17)) وعسى أن تكرهوا شيئا ً: وهو خيرٌ لكم .....
الإخوة الكرام ...
لا شك أن الإنسان الذي يسبق ظنه السيء : ظنه الحسن بالأمور والقضاء والقدر :
هو إنسان ٌغارق ٌفي القلق والاضطراب بشكل كبير إن لم يكن بشكل دائم عند كل نازلة تنزل به !
فما هو أن يصيبه الضرر في أي شيء من حياته : حتى تتلون نظرته للأمور باللون الأسود !!!..
وحتى يُضيع الأوقات في المبالغة في التحسر على ما فات - رغم أن الحسرة لا تعيد ما مضى - :
أو يُضيع الأوقات في المبالغة في التوبيخ الذي كان يكفيه ذكره فقط مرة واحدة ليفهم ويتعلم !!!..
والخلاصة التي تقال لأمثاله لتجنب مثل هذه الأخطاء هي :
لا تسرف على نفسك في التشاؤم فيما جرت به المقادير أو ساقك إليه قدرك : وخاصة ًإن كان في
أشياءٍ لا يد لك فيها !!!.. فعلام المبالغة في التحسر والتوبيخ الذان قد يأتيان بنتائج عكسية للأسف ؟
فهذا كله من أسباب الخطأ ...
وأما الغريب والعجيب - ولعل معظمنا مر به في حياته أو رآه أو سمعه - هو :
فهو أن ذلك الذي ظنه أحدنا سوءا ًقد نزل به : إذ به ينقلب بعد قليل ٍلنعمةٍ تستوجب شكرا ً!!!!..
وإذ بالذي قد أصابته منك سياط الملامة منذ قليل : تشكره !!!.. وهكذا ...
مثال ....
شخص ٌما كان على موعد سفر للعمل : ففاته حجز وركوب العبارة التي ستسافر به في البحر بسبب
أحد الموظفين .. وإذ به وقد رجع إلى بيته مهموما ًمحزونا ً: يسمع بخبر غرق العبارة مثلا ً- حفظنا الله
وإياكم - !!!.. فصار يحمد الله عز وجل بعد أن كان يؤزه شيطانه على التسخط !
وربما لو كان الموظف أمامه - ذلك الذي بسببه لم يلحق بالعبارة - لكان شكره وعانقه وقبله !!!!...
وقد لفت الله تعالى نظر المؤمنين لهذه الحقيقة الحياتية فيقول عز وجل عن القتال في سبيله مثلا ً:
" كـُتب عليكم القتال : وهو كره ٌلكم .. وعسى أن تكرهوا شيئا ً: وهو خيرٌ لكم ..! وعسى أن
تحبوا شيئا ً: وهو شر ٌلكم ..! والله يعلم : وأنتم لا تعلمون " !!!...
وذكر عز وجل شبيه ذلك أيضا ًفي الصبر على الزوجات اللاتي وقعت بعض كراهيتهن في قلوب
أزواجهن بسبب بعض أفعالهن أو أخطائهن إلخ : بنصحه تعالى للأزواج بقوله :
" وعاشروهن بالمعروف .. فإن كرهتموهن : فعسى أن تكرهوا شيئا ًويجعل الله فيه خيرا ًكثيرا ً" !..
والكلام يصلح أيضا ًلأن يُقال للزوجات في الصبر على أزواجهن إذا ما وقعت بعض الكراهية في
قلوبهن عليهم .. وإنما جاء الخطاب للأزواج لامتلاكهم للطلاق ...
وعلى هذا نرى أنه :
بقدر ما في الجهاد والقتال في سبيل الله من خسائر : بقدر ما فيه من منافع جمة للإسلام والمسلمين
على حد سواء : تفوق خسائره بكثير .. وبقدر ما قد يكره بعض الأزواج زوجاتهن كمثال : فإن
تلكم الزوجات قد يحملن من الخير الكثير مثل تميزهن بالعفة والستر وإنجاب الولد عن غيرهن إلخ
وبالطبع لا يعني الرضا بوقوع المصائب قدرا ً: بلادة المشاعر أو عدم محاسبة النفس أو الغير على
الأخطاء أو التقصير إن وُجدت ولكن : يعرف فيها المؤمن والعاقل والحكيم وكما قال رسولنا الكريم :
" ما أصابك : لم يكن ليُـخطئك !!.. وما أخطأك : لم يكن ليُـصيبك " !!.. وكما قال عز وجل :
" ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم : إلا في كتاب من قبل أن نبرأها " !!..
فكل تلك النصوص وغيرها :
تكفي لمليء قلب المؤمن سكونا ً.. وقوة ًفي تحمل أخبار المصائب .. والثبات عند نزولها به ...
