التسميات

السبت، 23 يونيو 2012

11)) التعريف بـ (الله) تعالى .. والحكمة من الابتلاء ..
بقلم : أبو حب الله ..

في هذه المرة : لم يرفع أحد رجالات الصف الأول يده !!!....
فصدمة الحقائق التي تلقوها على يد هذا الشيخ المسلم منذ لحظات : ما زال تأثيرها باد ٍعلى وجوههم !!!....
وذلك باستثناء : (امرأة) واحدة في الصف الأول :
رفعت يدها للمرة الثالثة منذ بدء الندوة ....
ولكن كلا ًمن الشيخ (عبد الله) والشيخ (محمد) : لم يلتفتا إليها ولو مرة ًواحدة !!!..
وذلك بالرغم من جلوسها على بعد سبعة أمتار فقط من على يمين المنصة !!!..
وأما سبب عدم التفاتهما إليها أو اختيارها :
فسوف نعرفه بعد قليل إن شاء الله ...

وأما الشيخ (محمد) : فقد لفت انتباهه أحد الأشخاص : يجلس على (مقعد متحرك) بجانب أحد الصفوف الأخيرة من القاعة !!.. حيث كان رفعه ليده : ملحوظا ًجدا ًمن على مقعده المتحرك !!!....
فاختاره الشيخ (محمد) لإلقاء السؤال ....
وعلى الفور : انتقل ميكروفون المنضدة إلى طرفها .. ثم قام أحد الجالسين بخلع رأس الميكروفون وإعطائه لهذا الشخص الجالس على المقعد المُـتحرك بجوار المنضدة ...

والذي أمسك برأس الميكروفون ثم قال :

في البداية : أ ُبدي إعجابي الشديد جدا ًبك شيخ (عبد الله) !....
وهذه حقيقة : لا أعتقد أن أحد الحاضرين هنا ينكرها بحال من الأحوال ...
ولن أتحدث عن تفصيل ذلك مثلما فعل (ستيف) منذ لحظات ....
ولكني : سأدخل في صلب الموضوع مباشرة ....

اسمي هو (ديفيد بنديكس) .. كنت (نصرانيا ًكاثوليكيا ً) بالولادة وحتى مرحلة الشباب .. ثم أصبحت (ملحدا ً) لِما يزيد على العشر سنوات .. أو إن شئت قل :
صرت إلى (الشيوعية) أقرب !!..
وذلك لأني وجدت في (كراهيتها للدين) :
منفسا ًعما كنت أشعر به من : الإحباط .. والغيظ .. والحنق بداخلي !!!..
حيث أن (إعاقتي) التي تراني عليها الآن :
هي منذ الطفولة للأسف ....

ولطالما انتظرت من هذا (الإله) أو (عيسى) أو أيا ًما يكن : أن يشفيني !!.. أو أن يصنع لي (معجزة ً) لأشفى ولأحيا حياة ًطبيعية ًكمعظم الأطفال أو الشباب من حولي !!!.. ولكن ذلك كله : لم يحدث منه شيءٌ للأسف !...
وكان هذا : هو سبب التغيير في (حياتي) وفي (تفكيري) وحتى هذه اللحظة !...
ثم ازداد (إلحادي) برؤية العديد من الآلام والحروب والمآسي التي يعيشها كل مكان في العالم شرقا ًوغربا ً!!!...
والتي يتعارض حدوثها (في رأيي الشخصي) مع فكرة وجود إله (حكيم) أو (رحيم) كما تدعي الأديان لهذا الكون !..

ولكن : ومنذ ثلاث سنوات فقط (ولا أ ُخفي عليك) : فقد اكتشفت أني أ ُعاني (فراغا ًروحيا ًكبيرا ًجدا ًبداخلي) !!!...
فراغا ً: كاد يؤدي بي في بعض اللحظات إلى (الانتحار) : تماما ًكما حكت الأنسة (ماري) عن أخيها للأسف !!!..
ومنذ ذلك الوقت : وأنا أ ُحاول تعويض هذا (الفراغ الروحي) : بحضور الندوات وجلسات الوعظ الدينية (الغير رسمية) !!!.. أو بمعنى آخر : التي تقام بعيدا ًعن (الكنيسة) !!!.. وذلك لأسباب : لن تزيد عما قلته أنت أيها الشيخ منذ قليل !!!..

وهذا بالفعل : كان سبب حضوري معكم الليلة ...

وأما أكثر ما أثار انتباهي وبعث عقلي على التفكير : فهو أول سؤال أجبت أنت عليه في أول هذه الندوة !!..
وذلك عندما قلت في حديثك عن (الصدفة) مع مستر (جيمز) :
أنها لو كانت حقا ً: الخالق الحقيقي لهذا الكون .. بما فيه نحن البشر :
فلماذا توقفت عن العمل ؟؟!!.. هل أ ُعجبت بهذه النتيجة والكمال في الخلق :
فقررت التوقف
 " ؟؟!!...

حيث كان تساؤلا ًذكيا ًجدا ًفعلا ًمنك !.. بل وعميق المعنى جدا ًلكل مَن يُفكر : برغم بساطته الشديدة !!!...
حيث شعرت ساعتها أن : كل (الملحدين) في هذا العالم : لم يقوموا بالفعل إلا كما قلت أنت :
باستبدال كلمة (إله) : بكلمة (صدفة) !!!..
ثم خلعوا عليها بعد ذلك : جميع صفات الإله مثل : التفكير .. والحكمة .. والعقل .. والفهم .. واتخاذ القرارات !!!..

فعرفت ساعتها أن هذه الندوة :
على وشك أن تحمل لي (علاجا ًنهائيا ً) لما أعانيه من اضطراب في التفكير منذ سنوات !!....
وخصوصا ًعندما قلت أنت أيضا ًفي كلامك :
ولعل الله تعالى شاء بكلامنا الآن : أن يسمعه أحد الحاضرين : فيتعظ !!.. ويُراجع نفسه وعقله للتفكير في هذه المسألة من جديد .. مَن يدري " ؟؟!!!...

حيث شعرت وكأنك لحظتها : كنت تعنيني أنا بالذات بهذا الخطاب وهذا الكلام !!!...

