حوار مع الزميل الملحد نيوتن ... الجزء الثالث ..
الرد الرابع ...
هذه إضافة أخيرة : أراها هامة عن : بعض جوانب أهمية الدين للأخلاق ...
وهي مختصرة مع بعض التصرف من الرابط الذي ذكرته في المشاركة السابقة ..
حيث وبعد أن قررنا أن هناك قاعدة (فطرية) للأخلاق بداخل كل منا :
فالحاجة الآن صارت لاستعراض : بعض جوانب أهمية الدين للأخلاق كما قلت ..
---------
1...
الدين يُفصل الأخلاق العامة ...
لأن تحديد هذه المكارم والمحاسن بالتفصيل وتفاضلاتها : يجب أن يكون من اختيار خالق البشر :
فهو العليم الكامل سبحانه في معرفة الصواب والأصوب ..
< مثال .. بر الوالدين مكرمة أخلاقية .. ولكن الدين يُركز على أهمية بر الأم أكثر من الأب !!..
أيضا ً: تقسيم ميراث الميت بين والديه وأبنائه وأقاربه : هو من محاسن الأخلاق ومكارمها .. ولكن :
كيف لنا أن نفاضل بين تلك الأنصبة من دون الله عز وجل ؟!!.. إلى غير ذلك من عشرات الأمثلة >
وعليه نفهم قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح :
" خياركم في الجاهلية : خياركم في الإسلام : إذا فقهوا " رواه البخاري ومسلم ..
حيث يُعيد الإسلام توجيه وتفاضل هذه الأخلاق من جديد في الوجهة الصحيحة :
فيستبق منها ما بقي على أصله الحسن .. ويُقوّم منها ما يحتاج لذلك بمقداره ..
---------
2...
وضع حدود (منصوص عليها) لردع الهوى والزيغ نفسيا ًمن داخل الفرد : ومجتمعيا ً..
وذلك لأن كل خطأ أو جريمة : يكون فيه أحد الجوانب المغرية للنفس للوقوع فيه ..
مثل شرب وتجارة الخمر والقمار (الميسر) مثلا ً:
فرغم أن فيهما منافع تجارية ومكاسب للعاملين عليها أو الواقعين فيها : إلا أن حكم الله هو :
" فيهما إثم ٌكبير (بما يتسببان فيه من بلايا وجرائم وخسائر تنال المال والأهل والنفس والعرض) ..
ومنافع للناس (أي من بيع وشراء ومكسب مادي ونحوه) .. وإثمهما : أكبر من نفعهما " !!.. سورة البقرة ..
وعليه : جاء الأمر باجتنابهما (والاجتناب أشد درجات التحريم) ..!
وذلك لأنه في كل إنسان منا ما يُعرف بـ (الهوى) - بالإضافة لوساوس الشيطان - !!!..
وذلك الهوى : لا يخضع بالضرورة للعقل أو تابعا ًلمعرفة الصواب والخطأ !!..
فهناك مَن يعرف مثلا ًأن زناه بزوجة جاره هو خطأ .. ومع ذلك : يأتيه !!..
وهناك أيضا ًمَن يعرف بأن سرقة رجل عجوز في الطريق (حتى ولو اضطر لضربه وقتله إذا قاوم) :
هي خطأ (والدليل أنه لا يرضاها لنفسه أبدا ًإذا كان هو موضع هذا الرجل الكبير !!) :
ومع ذلك يأتيها على بشاعتها .. وقس على ذلك كل خطأ أخلاقي أو جريمة ..
وهو ما نسميه تحكم الهوى في النفس : وغلبته على التفكير العقلاني !!..
ومن هنا ينشأ البحث عن (رادع أخلاقي) علوي : من خارج الإنسان نفسه :
يتوعده بالعقاب على الخطأ المتعمد والإجرامي ..
بشرط أن يكون معلوما ًمتواترا ًشفاهة ًأو كتابة ًأو عملا ً:
بحيث حتى لو تخطاه الفرد : يظل يعاني من وغز الضمير وألم النفس !!..
