18)) قـيّم ما لديك أولا ً...
الإخوة الكرام ...
الإنسان بطبعه : تواق ٌلما في يد غيره ناسيا ًلما في يده هو !!!..
وبقدر ما ذم الشرع ذلك : وبين لنا رسول الله أن ترك النظر لما في أيدي الناس هو أحد أسباب محبتهم فقال :
" ازهد في الدنيا : يُحبك الله .. وازهد فيما عند الناس : يُحبك الناس " .. رواه ابن ماجة وغيره وصححه الألباني ..
أقول :
بقدر ما ذ ُم النظر لما في أيدي الآخرين من هذه الجهة :
إلا أنه يبعث أيضا ًعلى إغماض عين الشخص نفسه : على ما لديه من إمكانيات أو أشياء أو نِعم !!!..
وفي علوم الاقتصاد - بل وحتى الإدارة - يُعد من إحدى أوائل طرق النجاح والنهوض هي :
النظر لما في اليد أو المتاح من موارد أو مزايا : ثم استغلالها : وذلك قبل شراء أشياء أو موارد وهي لديك بالفعل !!
لن أطيل عليكم .. ولكن وكما نقول :
بالمثال : يتضح المقال ...
>>>
المثال الأول : أكتبه من الذاكرة : من إيميل ٍقد جاءني قديما ًوفيه :
أن شخصا ًأراد أن يشتري بيتا ًوسيعا ًجديدا ًلنفسه .. فاتفق مع أحد مندوبي مجلات البيع والشراء والإعلان :
على أن يأتيه يوما ًليكتب وصفا ًلبيته الحالي : حتى يبيعه وينتفع بثمنه في شراء البيت الجديد ..
وترك الرجلُ المندوبَ يتجول في بيته الحالي - الوسيع أيضا ً- ليستطيع وصفه في الإعلان بما يُرغب الآخرين في
شرائه .. فانتهى المندوب من جولته .. ثم كتب نموذجا ًللإعلان الذي سيضعه في الجريدة .. وقرأه على الرجل
ليعرضه عليه للتعديل أو الموافقة .. فقال :
بيت واسع مساحة 350 متر .. بحديقة أمامية فيها أشجار الفل والفاكهة .. ومعها تعريشة للجلوس .. وبحديقة
خلفية بها حمام للسباحة .. ومعه جلسة مُظللة .. 4 غرف بحمامتها الخاصة .. وصالون استقبال كبير يطل على
الحديقة .. وصالة معيشة تطل على حمام السباحة ... إلى آخر الإعلان ...
فاعتدل الرجل في جلسته وهو يستمع لهذا الوصف - وكأنه ولأول مرة ينتبه إلى وجود هذه المزايا في بيته !- فطلب
من المندوب أن يُعيد عليه ما قرأه من جديد .. ففعل المندوب .. فقال له الرجل :
جزاك الله خيرا ًيا أخي .. والله ما كنت أدري أن في بيتي مثل هذه المزايا التي لم أستخدمها ولم أستمتع بها ليس بسببها
ولكن من نفسي !!.. فأنا الذي لم ألحظ وأ ُقيم ما عندي كما يجب : فلم أستمتع به ...!
وأعتقد أني لو اشتريت بيتا ًجديدا ًولم أكن استمتعت بهذا : فلن أستمتع بذاك !!.. لقد غيرت رأيي يا أخي !
ولا تخف .. لك المال الذي اتفقنا عليه للإعلان ولكن : لا تضعه .. فقد قررت الاحتفاظ بالبيت !!!..
وأقول أنا أبو حب الله :
ووالله مثل هذا الموقف ليتكرر كثيرا ًفي حياة الكثير منا لو ننتبه !!.. ودعوني أختزل أمثلة ذلك : لأهمها أثرا ًوهو حياة
الزوج والزوجة !!!.. فكثير ٌهم مَن لا يرون مزايا زوجاتهم .. وكثيرة ٌهن ما لا يرون مزايا أزواجهن !!..
ومن أخسر الميزان : أن يُرى زوجا ًما بعين المدح بحق ممَن حوله : ولا ترى زوجته فيه ذلك !!!..
ومن أخسر الميزان : أن تـُرى زوجة ًبعين المدح بحق ممَن حولها : ولا يرى زوجها فيها ذلك !!!..