ثم فوجئت للأسف بعد ذلك : بتغير دفة الحديث لتخوض في الإجابة عن أسئلةٍ أخرى :
لم يتعلق شيءٌ منها بـ (إلحاد) الذي أعاني منه !!.. بل ويُعاني منه الملايين الآن في العالم إذا صحت الإحصائيات !..

ولهذا .. فقد قررت أن أرفع يدي وأسأل بنفسي هذا السؤال :

لماذا يمكن أن يخلقني الله تعالى بهذه (الإعاقة منذ صغري) : بلا ذنب مني ؟؟!!!...
بل : ولماذا يولد بعض الأطفال : وهم (فاقدي البصر) مثلا ًمنذ صغرهم ؟؟!!..
أليس مثل هذا الفعل : ينافي صفة (العدل) التي نعطيها دوما ًلـ (الإله) عندما نتحدث عنه ؟؟!!..

فهذا هو سؤالي باختصار أيها الشيخ المسلم .. وأرجو منك الإجابة عليه : إجابة شافية تريحني مما أنا فيه !..
وذلك بأن تتوسع في الحديث عن (الله) قليلا ًإذا تكرمت .. مِن وجهة نظر دينكم الإسلام :
لأنك بالفعل : قد سددت عليّ بالحقائق التي أبرزتها أكثر في هذه الندوة :
أي أمل ٍفي عودتي إلى المسيحية كـ (دين) مرة أخرى !!!..

وشكرا ً....

وهنا .. انتقلت العيون للشيخ (عبد الله) في انتظار تعليقه ورده على هذا السؤال الغريب ...
والذي برغم غرابته : إلا أنه يمس بالفعل : نقطة ًغامضة ًفي نفوس معظم الحاضرين !!.. بل وأيضا ً:
قلما يوجد من لم يسأله لنفسه : ولو مرة ًواحدة ًفي حياته !!...

وهنا قال الشيخ بهدوء وابتسام :
حسنا ًمستر (ديفيد) ....
سوف أ ُجيبك عن سؤالك عن (حكمة) الله عز وجل ....
ولكن أولا ً: يجب أن أ ُعرفكم بـ : (الله تعالى) نفسه : خالق هذا الكون وخالقنا !!!.. والمستحق الأوحد للعبادة !!...
فأرجو الانتباه جيدا ًللكلام التالي ..
والذي لن تجدوه بمثل هذا الوضوح أبدا ًفي أي ديانة وأي مذهب آخر : غير (الإسلام) !!!....

ثم تنهد الشيخ بعمق قبل أن يقول :

الحق : أنني أشعر بـ (التضاؤل الشديد) عند الحديث عن (الله) عز وجل !!!!..
والذي : مهما وصفه الواصفون أو : مدحه المادحون وأثنوا عليه :
فلن يعطوه ولو قدرا ًقليلا ًمن حقه !!!....

فالله تعالى لكل مَن لا يعرف ولا يستشعر : هو (الكمال المطلق) في كل شيء !!!..

فهو الكمال المطلق في : العلم .. والحكمة .. والرحمة .. والتقدير .. والود .. والقدرة .. والقوة .. والإحاطة .. والسمع .. والبصر .. والإدراك .. والجبروت .. والعظمة.. والكبرياء .... إلى آخر صفاته جل وعلا !!...

ولعل من أقوى الأدلة أيضا ًعلى (تحريف) و(نقص) كتب العهدين القديم والجديد التي بين أيديكم الآن :
ليس خلوها فقط من ذكر هذه الصفات الكثيرة بل : وعدم احتوائها حتى على : (اسم) ربكم !!!...
ألم يُلاحظ أحدكم ذلك من قبل ؟؟!!!...
إذ كيف يُعقل ألا يكون لخالق كل هذا الكون : (اسما ًعلما ًخاصا ً) نناديه به ؟؟!!..
كيف يُعقل هذا : وهو الذي خلق الأشياء كلها : وأعطى لكل منها (اسما ًعلما ًخاصا ً) به !!!..

والحق أقول لكم : إنه في حين أن (النصارى) في بلاد المسلمين : يُنادون الرب باسم (الله) كما يفعل المسلمون : إلا أنهم إذا ذكروا اسم (الله) هنا في بلادكم : بل وعند أي نصراني آخر في أي بلد أخرى لا تنطق العربية :
فسوف لا يعرف أبدا ًأن هذا هو (اسم) ربه الذي خلقه !!!..

ولكن الله تعالى في ديننا الإسلام الذي حفظه من التحريف :
قد عرّفنا بنفسه جيدا ًفي كتابه (القرآن الكريم) !.. وأيضا ً: عن طريق نبيه الخاتم (محمد) صلى الله عليه وسلم !..
لقد عرّفنا بـ (أسمائه) .. كما عرّفنا أيضا ًبـ (صفاته) ...
حيث عرفنا منه أن اسمه هو : (الله) !!!... نعم .. هذا هو اسم إلهكم أيها الحاضرون معنا الليلة هنا !!!..
كما عرفنا منه أيضا ً: أن له أسماءا ًأخرى : طلب منا أن ندعوه ونناديه بها .. وهي : (أسماء الله الحسنى) !!..
وهي أسماء : تدل على (جميل صفات) الله عز وجل : و(كماله) و(جلاله) ...

حيث فيها أسماء مثلا ً: تدل على العظمة والسيادة المطلقة .. وذلك مثل :
العلي .. العظيم .. العزيز .. الملك .. السيد .. الصمد .. المتكبر .. مالك الملك ..

وأسماء أخرى : تدل على مراقبته المطلقة لعباده .. وإحاطته التامة بهم .. وتدل على علمه بدعائهم له .. وتسجيله الكامل لكل ما يفعلونه من صغير أو كبير .. أو من خير أو شر : ليحاسبهم عليه يوم القيامة !!.. وذلك مثل :
الحسيب .. الرقيب .. الحفيظ .. المهيمن .. السميع .. البصير ...