وهذه المعاني لا مقابل لها عند الملاحدة الدينيين القح !!..
وهذا ما جعل أكابر الفلاسفة الواقعيين يقولون بأن مجتمعا ًمن غير دين :
هو أسوأ من الغابة !!!..
ولا وزن هنا لأكاذيب الملاحدة (النظرية) عن جمال المجتمع (المتوهم) بغير دين :
إذ الواقع ينسفها نسفا ً: وخصوصا ًبالنظر في أوساط اللادينيين والملاحدة !!..
والخلاصة :
أن الهوى : يسول للإنسان والفرد دوما ًخطأه وجريمته ساعة الفعل :
فالسارق يسول له هواه الحاجة للمال .. وكذا القاتل والزاني والظالم إلخ
فكل ٌلن يعدم الهوى والشيطان تزيين خطأه له وجرمه ساعة الفعل !!..
فالدين هنا يمثل العلامة الحمراء وقوانين إشارات المرور التي يخترقها الجاني :
فيعلم بخطئه أولا ً.. ويعلم أنه مسؤول عنه ثانيا ً: حتى ولو مر بفعلته في دنياه بسلام ..!
ويورثه ألما ًنفسيا ًثالثا ً: إما يتسبب في توبته بعد ذلك .. أو ردعه عن تكرار الخطأ أو الجريمة !
---------
3...
إعطاء الدين الخبرة النهائية لنتائج الأفعال والأقوال ..
وذلك لأن هذا الدين هو من عند خالق البشر الحكيم العليم ..
يقول تعالى عن نفسه :
" ألا يعلم مَن خلق : وهو اللطيف الخبير " ؟!!.. سورة الملك ..
وعندما أقول (النتيجة النهائية) ومآل (الأقوال والأفعال) :
فيجب الاعتراف معها هنا بقصور عقل الإنسان عن كل ذلك !!!..
فليس هناك من البشر مَن يمكن وصفه مثلا ًبأنه عالم بصواب كل شيء !!!..
بل : وحتى في المراحل العمرية المختلفة للإنسان نفسها :
يختلف عقله وتفكيره وتقديره وحكمه في الأشياء من مرحلة عمرية إلى أخرى !!..
< حيث من المفترض أنه كلما مضى بنا العمر : نزداد اتزانا ًفي الحكم على الأشياء : وربما تعجبنا من أشياءٍ في الماضي كنا نفعلها أو نتبعها مثلا ً>
وإذا كان رسول الله موسى عليه السلام (وهو من أولي العزم من الرسل) :
ظن في نفسه قدرته الصبر مع العبد الصالح الخضر على ما سيرى من أعاجيب !!!..
حيث قال له العبد الصالح :
" إنك لن تستطيع معي صبرا ً" !!..
فقال له موسى عليه السلام :
" ستجدني إن شاء الله صابرا ً: ولا أعصي لك أمرا ً" !!!..
والآيات من سورة الكهف ..
فهل صدق ظن موسى عليه السلام في نفسه وتحمل أعاجيب ما صنعه الخضر ؟!!!..
أقول ..
فإذا كان هذا هو أحد أعظم أنبياء الله وأكملهم جلدا ًوصبرا ًوعلما ًصلوات ربي وسلامه عليهم أجمعين !!!..
فما بالنا بفتاة مثلا ًتحترف الخروج ليلا ًمع أصدقائها من الشباب : بل وربما السفر معهم أيضا ًلأيام بمفردها :
وهي في كل ذلك تظن في نفسها أنها تستطيع البعد عن الوقوع في الفاحشة والزنا أو اعتداء أحد عليها !!
فتقع !!..
وكيف بمَن يحترف الخروج مع الشباب الضائع الذي يشرب الدخان والمسكر والمخدرات ويُعاكس و و و و
وهو يظن في نفسه العصمة والقوة والمنعة ....
فيقع !!..
وكيف بمَن أورد نفسه موارد الاختلاس : فوقع !!..
ومَن أورد نفسه موارد الرشوة : فوقع !!..