حيث بالصبر ترتفع الدرجات .. وحيث أنه أيضا ًلا يعرف إذ قد تحمل له المصيبة نعما ً: لم تكن له في
حال رخائه أو سلامته الأول !!!!..
فتلك مُصيبة ٌمثلا ًقامت بتجميع إخوة متفرقين !!.. وتلك أخرى جعلت من الموت أو المرض سببا ً
في إيقاظ ضال فاهتدى أو تاب .. وتلك ثالثة قد فوتت مكسبا ًصغيرا ًلتأتي لصاحبها بمكسب ٍأكبر !
وتلك رابعة قد فوتت على صاحبها برحمة الله ضررا ًأكبرا ً: عن طريق إصابته بضرر ٍأقل ! وهكذا !!
ولأنه بالمثال يتضح المقال :
فلأذكر لكم بعض أشهر المواقف التي تناقلها القوم في ذلك .......
>>>
فقد يسقط الواحد منا مثلا ًفي حفرة : فيحسب ذلك مصيبة :
ولا يدري أنه بسقوطه ذا : قد تخطاه إعصار ٌقد دمر كل شيء ٍمن فوقه !!!!..
>>>
وحُكي أن رجلا ًعجوزا ًله ولد ٌوحيد ٌوحصان ٌيعمل الولد عليه .. وكان الرجل العجوز ممَن يرضون
بالقضاء حسبما كان ويحتسب .. فهرب حصانه ذات مرة ٍليلا ً: فأخبره الناس بذلك : ينتظرون منه
سماع عبارات الجزع والحسرة فقال لهم : عساه يكون خيرا ً...!
ففوجئوا بعدها بأيام بالحصان يعود ويقود من خلفه قطيعا ًمن أحصنة الغابة صارت كلها للرجل !!..
وفي إحدى المرات وأثناء ترويض ولده لإحدى أحصنة الغابة هذه : سقط من عليه فانكسرت قدمه !
فجاءه الناس يخبرونه بذلك فقال لهم أيضا ً: عساه يكون خيرا ً!!!!..
وبعد أيام قلائل نزل جيش الحاكم الظالم ليجمع شباب القرية للحرب : لا يترك في ذلك أحدا ًولا
حتى وحيد أبويه الذي يقضي لهما حوائجهما !!.. فكان أن أخذوا كل شباب القرية بالفعل :
إلا هذا الشاب لكسر قدمه !!!!..
>>>
وهذا وزير أحد الملوك : كان أيضا ًممَن يرضون بالقضاء ويرون في كل شيء حكمة : مع رضاه بالقدر ..
وفي أحد الأيام : قـُطع أصبع الملك بالخطأ : وفي الوقت الذي أعلن فيه الجميع عبارات التسخط قال
له الوزير : عساه يكون خيرا ً......!
فسجنه الملك لهذه العبارة : لما رأى فيها من إهانة ٍله وزين له الحاضرون ذلك حقدا ًعلى هذا الوزير ........
وفي يوم ٍمن الأيام التي كان يخرج فيها الملك مع بعض حاشيته للصيد في الغابة .. قام الملك بمطاردة غزال
ظل يعدو في مسالك الغابة : حتى وصل إلى قبيلةٍ وثنيةٍ ممَن يعبدون التماثيل ويُقدمون لها القرابين ..!
فأمسكوا بالملك لأنه كان بمفرده .. وساقوه إلى محرابهم : وقرروا أن يُلقوه في آتون النار : قربانا ًلإلههم
وصنمهم ذلك التمثال !!!.. فبلغ الرعب والفزع من الملك مبلغه !.. وظن أنه هالك لا محالة : فلا قريب
ولا مدافع عنه في تلك اللحظات !!!..
وبالفعل : خلعوا عنه ثيابه : وقبل أن يُلقوه في آتون النار : تنبه احدهم لأصبعه المقطوع !!!.. فنادى على
الآخرين أنه لا يجوز لهم التقرب لإلههم بجسد ٍفيه عيب !!!!..
فخلوا سبيل الملك وتركوه لحال سبيله هائما ًفي الغابة لا يتخيل بعد أنه قد نجى من قتل ٍمحقق !!!..
وعندها تذكر مقولة وزيره حين قـُطع أصبعه حيث قال له : " عساه يكون خيرا ً" !!!!..
فقال الملك في نفسه بصدق ٍوانفعال : صدقت أيها الوزير ...
وما هي إلا ساعات حتى عثر عليه بعض حاشيته .. فألبسوه وأطعموه وعادوا به إلى قصره :
فأفرج عن الوزير !