وله أيضا ًأسماء تدل على : العطف والرحمة : (المطلقة العامة) : لـ (جميع مخلوقاته) بلا استثناء !!..
وعطف ورحمة أخرى : هي (خاصة) فقط بـ (عباده المؤمنين) : إكراما ًلهم !!.. وذلك مثل :
الرحمن .. الرحيم .. الودود .. الشكور .. البَر ..

وأسماء أخرى : تدل على قربه منا .. وتوبته على المخطئين .. ومغفرته للمذنبين .. وستره للعاصين .. وإمهاله لكل ضال وعدم سرعة مؤاخذته رأفة ًبه !!.. وذلك مثل :
القريب .. المجيب .. التواب .. الغفار .. الغفور .. الرؤوف .. الستير .. الصبور .. الحليم ..

وأسماء أخرى : تدل على قوته وجبروته المطلق وقدرته التامة على الانتقام من الظالمين والمتجبرين والمتكبرين والمُعاندين له والكافرين به ! مثل :
القوي .. المتين .. الجبار .. القهار .. المنتقم ..

وأسماء أخرى : تدل على غناه المطلق عما سواه .. وسعة رزقه .. وتفضله على جميع مخلوقاته .. وذلك مثل :
الغني .. الرزاق .. الواسع .. الوهاب ..

وأسماء أخرى : تدل على (العدل المطلق) : و(عدم الظلم) .. وذلك مثل :
الحكم .. العدل .. الحق ..

وأسماء أخرى : تدل على : كمال صفات الله عز وجل .. وتمامها .. وسلامتها من أي عيب أو نقص .. مثل :
ذو الجلال والإكرام .. السلام .. القدوس .. الحميد .. المجيد ..

وأسماء أخرى : تدل على (الحكمة المطلقة) و(العلم المطلق) لله تعالى مثل :
الحكيم .. العليم .. الخبير ...

وأسماء أخرى : تدل على حياة الله عز وجل الدائمة : بلا بداية .. ولا نهاية !!.. وبلا سِنة ٍ.. وبلا نوم !!.. وأيضا ً: قيامه على شئون جميع مخلوقاته بما تحتاجه لحياتها .. وأيضا ً: ظهور آثاره لجميع المخلوقات : مع خفاءه هو عن الأنظار .. وذلك مثل :
الحي .. القيوم .. الأول .. الآخر .. الظاهر .. الباطن ...

وأخيرا ً: أسماء أخرى تدل على أنه وحده هو : المُطلع على كل (ظاهر) .. والمُطلع على كل (خاف ٍ) في هذا الكون وهذا الوجود .. مثل :
عالم الغيب والشهادة ...

وهذه الأسماء التي ذكرتها لكم الآن : ليست هي (كل) أسماء الله عز وجل .. ولكنها فقط : ما حضر في ذهني الآن !
ولعلكم استشعرتم منها معي الآن : مدى (عظمة) الله عز وجل و(كماله) في جميع صفاته !...
والتي : لن تجدوا أي دين أو مذهب من المذاهب : قد ذكرها من قريب أو بعيد بهذا التفصيل : مثل ما جاء في رسالة الله الخاتمة للبشرية : (الإسلام) !!!..

ولهذا ....
فنحن كمسلمين : عندما ندعو الله تعالى في موقف من المواقف المختلفة في حياتنا .. فإننا نقوم باختيار (أنسب) و(أقرب) أسماء الله تعالى ارتباطا ًبهذا الموقف : لندعوه بها !!!!...
فإذا كنا مثلا ًندعو الله تعالى أن (يغفر) لنا : فإنا نقول مثلا ً:
اللهم اغفر لنا : فأنت : (الغفور) (التواب) (الرحيم) !!...
وإذا كنت أنا (مظلوما ً) مثلا ً: وأردت أن أدعو بـ (النصر) و(الانتقام) ممن ظلمني .. فإني أقول مثلا ً:
اللهم انصرني على مَن ظلمني : إنك أنت : (الجبار) (القهار) مثلا ً.. وانتقم لي منه : إنك أنت : (العزيز) (المنتقم) ....
وهكذا ....
مما يجعل المؤمن دوما ً: في صلةٍ دائمةٍ مع ربه عز وجل .. بل ويدفعه أيضا ً:
لاستحضار العديد من صفات الله تعالى : في جميع أحواله ومواقفه المختلفة طوال حياته : فتزداد معرفته بربه !!..

والحق أقول لكم : أنه كما لأهل الدنيا : (محبوبات) من هذه الدنيا :
كالذين يحبون مثلا ً: المال !!.. أو النساء !!.. أو السلطة والقوة !!.... إلخ ..
فإن المؤمنين : (يُحبون ربهم) عز وجل : كما أعلن هو أنه يُحبهم !!!!...

إذ كيف لا نحب الله تعالى وهو :
خالقنا من العدم وواهب لنا الحياة !.. بل : وهو الذي صورنا في أحسن صورة !.. بل : وهو الذي (يصبر) علينا و(يحلم) علينا : مع أننا نعصاه دوما ً!.. فلم يُعجل لنا العقوبة : رأفة ًورحمة ًبنا !.. كما أنه أيضا ً: هو الذي يرزقنا كل ما نحُب !.. كما أنه : هو الذي يقبل منا الحسنات الصغيرة القليلة : فيضاعفها لنا أضعافا ًمضاعفة ًكثيرة !..
بل : وهو الذي أيضا ً: يمحو السيئات والذنوب إذا تبنا : مهما كانت كثرتها وفظاعتها !...

بل : وحتى صورة (الضعف) التي خلقنا الله تعالى عليها :
فقد خلقنا عليها فقط : لكي يجعلنا نستشعر دوما ً: الحاجة إليه !!!.. فنرتبط به (طوال حياتنا) ولا ننساه أبدا ً!!!!....
وإلا : لو كان خلق الإنسان (السوبر) (الخارق) : فكان أحرى بمثل هذا الإنسان أن ينسى ربه !!.. أليس كذلك ؟!..