وقليل ٌمن جلسات التفكر والتقييم بصدق : قد يكون فيها نجاة بيت ٍقبل أن يفرح به إبليس الذي قال عنه النبي :
" إن إبليس يضع عرشه على الماء .. ثم يبعث سراياه .. فأدناهم منه منزلة ً: أعظمهم فتنة .. يجيء أحدهم فيقول :
فعلت كذا وكذا .. فيقول : ما صنعت شيئا ً!!!.. قال : ثم يجيء أحدهم فيقول : ما تركته : حتى فرقت بينه وبين
امرأته !!.. قال : فيدنيه منه ويقول : نِعمَ أنت " .. رواه مسلم وغيره ...
>>>
وأختم بهذا المثال للتقريب أيضا ً....... حيث يُقال أنه :
قد جاء رجل ٌفقير ٌإلى أحد الحكماء يشكي له حاله وفقره مقارنة ًبغيره .. فقال له الحكيم : ومَن قال أنك فقير ؟!!..
فقال له الرجل متعجبا ً: أنا أقول لك أني فقير ...! فقال له الحكيم :
حسنا ً.. سأعطيك مالا ًكثيرا ً.. فتهلل وجه الرجل .. ولكنه فوجيء بالحكيم يردف قائلا ً:
سأعطيك خمسين ألفا ً: على أن آخذ عينيك فتصير أعمى ؟.. فهل توافق ؟.. فسكت الرجل لبرهة يتفكر في كيف
أنه سيُحرم لذة النظر لكل طيب في هذه الحياة وإلى مَن يُحب .. فقال : لا ..! فسأله الحكيم : سأعطيك مائة ألف :
على أن آخذ أذنيك .. فهل توافق ؟.. فتفكر الرجل لبرهة من الوقت .. وكيف أنه لن يفهم الناس ولن يسمع ما
يُحب وسيتعرض للأخطار إلخ .. فقال : لا !!.. وهكذا ظل الحكيم يُعدد له بعض النِعم في جسده : والتي لا يشعر
بقيمتها أحدنا للأسف إلا إذا مرضت أو فقدها عافاني وعافاكم الله ...!
وأخيرا ًقال له الحكيم .. قم يا رجل .. فلو حسبت ما قيمته لك من جسدك فقط : لكنت من أغنى رجال القرية !!..
ثم قال له : قبل أن تفكر فيما ليس عندك : فكر فيما هو عندك .. فاشكر نعمته .. وفكر في كيفية الاستفادة منه ..
يُـتبع إن شاء الله ...
الإخوة الكرام ...
الإنسان بطبعه : تواق ٌلما في يد غيره ناسيا ًلما في يده هو !!!..
وبقدر ما ذم الشرع ذلك : وبين لنا رسول الله أن ترك النظر لما في أيدي الناس هو أحد أسباب محبتهم فقال :
" ازهد في الدنيا : يُحبك الله .. وازهد فيما عند الناس : يُحبك الناس " .. رواه ابن ماجة وغيره وصححه الألباني ..
أقول :
بقدر ما ذ ُم النظر لما في أيدي الآخرين من هذه الجهة :
إلا أنه يبعث أيضا ًعلى إغماض عين الشخص نفسه : على ما لديه من إمكانيات أو أشياء أو نِعم !!!..
وفي علوم الاقتصاد - بل وحتى الإدارة - يُعد من إحدى أوائل طرق النجاح والنهوض هي :
النظر لما في اليد أو المتاح من موارد أو مزايا : ثم استغلالها : وذلك قبل شراء أشياء أو موارد وهي لديك بالفعل !!
لن أطيل عليكم .. ولكن وكما نقول :
بالمثال : يتضح المقال ...
>>>
المثال الأول : أكتبه من الذاكرة : من إيميل ٍقد جاءني قديما ًوفيه :
أن شخصا ًأراد أن يشتري بيتا ًوسيعا ًجديدا ًلنفسه .. فاتفق مع أحد مندوبي مجلات البيع والشراء والإعلان :
على أن يأتيه يوما ًليكتب وصفا ًلبيته الحالي : حتى يبيعه وينتفع بثمنه في شراء البيت الجديد ..
وترك الرجلُ المندوبَ يتجول في بيته الحالي - الوسيع أيضا ً- ليستطيع وصفه في الإعلان بما يُرغب الآخرين في
شرائه .. فانتهى المندوب من جولته .. ثم كتب نموذجا ًللإعلان الذي سيضعه في الجريدة .. وقرأه على الرجل
ليعرضه عليه للتعديل أو الموافقة .. فقال :
بيت واسع مساحة 350 متر .. بحديقة أمامية فيها أشجار الفل والفاكهة .. ومعها تعريشة للجلوس .. وبحديقة
خلفية بها حمام للسباحة .. ومعه جلسة مُظللة .. 4 غرف بحمامتها الخاصة .. وصالون استقبال كبير يطل على
الحديقة .. وصالة معيشة تطل على حمام السباحة ... إلى آخر الإعلان ...
