مقالات تربية :
أضحكني مقلب صنعته !!..
بقلم الأخت عربية - منتدى التوحيد ..
بسمِ اللهِ الرحمنِ الرحيم
بداية :
> بدأت الكاميرا الخفيَّة على يد عرَّابها المذيع والمقدِّم التلفزيوني الشهير الأمريكي Allen Funt في الأربعينيات . (1)
> كانت الكاميرا الخفيَّة نسخة مطوَّرة عن البرنامج الإذاعي " المايكروفون الخفي " .
> في بداية السلسلة كانت التسجيلات نزيهة وبريئة نوعًا ما , إذْ تُترَك الكاميرا تعمل في أماكن عامَّة تلتقط لقطات لطيفة وطريفة لما يحدُث أمامها ثمَّ يتولى الإنتاج مُهمَّة التعليق عليها وعرضها على التلفزيون للمُشاهدين ومنهُ كان اسم البرنامج candid camera وَ كاندِد تعني نزيه اسمًا يتوافق مع هذه اللقطات الطريفة التي حدثت وتحدُث كنتيجة طبيعية للحياة اليومية.
ثُمَّ :
> تطوَّر هذا الأمر ليُصبِح فنًّا لصناعة المواقف المضحكة في كافَّةِ نُسَخهِ التي أخذت أشكالاً وأسماءً عديدة في أنحاء المعمورة , ومازلنا نتحدَّث عن السلسلة الأولى التي كانت بمثابة الرَّحِم لبرامج الكاميرا الخفيَّة , أذكُرُ لكم منها مشهدًا للبرنامج مع أحد سُكَّان كارولينا الشمالية وهم أناس لهم لكنتهم الخاصة المحليَّة كسائر أجزاءِ العالم , كانَ الموقف يتمحور حول شرح الإختلافات الصوتية بينَ Oil وَ All حيْثُ هُما في نطقِ أهالي كارولينا الشمالية جدُّ متقاربة , وكان المواطن المحلِّي يُحاول شرح هذا الإختلاف بجهدٍ كبير ما جعل موقفهُ على الكاميرا مضحكٌ نوعًا ما .
> بدأت تتعسَّف برامج الكاميرا الخفيَّة في صناعة المواقف المضحكة واتخَذت شكل التخطيط الميداني والإعداد المُسبق لأدواتِ الخداع , مادفع أحد الذينَ تعرضوا للإصابة إلى مقاضاة منتج البرنامج peter Funt ابن عرَّاب السلسلة لتحكم المحكمة له بـ 300 ألف دولار كتعويض وكتأديب للبرنامج إذ عرَّض المُدَّعي إلى إصابة فخذه وإن كانت إصابة غير مقصودة من قبل البرنامج والمنتجين ولكنها كانت غير ضرورية أيْضًا! .(2)
تطرُّف :
ولأنَّ هذا الموضوع لم أوجِّههُ للعائلات الأمريكية التي قضت أمسية الآحاد في متابعة برنامج candid camera بكافة تطوُّراته ، فسأوجِّه قُمَرَةَ عرضي إلى العالم العربي ، كنتُ قبلَ أيّامٍ أتصفحُ هاتفي المحمول وإذا بي أسمَعُ صريخًا لامرأة , كانَ صوتُها مُدويًا ومن صوتها كانت تبدو مرعوبةً!! , تتبَّعتُ الصوتُ وإذا بأحد اخوتي يُشاهدُ مقطعًا على حاسوبِه , طلبتُ منهُ أن يُخفض الصوتْ ثمَّ سألتُهُ عمَّا يُشاهده فأجاب بأنَّه مقلبٌ من مقالب الكاميرا الخفيَّة , يقوم فنَّان باستضافة زملائه وزميلاته من الوسط الذين يقتاتونَ منه وإذ الضيْف مُتجهًا إلى الاستديو عبرَ المصعد فيرى أمامَهُ " أسدًا " .
ومازال التطرُّف يصِلُ إلى مقالب إطلاق النار ورؤيةِ الدماءِ والإنتحار والتشهير والسرقَة و و و ... إلخ
فزادت المرحلة هذه عن سابقتها بالتتبُّع مع سبقِ الإصرار والتصرُّد!
فد يقول قائل ولكن يذهبُ رأيُ عدد كبير من الناس إلى أنَّ مُعظم هذه المقالب وخصوصًا التي مع النجوم هي " خدعة وقد تمَّ على الإتفاق على حواراتها مُسبقًا " !!!
أقول بغضِّ النظر عن هذا هيَ تُقدَّم على أنَّها مقالب وتُصنَّف على هذا الأساس فتُعطي إنطابعًا للمُشاهد أن لا بأسَ بإفزاعِ أحدهم إن كان ذلكَ يجلبُ إبهاجٌ لأعدادٍ أُخْرى !!
إسقاطاتٌ على الواقع الإجتماعي :
تكثُر مثلَ هذه المقالب الذميمة بينَ الأصحاب وذوي القُربى والجيران والإخوة وحتَّى الأبناء والأطفال لم يسلموا , وبغضِّ النظر عن تفاصيلها فإنَّ لهذه المقالب جماهيرها على اليوتيوب حيْثُ تُرفع ليتم مشاركتها مع الجماهير اليوتيوبية وكأنها حدثًا عليها الفخرُ به أو على أقل تقدير يُمكن أن يُستفاد منه!! , بل هيَ أيْضًا موجودة في غرفتكَ وإن كنتَ وحيدًا فيها وبأبسط أشكالها تجدها في الرسائل القصيرة أو البرودكاسات , فتصلك رسالة أنَّ فلانًا ماتَ ................................. فيكْ !!