كان الصمت التام يُخيم على جميع الحاضرين بلا استثناء : دلالة ًعلى انصاتهم لكلام الشيخ الذي يسمعونه بالفعل كلهم : لأول مرة ٍفي حياتهم : بمثل هذا الوضوح وبمثل هذه البساطة !!.. فلم يُرد الشيخ قطع هذا التركيز فواصل قائلا ً:

وكيف لا نستشعر نحن البشر هذا (الضعف) الدائم الذي خلقنا عليه ربنا ونحن أضعف من :
الزلازل !!.. والبراكين !!.. والحرائق !!.. وشتى الأمراض !!.. وسائر المصائب !!!...
وكيف لا نستشعر ضعفنا وحاجتنا هذه إليه : ولنا أعداء : يُطاردوننا من كل جانب مثل :
النفس الكسولة عن فعل الخيرات !!!.. والشهوة الغاشمة !!!.. ووسوسة شياطين الإنس والجن أيضا ً!!!..

فهذا هو (الله) خالقنا !!!....

وهو لم يفرض شيئا ًعلى أحد ...
فالعاصي : هو عاص ٍلأنه : عاص ٍ!!!..
والمؤمن : هو مؤمن لأنه : مؤمن !!!..
والكافر : هو كافر لأنه : كافر !!!...

وهذه الحياة : ما هي إلا إثبات لما يعرفه الله تعالى عنا : من قبل أن نفعله !!!.. ليس جبرا ًولكن : توقعا ًوتقديرا ً!..

بالضبط : كما يتوقع الأب فعلا ًمعينا ًمن ولده : ثم يفعل هذا الولد كما توقع منه الأب تماما ً!!!..
وذلك لأن الأب : كان (خبيرا ً) و(عليما ً) بابنه ... وبالظروف المُحيطة به !.. فكيف بالله (الخبير) (العليم) ؟!..
ولا يقول عاقل في هذه الحالة أن الابن : كان (مُـكرها ً) على ما فعل : فقط : لأن الأب توقع به !!!..

ولهذا .. فقد أخبرنا الله تعالى مرارا ًوتكرارا ًفي كتابه (القرآن الكريم) :
أنه : لا .. ولم .. ولن : يظلم أحدا ً!!....
إذ : كيف يُجبر الله أحد الناس على الكفر مثلا ً: ثم يُعاقبه في الجحيم بعد الموت على كفره !.. أليس هذا تناقضا ً: تنفيه أبسط الصفات الحسنى التي ذكرتها لكم عن ربكم ؟!!!.. أليس هذا تناقضا ًمع (الحكمة) و(العدل) ؟!..

كما أن الله أيضا ًفي قرآنه نفى عن نفسه : الكثير من (الزيف) و(الانتقاص) الذي ألصقه به الجهلاء والمشركون !..
والذي يُعارض كذلك : (الكمال المُطلق) في صفاته عز وجل التي ذكرناها ...
وذلك مثلما نفي الله تعالى عن نفسه في قرآنه : أن يكون له : والد !!.. أو .. ولد !!.. أو زوجة !!.. فقال :
قل هو الله أحد .. الله الصمد .. لم يلد .. ولم يولد .. ولم يكن له : كفوا ًأحد " .. سورة الصمد ..

وذلك لأن (وجود) الله تعالى و(حياته) : ليس كـ (وجودنا) و(حياتنا) !!.. ومن هنا : فلا يُعقل أن نتخيل على الله من الأحوال والقوانين : ما يُشابه أحوالنا وقوانيننا !!.. فنحن الصنعة : وهو الصانع !!..
فكيف يتقنن الصانع بنفس قوانين صنعته ؟!!.. وهل ذلك إلا مثل السيارة التي تتعجب أن صانعها الإنسان : لا يشرب البنزين مثلا ً؟!!.. أو يمشي بالكهرباء ؟!!..
نعم : السيارة (تسير) : وصانعها (يسير) ولكن : (سيرها) ليس كـ (سيره) : وإن تشاركا في الاسم والوصف العام !
وهكذا حال صفات الله تعالى التي لا يتشابه فيها مع خلقه : برغم اجتماعهما في الاسم والوصف العام !!..
حيث يقول لنا في قرآنه الكريم عن نفسه :
ليس كمثله شيء : وهو السميع البصير " !.. الشورى - 11 ..

وذلك : ليقطع الطريق على كل مَن يتخيل تخيلا ًعن الله تعالى مُشابها ًلمخلوقاته !!..

كما نفى أيضا ًقول اليهود والنصارى الضالين أن له (ابن) : فافتروا عليه ما لم يقله في التوراة والإنجيل :
وقالت اليهود (عزيربن الله !!.. وقالت النصارى (المسيحبن الله !!.. ذلك قولهم بأفواههم : يُضاهؤون قول الذين كفروا من قبل " !!!!.. التوبة - 30 ..

كما نفى أيضا ً: إشراك الناس به : أحدا ًمن خلقه .. فقال :
لقد كفر الذين قالوا إن الله هو : (المسيح بن مريم) " !!!.. المائدة - 72 ..

وقال أيضا ً:
لقد كفر الذين قالوا إن الله : (ثالث ثلاثة) " !!!.. المائدة - 73 ..

بل وحتى نفى أن يكون له (وسائط) و(أولياء) يعبدها البشر : تقربا ًإليه من دونه : فقال أيضا ً:
ألا لله الدين الخالص .. والذين اتخذوا من دونه أولياء : ما نعبدهم إلا ليقربونا من الله زلفى !!.. إن الله يحكم بينهم في ما هم فيه يختلفون : إن الله : لا يهدي مَن هو كاذبٌ كفار " !!.. الزمر – 3 ..

كما نفى أن يكون : (جاهلا ًبالمستقبل والغيب) كما هو مكتوب عندكم في أكثر من موضع في العهد القديم !!!.. حيث جاء في أكثر من موقف أن الله : (ندم) على فعل ٍمعين !!.. في حين معروف أن (الندم) : لا يأتي إلا بسبب : (الجهل – وسوء التقدير – وقلة العلم) ... وهذه كلها : صفات (انتقاص) لله عز وجل : عكس صفات كماله تماما ً التي أخبرتكم بها منذ قليل !!.. وكيف لا : وهو الذي لا يجري أي شيء في هذا الكون : إلا بـ (مشيئته) سبحانه وتعالى : وبـ (علمه) و(حكمته) و(قضائه) و(تقديره) !!!....
فنفى كل ذلك .. وقال عن نفسه جل وعلا :
ألا يعلم مَن خلق : وهو اللطيف الخبير " ؟؟!!.. الملك - 14 ..