فاعتدل الرجل في جلسته وهو يستمع لهذا الوصف - وكأنه ولأول مرة ينتبه إلى وجود هذه المزايا في بيته !- فطلب
من المندوب أن يُعيد عليه ما قرأه من جديد .. ففعل المندوب .. فقال له الرجل :
جزاك الله خيرا ًيا أخي .. والله ما كنت أدري أن في بيتي مثل هذه المزايا التي لم أستخدمها ولم أستمتع بها ليس بسببها
ولكن من نفسي !!.. فأنا الذي لم ألحظ وأ ُقيم ما عندي كما يجب : فلم أستمتع به ...!
وأعتقد أني لو اشتريت بيتا ًجديدا ًولم أكن استمتعت بهذا : فلن أستمتع بذاك !!.. لقد غيرت رأيي يا أخي !
ولا تخف .. لك المال الذي اتفقنا عليه للإعلان ولكن : لا تضعه .. فقد قررت الاحتفاظ بالبيت !!!..
وأقول أنا أبو حب الله :
ووالله مثل هذا الموقف ليتكرر كثيرا ًفي حياة الكثير منا لو ننتبه !!.. ودعوني أختزل أمثلة ذلك : لأهمها أثرا ًوهو حياة
الزوج والزوجة !!!.. فكثير ٌهم مَن لا يرون مزايا زوجاتهم .. وكثيرة ٌهن ما لا يرون مزايا أزواجهن !!..
ومن أخسر الميزان : أن يُرى زوجا ًما بعين المدح بحق ممَن حوله : ولا ترى زوجته فيه ذلك !!!..
ومن أخسر الميزان : أن تـُرى زوجة ًبعين المدح بحق ممَن حولها : ولا يرى زوجها فيها ذلك !!!..
وقليل ٌمن جلسات التفكر والتقييم بصدق : قد يكون فيها نجاة بيت ٍقبل أن يفرح به إبليس الذي قال عنه النبي :
" إن إبليس يضع عرشه على الماء .. ثم يبعث سراياه .. فأدناهم منه منزلة ً: أعظمهم فتنة .. يجيء أحدهم فيقول :
فعلت كذا وكذا .. فيقول : ما صنعت شيئا ً!!!.. قال : ثم يجيء أحدهم فيقول : ما تركته : حتى فرقت بينه وبين
امرأته !!.. قال : فيدنيه منه ويقول : نِعمَ أنت " .. رواه مسلم وغيره ...
>>>
وأختم بهذا المثال للتقريب أيضا ً....... حيث يُقال أنه :
قد جاء رجل ٌفقير ٌإلى أحد الحكماء يشكي له حاله وفقره مقارنة ًبغيره .. فقال له الحكيم : ومَن قال أنك فقير ؟!!..
فقال له الرجل متعجبا ً: أنا أقول لك أني فقير ...! فقال له الحكيم :
حسنا ً.. سأعطيك مالا ًكثيرا ً.. فتهلل وجه الرجل .. ولكنه فوجيء بالحكيم يردف قائلا ً:
سأعطيك خمسين ألفا ً: على أن آخذ عينيك فتصير أعمى ؟.. فهل توافق ؟.. فسكت الرجل لبرهة يتفكر في كيف
أنه سيُحرم لذة النظر لكل طيب في هذه الحياة وإلى مَن يُحب .. فقال : لا ..! فسأله الحكيم : سأعطيك مائة ألف :
على أن آخذ أذنيك .. فهل توافق ؟.. فتفكر الرجل لبرهة من الوقت .. وكيف أنه لن يفهم الناس ولن يسمع ما
يُحب وسيتعرض للأخطار إلخ .. فقال : لا !!.. وهكذا ظل الحكيم يُعدد له بعض النِعم في جسده : والتي لا يشعر
بقيمتها أحدنا للأسف إلا إذا مرضت أو فقدها عافاني وعافاكم الله ...!
وأخيرا ًقال له الحكيم .. قم يا رجل .. فلو حسبت ما قيمته لك من جسدك فقط : لكنت من أغنى رجال القرية !!..
ثم قال له : قبل أن تفكر فيما ليس عندك : فكر فيما هو عندك .. فاشكر نعمته .. وفكر في كيفية الاستفادة منه ..
يُـتبع إن شاء الله ...