!..
فأي قوة تلك التي تجعل الإنسان بمجرد إعلانه الشهادتين .. تنقلب موازينه ومشاعره ويتبدل قلبه .. فتجعله ينقلب على إلهه الذي عبده سنين طوال : فيحطمه في غمضة عين ..!!
لقد أجابنا الأمير على ذلك .. دون أن يشعر!
فقد كان يردد حين تحطيم الصنم :
الله أكبر .. الله أكبر .. الله أكبر .......... وسبحان الله !!..
خذوا ولدي ..!!
موقف آخر من هذا الأمير - والذي نسأل الله أن يثبتنا وإياه على الحق- جعلنا ننظر إليه بنظرة إجلال وإكبار .. فقد كان يطلب منا ونحن في طريق العودة من بيته بعد تحطيم الصنم : طلبا ًأسعدنا كثيرا ً: وكشف لنا حقيقة هذا الرجل : وصدق تمكن الإسلام في قلبه والله حسيبه ..
لقد قال :
" خذوا ولدي إلى حيث شئتم .. علموه .. واجعلوا منه داعية !!.. لا تعيدوه إلا وقد تعلم الإسلام ليأتي ويعلم أبناء القرية " !!..
وأترك للقارئ الكريم استنباط ما يشاء من معاني ..!!
قصة الطفل والصليب ..
من بين تلك الجموع .. وأثناء استعدادنا لصلاة الظهر : لفت انتباهنا أحد الأطفال والذي يبلغ السادسة من العمر تقريبا ً.. وكان يرتدي قميصا ًصغيرا ًمفتوحا ًيكشف عن صدره : والذي تدلى عليه للأسف صليب معدني صغير : تم ربطه بخيط ٍمتين حول رقبته ..
وقد جاء الطفل لأداء الصلاة مع أهل القرية .. وعندما طلبنا منه فك الصليب وإزالته : لم يستطع قطع الخيط .. فحاول مجموعة من الأطفال فك الخيط : دون أن يستطيعوا فقد كان خيطا مفتولا ًوقويا ً..
فقام أحد أعضاء القافلة بمساعدته في فك عقدة الخيط ..
سلمت يمينك ..
وبينما هو يحاول فك الخيط وعقدته : إذ لمحه الأمير .. فأقبل إلينا ليشرح لنا أن هذا المعلق على رقبته : هو دواء يشفيه من مرض كان يصيبه دائما ً.. وأن علينا ألا نفكه حتى لا يمرض الطفل ..!
فأخبرناه أنه لا يزيده إلا وهنا ًعلى وهن !!..
وأنه لا خير فيه .. فتركنا وقد بدا عليه الاقتناع ..
تعجبنا كثيرا من جهود النصارى .. وإصرارهم على نشر أباطيلهم حتى وصلوا بها إلى تلك المناطق النائية .. وأوهموهم بأن هذه الأوثان الشركية تضر أو تنفع من دون الله عز وجل !!..
بالأعلى صورة لكنيسة - على قلة إمكانياتها - ولكنها تضع علامة استفهام كبيرة أمام السؤال : مَن لهذه القرى بعد دخولها الإسلام ؟!!!..
لقد كانت تكلفة تلك القافلة الدعوية لم تزد عن 548 دولارا ًفقط !!!..
تبرعت بها أربع طالبات من ذهبهن وحُليهن وأقراطهن !!!..
ولكن تكلفة ما بعد دخول مثل تلك القرى في الإسلام :
هي أكبر من ذلك بكثير !!..
فهم يحتاجون مسجدا ًوتعليما ًورعاية ًوخدمات ٍعينية وخصوصا ًمع توقع قطع معونات الجهات التنصيرية للضغط عليهم !!!..
فأهيب بكل مسلم قادر أو مسلمة ألا يبخل عن السؤال عن كيفية التبرع لمثل هذه القوافل الدعوية وما بعدها من خدمات ...
وللعلم :
في توجو .. وفي عام واحد فقط وهو 2005م : دخلت أكثر من 40 قرية في الإسلام بفضل الله عز وجل ومجهودات الجنود المجهولين .. وأسلم فيها أكثر من12000 فرد تقريبا ً..
والحمد لله رب العالمين ..