وقال أيضا ًعن نفسه :
عالم الغيب .. لا يعزب (أي يغيب) عنه : مثقال ذرةٍ في السماوات ولا في الأرض !!!.. ولا أصغر من ذلك ولا أكبر : إلا في كتاب مبين " !!!.. سبأ - 3 ..

بل واسمعوا للآية التالية أيضا ً.. وتفكروا في كل كلمة فيها لتعلموا : مدى (عظمة) الله تعالى الذي يصفه بعض الجاهلين بـ (الخطأ) أو (الندم) في قراراته وأحكامه وقضائه : أو (جهل المستقبل والغيب) !!!.. حيث يقول عن نفسه عز وجل :
وعنده مفاتح الغيب : لا يعلمها إلا هو !!!.. ويعلم ما في البر والبحر !!!.. وما تسقط من ورقةٍ :
إلا يعلمها !!!.. ولا حبةٍ في ظلمات الأرض : ولا رطب ٍولا يابس ٍإلا : في كتاب ٍمبين 
" !!!.. الأنعام - 59 ...

كما نفى الله تعالى عن نفسه كذلك : أن يكون له طبيعتين : إنسانية (أو الناسوت) ومكانها في الأرض !!..
وأخرى إلهية (أو اللاهوت) : ومكانها في السماء !!!.. فقال عن نفسه عز وجل أيضا ًفي القرآن :
وهو الذي في السماء : إله !!.. وفي الأرض : إله !!.. وهو الحكيم العليم " !!!.. الزخرف - 84 ..

كما نفى عن نفسه أيضا ًأن يكون هناك آلهة أخرى معه : كما تصورت ذلك الكثير من الحضارات والأمم الوثنية القديمة : بل وحتى إلى الآن !!!.. فجعلوا للخير إله !!.. وللشر إله !!.. وللخصب والنماء والأرض إله !!.. وللبحار إله !!.. وللنور إله !!.. وللظلمة إله !!.. إلى آخر ذلك من الخرافات : والتي امتدت لدينكم النصراني للأسف : فجعلتم من (المسيح) ومن روح القدس المَلاك (جبريل) عليهما السلام : إلهين مع الله !!!..
فبين الله تعالى لنا أيضا ًزيف وخطأ كل هذا (المنطق الفاسد) : بالحجة والعقل والمنطق فقال عن نفسه :
لو كان فيهما (أي في السماوات والأرض) آلهة ٌإلا الله : لفسدتا (أي بسبب تنازعهم لاختلاف أراء وطبيعة كل إله عن الآخر) !!!.. فسبحان الله رب العرش عما يصفون " !!!.. الأنبياء - 22 ..

وقال أيضا ً:
ما اتخذ الله من ولد !!!.. وما كان معه من إله : إذا ً(أي لو كان ذلك فعلا ً) : لذهب كل إله بما خلق !!!.. ولعلا بعضهم على بعض !!!.. سبحان الله عما يصفون " !!!.. المؤمنون - 91 ..

في هذه اللحظات : كان الشيخ (عبد الله) يتحدث بصدق وحرارة وهو يتلو على الحاضرين : نفي الله تعالى لفكرة الإشراك به !!!.. حيث كانت الأدلة التي ساقها الله تعالى : قمة في الإقناع والعقلانية وبساطة المنطق بالفعل !!!..
فكان الشيخ وكأنه : يوجه هذه الآيات للحاضرين أنفسهم : والذين (يُـشركون بالله تعالى العظيم) !!!... بل :
وقد استشعر معظمهم ذلك بالفعل !!!.. وخصوصا ً: الكثير من (رجال الدين والكنيسة) المنتشرين في القاعة وعلى الأخص في الصف الأول منها أمام المنصة !!!..
فواصل الشيخ قائلا ً:

فهل رأيتم من قبل : (تنازعا ًإلهيا ً) على رياسة وسيادة هذا الكون ومخلوقاته : من أكثر من (إله) ؟؟!!..
لا والله !!!.. بل وصدق الله العظيم حينما قال أيضا ًفي قرآنه :
قل لو كان معه آلهة كما يقولون : إذا ً: لابتغوا إلى ذي العرش سبيلا ً" !!!!.. الإسراء - 42 ..

ولهذا .. فقد نقل لنا رسول الله (محمد) صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل قوله :
كذبني ابن آدم : ولم يكن له ذلك !!!.. وشتمني : ولم يكن له ذلك !!!..
فأما تكذيبه إياي : فزعم أني لا أقدر أن أ ُعيده كما كان !!!..
وأما شتمه إياي : فقوله : لي ولد !!!.. فسبحاني أن أتخذ صاحبة ًأو ولدا 
ً" !!!!...
صحيح الجامع الصغير للألباني (2/4327) ..

بل والحق أقول لكم أيضا ً:
لقد بالغ (اليهود) في أكاذيبهم وانتقاصهم لله تعالى في كتبكم !!!!..
فكما وصفوه بـ (الخطأ) و(الندم) : فقد وصفوه أيضا ًبـ (البخل) و(الفقر) !!!.. بل وبـ (الضعف) أيضا ً!!!...

فرد الله تعالى كل ذلك عن نفسه في قرآنه فقال :
وقالت اليهود : يد الله مغلولة !!!.. غـُـلت أيديهم .. ولـُعنوا بما قالوا !!..
بل يداه مبسوطتان : يُنفق كيف يشاء 
" !!!.. المائدة - 64 ..