ومَن أورد نفسه موارد الشبهات والإلحاد والكفر : فوقع !!..
إذا ً: الدين يعطينا رؤية نهائية لمآل الأخلاق والتصرفات لمَن يريد السلامة ..
ولا يقدح في ذلك أن يقول قائل ٌمثلا ً: فلانة كانت تخرج وتفعل وتفعل وتفعل : ولم تقع في الزنا !!..
وذلك : لأن هناك العشرات غيرها فعلن : ووقعن !!.. وغيرها دخلن في خلوة مع الرجال الأجانب : فوقعن !!..
---------
4...
دور الدين في تقويم فاسد العادات والتقاليد الاجتماعية والدينية ..
وأقصد هنا تلك التي قد ينشأ عليها الإنسان عمرا ًأو حتى مجموعة من البشر :
فيستحلونها مع الوقت وهي خاطئة : فتنطمس بها أنوار فطرتهم وضمائرهم بحكم العادة !
حيث مع تكرارها أمام الواحد منهم طوال عمره (وربما يكون قد شارك فيها بنفسه) :
فتنطمس بوصلة الصواب والخطأ بداخله : أو يخبو بصيص نور ضميره وفطرته !!!..
فمن أين له بمَن يجلو له كل ذلك :
إن لم يكن دينا ًمن لدن رب العالمين لا يأمر بالفحشاء والمنكر وهو الواحد الأحد ؟!!!..
وبرغم إقرار الإسلام للأعراف إذا لم يكن فيها حراما ًفقال : " خذ العفو : وأمُر بالعرف " ..
إلا أن كثيرا ًمنها يُعد من العادات الاجتماعية السيئة في سائر البلاد ..!
منها عادات وأخلاق سيئة وطقوس في الزواج : وفي الميلاد : وفي الموت : وفي الاحتفالات والأعياد إلخ ..
وأما الفرق بين تلك بلاد الكفر مثلا ًوبين بلاد العرب بعد الإسلام :
هو أن الأخيرة قد استنارت بنور الإسلام : فقوم معوج أخلاقها وعاداتها ..
وأما أمثال تلك المناطق : فلم تزل ترفل في ظلمات الجهل والهوى والعادات السيئة !!!..
---------
5...
الدين يقدم منظومة أخلاقية وتشريعية كاملة وجاهزة وموثوقة لمَن يريد !!!..
وذلك مفيد لمَن أراد الانسلاخ التام من بيئة الكفر التي نشأ بها أو مجتمعه الذي كان فيه ..
أي أني لو نشأت مثلا ًفي دولة كفر وفساد طيلة حياتي : ثم تعرفت على الإسلام :
فلامست فطرته فطرتي : ولامسَت بساطته وصدقه : قلبي .. وعرفت أنه متوافق مع الإنسان:
فقررت الانضمام إليه :
فلن يضيرني في شيء الانخلاع من كل ما نشأت فيه بالغا ًما بلغت فيه من العمر :
لأصطبغ بصبغة الإسلام وكأني ولدت من جديد : ففيه ما يكفيني وزيادة كنظام حياة متكامل ..
---------
6...
الدين مرجع كلي يضع الحدود بين نسبية الأخلاق ويبت فيها ..
وذلك لأن طبيعة البشر هي الاختلاف فيما بينهم تبعا ًللأهواء وتفاوت العلم والمعرفة والخبرة إلخ ..
فكل ٌمنهم لديه من الأسباب في عقله ما تجعله يوافق الفطرة في الأخلاق : أو يبرر له الخروج عنها لنقيضها ..
فإن لم يكن هناك مرجع كلي أساسي ومعروف ومحكوم له بالصحة عن تجربة ويقين :
فستيبقى مسألة الأخلاق نسبية لا أساس لها !!!..
فما يُعد عفة ًوأدبا ًوحياءً واحتشاما ًعند قوم : يُعد تخلفا ًورجعية عند آخرين !!..
وما يُعد رحمة ًوحلما ًولطفا ًعند قوم : يُعد عند الآخرين رعونة !!!..