وهذا ما استقيظتُ عليهِ في أحد الأيَّام حسبتُ أنَّ قلبي سيخرج من قفصِهِ الصدري من شدَّة الفاجعَة وإذا بها " دعابة " من احدى رفيقاتي سامحها الله .
بلْ إنَّ الصغير يجِدُ نفسَهُ في مجتمعٍ مليء بالقصص الخرافية عن الأشباح والعفاريت وأشكال أخرى غير إنسانية لها مُسمياتها الشعبية الشهيرة مثل " أُمِّنَا الغولة " , مجتمعٌ مغرمٌ بإصدار الأصواتِ المُرعبة مثل البِخْ والبُوه!!
مولعٌ بالإختباء خلف البيبان وتحت السلالم، يُحبُّ إرتداء الأسوَد أو الأبشع والإنقضاض عليكَ في ساعةِ سكينة وغلفتك , وبعد أن يفجعك , يضحك ليقول : " كنتُ أمازحُك فقط " !!
قولُ الشرع في القضِيَّة :
قال : " لا يحل لمسلمٍ أن يروِّعَ مسلماً " [ رواه أبو داود وصححه الألباني ] ، وقال عليهِ السلام : " من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعها، وإن كان أخاه لأبيه وأمه ". [ حديثٌ صحيح رواه مسلم ] وفي [ صحيح مسلم أيضًا مارواه عن المصطفى ] : " لا يُشيرُ أحدُكم إلى أخيه بالسِّلاحِ . فإنَّه لا يدري أحدُكم لعلَّ الشَّيطانَ ينزِعُ في يدِه . فيقعَ في حُفرةٍ من النَّارِ " , وقال عليه الصلاةُ والسلام : " لا يأخذ أحدكم عصا أخيه لاعبًا أو جادًا، فمن أخذ عصا أخيه فليردها إليه" [ رواهُ الترمذي وحسَّنه ] .
فهذا كلُّهُ دليل على حُرمة ترويع المسلم لأخيه المُسلم وإن كانَ مازحًا وإن كان أخاه من أُمِّه وأبيه : شقيقُه ، وهذا دليلٌ واضحٍ على أنَّهُ ظلمٌ وتعدٍّي { وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ } .
والحرام في الشرع : ما طَلَبَ الشَّارِعُ تركه طلباً جازماً ، والحرام ضِدَّ الحلال وإنما يُؤْجَرُ العبد على اجتنابِهِ للحرام إذا تركه امتثالا ( أيْ لنَهْيِ الشَّرْعِ عنه ) ليس لخوفٍ أو حياءٍ أو عجزٍ عن المحرم فلا يثاب على هذا الترك . (3)
فتُب إلى الله وكُلَّما رادوتكَ نفسُكَ أو وسوسَ لكَ الشيْطان أن اعمل " مقلبًا " ، فاتركهُ لله تَنَل بإذنِهِ أجرًا , وإيَّاك أن تغُّرك ضحكاتَ اليوْم فإنَّها تنقلبُ غدًا حسرات ولعنات والعياذُ بالله. .
وانصح أهلك وصحبك ومن حولك ولا تدَّخِر في هذا جُهدًا فإنَّ الأمر قد انتشَر وكأنَّهُ من الطيِّبات التي أحلَّها الله وهوَ أمرٌ مُحرَّمٌ! ،
ووعِّي بخطورة هذا الأمر في مواقع التواصل الإجتماعي وخصوصًا اليوتيوب أسفل المشاهد في التعليقات ، لا تدري من ينتفعُ بكلامك ومتى!
واحفظ في هذا أبيات للزاهد الخطَّابي الفقيه الأديب المُحدِّث حمد أبو سليمان صاحب كتاب " العزلة " :
ارضَ للنــاسِ جميعًــــا .. .. مثلمـا ترضى لنفسك
إنـّمـــا النــــاسُ جميعــًا .. .. كلــهم أبـنـاء جـنـسك
غير عـدلٍ أن توخّى .. .. وحشة النــاسِ بأنسِــك
فلَهُم نــفسٌ كنفسك .. .. ولهـم حـسٌ كـحسك
ولنرْتَقِ بأخلاقِنا قال : " ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من حسن الخلق " [ رواهُ أبو داود وصححه الألباني ] .
والحمدُ لله ربِّ العالمين .
--------------------
3- شرح الورقات لعبد الله الفوزان .
-----------
تعليقي أبو حب الله على الموضوع :
----
موضوع مفيد بحق ما شاء الله ...
ووالله لي سنوات أريد الكتابة فيه وعنه وعن سماجته وخداعه للناس ...
وعن تطوراته التي صارت أفكارها أقذر من القذارة وتحث حثا ًعلى الفواحش مثل تصوير الفتيات والحمامات إلخ !!..
والمردود النفسي لكل تلك الأوبئة على الأطفال والمراهقين في الحال والمستقبل من بلادة الأخلاق وقلة الحياء ..
ولا حول ولا قوة إلا بالله العظيم ..