بل وإلى الآن : يظن الكثير من الناس أن (إبليس) : هو (ند ٌ) لله تعالى في القوة !!!..
وذلك لأنه يفعل : كل ما هو شر : ثم : لا يناله أي أذى من الله تعالى !!!..
وذلك بالطبع : تصورٌ خاطيءٌ تمام الخطأ !!!.. بل وهو : عين (الإشراك) بالله عز وجل !!!!..
وهو ناتج لا شك من (الصورة الخاطئة) التي بثتها فيكم (الأكاذيب) التي تمتليء بها كتب العهد القديم لديكم عن الله عز وجل !!.. حيث صورته كتبكم ويا للمهانة وكأنه :
بشرا ًمن البشر !!!... يتعارك !!!.. ويتصارع !!!.. ويتلاحم !!!.. ويُعاشر !!!.. بل ويُـنجب أيضا ً!!!!...
وهذا ما تجدونه للأسف : مُصورا ًفي معظم كنائسكم !!!.. حيث جعلتم لله تعالى (تجسيدا ًبشريا ً) : يشبه صورة (زيوس) عند الرومان القدماء !!!.. تعالى الله عن ذلك علوا ًكبيرا ً!!!....
والحق .. أن الله تعالى قد حسم خطأ هذا التشبيه كما أخبرتكم منذ قليل في القرآن الكريم بقوله :
ليس كمثله شيء " !!!.. الشورى - 11 ..

أي أنه : مهما بلغ بنا التفكير والتخيل في ذات الله تعالى وشكله :
فكل ما سوف نصل إليه : سيكون حتما ً: خطأ ًوباطلا ً!!.. لأنه (وبكل بساطة) : " ليس كمثله شيء " !!!..

وأما عن (إبليس) : فقد أخبرنا الله تعالى أنه : ليس له أي قدرة على (معاداة) الله !!!..
وكل ما هنالك فقط : أن الله عز وجل : لما اطلع على (خير المخلوقات) : فجعلهم لمهمة النبوة والرسالة : وعلى رأسهم (محمد) صلى الله عليه وسلم : فقد اطلع أيضا ًعلى (أشر وأخبث المخلوقات) : فجعلهم لمهمة إغواء الإنس والجن : وعلى رأسهم (إبليس) اللعين !!!!...
وكل ذلك يفعله الله تعالى فقط : لإظهار حقيقة ما يعرفه عنا بالفعل على أرض الواقع : ليُحاسبنا عليه !!!....

حيث ظن (إبليس) أنه : ليس وحده القادر على (المعصية والتكبر) على أوامر الله عز وجل !!!..
ولو أنه أ ُتيحت له الفرصة : لاستطاع أن يضم إليه الكثيرين ممَن هم مثله من الجن والإنس !!!...
وللأسف : فقد صدق ظنه بالفعل !!!...
والدليل :
هو كل الشرور والآثام التي يفعلها البشر في البشر !!!.. والتي نراها حولنا في كل يوم من الأيام !!!..
والتي استمع فيها (الأشرار) لوسوسة (إبليس) اللعين وأطاعوه !!!.. ولهذا يقول الله عز وجل :
ولقد صدّق عليهم (إبليسظنه !!!.. فاتبعوه : إلا فريقا ًمن المؤمنين !!.. وما كان له عليهم من سلطان ٍإلا : لنعلمَ مَن يؤمن بالآخرة ممَن هو منها في شك !!.. وربك على كل شيءٍ حفيظ " !!!.. سبأ 20- 21 ...

وهذا : هو نفس ما سيؤكده (إبليس) نفسه في جهنم لكل مَن اتبعه وأطاعه في الدنيا !!!..
حيث يحكي لنا الله تعالى ما سيقوله هذا (اللعين) عندما سيجتمع مع الأشرار مثله في (العذاب) فيقول لهم :
وقال الشيطان لما قــُضيَ الأمر : إن الله وعدكم وعد الحق .. ووعدتكم فأخلفتكم !!!.. وما كان ليَ عليكم من سلطان ٍإلا أن دعوتكم : فاستجبتم لي !!!.. فلا تلوموني .. ولوموا أنفسكم " !!!.. إبراهيم - 22 ..

فأدعو الله تعالى أن لا يجعل أحد الحاضرين هنا : ممن سيقفون مثل هذا (الموقف المُخزي) و(العذاب الأبدي) في جهنم مع (إبليس) اللعين ... كما أدعو الله تعالى أن : يفيق كل (كافر بالله) عز وجل !!!.. وكل مَن (أشرك به أحدا ً من خلقه) : قبل فوات الأوان !!.. وقبل الموت !!..

كانت كلمات الشيخ : مؤثرة ًبالفعل كعادته !!!.. بل ولهجة الصدق : تفيض منها ومن كل حرفٍ فيها !!!..
مما أصاب الحاضرين ببرودةٍ خفيفةٍ في أطرافهم !!!.. وبقشعريرة ٍخفيفةٍ في رؤوسهم !!!.. حيث تخيل كل منهم للحظة : أنه يُمكن أن يقف بالفعل مثل هذا الموقف (المُخزي) و(المؤلم) مع (إبليس) اللعين في جهنم :
إن هو ظل على ما هو عليه من (الكفر) و(الإشراك) بالله عز وجل !!..
وقد تنقل مخرج الندوة بذكاء في وجوه العديد من الحاضرين : لنقل هذه الإشارات وهذه الإنفعالات على الشاشة الكبيرة خلف المنصة !!....

وهنا .. استطرد الشيخ قائلا ًوهو ينظر في ساعته :
والحق أقول لكم : أنه لولا ضيق وقت هذه الندوة : لظللت أ ُحدثكم عن (الله) تعالى وصفاته وعظمته وحكمته :
دون أي توقف أو كلل أو ملل !!!..
وكيف لا .. وكل (مُحب) : يود لو يتحدث عن (حبيبه) وصفاته الحسنى : طوال عمره !!!!...
فكيف الحال مع (الحبيب الأعظم) لكل مؤمن ؟؟!!..
كيف الحال إذا كان مَن تحب : هو (الوحيد الكامل) في صفاته كلها ؟؟!!..
وصدق الله العظيم إذ يقول :
ومن الناس : مَن يتخذ من دون الله أندادا ً: يُحبونهم كحب الله !!!..
والذين آمنوا : أشد حُبا ًلله
 " !!!.. البقرة - 165 ...

