التسميات

الجمعة، 16 نوفمبر 2012

التمييز بين الشبهة والدليل ..
بقلم أبي القاسم المقدسي - منتدى التوحيد ..

كلما زاد جهل المرء : التبس عليه وجه الحق الواضح بوجه الباطل الكالح ، واختلطت في نفسه الشبهة الزائفة بالحجة الحقة ..كالذي ضعف بصره جدا ، تراه قد يلتبس عليه شاخص التمثال بالشخص الحقيقي ..وهذه محاولة مقاربة للتمييز بينهما ، لأن ذلك إنما علاجه الناجع في العلم والإخلاص(التجرد ) معًا ..

لو أراد مسلم أن يبين بطلان الدين النصراني أو اليهودي فأتى بهذا النص من سفر الملوك الأول : (وكانت له سبع مئة من النساء السيدات و ثلاث مئة من السراري) لحُقَّ للكتابي أن يقول : هذه شبهة لا دليل على بطلان ما نحن عليه ..فالعقل لا يحيل أن يكون لسليمان عليه السلام هذا العدد من النساء ، وإن كان محل استغراب منك .
لكن لو جاءه -وفي نفس الصدد- بما في سفر صموئيل الثاني : (وكان في وقت المساء ان داود قام عن سريره و تمشى على سطح بيت الملك فراى من على السطح امراة تستحم و كانت المراة جميلة المنظر جدا فارسل داود و سال عن المراة فقال واحد اليست هذه بثشبع بنت اليعام امراة اوريا الحثي فارسل داود رسلا و اخذها فدخلت اليه فاضطجع معها و هي مطهرة من طمثها ثم رجعت الى بيتها) ، باختصار : داود عليه السلام :زنى بها ! ..حاشاه صلى الله عليه وسلم ..فهذا دليل يقتضي وقوع التحريف والعبث في الدين ..فالزنى في شريعتهم مجرّم..وداود نبي كريم ..والله أعلم حيث يجعل رسالته ..وإنما اختار الله الأنبياء ليكونوا قدوات لأممهم ..أمر بيّن جدا بداهةً ..

فإذا أتي لك بشيء في صورة دليل ، اقترب منه ..فكّكه إلى عناصره التي بني عليها ، وساعتها ينجلي ..كالسراب تراه في الصحراء تحسبه ماء ، ادن منه ، تجد : لاشيء..فلم تحتج لتفكيك هنا أصلا ، أو كبيت مصنوع من قطن ، تبدى لك لأول وهلة من بعيد بيتًا راسيًا ، فإذا اقتربت ..مدّ يدك ، وإذا مادته الأصلية التي بني عليها مصنوعة من عِهن..فليس في الحقيقة بيتا صالحًا ، أو قل إن شئت بيت مخلوق من وَهن..وإذا قدر أنك لم تحسن فضّ الاشتباه ، فاذكر أن الإسلام قام على سيقان البراهين فثبت واستقام من وجوه كثيرة، وما كان قائما على برهان واحد لا يتصور أن ينقض ببرهان آخر .,.إلا بالطعن في دلالة العقل .

مثال رياضي :
1- (5 \0 )=مالا نهاية 
2- (1\0 ) =مالا نهاية 
إذن : 5=1 ..؟؟! هذه كما ترون شبهة في صورة برهان ، ومن عميت عليه الحقائق لم يدرك وجه الفساد في المقدمات ..دعونا نقترب ونحلل :
-خمسة قسمة صفر : لا نهاية ..هذا صحيح بمفهوم خاص ، ولكن مصطلح لا نهاية : ليس عددا معينًا ..بل معناه : ما لا حدّ له في الكِبَر ..وكذلك قل عن (2) 
-أيضا ، لو فرضنا بدلًا من الصفر كان العدد صغيرا جدا ، مثلا 00000001. ، فإذا قسمنا 5 على هذا العدد المقارب للصفر ، كان الجواب 5 على يمينه أصفار بعدد الأصفار على يسار الواحد وزيادة صفر ، ولكن إذا قسمنا 1 على نفس العدد ، كان الجواب 1 على يمينه عدد نفس عدد الأصفار السابقة..وهذا عددان متباينان جدا..

الحق أقول لكم : ما من شبهة يأتي بها الخصوم ضد الإسلام إلا وكانت على النحو السابق بل كثيرا ما تكون هي في نفسها حجة لأهل الإسلام..أوصي نفسي وإياكم : تمسكوا بدينكم واعرفوا ربكم وإذا لم نكن حماة للإسلام أنصارًا لله عز وجل بالعلم والدعوة والجهاد ، فلا أقل من ألا نكون انهزاميين مخذلين أو مثبطين انبطاحيين..وحيث كان الدليل هو ما يوصل حقا إلى المطلوب بمقدمات صحيحة ، وكان مطلوب الكفار هو التشويش والتشكيك ، أتوا بالشبهة وزينوها بمقدمات مغلوطة فاسدة لتكون في صورة برهان..فكانت دليلا حقا ، ولكن على فساد عقولهم ونياتهم !