يُـتبع إن شاء الله ...
الإخوة الكرام ...
لا شك أن الإنسان الذي يسبق ظنه السيء : ظنه الحسن بالأمور والقضاء والقدر :
هو إنسان ٌغارق ٌفي القلق والاضطراب بشكل كبير إن لم يكن بشكل دائم عند كل نازلة تنزل به !
فما هو أن يصيبه الضرر في أي شيء من حياته : حتى تتلون نظرته للأمور باللون الأسود !!!..
وحتى يُضيع الأوقات في المبالغة في التحسر على ما فات - رغم أن الحسرة لا تعيد ما مضى - :
أو يُضيع الأوقات في المبالغة في التوبيخ الذي كان يكفيه ذكره فقط مرة واحدة ليفهم ويتعلم !!!..
والخلاصة التي تقال لأمثاله لتجنب مثل هذه الأخطاء هي :
لا تسرف على نفسك في التشاؤم فيما جرت به المقادير أو ساقك إليه قدرك : وخاصة ًإن كان في
أشياءٍ لا يد لك فيها !!!.. فعلام المبالغة في التحسر والتوبيخ الذان قد يأتيان بنتائج عكسية للأسف ؟
فهذا كله من أسباب الخطأ ...
وأما الغريب والعجيب - ولعل معظمنا مر به في حياته أو رآه أو سمعه - هو :
فهو أن ذلك الذي ظنه أحدنا سوءا ًقد نزل به : إذ به ينقلب بعد قليل ٍلنعمةٍ تستوجب شكرا ً!!!!..
وإذ بالذي قد أصابته منك سياط الملامة منذ قليل : تشكره !!!.. وهكذا ...
مثال ....
شخص ٌما كان على موعد سفر للعمل : ففاته حجز وركوب العبارة التي ستسافر به في البحر بسبب
أحد الموظفين .. وإذ به وقد رجع إلى بيته مهموما ًمحزونا ً: يسمع بخبر غرق العبارة مثلا ً- حفظنا الله
وإياكم - !!!.. فصار يحمد الله عز وجل بعد أن كان يؤزه شيطانه على التسخط !
وربما لو كان الموظف أمامه - ذلك الذي بسببه لم يلحق بالعبارة - لكان شكره وعانقه وقبله !!!!...
وقد لفت الله تعالى نظر المؤمنين لهذه الحقيقة الحياتية فيقول عز وجل عن القتال في سبيله مثلا ً:
" كـُتب عليكم القتال : وهو كره ٌلكم .. وعسى أن تكرهوا شيئا ً: وهو خيرٌ لكم ..! وعسى أن
تحبوا شيئا ً: وهو شر ٌلكم ..! والله يعلم : وأنتم لا تعلمون " !!!...
وذكر عز وجل شبيه ذلك أيضا ًفي الصبر على الزوجات اللاتي وقعت بعض كراهيتهن في قلوب
أزواجهن بسبب بعض أفعالهن أو أخطائهن إلخ : بنصحه تعالى للأزواج بقوله :
" وعاشروهن بالمعروف .. فإن كرهتموهن : فعسى أن تكرهوا شيئا ًويجعل الله فيه خيرا ًكثيرا ً" !..
والكلام يصلح أيضا ًلأن يُقال للزوجات في الصبر على أزواجهن إذا ما وقعت بعض الكراهية في
قلوبهن عليهم .. وإنما جاء الخطاب للأزواج لامتلاكهم للطلاق ...
وعلى هذا نرى أنه :
بقدر ما في الجهاد والقتال في سبيل الله من خسائر : بقدر ما فيه من منافع جمة للإسلام والمسلمين
على حد سواء : تفوق خسائره بكثير .. وبقدر ما قد يكره بعض الأزواج زوجاتهن كمثال : فإن
تلكم الزوجات قد يحملن من الخير الكثير مثل تميزهن بالعفة والستر وإنجاب الولد عن غيرهن إلخ
وبالطبع لا يعني الرضا بوقوع المصائب قدرا ً: بلادة المشاعر أو عدم محاسبة النفس أو الغير على
الأخطاء أو التقصير إن وُجدت ولكن : يعرف فيها المؤمن والعاقل والحكيم وكما قال رسولنا الكريم :
" ما أصابك : لم يكن ليُـخطئك !!.. وما أخطأك : لم يكن ليُـصيبك " !!.. وكما قال عز وجل :
" ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم : إلا في كتاب من قبل أن نبرأها " !!..
فكل تلك النصوص وغيرها :
تكفي لمليء قلب المؤمن سكونا ً.. وقوة ًفي تحمل أخبار المصائب .. والثبات عند نزولها به ...