وعلى أي حال .. فأعتقد أني قد أوضحت لكم (ما يكفي الآن) عن (ربي وربكم) عز وجل !!.. وذلك سيُسهل عليكم كثيرا ً: فهم إجابتي الآتية على تساؤل مستر (ديفيد) ....

حيث سأجعلكم (تتوصلون) معي (بأنفسكم) : للإجابة (المنطقية الوحيدة) على تساؤل مستر (ديفيد) !!!!...
حيث سأسألكم بعض الأسئلة : وأريد منكم الإجابة البسيطة عليها : في ضوء (صفات الله) التي ذكرتها لكم .....
ثم اعتدل الشيخ في جلسته : ليبدأ أسئلته في حماس ٍومرح ٍقائلا ً:

1)) هل الله (العادل) : (سيظلم) طفلا ً: مولودا ًبالعمى ؟؟!!!..
فأجاب معظم الحاضرين في صوتٍ واحد : وقد وصلت إليهم حماسة الشيخ ومرحه : لا !..
فواصل قائلا ً:
2)) هل الله (الخالق .. الباريء .. المصور .. الخبير .. الحكيم) : لم يكن قادرا ًعلى خلق هذا الطفل كاملا ً؟؟!!..
فأجاب معظم الحاضرين أيضا ًفي صوت واحد وفي سعادة من طريقة الشيخ في الحوار معهم : لا !..
فواصل :
3)) هل الله (القادر) .. والذي أعطى لرسله (المعجزات الخارقات) : غير قادر على (شفاء) مثل هذا الطفل ؟؟!!!..
فأجاب الحاضرون : لا !!!!...

وهنا ابتسم الشيخ (عبد الله) قائلا ً:
إذا ً.. وفي ضوء إجاباتكم أنتم (بأنفسكم) : يمكننا أن نخرج بالآتي :
الله تعالى : (لن يظلم هذا الطفل) .. كما أنه خلقه هكذا : لـ (حكمة) .. كما أنه : (قادر على شفائه) في أي وقت أن أراد ذلك .... أليس كذلك ؟؟!!!..
فأجاب الحاضرون في مرح : نعم !!!!...

وهنا قال الشيخ :
وأما الآن : فسوف أجمع لكم تفسير كل هذا .. ولمستر (ديفيد) أيضا ًبالطبع ...
وذلك لتعلموا فقط أن الله تعالى : هو صاحب (الحكمة المطلقة) .. وأنه لا وجود عنده مكانا ًلكلماتٍ مثل :
(الخطأ) أو (النسيان) أو (الظلم) !!!....

فالله تعالى : قد جعل منك مستر (ديفيد) .. ومن هذا (المولود الأعمى) الذي ضربته مثلا ً.. وغيركما الكثير :
قد جعل الله منكم : (رسلا ً) إلى جميع الناس من حولكم !!!...
نعم ...
إن كل منكم : (رسولٌ) : يلفت الله تعالى نظر الناس به إلى : (نِعم الله تعالى الكثيرة عليهم) !!!..
والتي يغرقون فيها طوال وقتهم : ولم يفكروا في (شكر) الله تعالى عليها : ولو مرة ًواحدة ًفي حياتهم !!!..
بل ناهيك عمّن يعبد فيهم غير الله تعالى : بالرغم من أنه (لا خالق) و(لا مُنعم) لهم : إلا الله وحده عز وجل !!!...

فكان خلق الله تعالى وابتلاؤه لأمثالكم مستر (ديفيد) : هو (رحمة) من رحمات الله تعالى العديدة بالبشر !!!..
إذ أننا كبشر (وللأسف) :
لا نشعر أبدا ًبـ (النعمة) : إلا إذا فقدناها !!.. أو رأينا عكسها !!.. أو رأينا غيابها عند غيرنا !!!...
فكان هذا : هو بعض (الحكمة البليغة) التي من أجلها : جعلك الله تعالى مستر (ديفيد) بهذا النقص !!!..

وهذا هو الجزء الأول من إجابتي على سؤالك !!!.. وأما الجزء الثاني :
فهو أن الله تعالى بـ (عدله) :
لن يساوي أبدا ًبين مَن هم (مثلك) : وبين سائر الناس الذين ولدوا (أصحاء) !!!!...
بل جعل لكم أنتم : كبير الأجر والثواب !!.. وسهولة الحساب في الآخرة !!.. وذلك بشرط واحد فقط : ألا وهو :
أن تصبروا على قضاء الله تعالى فيكم !!!.. وأن ترضوا بالدور الذي اختاره لكم في الحياة ليبتليكم به !!...
فإذا صبرتم ورضيتم :
ففي الدنيا :
يفتح الله تعالى قلوبكم لـ (السعادة والخير والرضا) !!!.. ويشرح صدوركم بـ (جميل الإيمان به) !!.. وبـ (حلاوة التوكل عليه) !!.. ويُبارك لكم فيما بين أيديكم : حتى ولو كان قليلا ً!!!...
وأما في الآخرة :
فسوف يرى الناس من (عظيم ثوابكم) و(سهولة حسابكم وتجاوز الله تعالى عنكم في يوم الحساب العصيب) :
ما لو يودون معه أنهم : (كانوا أصحاب عاهات طوال حياتهم) !!!!.. يتمنون ذلك فقط : لينجوا بأنفسهم من (تعب) و(شدة) هذا اليوم العظيم !!!.. يوم (الحساب) !!!.. يوم (القيامة) !!!..

وهنا أقول لك مستر (ديفيد) : إن الذي جعلك وغيرك يستعظمون بعض قضاء الله في الدنيا : هو أنكم فصلتم بين الدنيا والآخرة !!.. وبين التعب هنا : والراحة هناك !!.. بل : ولو تفكرت مثلا ًفي هذا الطفل الذي وُلد أعمى :
فإن اختباره الذي اختاره الله تعالى له : هو أن يُصاب بالعمى : فما ضيره أن يأتيه ذلك العمى في الثلاثين من عمره أو في بداية حياته ؟!!.. فطوبى والله للصابرين على بلاء الله تعالى لهم : فإنما يؤتون أجرهم يوم القيامة : بغير حساب !!..
فما رأيك مستر (ديفيد) بمثل هذا (العرض) لك من الله عز وجل : هل يُمكن لأحدٍ من البشر أن يرفضه ؟؟!!!..