وما يُعد همجية وتسيب وانفلات ودعارة وتعدي واغتصاب عند قوم : يُعد جرائم عند آخرين !
وسنأخذ هنا كمثال مسألة الشذوذ الجنسي التي (( يظن )) فاعليها أنها : لا ولن تضر أحدا ًغيرهم :
أقول :
هل تذكرون نقطة (إعطاء الدين الخبرة النهائية لمآل الأفعال والأخلاق والسلوكيات) الماضية ..
وذلك عندما ذكرنا فيها كيف أن الإنسان قد يظن شيئا ًمعينا ًمن نفسه :
ثم يتضح له خطأه وما ترتب عليه على غير ما توقع ؟!!!..
فرأينا مثلا ًكيف ظنت الفتاة المستهترة الحفاظ على عفتها وسط الحرام : فلم تقدر ..
إلى آخر ذلك من الأمثلة ..
أقول ..
الشذوذ الجنسي فضلا ًعن مضاره النفسية والسلوكية والعضوية والصحية الخطيرة على فاعليه :
وفضلا ًأيضا ًعن أنه انتكاس ٌفي الفطرة التي فطر الله تعالى الناس عليها ..
فهو يتخطى آذاه لغير فاعله أيضا ًللأسف !!!..
< وعلى غير ما يشيعه أصحابه والمروجين له والساكتين عليه من منظمات دولية وحقوقية فاسدة مفسدة >
فإن هناك في حياة الإنسان مقدمات :
معلوم ٌنتائجها مقدما ًيقينا ًمهما عاند المعاندون وكابروا !!..
هي مقدمات أشبه بمَن يقفز من فوق الجبل : فهل يشك أحد في سقوطه لأسفل ؟!..
وعليه ...
فبالبحث في مغتصبي الأطفال : تجد جلهم شاذين !!!..
وبالبحث في الأمراض الفتاكة التي تنتقل من الشاذ جنسيا ًإلى الغير شاذ (وقد تكون المسكينة زوجته أو أبنائه) :
تجد بعض الأمراض تنتقل باللمس وهناك بالدم وثالث برذاذ العطس ورابع بالمني وخامس باستخدام الأدوات الشخصية !!..
وللمزيد من المعلومات عن هذه المسألة :
فهذا رابط موضوع : حوار مع مسلم <اضغط هنا>
وهذا رابط النقطة 20)) الرد على أدعياء الحرية المطلقة والشذوذ <اضغط هنا>
وهنا ملحوظة أخيرة على أهمية الدين في البت في (نسبية) الأخلاق وهي :
أن ذلك الفصل في نسبية الأخلاق ليس على مستوى الفرد فقط ولكن :
على مستوى الأمم والجماعات والمباديء والقيم والأنظمة العالمية الحديثة أيضا ً!!..
والإسلام في كل ذلك قد أظهر : كمالا ًأخلاقيا ًنفسيا ًواجتماعيا ً:
تضاءل بجواره كل ما عداه من الأمراض المهلكة للإنسانية والأخلاق والشعوب في شرق الأرض وغربها !!..
كيف لا وهو من عند الله تعالى خالق البشر ؟!!!..
فهذا رابط للقراءة باسم :
وهذا رابط أخير للتجول في أقوال المنصفين عن النبي محمد والإسلام والقرآن :
وختاما ً:
أعرض موقف لغير متدينين (أقارب الزميل نيوتن) : وما وصلوا إليه بـ (مادية) الأخلاق :
وهو (جمودية) الشعور بالآخرين - حتى ولو أطفالا ًأو مصابين أو محتاجين - :
وهو الشيء الملاحظ جدا ًمن اليابان والصين شرقا ًإلى أوروبا وأمريكا غربا ً!!..
وأسأل :
هل مثل هذه البلادة (الإلحادية أو اللادينية) التي وصل إليها مجتمع مادي ترك الدين كالصين :
هل نجد مثلها في أي بلد إسلامي ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!..
والله المستعان ..