حيث بالصبر ترتفع الدرجات .. وحيث أنه أيضا ًلا يعرف إذ قد تحمل له المصيبة نعما ً: لم تكن له في
حال رخائه أو سلامته الأول !!!!..
فتلك مُصيبة ٌمثلا ًقامت بتجميع إخوة متفرقين !!.. وتلك أخرى جعلت من الموت أو المرض سببا ً
في إيقاظ ضال فاهتدى أو تاب .. وتلك ثالثة قد فوتت مكسبا ًصغيرا ًلتأتي لصاحبها بمكسب ٍأكبر !
وتلك رابعة قد فوتت على صاحبها برحمة الله ضررا ًأكبرا ً: عن طريق إصابته بضرر ٍأقل ! وهكذا !!
ولأنه بالمثال يتضح المقال :
فلأذكر لكم بعض أشهر المواقف التي تناقلها القوم في ذلك .......
>>>
فقد يسقط الواحد منا مثلا ًفي حفرة : فيحسب ذلك مصيبة :
ولا يدري أنه بسقوطه ذا : قد تخطاه إعصار ٌقد دمر كل شيء ٍمن فوقه !!!!..
>>>
وحُكي أن رجلا ًعجوزا ًله ولد ٌوحيد ٌوحصان ٌيعمل الولد عليه .. وكان الرجل العجوز ممَن يرضون
بالقضاء حسبما كان ويحتسب .. فهرب حصانه ذات مرة ٍليلا ً: فأخبره الناس بذلك : ينتظرون منه
سماع عبارات الجزع والحسرة فقال لهم : عساه يكون خيرا ً...!
ففوجئوا بعدها بأيام بالحصان يعود ويقود من خلفه قطيعا ًمن أحصنة الغابة صارت كلها للرجل !!..
وفي إحدى المرات وأثناء ترويض ولده لإحدى أحصنة الغابة هذه : سقط من عليه فانكسرت قدمه !
فجاءه الناس يخبرونه بذلك فقال لهم أيضا ً: عساه يكون خيرا ً!!!!..
وبعد أيام قلائل نزل جيش الحاكم الظالم ليجمع شباب القرية للحرب : لا يترك في ذلك أحدا ًولا
حتى وحيد أبويه الذي يقضي لهما حوائجهما !!.. فكان أن أخذوا كل شباب القرية بالفعل :
إلا هذا الشاب لكسر قدمه !!!!..
>>>
وهذا وزير أحد الملوك : كان أيضا ًممَن يرضون بالقضاء ويرون في كل شيء حكمة : مع رضاه بالقدر ..
وفي أحد الأيام : قـُطع أصبع الملك بالخطأ : وفي الوقت الذي أعلن فيه الجميع عبارات التسخط قال
له الوزير : عساه يكون خيرا ً......!
فسجنه الملك لهذه العبارة : لما رأى فيها من إهانة ٍله وزين له الحاضرون ذلك حقدا ًعلى هذا الوزير ........
وفي يوم ٍمن الأيام التي كان يخرج فيها الملك مع بعض حاشيته للصيد في الغابة .. قام الملك بمطاردة غزال
ظل يعدو في مسالك الغابة : حتى وصل إلى قبيلةٍ وثنيةٍ ممَن يعبدون التماثيل ويُقدمون لها القرابين ..!
فأمسكوا بالملك لأنه كان بمفرده .. وساقوه إلى محرابهم : وقرروا أن يُلقوه في آتون النار : قربانا ًلإلههم
وصنمهم ذلك التمثال !!!.. فبلغ الرعب والفزع من الملك مبلغه !.. وظن أنه هالك لا محالة : فلا قريب
ولا مدافع عنه في تلك اللحظات !!!..
وبالفعل : خلعوا عنه ثيابه : وقبل أن يُلقوه في آتون النار : تنبه احدهم لأصبعه المقطوع !!!.. فنادى على
الآخرين أنه لا يجوز لهم التقرب لإلههم بجسد ٍفيه عيب !!!!..
فخلوا سبيل الملك وتركوه لحال سبيله هائما ًفي الغابة لا يتخيل بعد أنه قد نجى من قتل ٍمحقق !!!..
وعندها تذكر مقولة وزيره حين قـُطع أصبعه حيث قال له : " عساه يكون خيرا ً" !!!!..
فقال الملك في نفسه بصدق ٍوانفعال : صدقت أيها الوزير ...
وما هي إلا ساعات حتى عثر عليه بعض حاشيته .. فألبسوه وأطعموه وعادوا به إلى قصره :
فأفرج عن الوزير !
يُـتبع إن شاء الله ...