وهنا .. شهق بعض الحاضرين من الفرح : وهو يسمع مثل هذه البشارات من هذا الشيخ المسلم !!!..
ثم بدأ بعض الناس في التصفيق من أماكن متفرقة من القاعة !!!..
ثم ما لبث هذا التصفيق أن ازداد وعلا صوته !!!..
حيث شعر معظم الحاضرين بـ : (كمّ الرحمة) التي يدخرها الله تعالى لـ (أصحاب العاهات) في هذه الدنيا !!!!....
كما أسرع المخرج المحترف بالتركيز على وجه (ديفيد) : وقد دمعت عيناه وهو جالس على مقعده المتحرك !!!.. فكان مشهده على الشاشة الكبيرة : مؤثرا ًبالفعل على القاعة بأكملها !!!..

وهنا .. قطع الشيخ (عبد الله) هذه اللحظات المفعمة بالمشاعر وهو يقول :

أنا سعيدٌ جدا ًأنكم قد تفهمتم معنى كلامي جيدا ً!!.. بل ولأنكم تفهمتم أيضا ً:
دفاع (عبد صغير) مثلي : عن (الله عز وجل) الذي أ ُحبه !!!...
ولكني : سأ ُعيد عليكم مرة ًأخرى : (الشرط الوحيد) لـ (عرض) الله تعالى الذي يُقدمه لكل مبتلىً في هذه الدنيا :
ألا وهو :
1.. (الصبر) و(الرضا) بقضاء الله تعالى فيه ....
2.. مع وجوب أن يسبق ذلك بالطبع : (الإيمان الكامل) بالله تعالى : وعدم (الكفر) أو (الإشراك) به !!!!..
لأن (الإيمان) بالله تعالى : سيجعل المؤمن يرى أنه : (لا تعارض) بين (محبة) الله تعالى له : وبين (ابتلائه) !!!..
بل الأعجب من هذا .. أن يُخبرنا النبي الخاتم (محمد) صلى الله عليه وسلم : بأن الابتلاء : علامة محبة من الله !
إن عظم الجزاء : مع عظم البلاء !!!.. وإن الله إذا أحب قوما ً: ابتلاهم !!!..
فمَن رضي : فله الرضا .. ومَن سخط : فله السخط 
" !!!..
صحيح الجامع الصغير للألباني (1/2110) ...

وهنا .. تذكر الشيخ (عبد الله) شيئا ًأخيرا ًقبل أن يُنهي هذه الإجابة .. فالتفت لـ (ديفيد) قائلا ً:

شيء أخير مستر (ديفيد) .. وهو أن كل ما ذكرته لك الآن عن رحمة الله بنا :
يستشعره الكثير من الناس بالفعل !!!.. بل : ويستشعره أيضا ً: كل مُبتلىً (راض ٍبقضاء الله) تعالى فيه !!!..
ولكنه : لم يمنعك من التفكير فيه : إلا أنك قد مشيت في طريق (الإلحاد) بالفعل :
كـ (رد فعل ٍخاطيءٍ) لما شعرت به في داخلك : ولم تجد له تفسيرا ً!!!!... و(الإلحاد) كما تعرف :
لا يعترف بوجود (حياة بعد الموت) أصلا ً!!!.. ولا يؤمن حتى بـ (الثواب والعقاب) يوم الحساب !!!..
ومن هنا : فقد كانت نظرتك إلى ما فعله الله تعالى بك : (نظرة سوداوية) : قد اقتطعتها من حقيقتها !!!..
فنظرت لـ (نصفها المُر) في الدنيا : ولم تنظر لـ (عظيم ثوابها وثمارها) في الآخرة !!..
فانقلبت عينك التي تنظر بها في هذه الحياة : إلى عين (اليأس) و(التمرد) : على خالقك الحكيم !!!!..

وأما آخر كلامي معك فهو أنه :
ليس معنى كلامنا عن (الرضا بقضاء الله) تعالى و(حُـكمه فينا) : ألا ندعوه أن يشفينا وأن يُزل الضر عنا !!!..
بل على العكس تماما ً: فإن الله تعالى : (يُحب) من عباده : أن يدعوه دوما ًبكل ما يريدونه !!!!... بل وذلك : سرٌ من أسرار الضعف الذي خلقنا الله عليه : لندعوه ونتصل به دوما ًكما أخبرتكم منذ قليل !!!..
وذلك لأنه : ليس هناك شيء : لا يستطيعه الله عز وجل !!!!... لا الشفاء من هذا المرض : ولا غيره !!..
فهو الذي : شق البحر لـ (موسى) عليه السلام !!!.. وهو الذي : شفى المرضى وأحيى الموتى على يد (عيسى) عليه السلام !!!... وهو الذي : وهب كلا ًمن (إبراهيم) و(زكريا) عليهما السلام : الولد : وهما في أواخر العمر !!!..
بل وكانت زوجتيهما أيضا ًعاقرتين !!!..
فهل هناك (شك ٌ) بعد ذلك : في قدرة الله عز وجل الغير محدودة ؟؟؟!!!!....

فإذا كنت ترجو منه الشفاء :
فادعوه أن يشفيك !!!...
ثم : اترك له وحده : اختيار الأحسن لك في الدنيا والآخرة إن كنت تثق به !!!...
لأنه وحده : هو الذي يعلم : ونحن : لا نعلم !!.....

وأما عن طلبك النصيحة مني بعد أن فقدت الثقة تماما ًفي (الدين النصراني) :
فلن أزيدك شيئا ًعما قلته لـ (ستيف) من قبل !!!...
فراجعه منه إن شئت ... واعلم أنه :
لم يتبق (مذهب) ولا (دين ٌصحيح) في هذا العالم اليوم : إلا (الإسلام) وحده كما بينت لكم : فعليك به !!!...
اقرأ عنه .. وادرسه جيدا ً: لتعتنقه عن اقتناع بإذن الله !!!..

ولنأخذ سؤالا ًآخرا ًمن الحاضرين ....